«كوب28» يُقرّ إنشاء «صندوق الخسائر والأضرار» ويحثّ على نهج جديد في مواجهة التغير المناخي

تعهدات بـ300 مليون دولار... وتشديد على معالجة التحديات بطريقة شمولية

جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«كوب28» الذي انطلق في مدينة دبي الإماراتية (أ.ف.ب)
جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«كوب28» الذي انطلق في مدينة دبي الإماراتية (أ.ف.ب)
TT

«كوب28» يُقرّ إنشاء «صندوق الخسائر والأضرار» ويحثّ على نهج جديد في مواجهة التغير المناخي

جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«كوب28» الذي انطلق في مدينة دبي الإماراتية (أ.ف.ب)
جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«كوب28» الذي انطلق في مدينة دبي الإماراتية (أ.ف.ب)

انطلقت رسمياً، في مدينة دبي الإماراتية، أعمال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «كوب28»، مع توجيه دعوات لإيجاد طرق مختلفة لمواجهة تحديات التغير المناخي، في الوقت الذي لن يُفضي إليه المسار المتَّبَع منذ مؤتمر باريس إلى نتيجة.

وشهد اليوم الأول من أعمال المؤتمر، الذي يستمرّ أسبوعين، أول قرار أساسي لتطبيق إنشاء «صندوق الخسائر والأضرار» للدول الأكثر تضرراً من تغيّر المناخ، في وقت دعا مشاركون إلى أن يسهم المؤتمر في إيجاد طريقة لتعمل دول العالم معاً بصورة فعالة وسريعة.

300 مليون دولار

وجمع الصندوق الجديد مساهمات مشتركة تزيد قليلاً على 300 مليون دولار، في أول جولة من التعهدات، في الوقت الذي قال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، إن الإمارات ستسهم بمبلغ 100 مليون دولار في صندوق جديد لمواجهة الكوارث المناخية.

وقال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، بعد موافقة مؤتمر الأمم المتحدة المعنيّ بتغير المناخ (كوب28) رسمياً على الترتيبات المتعلقة بالصندوق: «نهنئ كل الأطراف على إطلاق هذا الصندوق المهم لتقديم استجابة فعالة لتداعيات تغير المناخ، ويسرنا أن نعلن مساهمة دولة الإمارات بمبلغ 100 مليون دولار»، مضيفاً: «ندعو جميع الدول القادرة إلى المساهمة في هذه الجهود وتكريس روح التكاتف بين البشر».

ومن بين الدول الأخرى التي وعدت بالمساهمة في الصندوق الذي جرى التوصل إلى اتفاق بشأنه في النسخة السابقة من المؤتمر التي انعقدت في شرم الشيخ بمصر العام الماضي، ألمانيا بمبلغ 100 مليون دولار، وبريطانيا بما يصل إلى 60 مليون جنيه إسترليني (75.89 مليون دولار)، والولايات المتحدة بمبلغ 17.5 مليون دولار، واليابان بـ10 ملايين دولار.

وكتبت صفحة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «كوب28» في موقع «إكس» للتواصل الاجتماعي: «لقد صنعنا التاريخ اليوم. المرة الأولى التي يجري فيها اعتماد قرار في اليوم الأول لأي مؤتمر لـ(كوب). والسرعة التي قمنا بها تعد تاريخية أيضاً، هذا دليل على أننا نستطيع الإنجاز. يمكن لمؤتمر الأطراف 28 أن يحقق هدفه».

الوفاء بالعهود

من جهته، قال الدكتور سلطان الجابر الرئيس المعين لـمؤتمر الأطراف «كوب28» في كلمته الافتتاحية إن المؤتمر لن يتجاهل أي مشكلة، إذ سيبحث التحديات الخاصة بالمناخ بطريقة شمولية، ودعا إلى الوفاء بالعهود المتصلة بالتمويل المناخي، وتوحيد الجهود لمواجهة التغير المناخي.

وشدد الجابر على أن الوقت حان لإيجاد مسار جديد لمكافحة التغير المناخي، وقال: «حان الوقت لإيجاد مسار جديد وأوسع، بحيث يكون واسعاً بشكل كافٍ للتغلب على التحديات وإيجاد الأدوات، وهذا المسار يبدأ بقرار متصل بتسريع وتيرة الأفعال قبل عام 2030».

وأضاف: «لدينا الفرصة للعمل على 3 عوامل في وقت واحد، فيمكننا العمل على المرونة والتكيف وجميع معاني التطبيق، وذلك تحت مظلة واحدة في نهاية المطاف». وقال: «نحن وأنتم تعلمون هذه اللحظة وأهميتها ونحن نشعر كما تشعرون بأهمية هذا العمل، ونرى كما ترون أن العالم وصل إلى نقطة التقاطع».

وتابع الرئيس المعين لـ«كوب28» خلال كلمته أنه منذ انعقاد مؤتمر باريس للمناخ قبل 8 سنوات، «عملنا على بعض الإنجازات، لكننا نعلم أن الطريق التي سلكناها لم تصل بنا إلى وجهتنا».

ودعا الوزير الإماراتي إلى توحيد جميع الجهود في مواجهة تغير المناخ. وأكد أن المؤتمر الحالي يجب أن يصل إلى أعلى مستويات التكيف. ودعا إلى الوفاء بالعهود المتعلقة بالتمويل، مشدداً على أنه «لن نتجاهل أي مشكلة وسنبحث التحديات بطريقة شمولية».

وأضاف: «ملتزمون بإطلاق العنان للتمويل لضمان عدم اضطرار الجنوب العالمي إلى الاختيار بين التنمية والعمل المناخي»، وقال: «إن لدى كل دولة وكل قطاع وكل واحد منا دوراً ليؤديه، ومن جانبي أتعهد بأنني سأشجع المحادثات المنفتحة لكل الأطراف».

وأضاف: «أطلب منكم في هذا المؤتمر التفكير بشكل جديد والتكيف مع طريقة جديدة للتفكير وأن تتسموا بالمرونة، ويجب أن نتأكد أن هذا المؤتمر سيقدم أفضل الاحتمالات الممكنة، ويجب علينا أن نعمل معاً بطريقة فعالة وسريعة».

وأضاف الجابر الذي تسلم رئاسة المؤتمر من وزير الخارجية المصري سامح شكري، رئيس مؤتمر «كوب27»، أنه يجب التأكد من أن المؤتمر الحالي يسهم في إيجاد طريقة لتعمل دول العالم معاً بصورة فعالة وسريعة.

ودعا الجابر إلى عدم حذف «أي موضوع» في النصوص التي سيجري التفاوض بشأنها على مدار أسبوعين بين وفود من نحو 200 دولة.

ظلال الحرب

وفي مؤشر على أن الحرب تُرخي بظلالها على أجواء المؤتمر، دعا رئيس «كوب27» وزير الخارجية المصري سامح شكري، إلى الوقوف دقيقة صمت عن أرواح «جميع المدنيين الذين قُتلوا في النزاع الحالي في غزة» وبينهم دبلوماسيان مخضرمان في «كوب».

ومُنحت اعتمادات لأكثر من 97 ألف شخص من وفود ووسائل إعلام ومنظمات غير حكومية ومجموعات ضغط ومنظمين وعاملين فنيين، وهو ما يشكِّل ضِعف العدد الذي سُجّل العام الماضي، ويُتوقع حضور نحو 180 رئيس دولة وحكومة بحلول 12 ديسمبر (كانون الأول)، موعد انتهاء المؤتمر، حسب المنظمين.

سياق دولي صعب

من جهته، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن التمويل المناخي من الدول المتقدمة ينخفض بالفعل مقارنةً بالاحتياجات المتنامية وارتفاع تكاليف التمويل للدول النامية.

ونوه الوزير شكري إلى أن هذا المؤتمر جاء في ظل سياق دولي صعب تزامن مع جهود التعافي من جائحة «كوفيد - 19» والآثار الناتجة عن الحرب في أوكرانيا، إلا أن ذلك لم يَحُلْ دون نجاحه في البناء على المؤتمرات السابقة، وتحقيق نجاحات في عدد من عناصر أجندة المناخ العالمية.

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن تأسيس «صندوق الخسائر والأضرار»، وإطلاق برنامج عمل التحول العادل، والاتفاق على برنامج عمل التخفيف عَكَس الالتزام الثابت تجاه العمل المناخي العالمي، منوهاً إلى أنه من خلال الدعوة لإصلاح المؤسسات المالية الدولية، وإلقاء الضوء على الطاقة المتجددة بوصفها طريقاً للمستقبل، ومناصرة أجندة التكيف من خلال شراكة مراكش، والاتفاق على نتائج غير مسبوقة بشأن المياه والمحيطات والغابات، فإن مؤتمر «كوب27» فتح المجال لعصر جديد للتنفيذ في الكفاح ضد التغير المناخي.

وتطرق الوزير المصري إلى ضرورة إجراء تقييم صريح للواقع نظراً لوجود الكثير من المؤشرات المقلقة، التي يأتي على رأسها أن الحلول والخطوات التي يجري تقديمها للتعامل مع التغير المناخي لا يوجد دليل على نجاعة تنفيذها. وحذَّر من أن تلك المؤشرات قد تكون لها آثار عميقة وعواقب وخيمة على القدرة على تحقيق أهداف اتفاق باريس، وهو ما يتوجب التعامل معه بصورة فورية وفعالة.

عدد قياسي

وسجل «كوب28»، أكبر حدث مناخي على مستوى العالم تستضيفه الإمارات، عدداً قياسياً لطلبات الحضور في المنطقتين الزرقاء والخضراء تصل إلى 500 ألف مشارك بواقع أكثر من 97 ألف مشارك في المنطقة الزرقاء و400 ألف في المنطقة الخضراء، بمن فيهم وزراء وممثلون من المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والشعوب الأصلية والشباب للإسهام في إعادة صياغة العمل المناخي العالمي، فيما يحضر الحدث أكثر من 180 من رؤساء دول وحكومات من حول العالم.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد ضخمة على الملياردير إيلون ماسك، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن».

وأصبح أغنى شخص في العالم أكثر ثراءً يوم الجمعة؛ إذ بلغ صافي ثروة ماسك رقماً قياسياً وصل إلى 347.8 مليار دولار. وهذا يتفوق على رقمه القياسي السابق الذي سجله في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021، عندما تجاوز صافي ثروة مؤسس شركة «تسلا» 340 مليار دولار، وفقاً لمؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات.

وانتعشت أسهم «تسلا» منذ انتخابات 5 نوفمبر، وارتفعت بنسبة 3.8 في المائة يوم الجمعة. ومنذ الانتخابات، ارتفع السهم بنحو 40 في المائة على اعتقاد المستثمرين أن نفوذ ماسك في إدارة دونالد ترمب سيبشر بعصر من إلغاء القيود التنظيمية الذي سيفيد الشركة.

وماسك، أكبر مساهم فردي في «تسلا»، أصبح أغنى بنحو 83 مليار دولار منذ يوم الانتخابات، بحسب «بلومبرغ».

وقد دفع التحالف مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب ماسك ومشاريعه إلى الصدارة. والملياردير الأميركي هو الرئيس التنفيذي لشركتَي «تسلا» و«سبيس إكس»، بالإضافة إلى كونه مالك منصة «إكس» والرئيس التنفيذي لمشاريع أخرى، بما في ذلك «نيورالينك». الآن، جنباً إلى جنب مع فيفيك راماسوامي، سيشرف على وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) الجديدة.

كما تضاعفت قيمة شركة ماسك الناشئة للذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي»، هذا الأسبوع في جولة تمويل جديدة، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وازدادت ثروة ماسك بشكل كبير؛ مما دفعه إلى تجاوز أقرانه في تصنيفات المليارديرات، والتي غالباً ما تشهد تبادل المتنافسين الأوائل للأماكن. واعتباراً من يوم الثلاثاء، كان ماسك أغنى بمقدار 100 مليار دولار من ثاني أغنى شخص بالعالم؛ مؤسس «أمازون» جيف بيزوس.