هواجس فوضى تجارية تطارد العالم مع بداية 2024

وسط تأخيرات وتكاليف إضافية متوقعة لتبعات هجمات البحر الأحمر

مواطنون مصريون يسبحون قبالة شاطئ مدينة العين السخنة على البحر الأحمر بينما تستعد سفينة ضخمة لعبور البوابة الجنوبية لقناة السويس (رويترز)
مواطنون مصريون يسبحون قبالة شاطئ مدينة العين السخنة على البحر الأحمر بينما تستعد سفينة ضخمة لعبور البوابة الجنوبية لقناة السويس (رويترز)
TT

هواجس فوضى تجارية تطارد العالم مع بداية 2024

مواطنون مصريون يسبحون قبالة شاطئ مدينة العين السخنة على البحر الأحمر بينما تستعد سفينة ضخمة لعبور البوابة الجنوبية لقناة السويس (رويترز)
مواطنون مصريون يسبحون قبالة شاطئ مدينة العين السخنة على البحر الأحمر بينما تستعد سفينة ضخمة لعبور البوابة الجنوبية لقناة السويس (رويترز)

في الساعات الأخيرة لعام 2023، تطارد هواجس الفوضى التجارية العالم مع استمرار الغموض حول مستقبل مسار التجارة والشحن في البحر الأحمر، وما تزامن معها من تغيير لمسارات كثير من الشركات نحو رأس الرجاء الصالح. ورغم إعلان كثير من الشركات عن عودتها للمسار التقليدي، فإن هذه العودة لا تزال مرتبطة باستقرار الأوضاع.

وبينما قالت شركات شحن عملاقة على غرار «ميرسك» الدنماركية و«سي.إم.إيه - سي.جي.إم»، إنها ستعود لمسار البحر الأحمر في إطار خطة تأمين أميركية، قال متحدث باسم شركة شحن الحاويات الألمانية «هاباغ لويد» لـ«رويترز»، يوم الجمعة، إن الشركة قررت مواصلة تحويل مسار سفنها حول قناة السويس لأسباب أمنية، موضحاً أنه سيتم إجراء التقييم التالي في الثاني من يناير (كانون الثاني) المقبل.

لكن بعيداً عن موقف شركات الشحن، فإن كثيراً من شركات التوريد لا تزال في حالة اضطراب. ويسارع فريق من شركة «بيزك فن» للألعاب يشرف على شحنات بحرية لمتاجر تجزئة مثل «وولمارت»، لتغيير مسار تلك البضائع بعيداً عن البحر الأحمر وقناة السويس بسبب هجمات الحوثيين.

وتقول مصادر في قطاع اللوجستيات إن شركات توريد لمتاجر كبرى شهيرة مثل «إيكيا» و«هوم ديبوت» و«أمازون» وشركات تجزئة أخرى حول العالم تقوم بنفس الشيء، في وقت تعاني فيه الشركات من تبعات أكبر تعطل لحركة الشحن البحري منذ الفوضى التي أحدثتها جائحة «كوفيد-19» في سلاسل الإمداد العالمية.

وقال جاي فورمان، الرئيس التنفيذي لشركة بيزك فن للألعاب، ومقرها فلوريدا، في مقابلة عبر الهاتف من مكتبه في هونغ كونغ مع «رويترز»، إن الشركة عادة تشحن كل المنتجات المتجهة إلى أوروبا من مصانعها في الصين عبر قناة السويس؛ وهو الطريق الأسرع لنقل السلع بين المنطقتين.

ويستخدم نحو ثلث بضائع سفن الشحن العالمية هذا الطريق التجاري، ومن المتوقع أن يضيف تحويل مسار السفن حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية ما يصل إلى مليون دولار أخرى للوقود لكل رحلة ذهاباً وإياباً بين آسيا وشمال أوروبا.

وتنفذ حركة الحوثي هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ في البحر الأحمر انطلاقاً من اليمن لإظهار الدعم لحركة «حماس» الفلسطينية التي تقاتل إسرائيل في قطاع غزة، وهي هجمات قلبت خطط الشحن العالمية رأساً على عقب.

ويعمل فريق «بيزك فن» الآن خلال أيام العطلة لإرسال ألعاب من الصين لموانئ في بريطانيا وروتردام عبر الطريق الأطول وهو طريق رأس الرجاء الصالح. كما غيّرت الشركة مسار بعض البضائع المتجهة إلى موانئ على الساحل الشرقي للولايات المتحدة من قناة السويس إلى قناة بنما، المتضررة أصلاً من موجة جفاف أبطأت حركة الشحن فيها، كما حوّلت مسار شحنات أخرى متجهة للساحل الغربي عبر الطريق المباشر الذي يقطع المحيط الهادئ.

وقال فورمان: «سيستغرق الأمر وقتاً أطول وسيتكلف أكثر»، مشيراً إلى أن تكلفة الشحن لبعض السلع من الصين إلى بريطانيا زادت لأكثر من المثل إلى نحو 4400 دولار للحاوية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ولا يزال وضع قناة السويس سريع التغيير، وتسعى شركات شحن كبرى مثل «ميرسك» و«سي.إم.إيه - سي.جي.إم» لاستئناف العبور في القناة بمرافقة عسكرية في البحر الأحمر.

ويرى مايكل ألدويل، نائب الرئيس التنفيذي لشركة «كينا + نايغل» السويسرية للوجستيات الشحن البحري، أن أكبر تأثير للأمر سيتكشف على مدى الأسابيع الستة المقبلة. وقال لـ«رويترز»: «لا يمكنك في لحظة إعادة ترتيب الشحن العالمي»، متوقعاً أن تتسبب عمليات تحويل المسار في نقص في مساحات تحميل السفن المطلوبة، ووجود حاويات شحن فارغة مطلوبة للصادرات من الصين عالقة في المواقع الخطأ، وارتفاع مؤشرات سعر النقل في الأجل القصير ارتفاعاً حاداً.

وفقاً لتقديرات منصة الشحن «زينتا»، تبلغ تكلفة شحن حاوية بسعة وحدة مكافئة لأربعين قدماً من الشرق الأقصى للبحر المتوسط «بعد التصعيد» في المنطقة 2320 دولاراً، مقابل 1865 دولاراً في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، وشحن حاوية من الصين لبريطانيا «بعد التصعيد» 1625 دولاراً مقابل 1425 دولاراً للحاوية قبل ذلك.

وقال بيتر ساند، كبير المحللين في «زينتا»، إن تلك الأسعار لا تشمل ارتفاع رسوم المخاطر «الاستثنائية»، وكذلك لا تشمل «استرداد التكلفة في حالات الطوارئ» التي قد تتراوح بين 400 دولار وألفي دولار للحاوية.

وتظهر بيانات شركة «كينا + نايغل» أنه حتى يوم الأربعاء الماضي، تم تحويل مسار ما يقرب من 20 في المائة من أسطول سفن الحاويات العالمي، أي نحو 364 ناقلة حاويات ضخمة قادرة على حمل ما يزيد قليلاً على 2.5 مليون حاوية، بسبب هجمات البحر الأحمر.

وقالت شركتا «ميتسوي أو.إس.كيه لاينز» و«نيبون يوسن»، وهما من أكبر شركات الشحن اليابانية، إن سفنهما التي تتعامل مع إسرائيل تتجنب منطقة البحر الأحمر، وإنهما تواصلان مراقبة الموقف من كثب لاتخاذ قرار بشأن الخطوات المقبلة.


مقالات ذات صلة

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

سجلت الصادرات السعودية غير النفطية أعلى مستوى لها في عامين في مايو (أيار) الماضي، حيث بلغت 28.89 مليار ريال سعودي (7.70 مليار دولار).

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد ميناء جدة الإسلامي (واس)

أعلى مستوى منذ عامين للصادرات السعودية غير النفطية في مايو

سجل الميزان التجاري السعودي فائضاً على أساس سنوي خلال مايو الماضي بلغ 34.5 مليار ريال بفضل تحقيق أعلى مستوى للصادرات غير النفطية منذ يونيو 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام (واس)

ميناء سعودي يستقبل 15 رافعة جسرية لدعم الحركة التجارية

استقبل ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام في السعودية، مُمثلاً في الشريك الاستراتيجي مشغل محطتي الحاويات بالميناء «الشركة السعودية العالمية للموانئ» 15 رافعة.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي يتحدث للحضور خلال «المنتدى الاستثماري السعودي - التايلندي» (الشرق الأوسط)

الفالح: العلاقات الاقتصادية السعودية - التايلندية شهدت تطورات متسارعة  

أكد وزير الاستثمار، المهندس خالد الفالح، التقدم الملحوظ الذي تشهده العلاقات التجارية بين السعودية وتايلند؛ استجابةً للطلب المتزايد على مدار عقود عدة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد سفينة حاويات عملاقة تقترب من دخول المرفأ في شينغداو بمقاطعة شاندونغ شرق الصين (أ.ب)

فائض تجاري صيني قياسي يلامس 100 مليار دولار

بلغ الفائض التجاري للصين 99.05 مليار دولار في يونيو (حزيران) الماضي، وهو أعلى مستوى في السجلات التي تعود إلى عام 1981.

«الشرق الأوسط» (بكين)

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

قال لياو مين، نائب وزير مالية الصين، إن القدرات الصناعية لبلاده تساعد العالم في مكافحة التغير المناخي وفي جهود احتواء التضخم، في رد على انتقاد وزيرة الخزانة الأميركية للطاقة التصنيعية المفرطة للصين.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن لياو، قوله فى مقابلة حصرية معها في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، نشرتها السبت: «على مدار عقود كانت الصين قوة لخفض معدلات التضخم في العالم عبر توفير المنتجات الصناعية بجودة عالية وأسعار ملائمة».

وكان لياو يشارك في اجتماعات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية بالدول الأعضاء في مجموعة العشرين بالبرازيل. وأضاف: «وهي توفر الآن البضائع الخضراء للعالم، فيما تسعى الدول إلى تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030».

وأوضح لياو، أن الطلب العالمي على السيارات الكهربائية سوف يتراوح بين 45 مليوناً و75 مليون سيارة، بحلول ذلك الحين، وهو ما يتجاوز بكثير الطاقة الإنتاجية للعالم، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

وجاءت تصريحات المسؤول الصيني، بعد يوم من تعهد يلين «بمواصلة الضغط على الصين للنظر في نموذج الاقتصاد الكلي الخاص بها».

وتواجه الصين حواجز تجارية متنامية من الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسط انتقاد للإفراط في الإنتاج الصناعي الصيني، وتداعيات ذلك على القطاعات الصناعية والشركات.

ويمضي الاتحاد الأوروبي قدماً صوب فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية القادمة من الصين، في حين هدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، بفرض رسوم بقيمة 50 في المائة، أو أكثر، على واردات السوق الأميركية من البضائع الصينية حال فوزه بالانتخابات المقررة في نوفمبر(تشرين الثاني) 2024.

كانت بعض الدول النامية، مثل تركيا والبرازيل فرضت رسوماً جمركية على وارداتها من المنتجات الصينية، بما يشمل الصلب والسيارات، رغم أن هذه الدول لم تنتقد السياسة الصناعية للصين بالقدر نفسه.

وأوضح نائب وزير المالية الصيني أنه في الوقت الذي تهتم فيه بكين بمخاوف الشركات الرئيسية بشأن فائض التصنيع، فإنها معنية بالتهديدات التجارية مثل الرسوم.

وأوضح لياو، الذي كان عضواً ضمن فريق التفاوض الصيني بشأن الحرب التجارية، مع أميركا خلال رئاسة ترمب السابقة: «يجب علينا التواصل على نحو صريح فيما يتعلق بقواعد اقتصاد السوق والوقائع الحقيقية».

وزار لياو الولايات المتحدة من قبل، حيث التقى ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. كما استقبل يلين عندما زارت الصين خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي

وانتقدت وزارة الخزانة الأميركية الاستراتيجية الاقتصادية للصين، واصفة إياها بأنها تشكل «تهديداً لاستمرار الشركات والعمال في أنحاء العالم».