بنك اليابان يحاول احتواء أزمة السندات رغم الضغوط التصاعدية

وزير المالية: نراقب تقلبات الين ونحذر المضاربين

رجل على دراجة يتابع تحركات الأسهم على مؤشر «نيكي» على شاشة إلكترونية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
رجل على دراجة يتابع تحركات الأسهم على مؤشر «نيكي» على شاشة إلكترونية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

بنك اليابان يحاول احتواء أزمة السندات رغم الضغوط التصاعدية

رجل على دراجة يتابع تحركات الأسهم على مؤشر «نيكي» على شاشة إلكترونية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
رجل على دراجة يتابع تحركات الأسهم على مؤشر «نيكي» على شاشة إلكترونية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

تراجع العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات بشكل طفيف من أعلى مستوى في 10 سنوات يوم الثلاثاء بعد مزاد قوي، مع وعد بنك اليابان بشراء السندات في الجلسة المقبلة.

لكن رغم ذلك لا تزال العوائد العالمية آخذة في الارتفاع، ووصل معدل المقايضة لأجل 10 سنوات إلى مستوى قياسي، ما يشير إلى ضغط تصاعدي قوي على عوائد سندات الحكومة اليابانية.

وانخفض العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار نقطة أساس واحدة إلى 0.760 بالمائة، بعد أن وصل إلى 0.780 بالمائة - وهو أعلى مستوى له منذ سبتمبر (أيلول) 2013 - في وقت سابق من الجلسة.

وقال تاكيشي إيشيدا، الخبير الاستراتيجي في شركة «ريسونا القابضة»: «يحاول بنك اليابان احتواء العائدات المرتفعة من خلال إجراء شراء طارئ للسندات، لكن لا تزال هناك ضغوط صعودية». وأضاف: «المسألة الآن هي متى سيعدل بنك اليابان سياسته، وليس ما إذا كان سيفعل ذلك أم لا».

وارتفع سعر مبادلة أسعار الفائدة لأجل 10 سنوات إلى مستوى قياسي بلغ 0.9875 بالمائة يوم الثلاثاء. وقال بنك اليابان يوم الاثنين إنه سيجري عملية شراء سندات غير مجدولة يوم الأربعاء، بعد أن وصلت العائدات إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات، وعملية أخرى يوم الجمعة.

وحصل مزاد السندات الحكومية على طلبات 3.93 ضعف الكمية المبيعة، أي أقل بقليل من نسبة 4.02 مرة في المزاد السابق الشهر الماضي. ولكن الفجوة بين أدنى سعر والمتوسط ضاقت إلى 0.02 ين من 0.10 ين قبل ذلك، ما يشير إلى قوة الطلب.

وقال كيسوكي تسوروتا، استراتيجي الدخل الثابت في «ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي» للأوراق المالية، إن النتيجة كانت مدعومة بشراء بنك اليابان للسندات. وأضاف: «على الرغم من أن بنك اليابان قام بتوسيع نطاق التداول لعوائد السندات لأجل 10 سنوات لإعطاء المزيد من المرونة للسوق، فإن مستويات العائد ونتائج المزاد يتم تحديدهما من خلال ما يفعله البنك».

وشهدت مزادات السندات لأجل 10 سنوات في الشهرين السابقين ضعف الطلب، حيث كان المستثمرون حذرين بشأن شراء الأوراق المالية وسط تكهنات متزايدة بأن بنك اليابان سيعدل سياسة سعر الفائدة المنخفض للغاية.

ومن جهة أخرى، قال وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي يوم الثلاثاء إن أي قرار بشأن التدخل في سوق العملة سيعتمد على التقلبات وليس مستويات محددة للين، وذلك فيما كان المستثمرون يستعدون لتحرك محتمل إذا تجاوز الين مستوى 150 ينا مقابل الدولار.

وقال سوزوكي إن السلطات تراقب سوق العملات من كثب وتقف على أهبة الاستعداد للرد، مكرراً تحذيره من تحركات المضاربة مع تأرجح الين بالقرب من أدنى مستوى له منذ عام مقابل الدولار، بالقرب من مستوى 150 يناً.

وقال سوزوكي إن «مستويات العملة لن تكون عاملا للحكم» بشأن التدخل، «إنها التقلبات التي تهم».

وأظهرت سوق الصرف الأجنبي رد فعل بسيطاً على تعليقات سوزوكي، على الرغم من أن التجار كانوا يراقبون الإجراء الذي ستتخذه السلطات اليابانية مع اقتراب العام من المستويات التي دفعت إلى التدخل قبل عام. وفي حديثه في مؤتمر صحافي، قال سوزوكي أيضاً إن «السلطات تراقب تحركات السوق بشكل قريب... كان من المهم أن تتحرك العملات بشكل مستقر بما يعكس الأساسيات الاقتصادية. وسنكون على استعداد تام للرد».

وقال سوزوكي إن ضعف الين يعزز الأسعار من خلال رفع تكلفة الواردات، مضيفا أن عوامل أخرى تؤثر أيضا على التضخم الناجم عن التكلفة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وتخفيضات الإنتاج من قبل الدول المنتجة للنفط.

أما بالنسبة للسندات الحكومية الصادرة حديثاً لمدة 10 سنوات والتي تحمل عائداً بنسبة 0.8 بالمائة، وهو أعلى مستوى منذ عقد من الزمن، فقال سوزوكي إن أسعار الفائدة طويلة الأجل تحددها السوق، ما يعكس عوامل مختلفة.

وقال سوزوكي إن ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل، بشكل عام، يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وبالتالي تراقب السلطات من كثب تأثير التحركات في أسعار الفائدة طويلة الأجل وكيف يمكن أن تؤثر على الأسر والشركات.

وفي شأن منفصل، قال مسؤولون في كوريا الجنوبية إن رئيسي السلطات المالية في كوريا الجنوبية واليابان اتفقا، يوم الثلاثاء، على استئناف «الاجتماعات المكوكية» الدورية كجزء من جهودهما لتعزيز التعاون المالي بين البلدين.

وقالت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء إن كيم جو هيون رئيس لجنة الخدمات المالية في سيول، وتيروهيسا كوريتا، مفوض وكالة الخدمات المالية في طوكيو، أعلنا ذلك في بيان مشترك صدر بعد اجتماعهما في طوكيو في وقت سابق يوم الثلاثاء.

وستستأنف اللجنتان اجتماعهما الدوري في سيول يومي 19 و20 ديسمبر (كانون الأول) للمرة الأولى منذ عام 2016. وخلال اجتماع اللجنتين الكورية واليابانية يوم الثلاثاء، اتفق كيم وكوريتا أيضا على الحاجة إلى تبادل الخبرات ووجهات النظر بينهما حول القضايا ذات الأهمية المشتركة، مثل تغير المناخ ورقمنة الخدمات المالية.

وبحث كيم وكوريتا في المجالات الممكنة لتعميق التعاون بين اللجنتين لحماية الاستقرار المالي الكوري الياباني وتعزيز الأسواق المالية للبلدين.


مقالات ذات صلة

انتخابات فرنسا تزعزع الأسواق... انخفاض الأسهم وارتفاع العائدات

الاقتصاد الناس يتجمعون في ساحة الجمهورية بباريس بعد الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية (د.ب.أ)

انتخابات فرنسا تزعزع الأسواق... انخفاض الأسهم وارتفاع العائدات

انخفضت الأسهم الفرنسية وارتفعت العائدات على السندات الفرنسية مقارنة بالسندات الألمانية بعد أن تركت الانتخابات فرنسا أمام برلمان معلق

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد قصر بورنيارد المقر السابق لبورصة باريس (رويترز)

هل ينقذ «المركزي الأوروبي» فرنسا إذا اهتزت الأسواق بعد التصويت؟

يواجه المصرف المركزي الأوروبي تساؤلات حول ما إذا كان سيدعم سوق سندات فرنسا المضطربة منذ أن دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى انتخابات برلمانية مبكرة الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد مقر وزارة المالية المصرية بالقاهرة (رويترز)

السندات الحكومية المصرية ترتفع بعد تغيير وزير المالية

ارتفعت السندات الحكومية المصرية المقومة بالدولار، الأربعاء، بعد الإعلان عن تعديل وزاري طال انتظاره، يشمل تعيين وزير جديد للمالية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد منظر خارجي لـ«الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)» قبل الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المبكرة (رويترز)

انخفاض ملحوظ في علاوة مخاطر الديون الفرنسية بعد الانتخابات

تراجعت يوم الاثنين أقساط التأمين التي يطلبها المستثمرون لحيازة سندات الحكومة الفرنسية من أعلى مستوى في 12 عاماً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد بنك الخليج في العاصمة البحرينية المنامة (الشرق الأوسط)

بنك الخليج الدولي يصدر سندات بقيمة 500 مليون دولار

أعلن بنك الخليج الدولي «ش.م.ب» نجاحه بإصدار سندات بقيمة 500 مليون دولار بأجل خمس سنوات.

«الشرق الأوسط» (المنامة)

أمانة الرياض تطبق نهجاً جديداً يحفز منشآت قطاع الأعمال

موظف شركة «إجادة» يمارس مهام التفتيش في أحد المحلات التجارية (الشرق الأوسط)
موظف شركة «إجادة» يمارس مهام التفتيش في أحد المحلات التجارية (الشرق الأوسط)
TT

أمانة الرياض تطبق نهجاً جديداً يحفز منشآت قطاع الأعمال

موظف شركة «إجادة» يمارس مهام التفتيش في أحد المحلات التجارية (الشرق الأوسط)
موظف شركة «إجادة» يمارس مهام التفتيش في أحد المحلات التجارية (الشرق الأوسط)

طبقت أمانة منطقة الرياض نموذجاً نوعياً جديداً لتنفيذ أعمال التفتيش والرقابة يهدف إلى تعزيز ثقافة الامتثال وزيادة مستوى الوعي بالأنظمة والقوانين التنظيمية في المؤسسات والمنشآت المستهدفة، ما يحفز قطاع الأعمال ويضمن استمرارية عمل المنشآت في سوق العمل نتيجةً لتخفيف الأعباء المالية عليها.

وفي عام 2018 أطلقت أمانة منطقة الرياض مبادرة «إجادة» والتي تعتبر تماشياً مع مبادرات التحول البلدي المنبثقة من برنامج تحقيق «رؤية 2030»، للارتقاء بالمستوى الرقابي للخدمات البلدية، إلا أن نهج هذه المبادرة كان يتبع التصيد للغرامات في المنشآت بغرض تحصيل مبالغ مالية، ما تسبب في أعباء مالية على أصحاب الأعمال وأبرزهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

هذا النهج القديم أقر به أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور فيصل بن عياف، في العام السابق، موضحاً أن العمل الحالي يعتمد على فرض الغرامات لكي يتم مكافأة المراقب وزيادة إيرادات الشركة المشغلة، مبيناً حينها أن العمل جارٍ على نموذج جديد مصمم لاستهداف زيادة نسبة الامتثال في المنشآت من خلال تحفيز الجهة المشغلة على اتباع هذا النموذج ليرتفع معه العائد على الشركة والمراقب.

وأعلن الأمير الدكتور فيصل بن عياف، الأحد، إطلاق برنامج الامتثال البلدي الجديد «مُثل» والذي يحسن جودة الخدمات المقدمة، وتطبيق أفضل المعايير المهنية في مجال الرقابة والتفتيش على المؤسسات والمنشآت الصحية والتجارية في مدينة الرياض، وذلك بالاعتماد على إحدى التقنيات الرقمية.

التنمية المستدامة

وأكد أمين منطقة الرياض أنَّ تطبيق البرنامج يأتي في إطار حرص الأمانة على تعزيز بيئة الأعمال، ودعم وتمكين القطاع الخاص، وترسيخ ثقافة الامتثال ورفع الوعي بالأنظمة والقوانين، وذلك من خلال بناء شراكاتٍ فعالة وإشراك المستفيدين لبناء بيئةٍ حيوية تسهم في رفع جودة العمليات الرقابية والخدمات المقدمة وتزيد رضا المستفيدين وتحقق التنمية المستدامة للمجتمع، تماشياً مع مبادرات التحول البلدي المنبثقة من «رؤية المملكة 2030».

من جهتهم، يرى مختصون أن النموذج الجديد سيخفف الأعباء المالية على أصحاب المنشآت الصحية والتجارية، وفي ذات الوقت يحفز القطاع الخاص على زيادة نسبة الامتثال بالضوابط البلدية.

وأوضح المختص في الاقتصاد أحمد الجبير لـ«الشرق الأوسط»، أن الرقابة في السابق لم يكن فيها تحذير ووعي لتلافي المخالفات وزيادة الامتثال بالضوابط البلدية، بل كانت تعتمد على رصد التجاوزات وإيقاع الغرامات على المنشآت بما فيها الصغيرة والمتوسطة.

وأفاد بأن النموذج الجديد المعلن من قبل أمانة منطقة الرياض يحفز المنشآت على التعاون مع المراقبين والامتثال لجميع القواعد التنظيمية للعمليات والخدمات الرقابية، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة للقطاع الخاص.

وأبان أحمد الجبير أن النموذج الجديد سيحفز القطاع الخاص ويحد من الأعباء المالية على المنشآت في سوق العمل، وبالتالي أمانة الرياض بقرارها الجديد سوف تحافظ على إبقاء المنشآت وعدم خروجها من سوق العمل بسبب ارتفاع الغرامات المالية.

تحسين الرقابة

من ناحيته، ذكر المختص في السياسات الاقتصادية أحمد الشهري لـ«الشرق الأوسط»، أن النموذج السابق لشركة «إجادة» كان بحاجة إلى تطوير ليعكس الهدف المرجو من العمليات الرقابية من المنظم.

وبيّن أن البرنامج الجديد يضمن تحسين العملية الرقابية ورفع جودة الخدمات المقدمة ويعزز الوعي ومعدلات امتثال المنشآت، وسوف يوظف أحدث التقنيات المتقدمة، وهو ما يتماشى مع مبادرات التحول البلدي المنبثقة من «رؤية 2030».

وأضاف أحمد الشهري أن النهج الجديد يمكّن القطاع الخاص ويتبع أسلوب الرقابة الداعمة للمنشآت من أجل زيادة الامتثال بالضوابط البلدية، وبالتالي برنامج «مُثل» صُمم عمله على الالتزام أكثر من فرض الغرامات.

وعملت الأمانة خلال الفترة الماضية بشكلٍ تجريبي نموذجاً رقابياً محسناً يعزز من امتثال المنشآت التجارية، وذلك للتأكد من تطبيقه بشكلٍ موثوق، وتسعى الأمانة لرفع كفاءة نشاطها في الأعمال الرقابية تماشياً مع «رؤية 2030»، ولا سيما من خلال مبادرات «التحول البلدي»، والتي تعمل على تعزيز الرقابة والشفافية، وتدعم النزاهة التجارية.