في وقت تم تسريب معلومات أن بكين ستعزز دعمها لقطاع العقارات عبر السماح للمصارف بتقديم قروض غير مضمونة للمطورين، كشف النقاب عن «ضحية» جديدة من أزمة العقارات التي تواجهها البلاد. إذ أبلغت مجموعة «تشونغتشي» الصينية، وهي مدير ثروات بارز لديه انكشاف كبير على قطاع العقارات في الصين، المستثمرين بأنها معسرة بشدة مع التزامات تصل إلى 64 مليار دولار. وهو ما يهدد بإعادة إشعال المخاوف من أن أزمة ديون العقارات في البلاد تمتد إلى القطاع المالي الأوسع.
وقالت المجموعة لمستثمريها في رسالة إن لديها التزامات إجمالية تبلغ بين نحو 420 مليار يوان (58 مليار دولار) و460 مليار يوان (64 مليار دولار).
وتقارن الالتزامات بإجمالي أصول «تشونغتشي» المقدرة بنحو 200 مليار يوان، وفقاً للرسالة التي صدرت يوم الأربعاء واطلعت عليها «رويترز».
ومن المتوقع أن تؤدي المشاكل المتفاقمة في «تشونغتشي»، اللاعب الرئيسي في قطاع الظل المصرفي الصيني الذي تبلغ قيمته 3 تريليونات دولار - وهو حجم الاقتصاد الفرنسي تقريباً - إلى إحياء المخاوف بشأن العدوى، على الرغم من توقع بعض المحللين أن تتدخل الجهات التنظيمية لوقف تداعيات أوسع.
ويعاني قطاع العقارات المثقل بالديون في الصين من أزمة السيولة منذ عام 2020. وأدى التخلف عن السداد من قبل المطورين منذ أواخر عام 2021 إلى إعاقة النمو الاقتصادي وهز الأسواق العالمية.
وعادة ما يعمل مديرو الثروات المرتبطون بالخدمات المصرفية في الظل بالصين خارج العديد من القواعد التي تحكم المصارف التجارية ويوجهون بشكل أساسي عائدات منتجات الثروة المباعة لمستثمري التجزئة إلى مطوري العقارات والقطاعات الأخرى.
وكانت ظهرت بوادر المشاكل التي ستواجهها «تشونغتشي» للمرة الأولى في يوليو (تموز) عندما تغلبت «تشونغ رونغ إنترناشيونال تراست كو»، وهي شركة ذات ثقة تسيطر عليها «تشونغتشي»، عن سداد دفعات على عشرات المنتجات الاستثمارية.
وقالت «تشونغتشي»، التي تمتد مصالحها التجارية من التعدين إلى إدارة الثروات في الرسالة: «إنه مع تركيز أصول المجموعة في الديون طويلة الأجل والاستثمارات في الأسهم، كان من الصعب تصفيتها وحجز العوائد».
أضافت: «تظهر عمليات التفتيش الأولية أن المجموعة معسرة بشكل خطير، ولديها مخاطر تشغيلية مستمرة كبيرة. الموارد المتاحة لسداد الديون على المدى القصير أقل بكثير من حجم الديون الإجمالي للمجموعة. تعتذر مجموعة تشونغتشي بشدة عن الخسائر التي لحقت بالمستثمرين. نحن نتفهم تماماً الحاجة الملحة والأهمية والجدية لحل هذا الخطر العام».
قروض غير مضمونة!
وفي هذا الوقت، أفادت «بلومبرغ» أن الصين قد تسمح للمصارف بتقديم قروض قصيرة الأجل غير مضمونة لمطوري العقارات المؤهلين للمرة الأولى. وأشارت الوكالة إلى أن الصين وضعت شركة «كانتري غاردن هولدينغز» المثقلة بالديون على قائمة مسودة تضم 50 مطوراً مؤهلين للحصول على مجموعة من الدعم التمويلي.
كما أشارت «بلومبرغ» إلى مساعي بكين الحثيثة لمساعدة بعض شركات البناء الأكثر تضرراً. وفي الوقت نفسه، قالت أعلى هيئة تشريعية في البلاد إنه يتعين على المصارف زيادة التمويل للمطورين لتقليل مخاطر التخلف عن السداد الإضافي وضمان الانتهاء من مشاريع الإسكان.
ويبذل القادة الصينيون أقصى جهودهم لإنهاء أزمة البلاد، مما يزيد الضغط على المصارف لسد نقص يقدر بنحو 446 مليار دولار في التمويل اللازم لتحقيق الاستقرار في القطاع وتسليم ملايين الشقق غير المكتملة.
مع قيام الرئيس الصيني شي جينبينغ بتعزيز دعمه للاقتصاد الأوسع، تشير التحركات هذا الأسبوع إلى اتساع نطاق الدعم من خلال الجهود المبذولة لوضع حد لأزمة العقارات التي ابتليت بها الصناعة المالية في البلاد لسنوات.
وبينما ارتفعت أسهم المطورين في الأيام الأخيرة، لا يزال العديد من المستثمرين يشعر بالقلق من أن السلطات لم تقطع شوطاً كافياً بعد لإنعاش النمو في مجال حيوي للاقتصاد الأوسع، ومن المرجح أن تؤدي هذه الدفعة إلى مزيد من الضغط على الأرباح لدى أكبر المقرضين في البلاد.
المصارف تواجه ضغوطاً
يواجه القطاع المصرفي الذي تبلغ قيمته 56 تريليون دولار تقلص هوامش الربح وارتفاع القروض المعدومة منذ أن صاغتها السلطات لدعم الاقتصاد ومنع انتشار المخاطر من قطاع العقارات الراكد.
وكانت السلطات طلبت من المصارف خفض أسعار الفائدة على الودائع ثلاث مرات خلال العام الماضي لتخفيف ضغط هوامشها. كما خفضت متطلبات احتياطي المصارف مرتين هذا العام لتعزيز قدرتها على الإقراض.
وانخفض صافي هوامش الفائدة للمصارف الكبرى المملوكة للدولة إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.74 في المائة في نهاية النصف الأول من عام 2023، أي أقل من السقف المتعارف عليه في القطاع، والبالغ 1.8 في المائة، وهي النسبة التي تعدُّ ضرورية للحفاظ على قدر معقول من الربحية.
وتعرضت أسهم القطاع المصرفي لضربة قوية. وانخفض مؤشر «بلومبرغ» للمصارف الصينية المدرجة في هونغ كونغ بما يصل إلى 18 في المائة هذا العام من أعلى مستوى في مايو (أيار)، في حين تظل المصارف الحكومية الأربعة الكبرى بالقرب من التقييمات المنخفضة بشكل قياسي والبالغة نحو 0.4 من قيمتها الدفترية.
وتقدر «نومورا» أن إجمالي فجوة التمويل لاستكمال الوحدات السكنية المتبقية سيكون نحو 3.2 تريليون يوان (446 مليار دولار)، وفقاً لمذكرة هذا الشهر من كبير الاقتصاديين الصينيين لو تينغ.
وقال أعضاء اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب، وهو الحزب الشيوعي الصيني الذي يسيطر على البرلمان، إن زيادة التمويل من شأنها أن تخفف من ذعر الأسر.