السعودية تستبعد الاستغناء عن استخدام النفط

كل مقترحات الطاقة على الطاولة في «كوب 28»

تكلفة التحول التام ستكون باهظة وقد تؤدي لانهيار النظام الاقتصادي العالمي برمته (أ.ف.ب)
تكلفة التحول التام ستكون باهظة وقد تؤدي لانهيار النظام الاقتصادي العالمي برمته (أ.ف.ب)
TT

السعودية تستبعد الاستغناء عن استخدام النفط

تكلفة التحول التام ستكون باهظة وقد تؤدي لانهيار النظام الاقتصادي العالمي برمته (أ.ف.ب)
تكلفة التحول التام ستكون باهظة وقد تؤدي لانهيار النظام الاقتصادي العالمي برمته (أ.ف.ب)

في الوقت الذي زادت فيه سخونة المناقشات في «كوب 28» المنعقد في دبي، حول الملف الأكبر الخاص بمستقبل الطاقة، استبعد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الموافقة على أي استغناء تدريجي عن استخدام النفط.

وشدد الوزير في مقابلة أُجريت معه، مساء الاثنين، على أن السعودية وغيرها من الدول، لن توافق على خطوة كهذه، وقال لوكالة «بلومبرغ»: «بالتأكيد لا... وأؤكد لكم أن لا أحد، وأتحدث هنا عن الحكومات، يؤمن بذلك».

وعلى صعيد آخر، قلّل الوزير من شأن المساهمات المالية الغربية في «صندوق الخسائر والأضرار» الخاص بالمناخ، واصفاً الأمر بأنه «تغيير بسيط»، ومجدداً التركيز على أهمية تعهّدات قطعتها الرياض بتوفير تمويل لبلدان نامية. وقال إن السعودية غير المساهمة في الصندوق الجديد الذي أطلقته الأمم المتحدة أعلنت تخصيص «ما يصل إلى 50 مليار دولار» لبلدان أفريقية من أجل تحقيق أهداف المناخ العالمية.

وبلغت قيمة المساهمات في صندوق الخسائر والأضرار منذ انطلاق مؤتمر «كوب 28» في دبي نحو 700 مليون دولار من مانحين بينهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وجاء في كلمة الأمير عبد العزيز بن سلمان عبر الفيديو خلال فعاليات النسخة الثالثة من منتدى «مبادرة السعودية الخضراء» 2023 الذي يقام في دبي بالتزامن مع «كوب 28» أنه على عكس التغيير البسيط الذي عرضه شركاؤنا من الدول المتقدمة، فقد أعلنت المملكة من خلال التعاون بين بلدان الجنوب في القمة السعودية الأفريقية في الرياض الشهر الماضي، عن تخصيص ما يصل إلى 50 مليار دولار، وشدّد على أن ذلك «سيساعد البنى التحتية المرنة، وتعزيز الأمور المناخية، والتكيف في القارة الأفريقية، مباشرة عبر الشركاء السعوديين».

وقال وزير الطاقة السعودي إن المملكة أجرت تعديلاً جذرياً لمصادر الطاقة التي تعتمد عليها واستثمرت في الطاقة المتجددة، وحسنت كفاءة الطاقة مع سعيها للوصول إلى اقتصاد خالٍ من انبعاثات الكربون بحلول عام 2030.

وكان رئيس مجلس إدارة شركة النفط السعودية العملاقة «أرامكو» ياسر الرميان قد قال في وقت سابق خلال «كوب 28» إنه لا يمكن الذهاب إلى بلدان غير متقدّمة أو نامية وأن يُطْلب منها اتّخاذ التدابير نفسها في ما يتعلّق بعملية التحوّل، موضحاً أنه سمع وزيراً أفريقياً يقول: «لكي نحقق نمواً، علينا في بادئ الأمر أن نصدر انبعاثات كربونية، ومن ثم القضاء على هذه الانبعاثات»، مشدّداً على أن الأمر يستدعي مقاربة «أكثر عملية».

وتأتي التأكيدات السعودية الحاسمة في وقت تسللت فيه السخونة إلى أروقة «كوب 28» مع تصدر مناقشات مستقبل الطاقة الأجواء.

ووفقاً لمسودات أولية محدثة للبيان الختامي، تبدو كل التوجهات مطروحة على الطاولة ومتعادلة القوة حتى الآن، سواء تلك التي تطالب بخفض الاعتماد على الوقود التقليدي، أو تلك التي تركز على العلاجات الأكثر منطقية وعملية للأزمة.

ويظهر جلياً في أروقة المؤتمر أن هناك جبهات قوية تواجه دعوات تقليص التعامل مع الوقود التقليدي، لكنها تتجه للبحث عن حلول أكثر نجاعة للتعامل مع الوضع القائم بموضوعية أكبر، لأن تكلفة التحول التام ستكون باهظة، وقد تؤدي لانهيار النظام الاقتصادي العالمي برمته.

ومن جانبها، أعلنت رئاسة مؤتمر «كوب 28» ووكالة الطاقة الدولية، الثلاثاء، التوصل إلى توافق في الآراء على ضرورة تكثيف الجهود للحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، من خلال تحقيق «انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة».

واتفق الطرفان في بيان لرئاسة القمة، على ضرورة تحقيق الهدف العالمي لزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة 3 مرات، ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة، والخفض التدريجي لاستخدام الفحم الحجري في توليد الكهرباء، وتسريع توفير التمويل بتكلفة مناسبة للجميع.

وفي الوقت ذاته، فإن عدداً كبيراً من الخبراء صار يدعم خيار تحسين كفاءة الطاقة، من دون الاضطرار إلى الاستغناء عن الوقود التقليدي، أو بناء الكثير من قدرات الطاقة المتجددة المكلفة.

فمن خلال خفض كمية الطاقة اللازمة لأداء نفس المهام، يصبح بوسع العالم حرق كميات أقل من الوقود التقليدي، وإنفاق مبالغ أقل على توسيع قدرات الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

ومن جهة أخرى، قال مسؤولون بوزارة الخارجية الأميركية في «كوب 28» إن الولايات المتحدة من بين 60 دولة على الأقل أيدت تعهداً يوم الثلاثاء بخفض الانبعاثات المرتبطة بالتبريد بحلول عام 2050.

وسيكون تعهد التبريد العالمي بمثابة أول تركيز جماعي في العالم على انبعاثات الطاقة الناجمة عن قطاع التبريد. ويدعو التعهد الدول إلى خفض انبعاثاتها المرتبطة بالتبريد 68 في المائة على الأقل بحلول عام 2050 مقارنة بمستويات عام 2022.

وتعد هذه مهمة صعبة لأن قطاع التبريد من المتوقع أن ينمو مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة.

ومن جانبه، وصف وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي أن بلاده تستضيف «نسخة متفردة وملهمة من مؤتمر المناخ»، مشيراً إلى أن «كوب 28» سيشكل علامة فارقة في مسيرة هذا الحدث العالمي، بما سيخرج به من نتائج ومبادرات.

ونقلت وكالة أنباء الإمارات (وام)، الثلاثاء، عن المزروعي قوله على هامش فعاليات يوم الطاقة في إطار «كوب 28»: «باتت الإمارات تمثل نموذجاً ريادياً في تحقيق التوازن الدقيق بين متطلبات التنمية في كل قطاعاتها والنمو الاقتصادي، والالتزامات المناخية والبيئية، حيث حجزت لنفسها مكانة متصدرة إقليمياً وعالمياً في مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، وفي استراتيجيات ومبادرات خفض الانبعاثات الكربونية، وقطعت أشواطاً غير مسبوقة في هذه المجالات».

وأكد أن دولة الإمارات رسخت لمسارات واضحة في قطاع طاقة مستدام يضمن السير على الطريق الصحيحة لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.


مقالات ذات صلة

«توتال» تدرس الدخول في تجارة النحاس

الاقتصاد شعار شركة «توتال إنرجيز» الفرنسية على محطة وقود في برلين (أ.ف.ب)

«توتال» تدرس الدخول في تجارة النحاس

تدرس شركة «توتال إنرجيز» الفرنسية التحرك نحو تجارة النحاس، وتوسيع عملياتها في تجارة النفط لتشمل المعادن للاستفادة من التحول العالمي في مجال الطاقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صهاريج نفط تابعة لشركة أرامكو السعودية (رويترز)

السعودية ترفع سعر الخام العربي الخفيف لآسيا في نوفمبر 2.20 دولار

رفعت شركة أرامكو السعودية، سعر البيع الرسمي لخامها العربي الخفيف الرائد لعملائها بآسيا في نوفمبر المقبل بمقدار 0.90 سنت إلى 2.20 دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )
الاقتصاد شعلة في أحد الحقول النفطية الإيرانية على شاطئ الخليج العربي (رويترز)

توترات الشرق الأوسط تشعل أسواق النفط

واصلت أسعار النفط الارتفاع، الجمعة، وكانت تمضي نحو تسجيل مكاسب أسبوعية قوية بنحو 10 في المائة

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي جو بايدن يغادر البيت الأبيض (إ.ب.أ)

تصريحات بايدن حول ضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع

ارتفعت أسعار النفط، الخميس، بعد تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن للصحافيين بأنه لا يتوقع حصول ضربة إسرائيلية ضد إيران.

هبة القدسي (واشنطن)

تقرير التضخم الخميس يحدد خطوة «الفيدرالي» التالية بشأن الفائدة

صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
TT

تقرير التضخم الخميس يحدد خطوة «الفيدرالي» التالية بشأن الفائدة

صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

تنتظر الأسواق بيانات اقتصادية أميركية مهمة خلال الأسبوع المقبل، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك عن شهر سبتمبر (أيلول) ومؤشر أسعار المنتجين. في وقت سيتلقى المستثمرون تعليقات من العديد من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك ميشال بومان، المحافِظة، والمعارِضة الوحيدة لخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. كما سيصدر الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء محضر اجتماعه في سبتمبر (أيلول).

وقد توفر التعليقات والمحضر المرتقب نظرة ثاقبة للخطوة التالية التي سيتخذها الاحتياطي الفيدرالي في دورة خفض أسعار الفائدة الحالية.

وقال بنك «يو بي إس» إن تقرير مؤشر أسعار المستهلك سيكون الحدث الكبير المقبل للأسواق. وقال كبير خبراء الاقتصاد في بنك «يو بي إس»، بريان روز، في مذكرة: «سيكون مؤشر أسعار المستهلك لشهر سبتمبر بمثابة إصدار بيانات رئيسي. وإذا ارتفعت الأسعار بشكل أسرع من المتوقع بالإضافة إلى بيانات العمل الأقوى، فإن فرص تخطي بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة في اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) ستزداد».

ومن المرجح أن يكون معدل التضخم في الولايات المتحدة والمتوقع صدوره يوم الخميس قد تراجع في نهاية الربع الثالث، وهو ما يطمئن الاحتياطي الفيدرالي الذي يحول المزيد من تركيز سياسته نحو حماية سوق العمل، وفق «بلومبرغ».

فمن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر، وهو أصغر مكسب له في ثلاثة أشهر. وبالمقارنة بالعام السابق، ربما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 2.3 في المائة، وهو التباطؤ السادس على التوالي والأهدأ منذ أوائل عام 2021.

ومن المتوقع أن يرتفع المؤشر الذي يستبعد فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، والذي يوفر رؤية أفضل للتضخم الأساسي، بنسبة 0.2 في المائة عن الشهر السابق و3.2 في المائة عن سبتمبر 2023.

في أعقاب النمو القوي المفاجئ للوظائف في سبتمبر والذي صدر يوم الجمعة، يشير التباطؤ التدريجي في التضخم إلى أن صناع السياسات سيختارون خفض أسعار الفائدة بشكل أصغر عندما يجتمعون في 6 و7 نوفمبر.

امرأة تتسوق في أحد المحال في كولورادو (أ.ب)

وقد شهدت الولايات المتحدة إضافة 254 ألف وظيفة جديدة الشهر الماضي، وهو رقم مذهل، متجاوزاً التقديرات التي كانت تشير إلى إضافة 147 ألف وظيفة. وانخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة. في حين أظهر متوسط الدخل في الساعة انتعاشاً مع ارتفاع بنسبة 0.4 في المائة على أساس شهري، مما دفع النمو السنوي للأجور إلى 4.0 في المائة.

وكتب محللو «بنك أوف أميركا» أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما أصيب بالذعر الشهر الماضي، وأن خفضاً كبيراً آخر ربما لا يكون مبرراً. وعدل توقعاته لاجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر ليدعو إلى تحرك بمقدار 25 نقطة أساس بعد أن توقع سابقاً 50 نقطة أساس.

وقالت المستشارة الاقتصادية للبيت الأبيض لايل برينارد في الإحاطة الأسبوعية، إن «هناك ثقة أكبر بكثير في أن أسعار الفائدة ستنخفض... وأن التضخم سينخفض». أضافت «إنه يوم جيد للعمال والأسر الأميركية. لقد شهدنا خلق أكثر من 250 ألف وظيفة جديدة في شهر سبتمبر. وشهدنا انخفاض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة في وقت عادت فيه معدلات التضخم إلى مستويات ما قبل الجائحة».

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التوقعات التي أصدرها المسؤولون إلى جانب قرارهم بشأن أسعار الفائدة في سبتمبر يشيران إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في الاجتماعين الأخيرين من العام.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)

ويتم استخدام مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين لإبلاغ مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، والذي من المقرر إصداره في وقت لاحق من هذا الشهر.

وتتوقع «بلومبرغ» قراءة خافتة لمؤشر أسعار المستهلك في سبتمبر، رغم قراءة أساسية أكثر قوة، مضيفة أنه «إذا ما وضعنا في الحسبان تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي، فمن المرجح أن يكون التضخم الأساسي قد نما بوتيرة تتفق مع الهدف البالغ 2 في المائة». وقالت «في المجمل، لا نعتقد أن التقرير سيفعل الكثير للتأثير على ثقة لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في أن التضخم يسير في اتجاه هبوطي دائم».

ومن المتوقع أيضاً أن يُظهِر تقرير أسعار المنتجين يوم الجمعة -وهو مقياس للضغوط التضخمية التي تواجهها الشركات- تضخماً أكثر هدوءاً. وفي اليوم نفسه، تصدر جامعة ميشيغان مؤشرها الأولي لثقة المستهلك لشهر أكتوبر (تشرين الأول).