ما الخيارات المتاحة للدول الأفريقية لتمويل المناخ والطبيعة؟

عمال بمزرعة تجارية لقصب السكر في ولاية أداماوا شمال شرقي نيجيريا (رويترز)
عمال بمزرعة تجارية لقصب السكر في ولاية أداماوا شمال شرقي نيجيريا (رويترز)
TT
20

ما الخيارات المتاحة للدول الأفريقية لتمويل المناخ والطبيعة؟

عمال بمزرعة تجارية لقصب السكر في ولاية أداماوا شمال شرقي نيجيريا (رويترز)
عمال بمزرعة تجارية لقصب السكر في ولاية أداماوا شمال شرقي نيجيريا (رويترز)

يجتمع الزعماء الوطنيون في قمة المناخ الأفريقية لمناقشة كيفية تمويل التحديات التي يفرضها تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، إذ من المتوقع أن يتم التوقيع على صفقات بمئات الملايين من الدولارات في المؤتمر الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام في نيروبي والذي بدأ يوم الاثنين، على الرغم من التوقعات بأن المبلغ الإجمالي سيظل أقل بكثير من المطلوب.

وفيما يلي بعض الطرق المختلفة التي يمكن للبلدان من خلالها تمويل حماية مواردها الطبيعية - والعقبات المحتملة التي تحول دون توسيع نطاقها بسرعة، وفق تقرير لـ«رويترز».

ما الأموال التي تحتاج إليها أفريقيا لتحقيق الأهداف المناخية؟

تقوم بنوك التنمية المتعددة الأطراف الكبرى، مثل البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي وبنك التنمية الأفريقي، بتحويل مبالغ متزايدة من الأموال إلى مشاريع الطاقة المتجددة وغيرها من مشاريع التمويل المستدام في أفريقيا، إلا أنها تحتاج إلى مزيد من الجهود.

هذا وتُقدر مبادرة سياسة المناخ أن القارة تحتاج إلى 277 مليار دولار سنوياً لتنفيذ «المساهمات المحددة وطنياً» من أجل تحقيق أهداف المناخ لعام 2030. ومع ذلك، فإن التدفقات السنوية لتمويل المناخ في أفريقيا تبلغ 30 مليار دولار فقط في الوقت الحالي.

وخلص أحدث التقارير الذي شاركت في تأليفه الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، فيرا سونجوي، إلى أن تمويل المناخ السنوي من بنوك التنمية المتعددة الأطراف يجب أن يتضاعف ثلاث مرات في غضون خمس سنوات، من 60 مليار دولار إلى 180 مليار دولار، لمساعدة الاقتصادات النامية على مستوى العالم في التعامل مع ظاهرة الانحباس الحراري العالمي.

ويصنف الآن أكثر من 800 مليون شخص على أنهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، في حين يُقدر بنك التنمية الأفريقي (AfDB) تكاليف الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ في منطقته بما يتراوح بين 289.2 مليار دولار و440.5 مليار دولار، بينما يرتبط ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة باحتمالية أكبر لنشوب الصراعات في المنطقة بنسبة 11 في المائة تقريباً. من جانبه، يُقدر صندوق النقد الدولي أن 34 من أصل 59 اقتصاداً نامياً هي من بين الأكثر عُرضة لتغير المناخ، والكثير من هذه الاقتصادات تقع في أفريقيا، وهي أيضاً معرَّضة بشكل كبير لخطر الأزمات المالية.

كيف تعمل أفريقيا على تطوير تعويضات الكربون والتنوع البيولوجي؟

يُنظر إلى التوفيق بين أصحاب المشاريع التي تحبس الكربون المدمر للمناخ أو تحمي التنوع البيولوجي مع أولئك الذين يحرصون على تعويض الضرر أو الانبعاثات في منطقة أخرى، على أنه وسيلة للمساعدة في جمع الأموال، على الرغم من أن الأسواق تُعد ناشئة. ويقوم الكثير من البلدان الأفريقية، خصوصاً تلك الغنية بالغابات، بجمع الأموال عن طريق بيع أرصدة الكربون الطوعية، حيث تخطط لزيادة المبيعات على مدى السنوات المقبلة.

وتأمل الدول أن يزداد الطلب على تعويضات الكربون -وهي أرصدة لأنشطة خفض الانبعاثات التي يمكن توليدها من خلال مشاريع مثل زراعة الأشجار- مع قيام الشركات التي تسعى إلى تحقيق أهداف صافية صفرية بشراء هذه التعويضات لإلغاء الانبعاثات في أماكن أخرى.

وقد تم إطلاق مبادرة سوق الكربون الأفريقية (ACMI)، التي تضم عدة دول بما في ذلك كينيا ومالاوي والغابون ونيجيريا وتوغو، في قمة المناخ (كوب27) للأمم المتحدة العام الماضي، وتهدف إلى زيادة عدد أرصدة الكربون المتولدة في القارة إلى نحو 300 مليون رصيد بحلول عام 2030 و1.5 مليار سنوياً بحلول عام 2050. وقد أعلنت مبادرة سوق الكربون الأفريقية أنه يُمكن توفير إيرادات بقيمة 6 مليارات دولار بحلول عام 2030 و120 مليار دولار بحلول عام 2050.

هذا وتستضيف أفريقيا الكثير من مشاريع خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها (REDD+) التي تحصل على ائتمانات من خلال تقليل الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها. ويُعد مشروع الغابات المجتمعية في لوانغوا (LCFP) في زامبيا أحد أكبر هذه المشاريع، حيث يتم شراء اعتماداتها من شركة النفط والغاز الأوروبية «إيني» للمساعدة في تعويض انبعاثات الشركة.

ويحذر الكثير من المجموعات البيئية، مثل «منظمة السلام الأخضر»، من استخدام أرصدة الكربون لتحقيق الأهداف المناخية، وتقول إنها مجرد ورقة توت لصرف الانتباه عن الافتقار إلى التخفيض الحقيقي للانبعاثات.

وتحظى مشاريع مواقد الطهي النظيفة بشعبية كبيرة في أفريقيا، لأنها تولّد أرصدة الكربون عن طريق استبدال طريقة ذات انبعاثات أقل بطريقة الطهي الملوّثة. ويقول مؤيدو هذه المشاريع إنه بالإضافة إلى تقليل الانبعاثات، هناك في الكثير من الأحيان فوائد صحية لأولئك الذين يتحولون إلى الوقود النظيف. وقال التحالف العالمي لمواقد الطهي النظيفة، وهو شراكة بين القطاعين العام والخاص، إن نحو 4 ملايين شخص يموتون كل عام بسبب أمراض مرتبطة بدخان الطهي.

ما مقايضة الديون بالطبيعة؟

أبرمت الغابون أول «مبادلة للديون مقابل الطبيعة» في القارة الأفريقية الشهر الماضي، مما زاد الآمال في أن تحذو حذوها دول أخرى غنية بالتنوع البيولوجي ولكنها فقيرة مالياً في المنطقة في السنوات المقبلة.

في أبسط الحالات، تتم مقايضة الديون بالطبيعة عندما يشتري بنك أو مستثمر متخصص السندات الحكومية أو القروض الحكومية لبلد ما ويستبدل بها سندات أو قروضاً أرخص، وعادةً ما يكون ذلك بمساعدة «ضمان ائتماني» من بنك تنمية متعدد الأطراف. وبما أن هذه الضمانات تحمي مشتري السندات الجديدة إذا لم تكن الدولة قادرة على سداد الأموال، فإن سعر الفائدة يكون أقل، مما يسمح للحكومة المعنية بإنفاق بعض أو كل المدخرات على مشاريع الحفظ.

وساعدت بليز وبربادوس وصفقة قياسية ضخمة بقيمة 1.6 مليار دولار في الإكوادور هذا العام في دفع الاتجاه نحو هذه المقايضة، على الرغم من أن صفقة الغابون كانت مليئة بالأحداث أكثر مما كان متوقعاً. وتم الانتهاء من الصفقة، التي كانت قيد الإعداد لأكثر من عام، قبل أسبوعين فقط من الانتخابات الرئاسية في البلاد أواخر الشهر الماضي، والتي أعقبها انقلاب عسكري على الفور تقريباً.

وقد تمت إثارة تساؤلات حول ما يحدث للمبادلة الآن، على الرغم من أن بوليصة التأمين «المخاطر السياسية» المدمجة التي تقدمها مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية يجب أن تضمن تغطية أولئك الذين اشتروا السندات «الزرقاء» التي تركز على البيئة والتي تم إنشاؤها.

وعلى الرغم من هذه الدراما، من المتوقع أن يستمر الحماس لمقايضة الديون بالطبيعة في أفريقيا في النمو مع مشاركة كل من بنك التنمية الأفريقي وبنك الاستثمار الأوروبي في أولى عملياتهما، على حد قولهما.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق علَّ الصرخة تصل (أ.ب)

قرود وغوريلا وفهود «ورقية» من أفريقيا إلى القطب الشمالي

هذه الحيوانات ستُجبر على مغادرة موائلها الطبيعية بسبب الاحتباس الحراري، وستنزح نحو الشمال، حيث تمرُّ عبر مدن عدّة في طريقها وتنضم إليها حيوانات أخرى.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
علوم جزيرة العرب مرت بحقبات خضراء في الأزمان الماضية

دراسة علمية: جزيرة العرب ظلت يانعة لفترات طويلة

تكاد شبه الجزيرة العربية اليوم تكون صحراء قاحلة، لكنها كانت خضراء وخصبة مرات عديدة خلال الثمانية ملايين سنة الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مواطنون يحتمون من الشمس في الهند (أ.ف.ب)

درجات الحرارة العالمية تسجل مستويات قياسية في شهر مارس

بقيت درجات الحرارة العالمية عند مستويات مرتفعة تاريخياً في مارس، ما يشكّل استمراراً لقرابة عامَيْن من الحرّ غير المسبوق الذي يشهده الكوكب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ مواطنة أميركية تنظر إلى نهر ليكينغ وهو يرتفع ويبدأ في إغراق قبو منزلها في فالموث بولاية كنتاكي (أ.ف.ب)

فيضانات مفاجئة وأعاصير تضرب أجزاء من أميركا... ووقوع قتلى (صور وفيديو)

ضربت موجة أخرى من الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة أمس (السبت) أجزاء من الجنوب والغرب الأوسط للولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (تينيسي )

رئيس «طيران الإمارات»: متفائل بمستقبل القطاع... وفتح الأجواء السورية يُعزز آفاق الحركة الجوية

الشيخ أحمد بن سعيد خلال المؤتمر الصحافي في معرض «سوق السفر العربي» (إ.ب.أ)
الشيخ أحمد بن سعيد خلال المؤتمر الصحافي في معرض «سوق السفر العربي» (إ.ب.أ)
TT
20

رئيس «طيران الإمارات»: متفائل بمستقبل القطاع... وفتح الأجواء السورية يُعزز آفاق الحركة الجوية

الشيخ أحمد بن سعيد خلال المؤتمر الصحافي في معرض «سوق السفر العربي» (إ.ب.أ)
الشيخ أحمد بن سعيد خلال المؤتمر الصحافي في معرض «سوق السفر العربي» (إ.ب.أ)

شدَّد الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، الرئيس الأعلى والرئيس التنفيذي لـ«طيران الإمارات» والمجموعة، عن تفاؤله بمستقبل قطاع الطيران خلال عام 2025 وما بعده، مؤكداً أن التحديات العالمية مستمرة، لكنها لن توقف خطط التوسع والنمو، في إشارة إلى تأثير التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأشار الشيخ أحمد بن سعيد إلى أن فتح المجال الجوي السوري أمام الحركة الجوية يُمثل خطوة إيجابية ستُسهم في تحسين مسارات الرحلات، وتقليل مدة التشغيل لشركات الطيران، ومنها «طيران الإمارات».

وفي تصريحات صحافية على هامش فعاليات معرض «سوق السفر العربي»، قال الشيخ أحمد بن سعيد إن العالم لن يخلو من التحديات، مشيراً إلى التغيرات السياسية والأحداث العالمية مثلما حدث مؤخراً في إسبانيا والبرتغال وفرنسا من انقطاع الكهرباء، ما يفرض على الشركات اتخاذ إجراءات احترازية للتعامل مع المتغيرات.

وأضاف: «أنا متفائل عموماً بمستقبل القطاع خلال 2025 و2026، رغم التحديات. التعامل مع التعريفات أو الأوضاع التشغيلية يجب أن يكون مبنياً على تطورات واقعية وليس على توقعات مبكرة، ونحن دائماً نعمل بخطط مدروسة للتعامل مع أي مستجدات».

خطط تسليمات الطائرات

وأكد الرئيس الأعلى والرئيس التنفيذي لـ«طيران الإمارات» أن الشركة تسلّمت بالفعل 4 طائرات من طراز «إيرباص A350»، مشيراً إلى أن الشركة تُخطط لتسلم بين 15 و18 طائرة من الطراز نفسه بحلول نهاية العام الحالي.

وقال: «الوجهات المخصصة لهذه الطائرات قد أُعلن عنها، والخطة التوسعية تستهدف رفع عدد المقاعد في الدرجة السياحية الخاصة بشكل كبير. وحالياً، نخطط لرفع الطاقة الاستيعابية في هذه الدرجة من مليوني مقعد إلى 4 ملايين بحلول 2026»، موضحاً أن الولايات المتحدة الأميركية تستحوذ على الحصة الأكبر من المقاعد، تليها أستراليا ونيوزيلندا وأوروبا وعدد من الوجهات الأخرى.

توقيع طلبيات جديدة في معرض الطيران

وحول احتمالية إعلان «طيران الإمارات» عن طلبات طائرات جديدة خلال المعرض، قال: «من الممكن ذلك، ولكن القرار يعتمد على ظروف السوق. نحن في تواصل دائم مع المصنعين، ولن نتوقف عن دراسة الخيارات المتاحة».

فتح الأجواء السورية

وعن وجهة نظره في فتح المجال الجوي السوري والحركة بين الإمارات وسوريا، قال الشيخ أحمد بن سعيد: «القرار اتُّخذ بين حكومة البلدين، ولكن تفعيل الرحلات يعتمد على استكمال الاستعدادات المتعلقة بسلامة وأمن المطارات، وأيضاً بتأمين التغطية التأمينية المطلوبة»، مؤكداً أن فتح الأجواء سيوفر وقتاً وتكلفة على شركات الطيران، ما سيسهم في تحسين كفاءة التشغيل.

شراء طائرات «بوينغ» المخصصة للصين

وعن إمكانية شراء طائرات «بوينغ» كانت مخصصة للصين، أوضح الشيخ أحمد أن المسألة ليست بالسهولة المتوقعة؛ نظراً لأن تجهيزات الطائرات مصممة خصيصاً للسوق الصينية، ما يتطلب تعديلات مكلفة. وأضاف: «في هذه الحالة، قد يكون من الأفضل شراء طائرات جديدة بدلاً من تحمل تكلفة إعادة تجهيز الطائرات».

نتائج مالية إيجابية

وكشف الرئيس الأعلى والرئيس التنفيذي لـ«طيران الإمارات» والمجموعة أن نتائج السنة المالية المنتهية ستكون أفضل من العام السابق مع تحقيق نمو مزدوج في الأرباح، مشيراً إلى أن الظروف ساعدت في ذلك، خصوصاً من ناحية انخفاض أسعار الوقود وتحسن أداء الشحن الجوي.

وأوضح أن «طيران الإمارات» تتعامل بشكل يومي مع تقلبات أسعار الصرف، عبر فريق متخصص من القسم المالي، عاداً المرونة في التعامل مع هذه التغيرات ضرورية للحفاظ على استقرار العمليات.

وفيما يتعلّق بالشراكات التي وقعتها المجموعة، قال الشيخ أحمد: «كثير من الاتفاقات التجارية التي أبرمت مؤخراً كان لها أثر إيجابي على تنوع الوجهات وخدمة المسافرين، وننظر دائماً إلى هذه الشراكات بوصفها جزءاً من خطتنا لدعم نمو الشبكة».

تحديات تسليمات الطائرات وتأثيرها على الخطط

وحول التأخير في تسليم الطائرات، خصوصاً لطيران «فلاي دبي»، أشار إلى أن الشركة تتوقع تسلم نحو 12 طائرة جديدة بنهاية العام الحالي، مشدداً على أهمية استمرار تسلم الطائرات الجديدة لدعم خطط التوسع المستقبلي.

وفي ختام تصريحاته، أكد أن مراجعة خطط الأساطيل تتم بشكل مستمر وفقاً لاحتياجات السوق والتطورات الاقتصادية، مع الحفاظ على خطط تحديث وصيانة الطائرات لضمان كفاءة العمليات واستمرارية النمو.