تداعيات كارثية للحرب على اقتصاد السودان

توقعات بالانكماش 18.3 %... و2.5 مليون فقدوا وظائفهم في القطاع الخاص

سيارات تسير في شارع رئيسي بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
سيارات تسير في شارع رئيسي بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

تداعيات كارثية للحرب على اقتصاد السودان

سيارات تسير في شارع رئيسي بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)
سيارات تسير في شارع رئيسي بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

زادت الضغوط على الاقتصاد السوداني الذي يعاني جراء الاقتتال الداخلي، مع إطالة أمد الحرب التي أثرت على جميع قطاعاته الاقتصادية، حتى إن الحكومة السودانية عجزت عن صرف رواتب العاملين في جهاز الدولة، نتيجة انخفاض وتوقف نشاط الأعمال بسبب تدني التحصيل الضريبي الذي يسهم بنسبة 57 في المائة من فاتورة الديون والمرتبات.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» منتصف أبريل (نيسان) الماضي، تعرّض اقتصاد البلاد لصدمات موجعة جراء تدمير البنى التحتية للصناعة، وشلل كبير في حركة التجارة.

وتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة 18.3 في المائة خلال العام الحالي، وهو الأكبر في تاريخه وفق الخبير الاقتصادي عبد العظيم الأموي، عازياً ذلك إلى الصدمات والتأثيرات المباشرة بعد 6 أشهر من نشوب الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع».

وأشار الأموي إلى التداعيات الكارثية للحرب على العملة التي شهدت تراجعاً حاداً في سعر الصرف، وفقدان الجنيه السوداني قرابة 70 في المائة من قيمته.

ووفق متابعات «الشرق الأوسط» تجاوز سعر الصرف الرسمي في بعض البنوك 750 جنيهاً مقابل الدولار، بينما تخطى حاجز 900 في السوق الموازية «السوداء».

وأفاد الخبير الاقتصادي بأن الانهيار الكبير في قطاع الأعمال أفقد نحو 2.5 مليون شخص وظائفهم في القطاع الخاص، وأن القليل منهم في المؤسسات أجبروا على تقديم طلب إجازات من دون رواتب.

وذكر الأموي، وهو متخصص في أسواق المال العالمية، أن الضرر الأكبر وقع على القطاع المصرفي، مشيراً إلى أن 32 من البنوك في البلاد لا تستطيع الوصول إلى أرصدتها، وكذلك العملاء لا يستطيعون الحصول على أموالهم، وبالتالي «سيؤدي الانخفاض في سعر الصرف إلى تآكل رؤوس أموال البنوك والمستثمرين».

وعن مساهمة القطاع الزراعي الذي يتميز به السودان، قال إن المساحة المزروعة في البلاد انخفضت بما لا يقل عن 60 في المائة عن الأعوام الماضية، لعدم قدرة البنك الزراعي على تمويل المزارعين، وارتفاع أسعار الوقود، مضيفاً أن الموسم الشتوي يحتاج إلى 250 ألف طن من الأسمدة «اليوريا» أما المتوفر حالياً في الأسواق فهو 10 آلاف طن، ما يخلق فجوة كبيرة قد تتسبب في إحجام الكثير من المزارعين عن الزراعة هذا الموسم.

وكشف الخبير الاقتصادي تراجعاً كبيراً في عائدات البلاد من الصادرات، وقال: «على الرغم من عدم الإعلان عن البيانات الرسمية عن التجارة الخارجية، لكن تقرير الغرفة القومية للمصدّرين يفيد بأن معدل الصادرات الشهري بلغ 32 مليون دولار مقارنة بالعائدات التي كانت تصل إلى 417 مليون دولار شهرياً خلال فترة الحكومة الانتقالية في 2021».

وتشير أرقام البنك الدولي إلى أن الحرب دمرت القوة الشرائية للمواطنين، نتيجة انخفاض قيمة العملة الوطنية، والارتفاع الشديد في أسعار السلع بما في ذلك المناطق التي لم تتأثر بالحرب.

كان اقتصاد السودان قد تعرّض لصدمة كبرى قبل اندلاع الحرب الداخلية، مع إعلان الجيش الحصول على الحكم المدني الانتقالي في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وهو ما تسبب بشكل مباشر في وقف عملية الإصلاح الاقتصادي التي كان من المقرر أن تكتمل بإعفاء ديون السودان الخارجية في يونيو (حزيران) 2024.

وتعرضت كبرى المصانع والشركات التي تتركز بشكل كبير في العاصمة الخرطوم إلى عمليات تدمير ونهب وسرقة وتحطيم للماكينات والآليات، وتسبب توقفها عن العمل في نقص كبير في السلع والمواد الغذائية المنتجة محلياً، وأصبح الاتجاه بشكل واسع للاستيراد من الخارج. ويقدِّر خبراء اقتصاديون أن خسائر البنية التحتية في البلاد أكثر من 60 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السوداني: لا بديل لـ«منبر جدة»

شمال افريقيا وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

وزير الخارجية السوداني: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إنَّ حكومته أكَّدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد السبت، تمسكها بـ«منبر جدة» لحل الأزمة.

وجدان طلحة (بورتسودان)
خاص وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

خاص وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية.

وجدان طلحة (بورتسودان) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)

صفقة ضخمة بقيمة 266 مليون دولار لتعزيز السيولة في العقار السعودي

أحد المشاريع التابعة لبرنامج «سكني» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التابعة لبرنامج «سكني» (الشرق الأوسط)
TT

صفقة ضخمة بقيمة 266 مليون دولار لتعزيز السيولة في العقار السعودي

أحد المشاريع التابعة لبرنامج «سكني» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التابعة لبرنامج «سكني» (الشرق الأوسط)

وقّعت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، اتفاقية لشراء محفظة تمويل عقاري بقيمة مليار ريال (266.7 مليون دولار)، مع شركة «بداية للتمويل»، حيث تُعد هذه الصفقة أكبر اتفاقية من نوعها لضخ السيولة في السوق العقارية بالمملكة.

جاء التوقيع، يوم الأحد، بحضور وزير البلديات والإسكان رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري ماجد الحقيل، ورئيس مجلس إدارة «بداية للتمويل» عبد العزيز العمير.

تأتي هذه الاتفاقية امتداداً لجهود الشركة المتواصلة لتعزيز سوق التمويل العقاري السكني بالمملكة والتوسع في مجال إعادة التمويل، حيث تُعدّ هذه الصفقة أكبر اتفاقية من نوعها لشركات التمويل، ما يعكس التزام الطرفين بتقديم حلول تمويل عقاري مبتكرة للمواطنين والمساهمة في تحقيق مستهدفات برنامج الإسكان - أحد برامج «رؤية 2030» - التي تهدف إلى زيادة نسبة تملك الأُسر السعودية للمنازل.

وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري مجيد العبد الجبار، أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار توسيع الشراكة مع «بداية للتمويل»، إذ ستسهم في ضخ مزيد من السيولة وتعزيز الاستقرار في سوق التمويل العقاري بالمملكة.

وأضاف العبد الجبار أن هذه الاتفاقية تمثل خطوة مهمة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لبرنامج الإسكان، من خلال المساهمة في زيادة تملك المواطنين لمنازلهم، كما تُعدّ جزءاً من توجه الشركة نحو بناء شراكات استراتيجية مع الجهات التمويلية الرائدة، والتي تهدف، من خلالها، إلى تطوير سوق ثانوية نشطة للتمويل العقاري السكني بالمملكة.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لـ«بداية للتمويل» محمود دحدولي إن هذه الاتفاقية الاستراتيجية مع الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري تُعد خطوة مهمة لتعزيز الدور التكاملي في تقديم حلول تمويلية مبتكرة تسهم في دعم تطور سوق الأوراق المالية من خلال محافظ التمويل العقاري.

وأضاف دحدولي أن هذه الاتفاقية تأتي ضمن رؤية الشركة الهادفة إلى تمكين مستقبل مالي أكثر إشراقاً لعملائنا، من خلال تقديم حلول تمويلية مبتكرة وموثوق بها تتيح للمواطنين تحقيق تطلعاتهم وتلبية احتياجاتهم، بما يتواءم مع مستهدفات برنامج الإسكان لزيادة نسبة تملك المواطنين للمنازل.

يُذكر أن الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري تأسست من قِبل «صندوق الاستثمارات العامة» في عام 2017؛ بهدف تطوير سوق التمويل العقاري بالمملكة، وذلك بعد حصولها على ترخيص من البنك المركزي السعودي، للعمل في مجال إعادة التمويل العقاري، حيث تؤدي دوراً أساسياً في تحقيق مستهدفات برنامج الإسكان ضمن «رؤية 2030» الرامية إلى رفع معدل تملك المنازل بين المواطنين السعوديين، وذلك من خلال توفير السيولة للممولين، لتمكينهم من توفير تمويل سكني ميسور التكلفة للأفراد، والعمل بشكل وثيق مع الشركاء لدعم منظومة الإسكان بالمملكة.