اليابان تتطلع لإطلاق استثمارات دولية مشتركة مع السعودية لاستدامة التعدين

وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة لـ«الشرق الأوسط»: المملكة شريكنا الاستراتيجي ونسعى لتأمين الطاقة وتصفير الكربون

كين سايتو وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني (الشرق الأوسط) – تصوير صالح الغنام
كين سايتو وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني (الشرق الأوسط) – تصوير صالح الغنام
TT

اليابان تتطلع لإطلاق استثمارات دولية مشتركة مع السعودية لاستدامة التعدين

كين سايتو وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني (الشرق الأوسط) – تصوير صالح الغنام
كين سايتو وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني (الشرق الأوسط) – تصوير صالح الغنام

في وقت أكدت فيه استراتيجية العلاقة مع الرياض، كشفت طوكيو عن توجه سعودي - ياباني مشترك عبر إطلاق استثمارات مشتركة في عدة دول من العالم تشمل قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا، لتعظيم سلاسل الإمداد والتوريد في مجال التعدين خلال العامين المقبلين، فيما شدد مسؤول ياباني رفيع المستوى على أن السعودية تعد أكبر شريك استراتيجي لليابان.

وأكد الوزير الياباني أن نتائج «منتدى الاستثمار السعودي - الياباني 2023» الذي اختتم أعماله في الرياض أخيراً، كانت إيجابية، مبيناً أن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، أكد تمتع الشركات اليابانية بمزايا تنافسية واضحة في الفرص الاستثمارية في المشروعات الكبيرة في السعودية.

وقال كين سايتو وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش زيارته العاصمة الرياض: «يأتي تعاوننا مع السعودية بوصفها شريكاً استراتيجياً لتطوير الصناعات في المملكة، إذ رافقنا في هذه الزيارة عدد كبير من الشراكات اليابانية في مجالات حيوية كصناعة الفضاء والطب والرعاية الصحية، وتحلية المياه».

شراكة استراتيجية

وأضاف سايتو أنه «بحكم الموقع الجغرافي الاستراتيجي للسعودية بوصفها مركزاً رئيسياً استراتيجياً يربط بين القارات الثلاث، آسيا وأفريقيا وأوروبا، يمكن استغلال هذه الميزة في تعظيم التعاون الثنائي الاستراتيجي، خصوصاً أن هناك فرصاً كبيرة لتعظيم التعاون في مجال التعدين داخلياً وخارجياً وإطلاق استثمارات مشتركة في عدة دول في المنطقة وخارجها».

وتابع سايتو: «نريد في اليابان المزيد من التعاون مع المملكة في هذه المجالات ومشاركتها طموحاتها، من خلال منظمة (جوجميك)، التي من خلالها نوفر البيانات ونمسح المصادر لتدريب وتطوير القدرات البشرية، فضلاً عن استكشاف الفرص الاستثمارية السعودية لدى الشركات اليابانية، خصوصاً في مجال تطوير التعدين بالمملكة».

وزاد وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: «أنا شخصياً لديَّ تطلعات كبيرة في مسألة تعظيم التعاون الاستثماري الثنائي المشترك في دولة ثالثة، ففي شهر يناير (كانون الثاني) الماضي كان يجري إنشاء شركة (منارة المعادن)، بوصفها طرفاً مسؤولاً مباشراً عن القيام باستثمارات في مجال التعدين في دولة ثالثة».

مشاريع مشتركة

وأضاف: «في هذه المرة جرى إبرام مذكرة تفاهم للتعاون بين شركة «الجوغميت» اليابانية وشركة «المنار» السعودية، ففي هذا المجال، تنص مذكرة التفاهم على التعاون الثنائي على تطوير عدة مشاريع مشتركة خلال العامين المقبلين، ليس فقط في داخل السعودية وإنما في خارجها أيضاً».

وقال الوزير الياباني: «... إذ نريد إقامة المشاريع المشتركة الجديدة في دول طرف ثالث، ابتداءً من الدول الأفريقية بغية تعزيز سلاسل الإمداد والتوريد في مجال المعادن لليابان، كما نريد أيضاً العمل معاً لتعزيز الشراكة اليابانية - السعودية العالمية، فيما يتعلق بإزالة وتصفير الكربون».

مباحثات يابانية - سعودية حيوية

ووفق سايتو، جرت مناقشة إمكانية التعاون في المجالات المعنية، في ظل وجود مقومات كبيرة لتنمية الاقتصاد وتطوير الصناعة في البلدين، في ظل رغبة أكيدة في تعميق العلاقات وتعزيز التعاون الثنائي وفقاً للرؤية اليابانية - السعودية 2030، مشيراً إلى أن هناك مجالات كثيرة تحتاج إلى العمل على خطة تقوم على تنويع الصناعات.

وتابع سايتو: «في الجولة الثانية من اللقاءات كان لي لقاء أمس مع الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، أكدتُ فيه تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة بناءً على مبادرة شركة (منارة المعادن)، التي انطلقت عند زيارة رئيس وزرائنا فوميو كيشيدا الأخيرة للسعودية خلال هذا العام».

وزاد سايتو: «تشاركت مع الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، بشكل رئيسي الأفكار الأساسية، وهي إمكانية تحقيق مبادرة الحياد الصفري للكربون، وتأمين الطاقة، وتحقيق النمو الاقتصادي بشكل متوازن، وأيضاً أكدنا المضيّ قدماً في دفع التعاون الثنائي في مجالات الهيدروجين والأمونيا والوقود التركيبي، كما كان لنا لقاء مع وزير الصناعة والثروة المعدنية بدر الخريف، إذ وقّعنا مذكرة تفاهم في مجال التعدين».

كلام الصورة: كين سايتو وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني (الشرق الأوسط)– تصوير صالح الغنام

التجارة والاستثمار

فيما يتعلق بالتعاون الثنائي في مجال التجارة والاستثمار، قال سايتو: «إن حجم التبادل التجاري بلغ في عام 2022، نحو 6.2 تريليون ين ياباني ما يعادل 435 مليار دولار»، مبيناً أن السعودية تمثل بالنسبة إلى بلاده أكبر مصدِّر للبترول الخام على مستوى العالم، مشدداً على رغبة البلدين في توجيه الجهود المشتركة لتحقيق نتائج كبيرة من إمكانات البلدين.

وعلى صعيد التعاون الاستثماري وفقاً لسايتو، فهناك على سبيل المثال شركات يابانية، كشركات «آسيوزو» و«دايكن ويوكوقاوا للإلكترونيات»، مبيناً أن مثل هذه الشركات تقوم بالاستثمار المباشر في المملكة، مع السعي للاستفادة من الاستثمارات السعودية لتطوير العلاقات الصناعية في البلدين.

وأضاف سايتو: «ساعون لتعزيز التعاون الثنائي الصناعي في كلا البلدين، وبشكل أخص أودّ أن أشير إلى استغلال الإمكانات الكبيرة في البلدين والعمل على دفع الاستثمارات المشتركة النوعية في دولة ثالثة أو طرف ثالث من دول العالم، خصوصاً بعد التعاون بين منظمة (جوجميك) وشركة (منارة المعادن)».

شركات يابانية جديدة في السوق السعودية

وتابع وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: «كما ذكرت سابقاً، في هذه المرة لا نركن للاستفادة من الشركات المشهورة التي تعمل في مجالات كثيرة في المملكة سابقاً، مثل الشركات التجارية والبنوك والطاقة فحسب، إذ إن هناك شركات أخرى ستدخل حلبة الاستثمار والتعاون مع نظيراتها في المملكة».

ووفق سايتو، سيتم التركيز على مجالات تتصل بالقضايا الراهنة التي تعمل عليها المملكة مثل الصناعات الطبية والصحية والمياه، فضلاً عن الصناعات الجديدة والصناعات الواعدة، وهي في رأيه الصناعات المتعلقة بتطوير صناعة الفضاء، مبيناً أن هناك شركات جاءت هذه المرة إلى المملكة للعمل في هذه المجالات.

وأضاف سايتو أن «الموضوعات الثلاثة أعلاه، طُرحت في النقاشات المشتركة الأخيرة، فضلاً عن أنه جرى التوقيع على 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز التعاون على مختلف المجالات بما فيها القطاعات الثلاثة الأخيرة، فضلاً عن أن هناك مصنع الإسمنت المشترك بين اليابان والسعودية، إضافةً إلى إنشاء مكاتب شركات ترفيه وسفريات بالمملكة».

وقال سايتو: «نتطلع لأن توفر هذه الفرص الحالية، مجالات أوسع لتعميق العمل الاستراتيجي المشترك لدى البلدين، حتى نسهم في تحقيق مستهدفات المملكة، من خلال توفير التكنولوجيا اليابانية، إذ في ظل المشاريع السعودية الضخمة التي أطلقتها المملكة أخيراً، هناك شركات يابانية متخصصة في المجالات المعنية للإسهام في إنجازها».


مقالات ذات صلة

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد جانب من الاجتماع الاستراتيجي لـ«موانئ» (واس)

«موانئ» السعودية تلتقي كبرى شركات سفن التغذية لتعزيز الربط العالمي

اجتمعت الهيئة السعودية العامة للموانئ (موانئ) مع كبرى شركات سفن التغذية العالمية، بهدف تعزيز الربط العالمي، وزيادة التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (دبي)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.