«ستاندرد آند بورز» تتوقع توسعاً أكبر لـ«السندات المستدامة» في الشرق الأوسط

تضاعف إصدارها 4 مرات خلال 2023 لتصل قيمتها إلى 19.4 مليار دولار

جانب من فعاليات مبادرة السعودية الخضراء التي أُقيمت في العاصمة الرياض عام 2021 (رويترز)
جانب من فعاليات مبادرة السعودية الخضراء التي أُقيمت في العاصمة الرياض عام 2021 (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز» تتوقع توسعاً أكبر لـ«السندات المستدامة» في الشرق الأوسط

جانب من فعاليات مبادرة السعودية الخضراء التي أُقيمت في العاصمة الرياض عام 2021 (رويترز)
جانب من فعاليات مبادرة السعودية الخضراء التي أُقيمت في العاصمة الرياض عام 2021 (رويترز)

يؤكد تقرير لمؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتينغز» أن التعرض المتزايد لتغير المناخ، فضلاً عن المبادرات الحكومية وتعهدات الشركات، يعزز من إصدارات السندات المستدامة -ومعظمها خضراء- في الشرق الأوسط.

ونظراً إلى تركيز النفط والغاز في الاقتصاد في الشرق الأوسط، والتحديات التي تواجه إصدار الصكوك المستدامة، تدرس «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتينغز» الدور المحتمل لأدوات السندات المستدامة، بما في ذلك أدوات التمويل الإسلامي، في تمويل التحول في مجال الطاقة في المنطقة.

ويسلط التقرير الضوء على الاتجاهات السائدة في سوق السندات الخضراء والاجتماعية والمستدامة (GSSSB) -بما في ذلك الصكوك المستدامة- في الشرق الأوسط، والتحديات المحتملة.

ويشير التقرير إلى توقع استمرار إصدارات السندات المستدامة بالشرق الأوسط في الزيادة خلال السنوات القادمة، بدعم من المبادرات الحكومية والحداثة النسبية لبعض الأسواق. ومن المرجح أن تظل الإمارات والسعودية رائدتين في سوق السندات المستدامة في المنطقة، لا سيما من خلال السندات الخضراء، والتي يتوقع التقرير أن تستمر في دفع الإصدارات الإقليمية على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.

وتتوقع «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتينغز» أن تعمل الهيئات ذات الصلة بالحكومة في مجلس التعاون الخليجي في القطاعات المعتمدة على الوقود الأحفوري، على مواءمة الاستراتيجيات مع أهداف الاستدامة الوطنية، مشيرة إلى أن الطلب على إصدارات السندات المستدامة في المنطقة حساس لأسعار النفط والتضخم وأسعار الفائدة، وهذه العوامل يمكن أن تؤثر على التمويل واللوائح.

وأشار التقرير إلى أن إصدارات السندات المستدامة في الشرق الأوسط ترتفع من قاعدة منخفضة، لكنها تزداد بسرعة على الرغم من ضعف الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار الفائدة. وتضاعف إصدار السندات المستدامة -بما في ذلك الصكوك المستدامة- بأكثر من أربعة أضعاف في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، ليصل إلى 19.4 مليار دولار. ومع ذلك، فإنها لا تزال تمثل أقل من 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول الشرق الأوسط التي جرت دراستها، وهذا يتماشى نسبياً مع بعض الاقتصادات الناشئة الأخرى.

وتمثل الإصدارات في الشرق الأوسط حصة أعلى من إصدارات السندات العادية في المنطقة مقارنةً بالمتوسط العالمي، حيث تمثل نحو 30 في المائة من إجمالي إصدارات السندات الدولية المقوَّمة بالدولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023.

وعلى الصعيد العالمي، توقع التقرير أن تشكل إصدارات السندات المستدامة نحو 15 في المائة من إجمالي الإصدارات في عام 2023. ومن المرجح أن تستمر السعودية والإمارات في الاستحواذ على الحصة الكبرى من الإصدارات.

ومن المرجح أن تكون معظم الإصدارات «خضراء»، إذ يرتبط الإصدار بتمويل التحول المناخي والتكيف معه ومشاريع المياه، مثل تحلية المياه. وتعتقد «ستاندرد آند بورز غلوبال» أن هذا يرجع إلى اعتماد الاقتصادات الإقليمية بشكل كبير على قطاع النفط والغاز، إذ يصعب تقليل الانبعاثات، والتعرض لندرة المياه.

والجدير بالذكر أنه وفقاً لـ«تقرير فجوة التكيف 2022» الصادر عن الأمم المتحدة، تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى إنفاق ما متوسطه 15 مليار دولار سنوياً بين عامي 2021 و2030 على مشاريع تمويل التكيف. ونتيجة لذلك، يتوقع التقرير أن تظل السندات الخضراء سائدة في المنطقة (86 في المائة اعتباراً من الأشهر التسعة الأولى من عام 2023)، وأن يظل إصدار السندات الاجتماعية منخفضاً نسبياً.

ومن بين العوامل الدافعة لإصدار السندات المستدامة في الشرق الأوسط إعلان غالبية الحكومات في منطقة مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر، أهدافاً صافية صفرية. وقد أصدرت تركيا إعلاناً مماثلاً. وسيساعد نشر الطاقة المتجددة على الوفاء بالالتزامات المناخية في مساهمات هذه الدول المحددة وطنياً.

ونفّذت الإمارات والسعودية أكبر الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة. ويضيف التقرير: «على وجه الخصوص، نتوقع رؤية المزيد من أحجام الإصدارات من السعودية والإمارات. وقد التزمت كلتاهما بتنويع وتعزيز استدامة اقتصاداتهما، ومن المرجح أن يخلق هذا فرصاً للاستفادة من أسواق السندات والصكوك المستدامة».

وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، وصلت إصدارات السندات المستدامة في الإمارات والسعودية إلى 8.4 و7.7 مليار دولار على التوالي، لتشكل 43 و40 في المائة من حجم هذه الإصدارات في المنطقة. وتشكل الإصدارات السيادية المباشرة 71 في المائة من إجمالي عدد الإصدارات في السعودية، وكلها من خلال إصدارات صندوق الاستثمارات العامة. ويقارَن هذا بنسبة 12 في المائة في الإمارات في نفس الفترة.

وتعتقد «ستاندرد آند بورز غلوبال» أنه «من المرجح أن تلعب البنوك دوراً متزايداً في تمويل المشاريع المتعلقة بالتحول المناخي في المنطقة. وفي الواقع، لاحظنا أن البنوك كانت واحدة من الجهات المصدرة الرئيسية منذ عام 2021 على الأقل. ونعتقد أن هذا الاتجاه من المرجح أن يستمر». كما تقود الشركات الكبيرة -بما في ذلك الشركات ذات الصلة بالحكومة- إصدارات السندات المستدامة، خصوصاً في عام 2023.


مقالات ذات صلة

البحرين تقترح إصدار سندات تنمية حكومية بـ398 مليون دولار

الاقتصاد بنك البحرين المركزي (الموقع الإلكتروني)

البحرين تقترح إصدار سندات تنمية حكومية بـ398 مليون دولار

قال البنك المركزي البحريني، الخميس، إن المملكة تقترح إصدار سندات تنمية حكومية بقيمة 150 مليون دينار (398 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الاقتصاد مشهد لواجهة بيروت البحرية - كورنيش المنارة (رويترز)

«فيتش» تقرر وقف تصنيفاتها الائتمانية للبنان

أبقت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني تصنيف لبنان عند «تعثر مقيد»، وقررت وقف إصدار تصنيفات له؛ نظراً إلى أنه لم تعد لديها معلومات كافية لإصدار تقييمات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى وزارة الخزانة الأميركية في واشنطن (رويترز)

حيازة السعودية لسندات الخزانة الأميركية ترتفع 22% إلى 136.3 مليار دولار في مايو

ارتفعت حيازة السعودية من سندات الخزانة الأميركية بنسبة 22 في المائة تقريباً على أساس سنوي، لتصل إلى 136.3 مليار دولار، خلال شهر مايو (أيار) من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار «أرامكو السعودية» في منشأة نفطية في مدينة بقيق (رويترز)

«أرامكو السعودية» تكمل إصدار سندات بقيمة 6 مليارات دولار

أعلنت «أرامكو السعودية»، إحدى الشركات المتكاملة والرائدة عالمياً في مجال الطاقة والكيميائيات، يوم الخميس، أنها أكملت عملية إصدار سندات بقيمة 6 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يساعده أفراد من الخدمة السرية بعد إطلاق النار خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (رويترز)

محاولة اغتيال ترمب تُشعل الأسواق.. الدولار والبتكوين في صعود

ارتفع الدولار بشكل واسع يوم الاثنين وقفزت العملات المشفرة مع ازدياد رهانات فوز الرئيس الأسبق دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية المقبلة في أعقاب محاولة اغتياله

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.