«المركزي» الصيني يدقق في المشتريات الكبيرة للدولار في محاولة للجم تدهور العملة

اليوان يتحسن من أسوأ مستوياته في 15 عاماً

موظف يقوم بعدّ رزم من العملة الصينية ونظيرتها الأميركية في أحد البنوك بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
موظف يقوم بعدّ رزم من العملة الصينية ونظيرتها الأميركية في أحد البنوك بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي» الصيني يدقق في المشتريات الكبيرة للدولار في محاولة للجم تدهور العملة

موظف يقوم بعدّ رزم من العملة الصينية ونظيرتها الأميركية في أحد البنوك بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
موظف يقوم بعدّ رزم من العملة الصينية ونظيرتها الأميركية في أحد البنوك بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

في الوقت الذي تحسّن فيه اليوان الصيني، يوم الاثنين، عن أسوأ مستوياته مقابل الدولار، منذ الأزمة المالية العالمية قبل 15 عاماً، قالت ثلاثة مصادر مطّلعة، لـ«رويترز»، يوم الاثنين، إن «المصرف المركزي الصيني» يشدّد تدقيقه على مشتريات الشركات المحلية الكبيرة من الدولار، في وقتٍ تواجه فيه العملة الصينية ضغوطاً متزايدة مع انخفاض قيمتها.

وقالت المصادر إن الشركات التي تحتاج إلى شراء 50 مليون دولار أو أكثر، ستحتاج الآن إلى موافقة بنك الشعب الصيني «المصرف المركزي»، الذي عقد اجتماعاً مع بعض المصارف التجارية، خلال عطلة نهاية الأسبوع بشأن هذه المسألة.

وقال أحد المصادر: «لقد كان انخفاض قيمة اليوان الأخير حاداً جداً بالفعل، ويتوقع الكثيرون الآن أن يضعف اليوان إلى ما هو أبعد من 7.5 يوان لكل دولار».

وحذَّر «المصرف المركزي» بعض المُقرضين من مشترياتهم الضخمة من الدولار، نيابة عن عملائهم من الشركات، وفقاً لأحد المصادر الأخرى.

ويصدر هذا التوجيه في الوقت الذي انخفض فيه اليوان الصيني بنحو 6 في المائة مقابل الدولار حتى الآن، هذا العام، لينخفض إلى المستويات التي شُوهدت آخِر مرة، خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008. ولم يكن لدى «بنك الشعب الصيني» تعليق فوري على خطط زيادة تدقيقه في مشتريات الدولار، عندما اتصلت به «رويترز».

وكثّفت الصين، في الأسابيع الأخيرة، جهودها لإبطاء وتيرة انخفاض اليوان، من خلال تحديد نقطة منتصف أقوى من المتوقع باستمرار. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت أنها ستزيد المعروض من الدولارات عن طريق خفض كمية النقد الأجنبي التي يجب على البنوك أن تضعها جانباً.

وقالت مصادر، لـ«رويترز»، الشهر الماضي، إن مُنظّمي العملة في الصين طلبوا من بعض المصارف خفض أو تأجيل مشترياتها من الدولار من أجل إبطاء انخفاض قيمة اليوان.

في غضون ذلك، تلاحظ قيام المصارف، المملوكة للدولة، ببيع الدولارات في كل من الأسواق الداخلية والخارجية والتخلص من سيولة اليوان في سوق الصرف الأجنبي الخارجية لرفع تكلفة بيع العملة الصينية على المكشوف.

وقالت «هيئة تنظيم النقد الأجنبي» في الصين، يوم الاثنين، إنها ستتصدى بحزم لمخاطر تضرر اليوان، وتعهدت باتخاذ إجراءات عند الحاجة لتصحيح الأنشطة الأحادية الجانب والمؤيّدة للدورة الاقتصادية، وفقاً لبيان نشره «بنك الشعب الصيني».

من جهة أخرى، أظهرت بيانات اقتصادية نُشرت، يوم الاثنين، نمو القروض المصرفية في الصين، خلال أغسطس (آب) الماضي، بأكثر من التوقعات، بعد تحركات «بنك الشعب الصيني» لتشجيع البنوك على التوسع في الإقراض وزيادة مبيعات الحكومة من السندات.

وذكر «بنك الشعب» أن إجمالي القروض، خلال الشهر الماضي، بلغ 3.12 تريليون يوان (429 مليار دولار)، في حين كان متوسط توقعات المحللين، الذين استطلعت «بلومبرغ» آراءهم، 2.7 تريليون يوان، بينما كان إجمالي قيمة القروض في الشهر نفسه من العام الماضي 2.5 تريليون يوان. وقدَّمت المؤسسات المالية في الصين قروضاً جديدة، خلال الشهر الماضي، بقيمة 1.36 تريليون يوان، في حين كانت التوقعات 1.25 تريليون يوان فقط.

من ناحية أخرى، ضخّ «بنك الشعب الصيني»، يوم الاثنين، 215 مليار يوان (49.8 مليار دولار)، من خلال عمليات إعادة شراء عكسية لأجَل 7 أيام، بفائدة قدرها 1.8 في المائة. وقال «المصرف المركزي» إن هذه الخطوة تستهدف المحافظة على السيولة النقدية في النظام المصرفي مقبولة ووفيرة.

وتُعدّ إعادة الشراء العكسية، المعروفة بـ«الريبو العكسي»، عمليات يشتري فيها «المصرف المركزي» الأوراق المالية من البنوك التجارية، من خلال تقديم عطاءات، مع الاتفاق على بيعها إليها مرة أخرى في المستقبل.


مقالات ذات صلة

الدولار يواصل تراجعه إلى أدنى مستوى في أسبوع

الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يواصل تراجعه إلى أدنى مستوى في أسبوع

تراجع الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى في أسبوع مقابل العملات الرئيسية، يوم الأربعاء، حيث يسعى لتمديد انخفاضه، لليوم الثالث على التوالي، بعد بلوغه ذروة أسبوعية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رزم من أوراق الدولار الأميركي في متجر لصرف العملات في سيوداد خواريز بالمكسيك (رويترز)

الدولار يسجل أكبر مكسب أسبوعي في أكثر من شهر

سجل الدولار أكبر مكسب أسبوعي له في أكثر من شهر يوم الجمعة بدعم من توقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد عملات بتكوين على أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار وبتكوين يفقدان قوتهما مع ترقب الأسواق بيانات التضخم الأميركية

ظل الدولار اليوم قريباً من أعلى مستوى في الأشهر الستة والنصف الماضية مقابل العملات الرئيسية بينما انخفضت عملة بتكوين المشفرة مجدداً عن مستوياتها القياسية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تُفحص وتُطوى وتُعبأ أوراق الدولار خلال عملية الإنتاج بمكتب النقش والطباعة في واشنطن (رويترز)

الدولار يحقق أعلى مستوى في 4 أشهر

ارتفع الدولار الأميركي إلى أعلى مستوى له في 4 أشهر مقابل العملات الرئيسية يوم الثلاثاء، بينما واصلت عملة «بتكوين» تحقيق أرقام قياسية جديدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو - لندن)
الاقتصاد متداول في «بورصة نيويورك» للأوراق المالية (رويترز)

أسواق المال في حالة ترقب قبيل الانتخابات الأميركية

استقرت الأسهم يوم الثلاثاء، لكن التقلبات الضمنية زادت بأسواق العملات، في إشارة مبكرة إلى تحركات غير اعتيادية بالأسواق خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
TT

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)

تعهّدت الدول المُتقدّمة، يوم الأحد، في باكو، تقديم مزيد من التمويل للدول الفقيرة المهددة بتغير المناخ، وذلك في ختام مؤتمر للأمم المتحدة سادته الفوضى في أذربيجان وخرجت منه الدول النامية بخيبة أمل.

وبعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، وافقت دول العالم المجتمعة في باكو، الأحد، على اتفاق يوفر تمويلاً سنوياً لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية التي كانت تطالب بأكثر من ذلك بكثير لمكافحة التغير المناخي.

وأعرب الكيني علي محمد، متحدثاً باسم المجموعة الأفريقية، عن أسفه، لأن التمويل الموعود في مؤتمر «كوب 29» حتى عام 2035 «قليل جداً ومتأخر جداً وغامض جداً». أما نظيره من ملاوي إيفانز نجيوا الذي يمثل أفقر 45 دولة في العالم، فندد بالاتفاق ووصفه بأنه «غير طموح»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المندوبة الهندية شاندني راينا في مؤتمر «كوب 29» في باكو: «المبلغ المقترح ضئيل جداً. إنه مبلغ زهيد»، مشيرة إلى أن الرئاسة الأذربيجانية لم توفر لها فرصة التحدث قبل الموافقة النهائية على النص.

مخيب للآمال

ويتمثل هذا الالتزام المالي من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول النامية من 100 مليار إلى «300 مليار دولار على الأقل» سنوياً حتى عام 2035.

والأموال مخصصة لمساعدة هذه الدول على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وأيضاً للاستثمار في الطاقات منخفضة الكربون.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق بشأن تمويل المناخ الذي تم التوصل إليه في أذربيجان، فجر الأحد، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء» عليه.

وأعربت وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنياس بانييه - روناشيه عن أسفها، لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأحد، في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

وقالت الوزيرة في بيان، إنه على الرغم من حصول «كثير من التقدّم»، بما في ذلك زيادة التمويل للبلدان الفقيرة المهددة بتغيّر المناخ إلى 3 أضعاف، فإنّ «النص المتعلّق بالتمويل قد اعتُمِد في جوّ من الارتباك واعترض عليه عدد من الدول».

اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة

في المقابل، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، الأحد، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، رحب وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ». وقال ميليباند: «هذا ليس كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

كما أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، باتفاق «كوب 29» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهداً بأن تواصل بلاده عملها رغم موقف خلفه دونالد ترمب المشكك بتغيّر المناخ.

وقال بايدن: «قد يسعى البعض إلى إنكار ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم أو إلى تأخيرها»، لكن «لا أحد يستطيع أن يعكس» هذا المسار.

وكانت الدول الأكثر عرضة للتغير المناخي قد انسحبت، في وقت سابق السبت، من المشاورات مع رئاسة أذربيجان للمؤتمر، احتجاجاً على مسودة اتفاق لا تفي بمطالبها للحصول على مساعدات مالية.

وأعلن سيدريك شوستر من ساموا باسم مجموعة الدول الجزرية (Aosis) برفقة ممثل أفقر 45 دولة في العالم: «لقد غادرنا (...). نعدّ أنه لم يتم الإصغاء إلينا».

أجواء مثقلة

وبعد أكثر من 24 ساعة من التأخير، بدأت الجلسة الختامية لمؤتمر الأطراف «كوب 29»، مساء السبت، بينما دعا رئيس المؤتمر مختار بابايف، الدول إلى تخطي «انقساماتها».

وحاولت مسودة الاتفاق التوفيق بين مطالب الدول المتقدمة، لا سيما الاتحاد الأوروبي، ومطالب الدول النامية التي تحتاج إلى مزيد من الأموال للتكيف مع مناخ أكثر تدميراً.

ودعت أكثر من 350 منظمة غير حكومية، الدول النامية صباح السبت، للانسحاب من المفاوضات، قائلة إن عدم التوصل إلى اتفاق خير من التوصل إلى اتفاق سيئ.

وهي استراتيجية تتناقض مع الرسالة الطارئة التي وجهها كثير من البلدان النامية. وشدد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي لديه أولويات أخرى لمؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم العام المقبل، على «عدم تأجيل» مهمة باكو حتى عام 2025.

وقال الوزير الآيرلندي إيمون ريان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «علينا أن نعطي الأمل للعالم، وأن نثبت أن التعددية ناجحة».

وانتقد مفاوضون ومنظمات غير حكومية تنظيم أذربيجان للمؤتمر التي لم يسبق لها أن أشرفت على حدث العالمي كهذا.

وانعقد مؤتمر الأطراف في أجواء مثقلة. فقد هاجم الرئيس إلهام علييف فرنسا، حليف عدوه أرمينيا، واستدعى البلدان سفيريهما. وقال برلمانيان أميركيان إنهما تعرضا لمضايقات في باكو. وتم اعتقال كثير من نشطاء البيئة الأذربيجانيين.

قواعد تداول أرصدة الكربون

توازياً اعتمد مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون (كوب 29)، السبت، قواعد جديدة تتيح للدول الغنية تحقيق أهدافها المناخية من خلال تمويل مشروعات خضراء داعمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري في دول أفريقيا وآسيا.

ويأتي هذا القرار الذي اتخذته الدول المجتمعة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باكو، مساء السبت، وقوبل بالتصفيق، بعد سنوات من الجدل الحاد حول تداول أرصدة الكربون للحد من الانبعاثات.

وهذا الإجراء منصوص عليه في اتفاق باريس لعام 2015، وقرار السبت يجعله ساري المفعول. وتعول البلدان النامية في أفريقيا وآسيا بشكل كبير على هذا الإجراء للحصول على تمويل دولي.

ويتعين على البلدان الغنية أن تمول أنشطة تعمل على تدعيم مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي في البلدان النامية: زراعة الأشجار، أو الاستبدال بالمركبات العاملة بالوقود، أخرى كهربائية، أو الحد من استخدام الفحم. ويحسب هذا الخفض في الانبعاثات في البصمة الكربونية للدول الممولة للمشروعات.

واستباقاً للضوء الأخضر الذي كان متوقعاً في باكو، تم التوقيع على 91 اتفاقاً ثنائياً، معظمها من اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، لـ141 مشروعاً رائداً، وفق حصيلة وضعتها الأمم المتحدة حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني).