سقوط نجم في مجال التكنولوجيا المالية متهم بـ«عملية احتيال ضخمة»

«تينغو غروب» النيجيرية تواجه اتهامات كبيرة من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية

دوزي مموبوسي الذي كان المالك المحتمل لـ«شيفيلد يونايتد» يشاهد مباراة في لندن (رويترز)
دوزي مموبوسي الذي كان المالك المحتمل لـ«شيفيلد يونايتد» يشاهد مباراة في لندن (رويترز)
TT

سقوط نجم في مجال التكنولوجيا المالية متهم بـ«عملية احتيال ضخمة»

دوزي مموبوسي الذي كان المالك المحتمل لـ«شيفيلد يونايتد» يشاهد مباراة في لندن (رويترز)
دوزي مموبوسي الذي كان المالك المحتمل لـ«شيفيلد يونايتد» يشاهد مباراة في لندن (رويترز)

في أحد أيام شهر مايو (أيار) من هذا العام، لم يكن لدى المكاتب الرئيسية لمجموعة «تينغو غروب» (Tingo Group) في لاغوس أي من علامات شركة التكنولوجيا العالمية التي تقدر قيمتها بملايين الدولارات.

في مبنى شاهق في المنطقة التجارية القديمة بالمدينة، كان يشغل طابقين، وكان الأثاث مكسوراً، وكان عدد الموظفين أقل من 20 موظفاً، ولم يكن هناك أي ضجيج في العملية التي تضم ملايين، وفق تقرير لصحيفة «فايننشيال تايمز».

ما وجده التحقيق الذي أجرته لجنة الأوراق المالية والبورصات في الولايات المتحدة، والذي دام أشهراً، هو ما وصفته هيئة الرقابة الأميركية بأنه «عملية احتيال واسعة النطاق» تنطوي على «مليارات الدولارات من المعاملات الوهمية»، كل ذلك تحت قيادة رجل واحد، اسمه: دوزي مموبوسي.

وفقاً للشكوى، قام رجل الأعمال النيجيري البالغ من العمر 45 عاماً والمقيم في لندن، والذي سعى لشراء نادي شيفيلد يونايتد الإنجليزي هذا العام، بتضخيم أرباح 3 شركات من خلال تزوير وثائق لخداع المستثمرين.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أوقفت هيئة الأوراق المالية والبورصات التداول في مجموعة «تينغو» المدرجة في بورصة «ناسداك» و«أغري فنتك» بعد العثور على عدم دقة في إفصاحاتها. وجاءت هذه الخطوة في أعقاب تقرير صادر عن شركة «هيندنبورغ» للأبحاث، ومقرها الولايات المتحدة، في يونيو (حزيران) وصف الشركة بأنها «عملية احتيال واضحة بشكل استثنائي»، وتسبب هذا في انخفاض سعر سهم «تينغو».

وقالت هيئة الأوراق المالية والبورصات هذا الأسبوع، في شكوى مؤلفة من 72 صفحة: «إن (تينغو موبايل) مجرد خيال. أصولها وإيراداتها ونفقاتها وعملاؤها وموردوها المزعومون، كل ذلك ملفق بالكامل تقريباً». وأضافت أن حجم الاحتيال كان «مذهلاً».

التهم الموجهة ضد شركة «تينغو» هي ضربة أخرى لسمعة «التطبيقات الفائقة» في مجال التكنولوجيا المالية التي ظهرت في العقد الماضي، وسعت إلى تعطيل الخدمات المصرفية، من خلال تقديم المدفوعات والخدمات الأخرى، مثل المراسلة الفورية والتداول. ويراهن المستثمرون على أن آفاق النمو الواعدة لهؤلاء الداخلين الجدد تكمن في الأسواق الناشئة، مثل نيجيريا؛ حيث تشتد الحاجة إلى الخدمات المصرفية.

ونقلت «فايننشيال تايمز» عن توندي لي، الشريك في شركة «إس بي إم» لاستخبارات المخاطر، ومقرها لاغوس: «هذا هو الاحتيال الأكثر وضوحاً الذي شهدناه على الإطلاق، وقد رفض الناس رؤيته على حقيقته». وقال لي إن محللي «إس بي إم» زاروا مصنع الهواتف المفترض، ومصنع تجهيز الأغذية التابع لشركة «تينغو» ووجدوا الموقع فارغاً.

يوم الأربعاء، استقال مموبوسي من منصبه (الرئيس التنفيذي وعضو في مجلس إدارة «تينغو»)؛ حيث تسعى هيئة الأوراق المالية والبورصات إلى منعه بشكل دائم من العمل مسؤولاً أو مديراً في شركة عامة.

وفي بيان نشرته الصحافة النيجيرية يوم الجمعة، وصف مموبوسي مزاعم هيئة الأوراق المالية والبورصة في الولايات المتحدة، بأنها «لا أساس لها من الصحة»، وقال إنه «سوف يطعن فيها بتصميم لا يتزعزع».

وجاء في البيان: «إنه ملتزم بالتعاون مع العملية القانونية، لضمان إجراء فحص شامل وعادل للحقائق، وهو ما يعتقد أنه سيؤدي في النهاية إلى تبرئته».

وقالت «تينغو» في بيان، إنها «تعتزم الدفاع عن نفسها بقوة، فيما يتعلق بشكوى هيئة الأوراق المالية والبورصات».

تعود أصول عملية الاحتيال المزعومة إلى عام 2019، عندما استخدم مموبوسي وثائق مزورة لتصوير «تينغو موبايل» كعمل تجاري صحي، وفقاً للشكوى. وتقول هيئة الأوراق المالية والبورصات إن الكيان الذي يتخذ من نيجيريا مقراً له، والذي يدَّعي أنه يوفر للمزارعين قروضاً صغيرة وتنبؤات جوية وسوقاً عبر الإنترنت، لم يكن لديه سوى نحو 15 دولاراً في حسابه في ذلك العام.

ثم زعم أنه استخدم هذه الوثائق المزورة لنقل «تينغو موبايل» إلى شركتين عامتين بتقييمات «مبالغ فيها بشكل صارخ».

في عام 2021، تم بيع «تينغو موبايل» من خلال اندماج عكسي لجميع الأسهم إلى «أغري فينتك» المتداولة خارج البورصة، والتي باعتها بدورها إلى «تينغو غروب» المدرجة في بورصة «ناسداك» بعد عام، أيضاً من خلال اندماج جميع الأسهم. وقدرت هذه المعاملات قيمة شركة «تينغو» بأكثر من مليار دولار، وأتاحت لها الوصول إلى أسواق رأس المال الأميركية. وكان من بين المستشارين شركة «دينتونز» العالمية للمحاماة.

أرسل مموبوسي ذات مرة بيانات مدققة مزعومة من «تينغو موبايل» إلى رئيس المجموعة، في حين لم يحدث أي تدقيق في الواقع، وفقاً لهيئة الأوراق المالية والبورصات. وذكرت الشركة أن لديها رصيداً نقدياً وما يعادله من النقد يبلغ 461.7 مليون دولار للسنة المالية 2022؛ لكن في الواقع، احتفظت بأقل من 50 دولاراً في حساباتها.

وكان رجل الأعمال قد سعى سابقاً لإدراج «تينغو موبايل» عبر شركة «تينغو إنترناشيونال هولدنغز» المسجلة في ولاية ديلاوير، والتي كان يسيطر عليها. ولكن تم رفض الطلب من قبل «ناسداك».

وفي أبريل (نيسان) من هذا العام، استقال كريستوف شارلييه، الرئيس المشارك لـ«تينغو»، بسبب عدم رغبته في التوقيع على البيانات المالية للمجموعة و«الافتقار إلى التواصل والعمل الجماعي في إدارة الشركة».

تزعم هيئة الأوراق المالية والبورصة أن مموبوسي -الذي وصف نفسه ذات مرة بأنه «طفل مميز» خلال نشأته، وقال إنه حصل على لقب «الجنرال» في المدرسة الثانوية- استخدم الأموال ليعيش أسلوب حياة فخمة، بشراء «السيارات الفاخرة» والسفر على متن طائرات خاصة.

وفي لاغوس، يقول البعض إنهم أعربوا عن شكوكهم بشأن واقع أعمال مموبوسي. وقال إيينولوا أبويجي، رجل الأعمال النيجيري في مجال التكنولوجيا، إنه يزعم أن لديه 9 ملايين مستخدم؛ لكن «لم يلتقِ أحد تقريباً في الصناعة بشخص يستخدم المنتج».

قال أبويجي: «اتصل بي كثير من الأشخاص للسؤال عن الاستثمار في (تينغو). وعلى الرغم من التعبير عن شكوكي الراسخة، فإنهم ما زالوا يمضون قدماً في الاستثمار».

وعند سؤاله في شهر مايو عن قاعدة عملاء الشركة، قال أوال مود، رئيس شركة «تينغو موبايل نيجيريا»، لصحيفة «فايننشيال تايمز» إن المزارعين الذين يستخدمون التطبيق يتمركزون جميعاً في شمال البلاد، على بعد نحو 900 كيلومتر من لاغوس. لم تتمكن السلطة التنفيذية من إنتاج أي من هواتف «تينغو» المحمولة التي زعمت أنها توزعها على المزارعين.

بدأت «هيندنبورغ» التحقيق بعد أن تم تنبيهها من قبل المشاركين في السوق. كيف تمكنت شركة دون منتج يمكن التحقق منه من جذب كثير من الاستثمار في السوق المفتوحة، يتوقف على إدراجها في بورصة «ناسداك» والتدقيق النظيف الذي تلقته من شركة «ديلويت إسرائيل»، وفقاً لمؤسس «هيندنبورغ» ناثان أندرسون.

وأضاف لصحيفة «فايننشيال تايمز»: «كم عدد الأشخاص الذين سيصدقون مجموعة التكنولوجيا المالية النيجيرية التي تدعي أنها تقدم خدمات الهاتف المحمول لتسعة ملايين مزارع ريفي (عندما) لا يستطيع أحد العثور على مكان وجود أي منها؟ كيف يمكنك الانتقال من ذلك إلى بورصة (ناسداك) وتقييم السوق بأكثر من مليار دولار؟ (ديلويت) و(ناسداك) هما ما أضفيا عليها المصداقية... السبب وراء قيام شركة (ديلويت إسرائيل) بمراجعة حسابات شركة مقرها نيجيريا مدرجة في الولايات المتحدة غير واضح. فالشركة لديها مكاتب في كلا البلدين».

كما وجدت «تينغو» مستثمرين في المملكة المتحدة، وتعهدت بتعزيز «الشمول المالي» في أفريقيا والتوسع في الصين.

في عرض تقديمي خاص يشير إلى النتائج المالية للشركة لعام 2021، تفاخرت «تينغو» بـ«شراكة استراتيجية» مع «فيزا» للمساعدة في هذه الاستراتيجية.

وفي فبراير (شباط)، أشاد أندرو أوبوي، رئيس عمليات «فيزا» في غرب أفريقيا، بصفقة من شأنها «المساعدة في رقمنة سلسلة القيمة كلها للمزارعين... ودعم أجندة الشمول المالي في جميع أنحاء القارة».

بعد اتهامات هيئة الأوراق المالية والبورصات، قالت «فيزا» إن جميع عملائها وشركائها «مطالبون بضمان امتثالهم للمتطلبات القانونية واللوائح المعمول بها»، وإن لديها «عملية قوية لتقييم الامتثال والعمل مع عملائنا لمعالجة القضايا التي تنشأ».

في المملكة المتحدة، ساعد بنجامين وايت، مموبوسي، المسجل باعتباره المساهم الأكبر في «الصين للاستثمارات الاستراتيجية المحدودة».

وسعى وايت إلى جمع مزيد من المستثمرين في فبراير 2020، قبل الإدراج في الولايات المتحدة؛ حيث فرض رسوم أداء بنسبة 15 في المائة، وأخبر المستثمرين المحتملين أنه يتوقع عوائد «تزيد على 10 أضعاف».

وقال وايت لصحيفة «فايننشيال تايمز» إن شركته جمعت أكثر من 20 مليون دولار إجمالاً من المستثمرين الذين وافقوا على رسوم الأداء إذا تضاعفت عائداتهم 3 مرات. وقال إنه «اندهش من شكوى هيئة الأوراق المالية والبورصات». وأضاف: «لم أرَ أي دليل على وجود احتيال، وسأكون مندهشاً للغاية إذا كان هناك احتيال»، مضيفاً أنه «لم يكن متورطاً في أي احتيال».

كما جنّد مؤسس «تينغو» خدمات كريس كليفرلي، وهو محامٍ في المملكة المتحدة لديه خبرة في العمل على «الاحتيال من ذوي الياقات البيضاء وقضايا الجريمة المنظمة عبر الوطنية».

وقال بلال إبراهيم، الرئيس التنفيذي لشبكة «فيم»، وهي شبكة للمزارعين في نيجيريا، إن كريس كليفرلي اتصل به لشراء برمجيات وعرض تداول نحو 20 مليون دولار من أسهم «تينغو».

وقال مؤسس «هيندنبورغ» ناثان أندرسون: «بالنسبة لقضية احتيال لائقة، قد يكون هناك بعض التحريفات المادية؛ حيث تحاول الإدارة الكذب بشأن شيء كبير أو اثنين». ما تم تزويره كان «تكتلاً كاملاً».


مقالات ذات صلة

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

الاقتصاد وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)

سندات لبنان السيادية ترتفع لأعلى مستوى في عامين وسط آمال بوقف إطلاق النار

ارتفعت سندات لبنان السيادية المقوَّمة بالدولار إلى أعلى مستوياتها منذ عامين؛ حيث راهن المستثمرون على أن الهدنة المحتملة مع إسرائيل قد تدفع لتحسين اقتصاد البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة للعام المالي 2025

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال.

الاقتصاد رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

أرسل رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، رسالةً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يطلب منه الموافقة على استحواذ «نيبون ستيل» على «يو إس ستيل».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد يابانيون يمرون أمام شاشة إلكترونية في العاصمة طوكيو تعرض حركة الأسهم على مؤشر نيكي (أ.ب)

رئيس الوزراء الياباني يدعو الشركات لزيادة كبيرة في الأجور

قال رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يوم الثلاثاء إنه سيطلب من الشركات تنفيذ زيادات كبيرة في الأجور في مفاوضات العمل العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.