«كوب 28» يسدل الستار على أعماله بإقرار «اتفاق الإمارات»

خطوة جديدة نحو تفادي ارتفاع درجة حرارة الأرض عن 1.5 درجة مئوية

TT

«كوب 28» يسدل الستار على أعماله بإقرار «اتفاق الإمارات»

جانب من الجلسة الختامية لـ«كوب 28» يوم الأربعاء (أ.ب)
جانب من الجلسة الختامية لـ«كوب 28» يوم الأربعاء (أ.ب)

اختتم مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «كوب 28» أعماله، الأربعاء، بعد أن أقر ممثلو ما يقارب 200 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، في مدينة إكسبو دبي «اتفاق الإمارات» للمناخ، والذي يتضمن خطة عمل مناخية طموحة للحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.

ودعا الاتفاق الأطراف إلى تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي إلى منظومة طاقة خالية من كافة مصادر الوقود التقليدي الذي لا يتم تخفيف انبعاثاته؛ وذلك بهدف تحقيق الحياد المناخي، وتشجيعهم على تقديم مساهمات محددة وطنياً تشمل كافة القطاعات الاقتصادية، كما يستهدف زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة سنوياً بحلول عام 2030، ويبني زخماً لتأسيس هيكل جديد للتمويل المناخي.

وقالت الرئاسة إن النتيجة تحترم العلم وتحافظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية استجابةً للحصيلة العالمية.

وعقد مؤتمر الأطراف جلسة مهمة لعرض الصيغة النهائية للنص التي تم التوصل إليها، حيث تعهد 198 طرفاً بالإجماع على الحد من الانبعاثات الكربونية، مما ساهم في الوصول لمستهدفات «كوب 28»، وتجاوز الطموحات المحددة.

وجاء «اتفاق الإمارات»، بعد عام من المشاركات الدبلوماسية الواسعة القائمة على احتواء الجميع، وأسبوعين من المفاوضات المكثفة، ويتماشى مع هدف رئاسة «كوب 28» المتمثل في تقديم استجابة طموحة وفعالة وملموسة لنتائج الحصيلة العالمية لتقييم التقدم في تحقيق أهداف باريس.

جانب من الجلسة الختامية لـ«كوب 28» يوم الأربعاء (أ.ب)

وتتضمن التعهّدات الواردة في النص التفاوضي النهائي الإشارة للمرّة الأولى إلى الانتقال إلى منظومة طاقة خالية من مصادر الوقود التقليدي الذي لا يتم تخفيف انبعاثاته، لتمكين العالم من تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، ورفع سقف التوقّعات بشأن الجولة التالية من المساهمات المحدّدة وطنياً على مستوى العالم، من خلال تشجيع الأطراف على «تقديم مساهمات محددة وطنياً تشمل كافة القطاعات الاقتصادية»، بالإضافة إلى مواصلة بناء الزخم لإصلاح هيكل التمويل المناخي، والإشارة إلى دور وكالات التصنيف الائتماني للمرّة الأولى، والدعوة إلى زيادة كبيرة في المِنح والتمويل الميسّر، وتحديد هدف جديد يتمثّل في زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجدّدة ثلاث مرات، ومضاعفة معدل كفاءة الطاقة بحلول عام 2030. وكذلك الإقرار بالحاجة الماسّة إلى زيادة كبيرة في تمويل التكيف تتجاوز الضعف، لتلبية احتياجاته الملحّة والمتزايدة.

وإلى جانب تقديم استجابة فعالة للحصيلة العالمية الأولى لتقييم التقدّم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، حقّق «كوب 28» نتائج تفاوضية ملموسة لتفعيل صندوق معالجة الخسائر والأضرار، ونجح في جمع وتحفيز 792 مليون دولار من التعهّدات المبكرة للصندوق، وتوفير إطار للهدف العالمي بشأن التكيّف، وإضفاء الطابع الرسمي لدور رائد المناخ للمؤتمر، لدعم احتواء الشباب في أعمال مؤتمرات الأطراف المستقبلية.

اختيار المنهجية المناسبة

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، إن «اتفاق (كوب 28) يشدد بالأساس على أهمية تحول الطاقة»، مشيراً إلى أن «مراجعة نص البيان الختامي لاتفاق (كوب 28) تمت كلمة بكلمة».

وأكد في تصريحات تلفزيونية أن «التركيز عاد على معالجة التحديات بالتوافق مع المصالح الوطنية»، معتبراً أن «الاتفاق الحالي أعاد اتفاق باريس للواجهة مجدداً»، ولافتاً إلى أن «المستهدف هو خفض الانبعاثات، وللدول حق اختيار المنهجية المناسبة». وشدد على أن «اتفاق (كوب 28) أعطى لكل دولة الحق باختيار المنهجية التي تحافظ على مصالحها»، وقال: «يجب النظر بطريقة متكاملة للنصوص ضمن الاتفاق».

وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان إن «تحول الطاقة يمكّننا من الموازنة بين خفض الانبعاثات ونشاطنا النفطي، وبرامجنا تعمل على خفض البصمة الكربونية لمنتجاتنا». وأضاف: «لسنا بغريبين عن منهجية تحول الطاقة، ونحن رائدون فيها»، موضحاً أن بيان «كوب 28» لم ينص على التخلص الفوري أو المتدرج من الوقود الأحفوري، بل عملية تحوّل».

وأوضح أن برامج المملكة تعمل على خفض البصمة الكربونية لمنتجاتها، مبيناً أن تحول الطاقة يمكّن المملكة من الموازنة بين خفض الانبعاثات ونشاطها النفطي.

ولفت الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى أن فريقاً متكاملاً من المملكة شارك في مفاوضات «كوب 28». وشكر دولة الإمارات التي استضافت المؤتمر هذا العام، مؤكداً وجود تعاون وتنسيق بشكل كامل بين الدولتين.

الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال مشاركته في الجلسة الأخيرة (إ.ب.أ)

مسار جديد للعمل

من جهته، قال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، رئيس «كوب 28»، إن «العالم كان بحاجة إلى مسار جديد للعمل، ومن خلال التركيز على هدفنا الرئيسي توصلنا إلى ذلك المسار، حيث عمِلنا بجِد وإخلاص لبناء مستقبل أفضل لشعوبنا وكوكبنا، وبإمكاننا أن نفخر بإنجازنا التاريخي».

وأشار إلى الوعد الذي قطعه يوم انطلاق فعاليات «كوب 28»، بتنظيم مؤتمر للأطراف يختلف عن سابقِيه، ويجمع كافة المعنيين، من القطاعين الخاص والحكومي، وممثلي المجتمع المدني، والقيادات الدينية، والشباب والشعوب الأصلية، وأكّد أنه منذ اليوم الأول، تعاون الجميع، واتّحدوا، وعمِلوا، وأنجزوا.

وأشاد بخطة عمل المؤتمر المتوازنة التي تدعم الحد من الانبعاثات، وتزيد الاهتمام بموضوع التكيف، وتسهم في تطوير وإعادة صياغة آليات التمويل المناخي العالمي، وتحقيق متطلبات معالجة الخسائر والأضرار، وأكد أنها خطة تراعي الظروف الوطنية لكلّ دولة، وتدعم العمل المناخي والنمو الاقتصادي بشكل متزامن، وأنها مبنية على توافق الآراء ومدعومة باحتواء الجميع، ويعززها التعاون والعمل الجماعي.

التنمية المستدامة

وكان مندوب للسعودية رحب في قمة «كوب 28» بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، مشيراً إلى أن مواجهة تغير المناخ تتعلق بخفض الانبعاثات باستخدام جميع التقنيات، ومشيداً بنتائج المحادثات.

وقال: «أظهرت مسارات مختلفة ستسمح لنا بتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية بما يتماشى مع خصائص كل دولة، وفي سياق التنمية المستدامة».

وأضاف: «يجب علينا استغلال كل فرصة لخفض الانبعاثات بغض النظر عن مصدرها. ويجب علينا استخدام جميع التقنيات لتحقيق هذا الهدف». وأكد أن السعودية تعبّر باسم كتلة الدول العربية عن «شكرها للجهود العظيمة» للرئاسة الإماراتية لمؤتمر المناخ.

في المقابل، رحبت مصر بتوصل مؤتمر المناخ المنعقد في دبي إلى توافق حول عدد من القرارات التاريخية، مشيدة بنجاح دولة الإمارات في تنظيم الدورة الثامنة والعشرين للدول أطراف الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ «كوب 28».

معايير جديدة

ويضع «اتفاق الإمارات» معايير جديدة للعمل المناخي العالمي من خلال وصول الدول الأطراف إلى اتفاق عادل ومنصف يتماشى مع النتائج العلمية، ويساهم في الحد من الأخطار التي تواجهها الدول الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي بما يحقق التوازن بين متطلبات التنمية والعمل المناخي.

واستطاع «كوب 28» البناء على ما تم التوصل إليه في «كوب 27» الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ بمصر، من خلال تفعيل الصندوق العالمي للمناخي، وتأمين تعهدات مبكرة من الدول لتمويله.

من جهته، قال الأمين العام التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية سايمون ستيل: «كنا بحاجة إلى هذا المؤتمر لإرسال إشارات واضحة على عدة جبهات، كنا بحاجة إلى ضوء أخضر عالمي يشير إلى أن جميع الأنظمة ستعتمد على مصادر الطاقة المتجددة والعدالة المناخية والقدرة على الصمود».

وكان المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف للمناخ «كوب 28»، ماجد السويدي، قال خلال مؤتمر صحافي: «تمكنا من جمع ما يزيد على 83 مليار دولار من الالتزامات المالية الجديدة، إضافة إلى توقيع 130 دولة على إعلان زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة الطاقة، فضلاً عن تقديم عدد كبير من شركات النفط والغاز للمرة الأولى التزاماً بمعالجة انبعاثات غاز الميثان، إلى جانب 11 إعلاناً تغطي مختلف جوانب العمل المناخي، بدءاً من التمويل إلى الزراعة والصحة».


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» يتحدث خلال مؤتمر «كوب 29»... (رويترز)

الأمين العام لـ«أوبك» في «كوب 29»: النفط هدية من الله

قال الأمين العام لمنظمة «أوبك»، هيثم الغيص، الأربعاء، خلال مؤتمر المناخ «كوب 29» في باكو، إن النفط الخام والغاز الطبيعي هما «هدية من الله».

«الشرق الأوسط» (باكو)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».