وزراء لـ«الشرق الأوسط»: نعمل مع السعودية لاستكشاف المعادن الحرجة بالمنطقة 

ترقب للإعلان عن تقييم جديد لحجم الثروات الطبيعية في المملكة  

وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور خلال الاجتماع الوزاري (تصوير: بشير صالح)
وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور خلال الاجتماع الوزاري (تصوير: بشير صالح)
TT

وزراء لـ«الشرق الأوسط»: نعمل مع السعودية لاستكشاف المعادن الحرجة بالمنطقة 

وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور خلال الاجتماع الوزاري (تصوير: بشير صالح)
وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور خلال الاجتماع الوزاري (تصوير: بشير صالح)

أكد عدد من الوزراء لـ«الشرق الأوسط» ضرورة العمل التكاملي مع السعودية لاستكشاف الثروات التعدينية في المنطقة، بما فيها المعادن الحرجة، مبينين أن المملكة شهدت تحركات واسعة في توطين واستثمارات هذه الصناعة، إضافة إلى حرص البلاد على التعاون مع الدول كافة؛ لتمكينها من إدارة الثروات الطبيعية.

جاء ذلك خلال الاجتماع الوزاري على هامش مؤتمر التعدين الدولي في نسخته الثالثة، الذي انطلقت أعماله، (الثلاثاء)، في الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبحضور غير مسبوق بلغ 79 دولة ممثلة على مستوى الوزراء والمسؤولين رفيعي المستوى؛ لمناقشة حاضر ومستقبل المعادن.

وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف لـ«الشرق الأوسط»، إن المملكة استطاعت أن تجمع البلدان المنتجة مع تلك الأقل إنتاجاً لمواجهة التحديات في ما يتعلق بالمعادن الحرجة.

تدفق الاستثمارات

وبيّن أن القطاع يواجه تحديات كبيرة أبرزها: تدفق الاستثمارات، والتوافق على التعريفات حول طبيعة المعادن الحرجة من جانب، وأيضاً كيفية استخراجها بكفاءة عالية تضمن الموازنة ما بين مصالح الدول والشعوب، وكذلك الجوانب الاقتصادية، لافتاً إلى أن الطموح يكمن في الوصول إلى التوافق بين البلدان المشارِكة في كثير من الأهداف للعمل على تفعيلها.

وأكمل الخريف أن الحكومة تستهدف أن يصبح قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعات وهي تسير في هذا الاتجاه، وحققت إنجازات عدة أهمها مشروع المسح الجيولوجي، موضحاً أنه سيتم الإعلان خلال المؤتمر عن تقييم حديث للثروات المعدنية، الذي يزيد على المبلغ المقدر سابقاً عند 5 تريليونات ريال (1.3 تريليون دولار).

وأبان الخريف أن التقييم الجديد يمتاز بالتفاصيل والمراجع الدقيقة من قبل جهات عالمية موثوقة لضمان مصداقية هذا التقييم.

وأورد أن الاجتماع الوزاري تطرق إلى موضوعات عدة أبرزها: كيفية جعل المنطقة مهمة في إنتاج المعادن الخضراء، وأيضاً خلق مراكز تميز، حيث ستبدأ المملكة في إنشاء أول مركز بالشراكة مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية (ندلب)، وهيئة المساحة الجيولوجية، ليعمل على تعظيم الصناعات التعدينية ومعالجة الإشكاليات التي تواجه العالم في توفير المعادن.

وأضاف الوزير الخريف أن المملكة بعد إصدار نظام الاستثمار التعديني الجديد، شهدت إقبالاً كبيراً من شركات التعدين الدولية الراغبة في دخول السوق المحلية، كون النظام يعد من الأفضل على مستوى العالم من حيث الشفافية والوضوح، وسرعة إصدار التراخيص اللازمة، بالإضافة إلى الضرائب المفروضة، التي تعد الأقل بين بلدان العالم، إلى جانب موقع المملكة الجغرافي الذي يؤهلها لتكون منطقة مهمة تمتلك الثروات الطبيعية.

الطاقة الشمسية

بدوره، أفاد وزير البترول والثروة المعدنية المصري المهندس طارق الملا، «الشرق الأوسط»، بأن القارة الأفريقية مليئة بالمعادن المختلفة وأيضاً الحرجة، وتكمن أهميتها حالياً للعمل على الطاقة الانتقالية والشمسية والبطاريات وغيرها من المواد التي تُستخدم لتقليل الانبعاثات والتقليل من استخدام الوقود الأحفوري.

وأوضح أن المملكة رائدة في مجال إنتاج وتصدير الوقود الأحفوري من النفط وغيره، وكذلك فيما يتعلق بالصناعات الخاصة باستخراج المعادن المختلفة ومنها الحرجة، مشدداً على ضرورة التعاون بينها والدول الأفريقية لتمكينها من إدارة هذه الثروات غير المستغلة، من خلال الاستدامة وخلق فرص عمل وتصدير المواد الخام.

وكشف الوزير المصري عن توقيع مذكرة تفاهم مع نظيره السعودي للتعاون الفني والجيولوجي في عمليات التصنيع المحتملة للثروات الطبيعية التي يمتلكها البلدان، وأيضاً فيما يخص مجالات التدريب وأعمال البحث والدراسات.

من ناحيته، أشار وزير الصناعة والمعادن الليبي أحمد أبو هيسة لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن دولته تتابع الثورة الصناعية وتوطين الصناعة في المملكة، مؤكداً أن بلاده تطمح حالياً لأن يكون لها نصيب في هذه الاستثمارات والعلاقات في مجال التصنيع والابتكار والبحث والتطوير الجيولوجي.

واستطرد: «نطمح إلى البدء بوضع معالم كيفية العلاقات الثنائية مع السعودية، وكذلك المحيط العربي، لأننا نتربع في موقع جغرافي استراتيجي يربط بين أفر يقيا وأوروبا، وهذه نقاط قوة كبيرة في البلاد جاذبة للاستثمارات الأجنبية، خصوصاً العربية».

سلاسل التوريد

من جهته، ذكر نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين المهندس خالد المديفر، أنه من الممكن خلق فرص غير مسبوقة من التحديات التي تواجه القطاع لزيادة الاستثمار وبناء القدرات لتحقيق الطلب العالمي المتزايد.

وواصل المديفر أن الهدف النهائي من الاجتماع الوزاري دعم سلاسل التوريد من خلال التركيز على زيادة الاستثمار وبناء القدرات، مشدداً على ضرورة العمل التكاملي من الجميع لتلبية احتياج مواد البناء والبنية التحتية.

وأردف: «حتى الآن ما زال 75 في المائة من الإنفاق في الاستكشاف يُنفق في 5 دول فقط، وحققنا تقدماً ملحوظاً وخطوات كبرى في عدد من المبادرات، ومازال لدينا كثير لنعمله».

وزاد: «سنبني إطاراً عالمياً للمعادن حتى نضع السياسات ونسرع من عمليات الاستكشاف والاستخراج، ونحن على مشارف عهد جديد في قطاع التعدين وصناعة المعادن».

من جانبه، توقّع المشرف العام على مؤتمر التعدين الدولي، علي المطيري، لـ«الشرق الأوسط»، بلوغ عدد الاتفاقيات المزمع توقيعها خلال الحدث نحو 80 اتفاقية بين القطاعين العام والخاص.

وأفصح عن وصول عدد المسجلين في الحدث إلى أكثر من 18 ألفاً، منهم 10 آلاف تسجيل دولي من جنسيات متعددة، وهي سابقة من نوعها على مستوى المملكة؛ لأن المؤتمر موجه للمتخصصين وقادة القطاع الصناعي.

وتابع المطيري أن حجم التسجيل يؤكد التطور والمحتوى الذي يقدمه المؤتمر، الذي أصبح وجهة دولية لقطاع التعدين على مستوى العالم.

المعادن الاستراتيجية والنادرة

وافتتح وزير الصناعة والثروة المعدنية، رئيس الاجتماع الدولي الثالث للوزراء المعنيين بشؤون التعدين بندر الخريف، الاجتماعَ، حيث اتفق المشاركون على أن منطقة التعدين الكبرى بأكملها بحاجة إلى التحول من تصدير المعادن الخام إلى إنتاج منتجات معدنية ذات قيمة مضافة عالية.

وأقروا، في الوقت ذاته، بأن المنطقة لا تملك حالياً طاقة إنتاجية وقدرة كافية لتلبية الطلب المتوقع على المعادن، حيث سيتطلب ذلك ابتكار أساليب جديدة لاستكشاف واستخراج ومعالجة المعادن الاستراتيجية والنادرة، بالإضافة إلى استكشاف مناطق تعدين بكفاءة ومردود أعلى على مساحات أصغر، وضرورة اتباع ممارسات تعدين أكثر أماناً ومسؤولة اجتماعياً وبيئياً.

يذكر أن مؤتمر التعدين الدولي، المقرر عقده في الفترة من 10 إلى 11 يناير (كانون الثاني) الحالي، يستضيف أكثر من 15 ألف مشارك من 145 دولة، ويشارك في جلساته أكثر من 200 متحدث، بمَن فيهم كبار الرؤساء التنفيذيين لكبرى شركات التعدين والشركات ذات العلاقة بقطاع المعادن والتمويل، وأكثر من 150 راعياً وعارضاً.


مقالات ذات صلة

صادرات الصين القياسية من الصلب تهدد بتوترات تجارية عالمية

الاقتصاد عامل يضع علامات على قضبان الصلب في مصنع للصلب والحديد في تشانغتشي الصينية (رويترز)

صادرات الصين القياسية من الصلب تهدد بتوترات تجارية عالمية

يُتوقع أن تصل صادرات الصين من الصلب لأعلى مستوى لها في 8 سنوات هذا العام، مما يغرق العالم بإمدادات منخفضة التكلفة، ويهدد بإشعال التوترات التجارية العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد «كيمانول» السعودية توقع اتفاقية التراخيص الفنية لمشروع إنتاج ميثيل إيثانول الأمين

«كيمانول» السعودية توقع اتفاقية التراخيص الفنية لمشروع إنتاج ميثيل إيثانول الأمين

وقَّعت شركة كيمائيات الميثانول اتفاقية التراخيص الفنية مع إحدى الشركات الأجنبية المالكة للتقنية بهدف إنتاج مادة ميثيل إيثانول الأمين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد عاملة في أحد خطوط إنتاج الكابلات الكهربائية للسيارات بشرق الصين (أ.ف.ب)

نشاط التصنيع بالصين في أدنى مستوياته منذ 6 أشهر

هبط نشاط التصنيع في الصين إلى أدنى مستوى في ستة أشهر في أغسطس مع تراجع أسعار المصانع وصعوبة حصول أصحاب المصانع على الطلبات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خلال انعقاد النسخة الثالثة من مؤتمر التعدين الدولي (واس)

تحت رعاية خادم الحرمين... مؤتمر التعدين بنسخته الرابعة في يناير

يعقد مؤتمر التعدين الدولي بنسخته الرابعة، خلال الفترة من 14 إلى 16 يناير (كانون الثاني) 2025، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى مجموعة «صافولا» (موقع الشركة)

«صافولا» السعودية تقرّ زيادة رأسمالها 112.3 % بطرح أسهم حقوق أولوية

وافق مساهمو مجموعة «صافولا» السعودية على زيادة رأسمال الشركة بنسبة 112.3 في المائة عن طريق أسهم حقوق أولوية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

جهود سعودية للنهوض بالصناعات الدوائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي

مصنع بمدينة الدمام ينتج المستلزمات الطبية المختلفة ومنها الكمامات (واس)
مصنع بمدينة الدمام ينتج المستلزمات الطبية المختلفة ومنها الكمامات (واس)
TT

جهود سعودية للنهوض بالصناعات الدوائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي

مصنع بمدينة الدمام ينتج المستلزمات الطبية المختلفة ومنها الكمامات (واس)
مصنع بمدينة الدمام ينتج المستلزمات الطبية المختلفة ومنها الكمامات (واس)

تقوم السعودية بجهود للنهوض بالصناعات الدوائية والمعدات الطبية، من خلال توطينها، ورفع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وصولاً إلى تقليل الاعتماد على الواردات، وتحقيق الأمن الصحي والاكتفاء الذاتي، فقد وصل عدد المنشآت القائمة حالياً بهذه القطاعات إلى 206 مصانع، بإجمالي استثمارات قيمتها 10 مليارات ريال (2.66 مليار دولار).

وكان وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، بحث مؤخراً مع جهات برازيلية توطين صناعة اللقاحات والأدوية؛ كونَ هذا القطاع يُعَدّ من أبرز المجالات الواعدة التي ركّزت على تطويرها «الإستراتيجية الوطنية للصناعة»؛ نظراً لما يشكّله من أهمية كبرى في تحقيق الأمن الدوائي والصحي، وتعزيز الاستقلالية للمملكة في هذا المجال، عبر تأمين احتياجاتها الطبية، وبناء القدرات الصناعية النوعية في هذه المنظومة، وصولاً إلى أن تكون البلاد مركزاً مهماً لهذه الصناعة الواعدة.

وحسب «فيتش سوليوشن»، بلغت قيمة سوق الأدوية في السعودية 11.72 مليار دولار (44 مليار ريال) في 2022، ومن المتوقع أن تصل إلى 15.09 مليار دولار (56.6 مليار ريال) بحلول عام 2027، بمعدل نمو سنوي مركَّب قدره 5.2 في المائة.

وخصَّصت المملكة ما قيمته 214 مليار ريال (57 مليار دولار) في موازنة العام 2024 على قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية، في إطار التزامها بتحسين جودة الرعاية الصحية، وتوفير الخدمات الصحية لجميع مواطنيها، وهو ما يتوافق مع الهدف الثالث للتنمية المستدامة الذي يركّز على ضمان حياة صحية، وتعزيز الرفاه للجميع في الأعمار كافة.

وتماشياً مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للصناعة و«رؤية 2030»، تم توطين عدد من المنتجات الدوائية والمعدات الطبية في المملكة، منها: أجهزة التنفس الصناعي المستخدمة في غرف العناية الفائقة، وأجهزة وشرائط قياس مستوى السكر في الدم.

مصنع تابع لـ«شركة تبوك الدوائية» بالسعودية (واس)

وفي هذا الإطار، أكّد مختصون لـ«الشرق الأوسط»، أن توطين صناعة الأدوية والأجهزة الطبية بالمملكة، يسهم إيجاباً في خلق فرص عمل نوعية ذات الدخل المرتفع، ويضمن توافر الإمدادات، وتقليل الاعتماد على الواردات، ويجذب المزيد من الاستثمارات، ويحقّق الاكتفاء الذاتي والأمن الصحي للبلاد.

التسويق والمبيعات

وفي حديث إلى «الشرق الأوسط»، أوضح نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية سابقاً، والمؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «كنز الحيوية للاستثمار»، المهندس أسامة الزامل، أن صناعة الدواء لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي؛ إذ تحجز المرتبة الثانية دولياً من حيث المبيعات.

وقال إن السعودية تُعدّ أكبر سوق للمستحضرات الدوائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث بلغت القيمة السوقية لهذا القطاع 28 مليار ريال (7.46 مليار دولار) في عام 2020، ومن المتوقع وصوله إلى حوالي 44.1 مليار ريال (11.76 مليار دولار) بحلول 2030، مبيّناً أن مجال الأدوية والأجهزة الطبية يُعدّ خصباً للنمو محلياً.

كذلك، أوضح الزامل أن السعودية تتصدر سوق الأجهزة الطبية في المنطقة، ممثلة بذلك 17 في المائة، حين بلغت القيمة السوقية 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار) في عام 2020، ويتوقع وصوله إلى نحو 34 مليار ريال (9 مليار دولار) بحلول 2030.

وتوقّع أن يكون لتوطين صناعة الأدوية والأجهزة الطبية في السعودية أثر اقتصادي إيجابي على الناتج المحلي الإجمالي، من خلال عدة طرق؛ أبرزها: خلق فُرص وظيفية نوعية ذات دخل مرتفع، سواءً في مجال التصنيع، أو البحث والتطوير، أو التسويق والمبيعات، حيث تؤدي زيادة التوظيف إلى ارتفاع دخل الأفراد، وبالتالي تعزيز الاستهلاك المحلي، ما يُسهم في دفع عجلة الاقتصاد.

خطوط الإمداد

ولفت الزامل إلى احتمالية تأثير الأزمات الدولية على خطوط الإمداد، وبالتالي التوطين لهذا القطاع يضمن توافر الإمدادات بشكل عام، ويسهم في جذب الاستثمارات وتحقيق الاكتفاء الذاتي للمملكة، كما يسهم في حماية الاقتصاد المحلي من تقلبات الأسعار العالمية وتغيرات السياسات التجارية التي قد تؤثر على استيراد الأدوية والمعدات الطبية.

وأكمل أن توطين هذه القطاعات سيؤدي إلى زيادة حجم الإنتاج الصناعي بالسعودية، وتقليل الاعتماد على الواردات، الأمر الذي يعزّز الإنتاج الوطني، ويسهم بشكل مباشر في رفع نسبة مساهمة المنظومة في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال تصنيع الأدوية والأجهزة الطبية.

وتابع نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية السابق، أن توطين الصناعات الدوائية والطبية يحمل أهمية استراتيجية كبيرة، بوصفه جزءاً من «رؤية 2030»، لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، ما يساعد في خلق اقتصاد أكثر توازناً واستدامةً، بأن تصبح الصناعات التحويلية (مثل الأدوية) جزءاً أساسياً في الناتج المحلي الإجمالي.

وبيّن الزامل أن توطين هذه الصناعات يسهم في جذب استثمارات أجنبية ومحلية جديدة، تسهم في زيادة الإنتاجية والإيرادات، إضافةً إلى تحسين الميزان التجاري بتقليل الاعتماد على الواردات، وزيادة الصادرات المحتملة من الأدوية والأجهزة الطبية المصنعة محلياً.

البحث والتطوير

ومع توسّع هذه الصناعات، يعتقد الزامل أنه سيكون هناك استثمار أكبر في البحث والتطوير، ما يؤدي إلى ابتكارات جديدة تسهم في تحسين كفاءة وإنتاجية الاقتصاد الوطني، حيث إن ذلك سيكون محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي على المدى الطويل.

علاوةً على ذلك، أبان الزامل أن توطين قطاع صناعة الأدوية والأجهزة الطبية يلعب دوراً محورياً في تعزيز الأمن الصحي الوطني، من خلال بناء نظام صحي أكثر مرونةً واستدامةً في مواجهة التحديات المستقبلية.

وأفاد بأن توطين هذه القطاعات يضمن توافر الإمدادات الحيوية والمنتجات الطبية التي تتماشى مع احتياجات المجتمع المحلي ومعايير الجودة العالمية، ما يقلّل من مخاطر نقص الإمدادات خلال الأزمات العالمية، مثل الأوبئة والكوارث الطبيعية، فوجود المصانع يُبرز قدرة المملكة على إنتاج ما تحتاجه داخلياً، دون الاعتماد الكامل على الواردات.

وأكّد إمكانية أن تصبح المملكة وجهة للسياحة الطبية، خصوصاً في الشرق الأوسط وأفريقيا، من خلال توطين العلاجات الباهظة المرتبطة بالأمراض المعقّدة (مثل السرطان)، الذي سيقلّل من تكاليف علاج المرضى في الخارج، إضافةً إلى الجراحات التجميلية.

إلى ذلك، يعمل توطين هذه الصناعات على تعزيز الأمن الصحي، من خلال ضمان توفر المنتجات الحيوية محلياً، ويشجع تطوير التكنولوجيا والابتكار في هذا المجال، ما يمكّن البلاد من أن تكون مصدراً إقليمياً للأدوية والأجهزة الطبية، حسب نائب الوزير سابقاً.

إحدى المعدات الطبية التي تستخدم في جراحة التجميل (تصوير: تركي العقيلي)

التنمية المستدامة

من ناحيته، ذكر عضو جمعية اقتصاديات الطاقة، وعضو جمعية الاقتصاد السعودية، المستشار الدكتور عبد الله الجسار لـ«الشرق الأوسط»، أن توطين صناعة الأدوية والأجهزة الطبية خطوة محورية نحو تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الأمن الصحي، حيث بدأت منذ إنشاء أول مصنع في منتصف الثمانينات الميلادية، واستمر القطاع في التطور حتى أصبح أحد المستهدفات الأساسية لـ«رؤية 2030».

ورأى أن أهمية توطين هذا القطاع تتجلّى في عدة جوانب، منها: تقليل الاعتماد على الواردات، وتنويع مصادر الدخل الوطني، من خلال خلق فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة لتخصصات نوعية ومحددة، ما يسهم في خفض معدلات البطالة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

وحسب الجسار، فإن توطين صناعة الأدوية والأجهزة الطبية له أهمية في جذب الاستثمارات، خصوصاً في مجالات البحث والتطوير، ما يعزّز الابتكار، ويرفع من القدرة التنافسية.

إضافةً إلى ذلك، يرى الجسار أهمية هذا التوطين في تلبية الطلب المحلي المتزايد؛ لضمان احتياجات السوق المحلية بسرعة وكفاءة عالية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، خصوصاً خلال الأزمات الصحية (مثل الأوبئة)، حيث إنه من خلال توفير الأدوية والمعدات الطبية داخلياً يمكن للمملكة تحسين جودة الرعاية الصحية، وتقليل تكاليف العلاج، ما يعود بالنفع على النظام الصحي كله.

الميزان التجاري

وقد يؤثر ذلك إيجابياً على الاقتصاد الوطني، من خلال زيادة الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع ارتفاع معدل النمو إلى 12 في المائة سنوياً في الأعوام المقبلة، بدلاً من 5 في المائة الأعوام السابقة، وهذا ينعكس على تحسين الميزان التجاري، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وفق الجسار.

يُشار إلى أن السعودية شكَّلت لجنة صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية، برئاسة وزير الصناعة والثروة المعدنية، في مارس (آذار) 2022، التي تهدف إلى صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية وتطويرها، وتحديد أفضل التقنيات في هذا المجال، إضافةً إلى تحقيق الأمن الدوائي والصحي للمملكة، وبناء منصات صناعية محلية بمواصفات عالمية.