«كوب28»: «الواقعية» تدفع كبرى الدول نحو «احتجاز وتخزين الكربون»

اليابان تعلن أنها لن تسمح ببناء محطات كهرباء دون استخدام التقنية

جانب من منطقة «إكسبو» في دبي المنعقد فيها مؤتمر «كوب 28» (أ.ف.ب)
جانب من منطقة «إكسبو» في دبي المنعقد فيها مؤتمر «كوب 28» (أ.ف.ب)
TT

«كوب28»: «الواقعية» تدفع كبرى الدول نحو «احتجاز وتخزين الكربون»

جانب من منطقة «إكسبو» في دبي المنعقد فيها مؤتمر «كوب 28» (أ.ف.ب)
جانب من منطقة «إكسبو» في دبي المنعقد فيها مؤتمر «كوب 28» (أ.ف.ب)

قالت عدة دول كبرى حول العالم خلال فعاليات مؤتمر الاتفاقية الإطارية متعددة الأطراف للتغير المناخي «كوب 28» المنعقد في دبي إنها تتجه لاستخدام تقنيات «احتجاز» أو «تخزين» الكربون، وهو ما عُدَّ حلاً واقعياً لمواجهة التغير المناخي، في وقت كانت الفكرة تواجه عدم قبول من بعض الدول.

وتعهّد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بعدم بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء دون احتجاز أو تخزين ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الفحم، وذلك بهدف الحد من الانبعاثات في اليابان.

وقال كيشيدا: «تماشياً مع هدفها المتمثل في صافي الانبعاثات الصفرية، ستتوقف اليابان عن بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء تعمل بالفحم من دون احتجاز ثاني أكسيد الكربون، مع ضمان إمدادات مستقرة للطاقة».

تخفيض الانبعاثات

وتسعى اليابان، التي تعتمد بشكل كبير على استيراد الفحم وأنواع الوقود التقليدية الأخرى، إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وذكر كيشيدا بأن اليابان سبق أن خفضت بالفعل الانبعاثات بنسبة 20 في المائة وتتقدم نحو خفضها بنسبة 46 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2013.

وللحدّ من الانبعاثات، تسعى اليابان إلى استخدام الهيدروجين والأمونيا لإنتاج الطاقة إلى جانب الغاز والفحم في محطات الطاقة القائمة، ولكن الخبراء لديهم وجهة نظر مختلفة.

وأعلنت الحكومة اليابانية أيضاً أنها ستعيد تشغيل المزيد من المفاعلات النووية.

وتعتمد اليابان بشكل كبير على الوقود التقليدي المستورد، ولا سيما الغاز الطبيعي، الذي يمثل نحو 40 في المائة من إجمالي توليد الكهرباء في اليابان، والفحم، الذي يمثل نحو 30 في المائة.

إكسون موبيل ترفض انتقادات وكالة الطاقة

من جهته، رفض دارين وودز الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، ادعاء وكالة الطاقة الدولية في الآونة الأخيرة بأن استخدام احتجاز الكربون على نطاق واسع لمكافحة تغير المناخ هو «وهم» غير قابل للتصديق، قائلاً إن الشيء نفسه يمكن أن يقال عن السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية.

وقال وودز لـ«رويترز» على هامش قمة المناخ «كوب 28» لا يوجد حل اليوم على المستوى الكافي لمعالجة الأزمة، لذا، يمكنك قول ذلك فيما يتعلق باحتجاز الكربون اليوم، ويمكنك قول ذلك عن السيارات الكهربائية، وعن الرياح، وعن الطاقة الشمسية، أعتقد أن الانتقاد مشروع لأي شيء نحاول القيام به، في البداية.

وكان ظهور وودز هو المرة الأولى التي يحضر فيها رئيس تنفيذي لشركة إكسون العملاقة إحدى مؤتمرات القمة المناخية السنوية التي ترعاها الأمم المتحدة، ويعكس الجهد المتزايد بين شركات النفط والغاز في جميع أنحاء العالم للمشاركة في معالجة التغير المناخي.

وكانت شركة إكسون قد أعلنت عن استثمار بقيمة 17 مليار دولار في أعمالها منخفضة الكربون، التي تشمل احتجاز الكربون، وقالت إن انبعاثات الغازات الدفيئة هي المشكلة المسببة لتغير المناخ، وليس الوقود التقليدي نفسه.

وقال وودز إنه يعتقد أن النفط والغاز سيلعبان «دوراً مهماً» في العالم حتى عام 2050، لكنه امتنع عن تقديم تقدير لمستويات الطلب.

وكجزء من استراتيجية إكسون المنخفضة الكربون، أعلنت في يوليو (تموز) الماضي عن استحواذها على شركة دينبري بقيمة 4.9 مليار دولار وشبكة خطوط أنابيب ثاني أكسيد الكربون التابعة لها، التي يبلغ طولها 1300 ميل (2100 كيلومتر)، التي سيتم ربطها بالكتل البحرية في خليج المكسيك حيث تخطط «إكسون» لدفن الكربون.

وقد أقنعت «إكسون» حتى الآن أكبر شركة لتصنيع الأمونيا في الولايات المتحدة، وشركة غاز صناعي وشركة كبيرة للصلب، بتوقيع عقود طويلة الأجل لخدمات خفض الكربون تغطي نحو 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

وحالياً، تنتج الطاقة والصناعة نحو 37 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً على مستوى العالم.

ورفض وودز تقديم تفاصيل عن العقود، لكنه قال إن الدعم الأميركي في قانون خفض التضخم للعام الماضي، الذي يصل إلى 85 دولاراً للطن لاحتجاز الكربون وعزله، سيجعل الاستثمارات مربحة.

وقال وودز: «نحن نساعد العملاء بشكل أساسي على إزالة الكربون والاستفادة من هذا الائتمان الضريبي». وأضاف أن جني الأموال من الصفقات «ربما يكون بعد سنوات قليلة».

أميركا تعلن خطط لخفض الغازات

ومن جانبها، كشفت الإدارة الأميركية عن قواعد نهائية تهدف إلى اتخاذ إجراءات ضد الانبعاثات من صناعة النفط والغاز الأميركية، في إطار خطة عالمية لكبح الانبعاثات التي تساهم في تغير المناخ.

وأعلن مسؤولون أميركيون هذه القواعد، التي استغرق إعدادها عامين، في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 28» في دبي. ومن المتوقع أن تقدم الولايات المتحدة والدول الأخرى المشاركة في القمة تفاصيل حول كيفية تحقيق تعهد 150 دولة الذي قطعته قبل عامين لخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30 في المائة عن مستويات عام 2020 بحلول عام 2030.

ومن شأن السياسات الجديدة لوكالة حماية البيئة أن تحظر الحرق الروتيني للغاز الطبيعي الناتج عن آبار النفط المحفورة حديثاً، وتتطلب من شركات النفط مراقبة التسربات من مواقع الآبار ومحطات الضغط، وتضع برنامجاً لاستخدام الاستشعار عن بعد من طرف ثالث للكشف عن انبعاثات غاز الميثان الكبيرة مما يسمى «البواعث الفائقة».

وأضافت وكالة حماية البيئة أن القواعد ستمنع ما يقدر بنحو 58 مليون طن من غاز الميثان من الوصول إلى الغلاف الجوي بين عامي 2024 و2038، وهو ما يعادل تقريباً جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الطاقة في عام 2021.


مقالات ذات صلة

السعودية تناقش في «كوب 29» تحدي إدارة الكربون

الاقتصاد متحدثان خلال جلسة نقاش في الجناح السعودي ضمن «كوب 29» (الشرق الأوسط)

السعودية تناقش في «كوب 29» تحدي إدارة الكربون

أكد متحدثون في الجناح السعودي ضمن «كوب 29»، على دور التعاون الدولي في تطوير تقنيات جديدة لاحتجاز الكربون.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد انبعاثات كربونية تخرج من أحد المصانع في الصين (رويترز)

«سوق الكربون الطوعي» السعودية تعمل لسد فجوة تمويل المناخ عالمياً

تسعى شركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية السعودية إلى لعب دور في سد فجوة تمويل المناخ، من خلال خطط وبرامج تقلل من حجم الانبعاثات وتعوض عن أضرارها.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد أكثر من 2.5 مليون طن من أرصدة الكربون ستُعرض في المملكة عبر مزاد علني يبدأ اليوم (واس)

السعودية تطلق منصة تبادل طوعية لسوق الكربون لجذب التمويل المناخي

دشنت السعودية سوقاً طوعية لتداول أرصدة الكربون، حيث من المقرر عرض أكثر من 2.5 مليون طن من أرصدة الكربون في مزاد علني على بورصة «سوق الكربون الطوعية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد امرأة تمر بجانب لافتة «#COP29» خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 29) في باكو بأذربيجان (رويترز)

«كوب 29» ينطلق في ظل ترمب

فور انطلاقه في باكو بأذربيجان، انتقل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي «كوب 29» مباشرة إلى الجزء الأصعب من المناقشات، أي المال، وسط خطابات حماسية ومناشدات.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد الجلسة العامة لافتتاح مؤتمر «كوب 29» في باكو (أ.ب)

دول مؤتمر «كوب 29» تؤيّد إطار عمل سوق الكربون العالمية

أعطت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29»، الضوء الأخضر لمعايير جودة ائتمان الكربون التي تُعدّ حاسمة لإطلاق سوق الكربون العالمية.

«الشرق الأوسط» (باكو)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.