الصين تصعّد مجدداً في «حرب الموارد»

فرضت قيوداً على الغرافيت... واليابان تتجه لـ«منظمة التجارة»

عامل يحمل ملعقة مليئة بالغرافيت في أحد مصانع إنتاج بطاريات السيارات التابعة لشركة «فولكسفاغن» الألمانية (رويترز)
عامل يحمل ملعقة مليئة بالغرافيت في أحد مصانع إنتاج بطاريات السيارات التابعة لشركة «فولكسفاغن» الألمانية (رويترز)
TT

الصين تصعّد مجدداً في «حرب الموارد»

عامل يحمل ملعقة مليئة بالغرافيت في أحد مصانع إنتاج بطاريات السيارات التابعة لشركة «فولكسفاغن» الألمانية (رويترز)
عامل يحمل ملعقة مليئة بالغرافيت في أحد مصانع إنتاج بطاريات السيارات التابعة لشركة «فولكسفاغن» الألمانية (رويترز)

فرضت الصين قيوداً جديدة على صادرات الغرافيت، وهو مادة خام رئيسية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، وذلك في أحدث خطوة تتخذها بكين للحد من شحنات المعادن التي تعد ضرورية لتحول الطاقة.

ويعد الغرافيت، وهو شكل ناعم من الكربون، مكوناً رئيسياً في بطاريات السيارات الكهربائية، والصين هي أكبر منتج في العالم، حيث تمثل ثلثي الإمدادات العالمية، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

وبموجب اللوائح الجديدة، ستطلب الصين تراخيص تصدير خاصة لثلاثة أنواع شديدة الحساسية من المعدن، طبقاً لما أعلنته وزارة «التجارة والجمارك» في بكين يوم الجمعة. وأضافت الهيئة أنه جرى اتخاذ الإجراء لأسباب متعلقة بالأمن القومي، وأن ضوابط التصدير بشأن الغرافيت، هي «ممارسة دولية شائعة». وبالنسبة لخمسة أنواع أقل حساسية من الغرافيت، والمستخدمة على سبيل المثال في صناعة الصلب، أسقطت الصين ضوابط التصدير.

وإثر الإعلان عن القرار الصيني، قال هيروكازو ماتسونو كبير المتحدثين باسم الحكومة اليابانية يوم الجمعة، إن اليابان «ستتخذ الخطوات المناسبة» مع منظمة التجارة العالمية، إذا كانت إجراءات الرقابة الجديدة على تصدير الغرافيت في الصين تنتهك قواعد المنظمة.

وقال ماتسونو، في مؤتمر صحافي: «سوف نستفسر عن نيات الصين، وسياساتها التشغيلية لهذه الإجراءات اللازمة لحماية الأمن القومي».

ويرى مراقبون داخل وخارج الصين خطوة بكين إجراءً مضاداً للعقوبات الأميركية في قطاع التكنولوجيا. وشددت واشنطن مؤخراً القيود على صادرات الرقائق الدقيقة للذكاء الاصطناعي، وهو قطاع مهم استراتيجياً تريد الصين اللحاق به.

وإضافة إلى ذلك، توصلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لاتفاق مع هولندا واليابان في وقت سابق من العام الحالي لتقييد تصدير بعض معدات صناعة الرقائق المتقدمة للصين، ومن ثم إبطاء تطورها العسكري والتقني المرتبط بالذكاء الاصطناعي. ويُذكر أن الشركات الصينية تصنع أشباه موصلات ولكنها أقل جودة.

وكان الغرافيت يستخدم حتى وقت قريب بشكل رئيسي في صناعة الصلب، لكن الطلب من قطاع السيارات الكهربائية آخذ في الارتفاع. وارتفعت سوق الاستخدام النهائي لبطاريات الغرافيت بنسبة 250 بالمائة على مستوى العالم منذ عام 2018، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

ويعد الغرافيت أكبر مكون في بطارية السيارة الكهربائية من حيث الوزن، حيث تستخدم كل مركبة في المتوسط ما بين 50 إلى 100 كيلوغرام من المادة الموجودة في حزمة البطارية الخاصة بها من أجل الأنودات، وهي الأقطاب الكهربائية السلبية للبطارية. وهذا يعادل ضعف كمية الليثيوم الموجودة في بطارية السيارة الكهربائية.

وتعد الصين أكبر منتج للغرافيت في العالم، حيث توفر 67 بالمائة من الإمدادات العالمية من الشكل الطبيعي، بينما تعد موزمبيق ومدغشقر والبرازيل أكبر منتجي الغرافيت غير الصينيين، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

وتقوم الصين أيضاً بتكرير أكثر من 90 بالمائة من الغرافيت الموجود في العالم إلى مواد تُستخدم في جميع أنودات بطاريات السيارات الكهربائية تقريباً. ومن بين كبار المشترين للغرافيت من الصين، كل من اليابان والولايات المتحدة والهند وكوريا الجنوبية، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية.

وسارعت شركات صناعة السيارات، بما في ذلك «تسلا» و«مرسيدس»، إلى تأمين إمدادات الغرافيت من الموردين غير الصينيين.

وتستثمر الشركات الأميركية والأوروبية في تطوير «الغرافيت الاصطناعي»، الذي يمكن أن يمثل ما يقرب من ثلثي سوق أنود بطاريات السيارات الكهربائية بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات شركة «بنشمارك مينيرال إنتليجنس».

لكن الصين تهيمن أيضاً على إنتاج الغرافيت الاصطناعي عالمياً، وأظهرت بيانات جمركية أن صادرات الصين من الغرافيت الاصطناعي في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 ارتفعت بنسبة 45 بالمائة عن العام السابق.

وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت الصين عن قيود تصدير على 8 منتجات من الغاليوم و6 من منتجات الجرمانيوم بدءاً من الأول من أغسطس (آب). وتُستخدم هذه المعادن في صناعة الرقائق الدقيقة عالية التقنية.

وتظهر بيانات الجمارك أن القيود التي تتطلب من المصدرين الحصول على ترخيص تصدير للمواد والتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج، أدت فعلياً إلى خنق الصادرات خلال الشهرين الماضيين.


مقالات ذات صلة

بعد علاقة متوترة... جيف بيزوس يتناول العشاء برفقة ترمب في فلوريدا

الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» جيف بيزوس (أ.ب)

بعد علاقة متوترة... جيف بيزوس يتناول العشاء برفقة ترمب في فلوريدا

شوهد مؤسس شركة «أمازون» جيف بيزوس وهو يتجول في مقر إقامة الرئيس المنتخب دونالد ترمب بولاية فلوريدا، في وقت متأخر من ليلة الأربعاء حيث تناول العشاء معه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا تتميز سمكة «موبولا راي» بهيكلها العظمي الغضروفي وأجنحتها الضخمة ما يسمح لها بالانزلاق بسهولة في الماء (أدوبي)

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

طريقة تغذية سمكة «موبولا راي» تدفع باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير أنظمة ترشيح فعالة.

نسيم رمضان (لندن)
أوروبا طائرة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تصل إلى بيروت 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

طائرات أعضاء الحكومة الألمانية تتجهّز بنظام حماية ضد الهجمات الصاروخية

تقوم وحدة الاستعداد الجوي التابعة لوزارة الدفاع الألمانية بتجهيز طائرات الركاب المخصصة لتنقلات أعضاء الحكومة بنظام حماية ضد الهجمات الصاروخية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)

النفط يرتفع في مستهل تعاملات الأسبوع... والخام الأميركي يقترب من 70 دولاراً

حفارات النفط تعمل بالقرب من كالغاري في مقاطعة ألبرتا الكندية (أ.ب)
حفارات النفط تعمل بالقرب من كالغاري في مقاطعة ألبرتا الكندية (أ.ب)
TT

النفط يرتفع في مستهل تعاملات الأسبوع... والخام الأميركي يقترب من 70 دولاراً

حفارات النفط تعمل بالقرب من كالغاري في مقاطعة ألبرتا الكندية (أ.ب)
حفارات النفط تعمل بالقرب من كالغاري في مقاطعة ألبرتا الكندية (أ.ب)

ارتفعت أسعار النفط خلال جلسة الاثنين؛ بداية تعاملات الأسبوع، بعد أن أظهرت بيانات أميركية تباطؤ التضخم بأكثر من المتوقع، مما أنعش الآمال في مزيد من تيسير السياسات النقدية، لكن توقعات زيادة المعروض العام المقبل حدّت من المكاسب.

وبحلول الساعة 07:29 بتوقيت «غرينيتش» ارتفعت العقود الآجلة لـ«خام برنت» 37 سنتاً أو 0.5 في المائة إلى 73.31 دولار للبرميل، وزادت العقود الآجلة لـ«خام غرب تكساس الوسيط» 40 سنتاً أو 0.6 في المائة إلى 69.86 دولار للبرميل.

وقال توني سيكامور، محلل الأسواق في «آي جي»، وفق «رويترز»: «الأصول عالية المخاطر، بما في ذلك عقود الأسهم الأميركية الآجلة والنفط الخام، بدأت الأسبوع على أساس أكثر ثباتاً»، مضيفاً أن البيانات التي أظهرت تراجع التضخم ساعدت في تخفيف المخاوف في أعقاب خفض «مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)» أسعار الفائدة.

وتابع: «أعتقد أن إقرار مجلس الشيوخ الأميركي التشريع الهادف إلى إنهاء الإغلاق الحكومي القصير في مطلع الأسبوع كان مفيداً».

وانخفضت أسعار الخامين القياسيين بأكثر من اثنين في المائة الأسبوع الماضي؛ بسبب مخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط بعد أن أشار «البنك المركزي الأميركي» إلى توخي الحذر بشأن مزيد من التيسير في السياسة النقدية. كما أشارت أبحاث من «سينوبك»، أكبر شركة لتكرير النفط في آسيا، إلى أن استهلاك النفط في الصين سيبلغ ذروته في 2027؛ الأمر الذي أثر بدوره على الأسعار.

وتراجعت المخاوف بشأن الإمدادات إلى أوروبا بعد تقارير عن إعادة تشغيل خط أنابيب «دروغبا»، الذي ينقل النفط من روسيا وكازاخستان إلى المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك وألمانيا، بعد توقفه يوم الخميس بسبب مشكلات فنية في محطة ضخ روسية. وقبل التوقف، كان خط الأنابيب ينقل 300 ألف برميل يومياً من النفط الخام.

وحث الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، يوم الجمعة، الاتحاد الأوروبي على زيادة وارداته من النفط والغاز الأميركيين، وإلا فسيواجه التكتل رسوماً جمركية على صادراته.

وارتفع عدد منصات التنقيب العاملة في الولايات المتحدة بمنصة واحدة إلى 483 الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لبيانات شركة «بيكر هيوز» يوم الجمعة.