مسؤولة بالبنك الدولي: نرى أن السعودية تأخذ أجندة التنوع الاقتصادي على محمل الجد

غاتي توضح لـ«الشرق الأوسط» أن موازنة المملكة تظهِر وضوح رؤيتها

حضور كثيف لإحدى جلسات اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في مدينة مراكش المغربية (رويترز)
حضور كثيف لإحدى جلسات اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في مدينة مراكش المغربية (رويترز)
TT

مسؤولة بالبنك الدولي: نرى أن السعودية تأخذ أجندة التنوع الاقتصادي على محمل الجد

حضور كثيف لإحدى جلسات اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في مدينة مراكش المغربية (رويترز)
حضور كثيف لإحدى جلسات اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في مدينة مراكش المغربية (رويترز)

يتوقع البنك الدولي انخفاضاً حاداً في نمو اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام، يصل إلى 1.9 في المائة من 6 في المائة في العام الماضي، مدفوعاً بخفض إنتاج النفط وضيق الظروف المالية العالمية وارتفاع التضخم.

هذه التوقعات صدرت قبل التصعيد العسكري بين إسرائيل وغزة والذي سوف تكون له تداعياته على الاقتصاد العالمي، كما اقتصاد المنطقة. وتتوقع «بلومبرغ» أن ينخفض النمو العالمي إلى 1.7 في المائة (من 1.9 في المائة وفق تقديرات صندوق النقد الدولي الصادرة أخيراً) - وهو ركود يأخذ نحو تريليون دولار من الإنتاج العالمي.

روبرتا غاتي رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للبنك الدولي (لينكد إن)

وتقول رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للبنك الدولي، روبرتا غاتي، في حديث إلى «الشرق الأوسط» على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين المنعقدة في مراكش: إن المنطقة شهدت نمواً استثنائياً العام الماضي كان الأعلى منذ نحو 15 عاماً، مدفوعاً بأسعار النفط وارتفاع صادرات النفط بعد الحرب الروسية - الأوكرانية. وفي عام 2023، تراجع النمو بشكل صارخ، حيث إن الطلب على النفط لم يكن أقل مما كان متوقعاً.

من هنا، كان التراجع الأكبر في معدلات النمو في الدول المصدرة للنفط في مجلس التعاون الخليجي. فمن المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في هذه البلدان 1 في المائة في عام 2023، انخفاضاً من 7.3 في المائة في عام 2022 نتيجة لانخفاض إنتاج النفط وانخفاض أسعار النفط. أما في البلدان النامية المصدرة للنفط، فمن المتوقع أن ينخفض النمو من 4.3 في المائة في عام 2022 إلى 2.4 في المائة في عام 2023.

السعودية وأجندة جادة للتنوع

بحسب غاتي، فإن السعودية «سجلت تراجعاً مهماً في قطاع النفطي في مقابل نمو لافت للأنشطة غير النفطية بنحو 3.7 في المائة»... وذلك بينما يظهر بقوة أن «السعودية تأخذ أجندة التنوع الاقتصادي على محمل الجد، بحيث إنها تضع موازنة نفقاتها وموازنتها المالية وفق معدل سعر ثابت للنفط على أساس نحو 70 دولارا».

وهناك دول أخرى في المنطقة، كمصر وتونس اللتين تأثر اقتصادهما أصلاً جراء الجائحة، تعاني بشدة جراء ارتفاع معدلات التضخم، ومن شأن ارتفاع معدلات الفائدة أن يجعل الوضع الاقتصادي أكثر تعقيداً؛ كونه يؤدي إلى ارتفاع خدمة الدين.

«تحتاج مصر وتونس إلى التفكير جدياً في كيفية العودة إلى أساسيات المساحة المالية بعدما باتت ضيقة كثيراً اليوم؛ لأنه علينا سداد خدمة الدين وتأمين الإنفاق الأساسي على الخدمات ومن بينها التعليم»، قالت غاتي.

مصر

عن مصر، قالت غاتي: إن مسألة سعر صرف مرن هي خطوة جوهرية للبلد، وهو الذي يطالب به صندوق النقد الدولي من ضمن إصلاحاته لتحديد موعد لمراجعة جديدة لبرنامج مصر للإصلاح. وأشارت في الوقت نفسه إلى الحاجة إلى سياسات مالية وهيكلية تتماشى مع هذه الإصلاحات، والتي، برأيها، من أهمها إعادة التفكير بدور الدولة وإعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر. وبالتالي، فإن أهم وسيلة لخفض الدين العام المرتفع إلى الناتج المحلي تكون بتعظيم دور القطاع الخاص بهدف تحقيق نمو أكبر.

الوقاية من الصدمات

تشير غاتي إلى أن رؤية البنك الدولي لسوق العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مرتبطة بشدة بالنمو وبالاستقرار الاجتماعي. وشرحت، أنه يجب أن تفكر الدول في مضاعفة مقاومتها للصدمات وإيجاد الآليات اللازمة لتوسيع الحيز المالي، حيث تظهر أرقام البنك الدولي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي صاحبة الوتيرة الأعلى للكوارث المتصلة بالمناخ مقارنة مع دول العالم.


مقالات ذات صلة

البنك الدولي يوافق على حزمة تمويل بقيمة 1.57 مليار دولار لنيجيريا

الاقتصاد أحد شوارع أبوجا (رويترز)

البنك الدولي يوافق على حزمة تمويل بقيمة 1.57 مليار دولار لنيجيريا

أعلن البنك الدولي، يوم الاثنين، أنه وافق على حزمة تمويل بقيمة 1.57 مليار دولار لنيجيريا، في إطار برنامج جديد لدعم القطاعات الصحية والتعليمية.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
الاقتصاد عمال ملابس يخرجون من أحد المصانع خلال استراحة الغداء في دكا (رويترز)

البنك الدولي يلتزم بتقديم أكثر من ملياري دولار لبنغلاديش

قالت بنغلاديش الثلاثاء إن البنك الدولي تعهد بتقديم أكثر من ملياري دولار من التمويل الجديد في هذا العام المالي لدعم جهود الإصلاح المستمرة بالبلاد

«الشرق الأوسط» (دكا)
الاقتصاد جانب من أعمال المؤتمر الدولي الأول لسوق العمل بالرياض (الشرق الأوسط)

برعاية خادم الحرمين... الرياض تستضيف النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل

برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تنظم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

البنك الدولي يرفع توقعات النمو في الهند إلى 7 %

رفع البنك الدولي يوم الثلاثاء توقعاته للنمو الاقتصادي في الهند إلى 7 في المائة للسنة المالية الحالية، من تقدير سابق بلغ 6.6 في المائة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد أشخاص يمرون أمام شاشة تعرض خطاب الموازنة لوزيرة المالية نيرمالا سيتارامان في مومباي (رويترز)

«البنك الدولي»: «فخ الدخل المتوسط» يعوق التقدم في 108 دول

أعلن البنك الدولي أن أكثر من 100 بلد - من بينها الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا - تواجه عقبات خطيرة يمكن أن تعوق جهودها لتصبح من البلدان مرتفعة الدخل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«مافيش بيض يا ماما على الفطار... أو حتى خضار... جبنة وعيش بس؟».

هكذا أبدى الطفل يوسف اندهاشه من المائدة التي كانت في يوم من الأيام تمتلئ بأنواع كثيرة من الطعام الصحي. لكن الأم ردت بتلقائية: «البيضة مش كل يوم، (البيضة) بقت بـ7 جنيه، والجبنة فيها فيتامينات اللبن».

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة. كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً، التي بدأت هي الأخرى في تقليل الأصناف والأحجام، لتخفيض الأسعار نسبياً أو ثباتها على الأقل، من خلال «عروض موسمية» لفترة محدودة.

ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى 26.2 في المائة في أغسطس (آب) من 25.7 في المائة في يوليو (تموز). حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويعني ارتفاع معدل التضخم بنسبة 26 في المائة أن الأسعار ترتفع بأكثر من الربع على إجمالي المصروفات سنوياً، وهو ما لم ينعكس على معدلات الأجور في مصر بنفس النسبة.

وهذا ما حاولت الأم إيصاله لابنها البالغ 10 سنوات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع الأسعار قلص عدد أصناف الطعام، وبالتالي الفيتامينات التي يجب أن تقدَّم للطفل في هذه السن... ودائماً ما يشتكون من هذا.. لذلك اضطررت إلى أن ألجأ إلى أصناف (الأكل الكدّابة)! للتغلب على هذه الشكوى... هذا كل ما أستطيع أن أفعله!».

اشتهر في مصر خلال الفترة الحالية بعض الأكلات المسماة «الوجبات الكدّابة»، للتغلب على ارتفاع الأسعار، مثل «البانيه الكدَّاب»، وهو عبارة عن كمية صغيرة من الفراخ البانيه يُزاد حجمها بخلطها بالبطاطس المسلوقة والدقيق، لتعطي مذاقاً مقارباً للفراخ البانيه؛ وباقي الأصناف المرتفعة في الأسعار تقلَّد على نفس المنوال. ولجأت الأمهات إليها مؤخراً للتغلب على ارتفاع الأسعار بعد زيادة «شكوى الأولاد من ساندويتشات زملائهم في المدرسة»، وفقاً لأم الطفل يوسف، الأربعينية، خريجة التجارة.

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9 في المائة.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات بنسبة 14.3 في المائة، ومجموعة خدمات النقل بنسبة 14.9 في المائة، ومجموعة خدمات البريد بنسبة 6 في المائة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1 في المائة، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.4 في المائة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 0.9 في المائة، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.2 في المائة.

وانخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى نحو 48.5 جنيه، بتراجع نحو 60 في المائة، وهو ما سمح باتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، رفعت الحكومة أسعار عدد كبير من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ومع اعتزام الحكومة استمرار رفع الأسعار أو بالأحرى رفع الدعم من السلع المدعومة، حتى نهاية عام 2025، من المتوقع أن يبقى التضخم بعيداً عن نطاق البنك المركزي المصري المستهدَف عند 7 في المائة (+/- 2 في المائة).

ومن المقرر أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أرقام التضخم لشهر أغسطس يوم الخميس المقبل.

وتتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن يظل معدل التضخم السنوي في مصر ثابتاً في النصف الثاني من العام الجاري، بمتوسط 27 في المائة على أساس سنوي، نتيجة الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية. متوقعةً تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير (شباط) 2025.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الأخير، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض دون تغيير عند 27.25 و 28.25 في المائة بالترتيب، وهذا ما يزيد قليلاً على معدل التضخم السنوي المسجل لشهر أغسطس الماضي.

وتنعكس معدلات التضخم ليس على موائد المصريين فقط، بل على أعمالهم أيضاً، فقد أظهر مؤشر «بارومتر الأعمال»، التابع للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنه «لا تزال التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لجميع الشركات خلال الربع الثاني من العام الجاري، يليها في المرتبة الثانية الارتفاع المستمر في تكاليف الطاقة والمياه، والذي يمثل عبئاً إضافياً على الشركات خصوصاً في ظل توجهات الحكومة لرفع دعم الطاقة كلياً».