«مبادرة مستقبل الاستثمار»: السعودية تجمع العالم لرسم اقتصاد الغد

مستثمرون عالميون ومحليون لـ«الشرق الأوسط»: نتطلع لخريطة طريق تواجه التحديات

صورة أرشيفية للنسخة السادسة من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» العام الماضي
صورة أرشيفية للنسخة السادسة من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» العام الماضي
TT

«مبادرة مستقبل الاستثمار»: السعودية تجمع العالم لرسم اقتصاد الغد

صورة أرشيفية للنسخة السادسة من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» العام الماضي
صورة أرشيفية للنسخة السادسة من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» العام الماضي

في ظل تركيز أنظار العالم على الرياض، حيث تنطلق أعمال فعاليات مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» يوم الثلاثاء، شدد مستثمرون عالميون ومحليون على أهمية استغلال الفرص التي سيوفرها المؤتمر في عالم الاقتصاد الجديد، وتكنولوجيا مزيج الطاقة والأمونيا والهيدروجين الأخضر، للدفع بالتحالفات الدولية المعززة للتوجه السعودي في قيادة دفة الاقتصاد العالمي، وتطوير استراتيجيات عبور التحديات واستكشاف فرص المستقبل.

وفي هذا الإطار، توقع المستثمر الأميركي في مجال الطاقة الخضراء الهيدروجين والكربون الصفري، الرئيس التنفيذي لشركة «سكاي تورز» إريك فانغ، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تركز المبادرة على تأثير الاستثمار على الإنسانية، كبرنامج تفاعلي مصمم لمساعدة المستثمرين على إعادة ضبط المسارات لشركاتهم وللاقتصاد العالمي، مع تطوير استراتيجيات جديدة لفهم أكبر تحديات وفرص العصر الجديد.

وتطلع فانغ إلى اكتشاف أسواق جديدة وتوسيع حدود النمو الاقتصادي مع الالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، مؤكداً ضرورة أن تستند التنمية الخضراء، بما في ذلك البنية التحتية والصناعة والتصنيع وسلسلة التوريد والموارد المعدنية الطبيعية إلى الحوكمة القوية لتأثيرها الإيجابي على البشرية.

توصيات تنسجم مع بناء المستقبل

حسب فانغ، فإن توصيات المؤتمر لمواجهة تحديات الاقتصاد والاستثمار والتجارة يجب أن تنطوي على رؤية تتمثل في إضافة قيمة عبر إنشاء مكان لعرض طرق الحد من تلوث الكربون قبل أن يتسرب إلى الغلاف الجوي، من خلال إعادة هندسة التلوث من عمليات التصنيع والنقل وتوليد الطاقة والبناء.

وأضاف: «يجب أن نعمل ما في وسعنا لتحقيق الهدف المتفق عليه عالمياً المتمثل في حياد الكربون بحلول عام 2060 والنهج الاستباقي لإزالته. ولذا، نحن نؤكد بقوة أن تطوير السوق الجديدة يجب أن يكون له إطار حكومي قوي لقيادة عملية التطوير، بغضّ النظر عن الصناعات».

وتابع فانغ: «بالتعاون مع شريكنا المستثمر من الصين، اللجنة المهنية لاستثمار الطاقة (إيبك) التابعة لجمعية الاستثمار الصينية، التي بدأت حركة (صفر كربون) في الصين في يناير (كانون الثاني) 2020. أصدرنا دليلاً على مستوى الصناعة والكثير من توصيات معيار الكربون الصفري داخل الصين، والتي وافقت عليها الحكومة المركزية. وهي المبادرة ذاتها التي نتحدث عنها مع المملكة والتي تشكل مدخلنا الأوّلي الذي يهدف إلى وضع التحول الأخضر في مقدمة استثماراتنا وتطوير سلسلة التوريد وأجيال الطاقة الخضراء».

الهيدروجين الأخضر والذكاء الاصطناعي

يقول فانغ: «لا توجد خاصية فيزيائية أو منتج استحوذ على خيال الإنسان فيما يتعلق بإمكانات عصر الطاقة الجديد مثل الهيدروجين، الذي يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه بديل مناسب لنواتج التقطير البترولية في قيادة العالم.

وتساءل فانغ: «كيف يمكن أن يكون إنتاج الهيدروجين عملية اقتصادية دائرية أخرى ذات قيمة مضافة للمملكة؟ الأمر يبدأ بالميثان، الذي يتم إنتاجه بكميات كبيرة جداً حول العالم من الكثير من المصادر المختلفة، بما في ذلك استكشاف وتطوير صناعة النفط في السعودية.

وحسب فانغ، يعد الهيدروجين سلعة مفيدة للغاية، ولكنه يتطلب الكثير من المعالجة الخاصة بسبب قابليته للاشتعال. ويمكن اعتبار الأمونيا، التي تتكون من ذرتين من الهيدروجين وثلاث ذرات من النيتروجين، حاملة هيدروجين غير قابلة للاشتعال. كما يمكن تكسير الأمونيا إلى هيدروجين عند نقطة الاحتراق.

وتابع: «الأمونيا مادة خام صناعية ولكنّ التكنولوجيا الجديدة ستسمح لها بأن تكون (الوسيلة) لنقل الهيدروجين وتحويله إلى وقود أخضر في عصر الطاقة الجديد. وستكون السعودية في طليعة عصر الطاقة الجديد هذا مع معالجة الحاجة إلى السياسات لتحقيق الحياد الكربوني في وقت وجيز. وحالياً، يسعى زعماء العالم إلى تحقيق نمو بمعدل 29 ضعفاً في احتجاز الكربون بحلول عام 2030، ومن الممكن أن تكون مبادرة السعودية مبادرةً عالمية قادرة على تحويل الكربون من عامل خارجي اقتصادي إلى سلعة مشتركة.

كما أعلن عن تعاون «سكاي تورز للاستثمار» مع شركائها المحليين في المنطقة الاقتصادية الخاصة مثل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، لبناء مجمع لصناعة الهيدروجين لإدارة جميع الأنواع المختلفة من تقنيات الهيدروجين والأمونيا وعمليات التصنيع، والتأكد من وجود منطقة حديثة لاستيعاب تطور التكنولوجيا، مع الانسجام مع الاتجاه العالمي والسعودي لتعزيز الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

وفي ضوء هذا الواقع الجديد، يرى فانغ أن التوترات الجيوقتصادية والجيوسياسية تزيد من تعقيد التركيز العالمي، مشيراً إلى أن المملكة لديها فرصة لقيادة التوازن في تحسين تعبئة رأس المال ومتابعة الفرص المكتشفة مع التزاماتها تجاه مستقبل البشرية عبر اعتماد الذكاء الاصطناعي وتطوير الروبوتات من خلال برامج البحث والتطوير.

بوصلة الاتجاه العالمي للاقتصاد من السعودية

من جهته، أكد رجل الأعمال السعودي، رئيس شركة «التميز السعودية القابضة»، المستثمر في مجال الطاقة الخضراء والكربون الصفري، عبد الله بن زيد المليحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤتمر في نسخته السابعة، يعد فرصة عالمية توجه بوصلة الاقتصاد العالمي من السعودية في مستقبل الإنجاز والتطوير السعودي في مجالات مختلفة ومجال الطاقة الخضراء والتكنولوجيا والكربون، متوقعاً أن يجذب المؤتمر استثمارات سعودية - أميركية - صينية.

وقال المليحي، وهو الشريك السعودي في شركة «سكاي تورز للاستثمار»، الوليد الشرعي للتحالف السعودي - الأميركي - الصيني للطاقة الخضراء، إن التطور المتسارع للسعودية، أصبح مقياساً للحضارة العالمية ونموذجاً لخطط التطوير والإنجاز. فتجمُّع قادة الاستثمار العالمي في الرياض يعد رسالة مفادها «المستقبل ينطلق من المملكة»، حيث سيتناول المؤتمر القضايا المحورية التي تؤرق العالم بما في ذلك تغير المناخ، ودور الحكومات، والإمكانات التحويلية للتكنولوجيا والتعليم والرعاية الصحية.

وأشار المليحي إلى أن التحالف الأميركي - السعودي - الصيني يستفيد من خلاصة تجربته في المؤتمر لإطلاق أول مشاريعه المقررة بداية عام 2024. مبيناً أن المؤتمر سيسرّع وتيرة المشاريع الكبرى في مجال الكربون كمعيار للاستثمار المستقبلي المبنيّ على الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة، ومن خلال العمل مع البرنامج، متوقعاً أن تستفيد شركة «سكاي تورز للاستثمار» من استثمارات المؤتمر، بوصفها شريكاً في مجال سياسات وممارسات الاستثمار الأخضر.

وأضاف: «من خلال هذه الشراكة، يمكننا أن نجعل معاييرنا الخالية من الكربون تعمل على تطوير توصيات معايير الصناعة المستقبلية في المملكة عبر العمل جنباً إلى جنب مع مبادرة الاستثمار، حيث يعد هذا البرنامج منصة مثيرة للغاية، إذ يمكن أن يتكامل هدف الاستثمار الصفري للكربون بشكل متناغم مع أهداف قسم الصناعات السمكية الحالية والمستقبلية».

وحسب المليحي، فإن النسخة السابعة من المؤتمر الذي ينطلق من الرياض، تأتي في وقت ينصبّ التركيز العالمي حالياً على موضوع مهم للغاية مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتعليم والرعاية الصحية الاستدامة، حيث إن هدف تحول الطاقة يتطلب مضاعفة الاستثمار في البنية التحتية للطاقة النظيفة ثلاث مرات بحلول نهاية العقد الحالي.

وشدد المليحي على استثمار فرص تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي لا يعمل على تغيير نسيج الإنسانية فحسب، بل يعمل أيضاً على إثارة موجة من الابتكارات والاعتبارات القانونية والمسائل التي تتراوح بين إدارة المخاطر والأمن القومي، حيث تعمل «سكاي تاورز للاستثمار» على دمج تطوير الذكاء الاصطناعي في مزيج دخولها الصناعي إلى المملكة.



بوتين: روسيا ستواصل تعاونها مع الشركاء في «أوبك بلس»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة في منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة في منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» (إ.ب.أ)
TT

بوتين: روسيا ستواصل تعاونها مع الشركاء في «أوبك بلس»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة في منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة في منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» (إ.ب.أ)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس إن روسيا ستواصل التعاون مع الشركاء في إطار «أوبك بلس» ومنتدى الدول المصدرة للغاز، مشدداً على أن روسيا «تفي بالتزاماتها بتوريد موارد الطاقة إلى السوق العالمية».

كلام بوتين في منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» جاء في وقت كشفت مصادر لـ«رويترز» أن «أوبك بلس» على استعداد للمضي قدماً في زيادة إنتاج النفط في ديسمبر (كانون الأول) حيث سيكون تأثيرها ضئيلاً في حالة تنفيذ خطة لبعض الأعضاء لإجراء تخفيضات أكبر للتعويض عن الإنتاج الزائد في سبتمبر (أيلول) والأشهر اللاحقة.

من المقرر أن ترفع منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفاؤها مثل روسيا، المعروفة باسم «أوبك بلس»، الإنتاج بمقدار 180 ألف برميل يومياً في ديسمبر، كجزء من خطة للبدء في تخفيف أحدث طبقة من تخفيضات الإنتاج.

وتعهد عضوان في «أوبك بلس»، العراق وكازاخستان، بإجراء تخفيضات إضافية يبلغ مجموعها 123 ألف برميل يومياً في سبتمبر، وقيود إضافية في الأشهر المقبلة، للتعويض عن الضخ السابق فوق المستويات المتفق عليها.

وقال بوتين في كلمة له أمام منتدى «أسبوع الطاقة الروسي»: «روسيا تفي بالتزاماتها بتوريد موارد الطاقة إلى السوق العالمية. وهي تلعب دوراً مستقراً فيها، وتشارك في صيغ موثوقة مثل (أوبك بلس) ومنتدى الدول المصدرة للغاز... بالتأكيد سنواصل هذا التعاون مع شركائنا».

وأشاد بوتين بالتعاون مع مجموعة دول «بريكس» التي تعتبرها موسكو قوة موازنة للغرب.

ولفت إلى أن روسيا ستواصل تطوير تقنياتها الخاصة بالغاز الطبيعي المسال وستعزز البنية التحتية لطريق البحر الشمالي. وقال إن ما يسمى بالدول «الصديقة» تشكل 90 في المائة من صادرات روسيا من الطاقة، معترفاً في الوقت نفسه بوجود صعوبات في مدفوعات هذه الصادرات.

تمثل مبيعات النفط والغاز الروسية نحو ثلث إجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة، وكانت حاسمة في دعم اقتصاد البلاد، التي تواجه عقوبات متعددة من الغرب بسبب الصراع العسكري مع أوكرانيا.

وفي هذه الأثناء، نقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء، عن نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، قوله إن جميع الدول المشاركة في «أوبك بلس» لا تخالف مطلقاً التزاماتها، وإن «أوبك بلس» لا تناقش أي تغييرات في معايير هذا الاتفاق.

من جهته، قال النائب الأول لوزير الطاقة، بافيل سوروكين، على هامش منتدى «أسبوع الطاقة الروسي»، إن روسيا تهدف إلى إنتاج 540 مليون طن من النفط سنوياً بحلول عام 2050 في السيناريو الأساسي، ولكن قد يعدَّل هذا الحجم اعتماداً على التزامات البلاد ضمن «أوبك بلس».

وقال سوروكين: «في الواقع، 540 مليون طن هو السيناريو الأساسي الذي نستهدفه (لإنتاج النفط بحلول عام 2050)، ولكن مع مراعاة التعاون مع شركائنا في (أوبك بلس). ليس لدينا هدف لإغراق السوق إذا لم تتطلب ذلك. ولكن (يُعمل أيضاً) بطريقة أخرى لإعطاء السوق موارد إضافية إذا لزم الأمر».

وقال إن روسيا لا تشعر بالقلق بشأن النمو المحتمل للطلب حتى عام 2030 أو حتى عام 2050. وقال سوروكين: «في رأينا، إنه كبير إلى حدٍّ ما. إنه على الأقل بين 5 ملايين و7 ملايين برميل يومياً، وهذا يعني نحو ما بين 4.5 و5.5 في المائة من الاستهلاك الحالي حتى عام 2030؛ وبالتالي فإننا نتحدث عن نمو إضافي بنحو 5 في المائة حتى عام 2050».