إضراب عمال السيارات الأميركي ينتهي... لكنّ أصداءه ستستمر طويلاً

التسوية سترفع تكاليف الشركات الثلاث الكبرى

أحد المشاركين في إضراب عمال السيارات الأسبوع الماضي قبل الإعلان عن التوصل إلى تفاهمات مع الشركات الأميركية الثلاث (رويترز)
أحد المشاركين في إضراب عمال السيارات الأسبوع الماضي قبل الإعلان عن التوصل إلى تفاهمات مع الشركات الأميركية الثلاث (رويترز)
TT

إضراب عمال السيارات الأميركي ينتهي... لكنّ أصداءه ستستمر طويلاً

أحد المشاركين في إضراب عمال السيارات الأسبوع الماضي قبل الإعلان عن التوصل إلى تفاهمات مع الشركات الأميركية الثلاث (رويترز)
أحد المشاركين في إضراب عمال السيارات الأسبوع الماضي قبل الإعلان عن التوصل إلى تفاهمات مع الشركات الأميركية الثلاث (رويترز)

من الأجور والمزايا السخية إلى الأمن الوظيفي الأقوى، فازت نقابة عمال السيارات المتحدة بتنازلات كبيرة في التسويات المؤقتة التي أنهت إضراباتها ضد شركات صناعة السيارات الثلاث في ديترويت الأميركية.

والآن تواجه شركات «جنرال موتورز» و«فورد» و«ستيلانتس» ارتفاعاً حاداً في تكاليف العمالة، التي يقدّرها بعض المحللين بما يتجاوز مليار دولار سنوياً لكل شركة. وستحاول شركات صناعة السيارات استيعاب هذه الزيادات في التكاليف من خلال تخفيض النفقات والكفاءة، بينما لا تزال تهدف إلى تحقيق أرباح قوية بما يكفي لإرضاء «وول ستريت».

وبالإضافة إلى ذلك، يقول المحللون إنه من المرجح أن تحاول الشركات تعويض الزيادات في التكاليف من خلال رفع أسعار السيارات للمستهلكين. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى سيكونون قادرين على القيام بذلك. ويواجه مشترو السيارات الأميركيون بالفعل زيادات هائلة؛ فقد ارتفع متوسط سعر السيارة الجديدة بنسبة 25 في المائة تقريباً منذ ظهور الوباء قبل ثلاث سنوات.

قد يفترض العملاء أن شركات صناعة السيارات غير النقابية، مثل «تويوتا» أو «تسلا» أو «هيونداي - كيا»، سوف تكون قادرة الآن على تسعير سياراتها بأقل بكثير مما تستطيع شركات صناعة السيارات في ديترويت القيام به، لكنّ التاريخ يُظهر أن الشركات غير النقابية ستشعر في النهاية بأنها مضطرة إلى رفع أجور مصانعها أيضاً، في إطار جهودها لدرء مساعي نقابة عمال السيارات المتحدة لإنشاء نقابات لمصانعها. ومع ارتفاع تكاليف العمالة لديها، فمن المرجح أيضاً أن تفرض زيادات في الأسعار.

وفي الوقت نفسه، فإن اتساع نطاق المنافسة يعني أنه في حين تسعى «جنرال موتورز» و«فورد» و«ستيلانتس» إلى رفع أسعار السيارات، فقد يكون من الصعب الحفاظ على ارتفاعات كبيرة في الأرباح.

وقال جوناثان سموك، كبير الاقتصاديين في شركة «كوكس أوتوموتيف»: «لا أعتقد أن المستهلكين سوف يستوعبون بسهولة جميع الزيادات في الأسعار. لا بد أن نشهد استمرار تراجع التضخم، الذي بدأ للتوّ في التعافي مع تحسن الإمدادات».

وإذا وافق 146 ألف عضو نقابي على الصفقة، فإن التسويات التي أنهت الإضرابات تعني أن شركات صناعة السيارات سترفع أجور كبار عمال مصنع التجميع بأكثر من 30 في المائة إلى نحو 42 دولاراً في الساعة، وبحلول الوقت الذي تنتهي فيه العقود الجديدة في أبريل (نيسان) 2028، سيحصل الموظفون على زيادات أكبر بكثير.

وتقدِّر «فورد» أن العقد سيرفع تكاليف العمالة بمقدار ما بين 850 و900 دولار لكل مركبة. وقالت شركات صناعة السيارات الثلاث إنها اتخذت خطوات لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة، بعد أن عرفت منذ أشهر أنه سيتعين عليها البدء في زيادة أجور العمال. لكنهم يواجهون أيضاً نفقات رأسمالية ضخمة لتطوير وبناء السيارات الكهربائية مع تحول العالم من البنزين إلى طاقة البطاريات.

قال دان آيفز، المحلل في «ويدبوش»: «عندما يهدأ الغبار من كارثة الإضراب هذه، سيجد صناع السيارات في ديترويت أنفسهم أمام تكلفة أكبر مع ازدياد المنافسة».

وقالت ناتالي نايت، المديرة المالية لشركة «ستيلانتس»، الشركة الأم لـ«كرايسلر» و«جيب» و«رام»، إن شركتها انسحبت بالفعل من معرضين للسيارات في الولايات المتحدة لتوفير النفقات. وأضافت: «يمكنك أن تتخيل أن هذه ليست النهاية، إنها مشكلة تخص جميع أعمالنا وشيء نعمل عليه بوعي شديد لنرى كيف يمكننا تخفيف هذه التكاليف»، حسب وكالة «أسوشييتد برس».

وحتى قبل الإضرابات كانت أسعار السيارات ترتفع، حيث أدى نقص رقائق الكومبيوتر المرتبط بالوباء إلى إعاقة المصانع وندرة المركبات الجديدة. وبلغ متوسط سعر البيع ذروته في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي عند ما يقرب من 50 ألف دولار.

وفي هذا العام، بدأت شرائح الكومبيوتر تتدفق قبل الإضراب، وكانت الشركات تصنع المزيد من المركبات. وقال خبير اقتصادي إن الإمدادات زادت، وبحلول سبتمبر (أيلول)، انخفضت الأسعار إلى ما يقل قليلاً عن 48 ألف دولار.

ومع عودة المصانع إلى العمل بعد الإضرابات، يتوقع البعض زيادة الضغط على الشركات لإبقاء الأسعار في متناول الجميع، خصوصاً مع ارتفاع معدلات قروض السيارات بنحو 10 في المائة، مما يؤدي إلى زيادة الأقساط الشهرية. وقال إن الخصومات من المرجح أن تخرج من أرباح شركات صناعة السيارات.

وأشار هؤلاء إلى أن شركات صناعة السيارات في ديترويت تتخلى عن المركبات الأصغر حجماً والمنخفضة التكلفة منذ سنوات، وبدلاً من ذلك تعمل على زيادة إنتاج الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي ذات الربحية الأعلى التي يمكنها تغطية تكلفة العمالة المرتفعة.

وخلال المحادثات، أكد رئيس النقابة شون فاين، أن شركات صناعة السيارات في ديترويت كانت تحقق أرباحاً بالمليارات وتحتاج إلى تقاسم بعض الأرباح مع العمال، الذين تخلوا لسنوات عن زيادات الأجور وغيرها من المزايا لمساعدة شركات صناعة السيارات على النجاة من آثار الركود. ويرى فاين أن أجور العمال ومزاياهم لا تشكل سوى نحو 4 إلى 5 في المائة من تكاليف السيارة ويمكن للشركات استيعابها بسهولة.

وحققت شركات «فورد» و«جنرال موتورز» و«ستيلانتس» مجتمعةً دخلاً صافياً قدره 24.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام. ولكن مع انخفاض الدخل، قد تسجل الشركات في «وول ستريت» خيبة أمل، وقد تنخفض أسعار أسهمها.


مقالات ذات صلة

بسبب التأخر 5 دقائق في دفع رسوم ركن السيارة... غرامة 2000 جنيه إسترليني لسيدة بريطانية

أوروبا اتهام شركات مواقف السيارات في بريطانيا باستخدام التحصيل العدواني والرسوم غير المعقولة (رويترز)

بسبب التأخر 5 دقائق في دفع رسوم ركن السيارة... غرامة 2000 جنيه إسترليني لسيدة بريطانية

قالت شركات مواقف السيارات الخاصة في بريطانيا إنها ستنظر في القواعد التي تنص على ألا يستغرق السائقون أكثر من خمس دقائق لدفع رسوم وقوف السيارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سيارة نيسان «إي تي 5» الكهربائية داخل صالة عرض في شنغهاي بالصين (رويترز)

مبيعات المركبات الكهربائية في الصين ترتفع بأكثر من 40 % خلال 2024

أظهرت بيانات الصناعة، يوم الاثنين، أن مبيعات جميع أنواع المركبات الكهربائية في الصين سجلت زيادة تجاوزت 40 في المائة العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
خاص توفر السيارة أحدث التقنيات بما في ذلك نظام صوتي قوي وميزات مساعدة السائق المتقدمة والتكامل السلس مع الهواتف الذكية (كاديلاك)

خاص تعرف على التقنيات التي تطرحها «كاديلاك» في «إسكاليد 2025»

«الشرق الأوسط» تـتحدث إلى سارة سميث مديرة هندسة البرامج في «كاديلاك».

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد إحدى سيارات «لوسيد» عليها شعار «صناعة سعودية» (واس)

«لوسيد» أول شركة في قطاع السيارات تنضم إلى برنامج «صنع في السعودية»

انضمّت شركة «لوسيد» العاملة في مجال تصنيع السيارات الكهربائية رسمياً إلى برنامج «صنع في السعودية»، ما يمنحها الحق في استخدام شعار «صناعة سعودية» على منتجاتها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منشأة «لوسيد موتورز» في كوستا ميسا بكاليفورنيا (رويترز)

«لوسيد» تتفوق على تقديرات تسليم السيارات الكهربائية... وسهمها يرتفع

أعلنت مجموعة «لوسيد» المتخصصة في السيارات الكهربائية عن تسليمات قياسية في الربع الرابع يوم الاثنين، متجاوزة توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«برقان» الكويتي يستحوذ على «الخليج المتحد» مقابل 190 مليون دولار

مبنى بنك برقان (من صفحته على فيسبوك)
مبنى بنك برقان (من صفحته على فيسبوك)
TT

«برقان» الكويتي يستحوذ على «الخليج المتحد» مقابل 190 مليون دولار

مبنى بنك برقان (من صفحته على فيسبوك)
مبنى بنك برقان (من صفحته على فيسبوك)

أعلن بنك «برقان» الكويتي، الأربعاء، توقيعه اتفاقية مع شركة «الخليج المتحدة القابضة» (شركة مساهمة بحرينية) لشراء كامل حصة الأخيرة في بنك الخليج المتحد والبالغة 100 في المائة من رأس ماله بقيمة 190 مليون دولار.

وقال بنك «برقان» في إفصاح منشور على الموقع الإلكتروني لبورصة الكويت إنه سيبدأ بالتنسيق مع «الخليج المتحدة» لاستكمال عملية نقل الأسهم الرسمية، وفقاً للوائح التنظيمية ذات الصلة في مملكة البحرين، مع توقعات إتمام إجراءات الصفقة في الربع الأول من العام الحالي، وفق «كونا».

وتوقع أن يكون للصفقة تأثير يتراوح بين 60 إلى 70 نقطة أساس على نسبة رأس المال، بسبب تجميع أصول بنك الخليج المتحد، على أن يتم تحديد التأثير النهائي عند إتمام الصفقة.

وتم تأسيس بنك «برقان» عام 1975، وأدرج في بورصة الكويت عام 1984، ويبلغ رأسماله المصرح به 400 مليون دینار؛ أي نحو 1.2 مليار دولار.