التغيُّر المناخي يدير بوصلة التغيير في سوق العمل

دراسة بحثية: التحول نحو الطاقة المتجددة سيولد 14 مليون فرصة عمل، ويتطلب تدريب 30 مليون موظف على مهارات جديدة.

التغيُّر المناخي يدير بوصلة التغيير في سوق العمل
TT

التغيُّر المناخي يدير بوصلة التغيير في سوق العمل

التغيُّر المناخي يدير بوصلة التغيير في سوق العمل

يشكل تغيُّر المناخ تحدياً كبيراً للمجتمعات والاقتصادات في جميع أنحاء العالم، ويتطلب استجابة شاملة ومتعددة القطاعات. واحد من الجوانب الرئيسية في مواجهة التحديات المتعلقة بتغير المناخ هو ضرورة تغيير التدريب المهني للعمال والمهنيين في مختلف القطاعات.

يؤثر تغير المناخ بشكل كبير على مختلف القطاعات المهنية؛ لا سيما من خلال التأثيرات التحويلية لعمليات تحول الطاقة. ويؤدي التحول نحو الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والصناعة، فضلاً عن التغيرات المجتمعية، إلى إنشاء أعمال تجارية ووظائف جديدة. ويتطلب هذا التحول قوة عاملة تتمتع بمهارات وكفاءات معينة، مما يتطلب من العاملين الجدد والحاليين إعادة صقل مهاراتهم.

ولتحقيق الحياد المناخي، كشفت مؤسسة «ماير» -وهي إحدى الشركات الرائدة في مجال التقنية الهندسية التي تعمل على تطوير وتنفيذ حلول مبتكرة لتمكين تحول الطاقة، وتوفير حلول الأسمدة النيتروجينية والهيدروجين والكربون الدائري والوقود والمواد الكيميائية والبوليمرات- في دراسة بحثية أجرتها مؤخراً، أنه يمكن أن يولِّد هذا التحول 14 مليون فرصة عمل جديدة في مجال تكنولوجيا الطاقة النظيفة، وتسهيل تحول ما يقرب من 5 ملايين عامل في قطاع الوقود الأحفوري، ويتطلب تدريباً إضافياً على المهارات الجديدة لنحو 30 مليون موظف على مستوى العالم (في اقتباس من الدراسة البحثية).

وفي السعودية، يدعو مَن نسبتهم 31 في المائة من المشاركين في الدراسة، الشركات، إلى إعطاء الأولوية لتطوير الابتكار في المنتجات والخدمات بشكل مستدام، في حين يعتقد 29 في المائة بضرورة التركيز على التدريب المهني لتنمية المهارات.

وبفضل الاستثمارات القوية المدفوعة بالأهداف الطموحة لـ«رؤية السعودية 2030»، تتمتع المملكة بمكانة جيدة لدفع عجلة الاستدامة. وتتوافق قدرتها على بناء بنية تحتية جاهزة لتحديات المستقبل والاستثمار في التدريب والتعليم، مع التزامها بتحقيق الحياد المناخي.

وتؤكد مؤسسة «ماير» أهمية تحسين أساليب التدريب لإعداد ملايين الأفراد لمستقبل الحياد المناخي. ومن دون هذا الجهد، فإننا نخاطر بالفشل في بناء البنية التحتية والمنتجات والخدمات اللازمة للتخفيف والتكيف مع تغير المناخ.

وعن الاحتياجات المهنية المستقبلية المتعلقة بتغير المناخ، يقول لـ«لشرق الأوسط» رئيس مجموعة «ماير» ومؤسسة «ماير» فابريزيو دي أماتو: «تتمحور الاحتياجات المتعلقة بالإجراءات الواجب اتخاذها للتخفيف من تغير المناخ على مستوى العالم، كما الحال في السعودية، حول بناء قوة عاملة ذات كفاءة قادرة على تلبية المتطلبات المتغيرة لتحقيق إزالة الكربون».

وأشار إلى وجود حاجة ماسة إلى المهنيين ذوي الكفاءة القادرين على تنفيذ مشاريع، من شأنها أن تسمح لنا بتحقيق أهداف الأمم المتحدة العالمية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 بشكل واسع، وفي الوقت نفسه تتطلب التغيرات السريعة في الصناعات المدفوعة بتحول الطاقة، كوادر يتمتعون بمهارات محددة في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والصناعة والإدارة والمجتمع المدني، إلى جانب مهارات شخصية متعددة التخصصات وفهم لمضمون تحول الطاقة.

ومن خلال دراسة بحثية عالمية أجرتها مؤسسة «ماير»، سلطت الضوء على أنه، في السعودية، لا يُنظر إلى تحول الطاقة على أنه يتضمن حلولاً بدورها ستعالج التحديات المناخية فحسب؛ بل أيضاً كبوابة لفرص أعمال جديدة، مما يسلط الضوء على اعتراف المملكة بالنتائج الإيجابية المرتبطة بهذه العملية التحويلية.

وعن كيفية تكييف برامج التدريب المهنية الحالية لتشمل المفاهيم والممارسات المتعلقة بتغير المناخ، يقول دي أماتو إنه عند تكييف برامج التدريب المهنية المتعلقة بتغير المناخ، يعد النهج الموجه نحو الهدف المحدد أمراً ضرورياً، مع التركيز على كل من المهارات الشخصية أو الناعمة، مثل القدرة على حل المشكلات وتحقيق الإبداع، والمهارات التخصصية أو الصعبة، بما في ذلك مبادئ الاقتصاد الدائري وتقييم الأثر البيئي؛ مشيراً إلى أن في السعودية، على وجه الخصوص، يوجد وعي بأهمية الإبداع كجزء من العقلية المهنية الجديدة.


مقالات ذات صلة

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

العالم كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

اتفقت دول العالم بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.