تمتلئ رفوف محلات السوبر ماركت في موسكو بالفواكه والخضراوات والجبن واللحوم، لكن عديداً من المتسوقين ينظرون إلى المعروضات بفزع؛ لأن التضخم يجعل محافظهم تبدو فارغة.
ورفع البنك المركزي الروسي سعر الإقراض الرئيسي 4 مرات هذا العام، في محاولة للسيطرة على التضخم وتحقيق الاستقرار في سعر صرف الروبل، مع تحمل الاقتصاد آثار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والعقوبات الغربية المفروضة نتيجة لذلك.
وفي المرة الأخيرة التي رفع فيها البنك سعر الفائدة إلى 15 في المائة، أي ضعف مستواها في بداية العام، قال البنك إنه يشعر بالقلق بشأن الأسعار التي كانت تزداد بوتيرة سنوية تبلغ نحو 12 في المائة. ويتوقع البنك الآن أن يصل معدل التضخم للعام بأكمله، وكذلك العام المقبل، إلى نحو 7.5 في المائة.
وعلى الرغم من أن هذا المعدل مرتفع، فإنه قد يكون شديد التفاؤل.
وقالت روكسانا غيلتكوفا، وهي متسوقة في أحد المتاجر الكبرى في موسكو، لوكالة «أسوشييتد برس»: «إذا تحدثنا من حيث النسبة المئوية، فمن المحتمل أن الأسعار ازدادت بنسبة 25 في المائة في اللحوم والمنتجات الأساسية من منتجات الألبان والفواكه والخضراوات والنقانق... أحياناً أندهش من مدى ارتفاع الأسعار».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان دخلها بوصفها متقاعدةً كافياً لتوفير الطعام على المائدة، قالت زبونة أخرى تدعى ليليا تساركوفا (70 عاماً): «لا، بالطبع لا. أحصل على المساعدة من أبنائي... دون مساعدتهم، لا أعرف كيف أدفع الإيجار وثمن الطعام».
وتظهر الأرقام الصادرة عن الخدمة الإحصائية الحكومية «روستات» في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) ارتفاعاً كبيراً في أسعار بعض الأطعمة، مقارنة بعام 2022، على سبيل المثال 74 في المائة للملفوف، و72 في المائة للبرتقال، و47 في المائة للخيار.
وفي الوقت ذاته، وافق البرلمان الروسي على ميزانية 2024 - 2026 التي تخصص مبلغاً قياسياً للإنفاق الدفاعي. ويرى مكسيم بلانت، محلل الاقتصاد الروسي المقيم في لاتفيا، أن ذلك مؤشر على أن الأسعار ستستمر في الارتفاع بشكل حاد.
وقال لـ«أسوشييتد برس»: «من المستحيل ببساطة حل مشكلة التضخم في ظل ظروف، مثل، عندما يتلقى المجمع الصناعي العسكري تمويلاً غير محدود. عندما يُمنح لهم ما يطلبونه كله، عندما تنمو حصة هذا المجمع الصناعي العسكري في الاقتصاد بوتيرة سريعة للغاية».
وقد أدى رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي إلى تهدئة انخفاض سعر صرف الروبل بشكل طفيف؛ حيث يبلغ السعر الآن نحو 88 مقابل الدولار الأميركي، من أكثر من 100 روبل للدولار في وقت سابق. لكن هذا لا يزال أعلى بكثير مما كان عليه في صيف عام 2022، عندما كان نحو 60 روبلاً فقط للدولار... وهذا يبقي تكلفة الواردات مرتفعة، حتى مع تقلص إمكانات الاستيراد؛ بسبب العقوبات الغربية.
وانخفض الروبل (الجمعة)، مبتعداً عن أعلى مستوى في 5 أشهر تقريباً هذا الأسبوع، مع جني المشاركين في السوق أرباحاً قبل عطلة نهاية الأسبوع، في حين لا تزال العملة الروسية مدعومة بمبيعات العملات الأجنبية للمصدّرين وارتفاع أسعار الفائدة.
وفي الساعة 0721 بتوقيت غرينتش، انخفضت العملة الروسية 0.7 في المائة إلى 89 روبلاً للدولار بعد أن لامست 87.6550 يوم الثلاثاء، وهو أقوى مستوى لها منذ 30 يونيو (حزيران). وهبطت العملة الروسية 0.6 في المائة إلى 97.11 مقابل اليورو، وانخفضت 0.7 في المائة إلى 12.43 مقابل اليوان.
وقال أليكسي أنتونوف من «ألور بروكر»: «الروبل منخفض في الوقت الحالي... لكن بحلول منتصف الأسبوع المقبل لديه فرصة جيدة لملامسة مستوى الدعم القوي عند 85 روبلاً للدولار على الأقل».
يذكر أن مدفوعات الضرائب في نهاية الشهر، التي عادة ما تدفع المصدّرين إلى تحويل عائدات العملات الأجنبية إلى الروبل لتغطية الالتزامات المحلية، تدعم العملة الروسية.
وعلى الرغم من انخفاض يوم الجمعة، فإن الروبل لا يزال في طريقه لتحقيق مكاسب أسبوعية للأسبوع السابع على التوالي مقابل الدولار، وقد تحسّن من مستوى يتجاوز 100 روبل للدولار منذ الإعلان، الشهر الماضي، عن مرسوم رئاسي يطلب من بعض المصدّرين تحويل جزء كبير من عائدات النقد الأجنبي.
وقال مكسيم أوريشكين، مساعد الرئيس الروسي، يوم (الأربعاء)، إن انخفاض تدفقات رأس المال إلى الخارج ساعد الروبل على التعافي، إلى جانب استقرار ميزان المدفوعات. وأضاف أن «الطلب الاستهلاكي القوي قد يحد من ارتفاع الروبل بشكل أكبر».
كما أدى رفع بنك روسيا أسعار الفائدة إلى 15 في المائة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) إلى دعم العملة أيضاً. وأشار البنك إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى زيادة أخرى قبل أن يتمكن من البدء في خفض تكلفة الاقتراض، لكن المحللين يتفقون على نطاق واسع على أن دورة الزيادات تقترب من الاكتمال.