سيارات أوروبا تواجه اختباراً أمام نظيرتها الصينية في عقر دارها

خلال المعرض الدولي في ميونيخ

شعارات عمالقة صناعة السيارات الألمانية على واجهة أحد الأجنحة في «معرض ميونيخ الدولي للسيارات»... (رويترز)
شعارات عمالقة صناعة السيارات الألمانية على واجهة أحد الأجنحة في «معرض ميونيخ الدولي للسيارات»... (رويترز)
TT

سيارات أوروبا تواجه اختباراً أمام نظيرتها الصينية في عقر دارها

شعارات عمالقة صناعة السيارات الألمانية على واجهة أحد الأجنحة في «معرض ميونيخ الدولي للسيارات»... (رويترز)
شعارات عمالقة صناعة السيارات الألمانية على واجهة أحد الأجنحة في «معرض ميونيخ الدولي للسيارات»... (رويترز)

وسط منافسة شرسة من جانب شركات السيارات الصينية، افتتح المستشار الألماني، أولاف شولتس، رسمياً أكبر معرض سنوي للسيارات في ألمانيا؛ «آي إيه إيه موبيليتي»، بمدينة ميونيخ يوم الثلاثاء.

وتأمل صناعة السيارات الألمانية أن يتخذ شولتس موقفاً واضحاً بشأن هياكل التكلفة التي يُثار جدل مكثف حولها في القطاع. ومن أجل المنافسة بشكل أفضل في السوق العالمية، يطالب القطاع، على سبيل المثال، بالحصول على دعم من الدولة للفروع كثيفة الاستخدام للطاقة على وجه الخصوص.

وينتظر القطاع تصريحات من شولتس بشأن تأمين الوظائف في ألمانيا، وبشأن الصين، وانتهاء دعم شراء السيارات الكهربائية.

وبالإضافة إلى شولتس، من المقرر أن تتحدث رئيسة «الاتحاد الألماني لصناعة السيارات (VDA)» هيلدغارد مولر، ورئيس حكومة ولاية بافاريا ماركوس زودر، خلال حفل الافتتاح، وتلي ذلك جولة في أرجاء المعرض.

ومن المتوقع أن يكون الربط الشبكي بين وسائل النقل المختلفة موضوع منتدى يعتزم الرئيس التنفيذي لشركة «لوفتهانزا» الألمانية للطيران كارستن شبور، والرئيس التنفيذي لشركة السكك الحديدية الألمانية «دويتشه بان» ريتشارد لوتز، ومولر، المشاركة فيه. ومن المتوقع أيضاً أن تتحدث نجمة هوليوود ناتالي بورتمان عن تغير المناخ.

ولا تواجه السيارات ذات محركات الاحتراق التقليدي وحدها المنافسة؛ إذ يواجه صنّاع القرار والصناعيون تعقيدات تعترض مشروعات إنتاج سيارات كهربائية أوروبية الصنع بالكامل وبأسعار مقبولة، مما قد تفيد منه الشركات الصينية التي تعتمد استراتيجيات جريئة لإطاحة الماركات المسيطرة تقليداً على هذه السوق.

وعلى عكس صناعة النسيج أو الهواتف الذكية، لا تزال صناعة السيارات الأوروبية قادرة على الإفلات من منافسة المنتجات الصينية الرخيصة.

لكنّ المراقبين يتفقون على أن هذا الوضع لن يستمر؛ إذ تعمل مجموعة علامات تجارية على إعداد طرازات موجهة للأسواق الأوروبية، كما يتضح من الحضور القوي للصين في «معرض ميونيخ للسيارات» الذي يقام هذا الأسبوع.

وتجمع الشركات الوافدة الجديدة هذه بين التقدم التكنولوجي، بفضل استثمارات الصين في صناعة المركبات الكهربائية على مدى الأعوام العشرة الماضية، وتكاليف العمالة المنخفضة.

وتحثّ الحكومات الأوروبية الشركات المصنعة في القارة على جعل التنقل بالمركبات الكهربائية متاحاً بصورة أكبر، تمهيداً لحظر المركبات الحرارية أو الهجينة الجديدة في عام 2035.

وفي الصين، تباع السيارات الكهربائية بأسعار «أقل بنسبة تصل إلى 60 في المائة من تلك المعتمدة في ألمانيا»، وفق ما يشير خبير صناعة السيارات فرديناند دودنهوفر.

وتحدث المدير العام لشركة «ستيلانتيس» الفرنسية كارلوس تافاريس في نهاية يوليو (تموز) الماضي عن «غزو» تقوم به شركات مصنّعة تتكبد «تكلفة أقل بنسبة 25 في المائة».

وتقدّم العلامة التجارية الصينية الأكثر مبيعاً في القارة العجوز، «إم جي (MG)» مركبات تباع بنحو 30 ألف يورو، من دون احتساب الحوافز البيئية، تبعاً للطرازات في الفئات الأولية.

وتأسست شركة «MG» في بريطانيا عام 1924، لكن أعيد إطلاقها بعد إفلاسها في عام 2005 من شركة السيارات الصينية العملاقة «سايك (SAIC)»، وتستفيد «إم جي» من «شهرتها بصفتها علامة تجارية غربية قديمة فضلاً عن القدرة التنافسية للسوق الصينية»، على ما يؤكد فيليبي مونيوز، من «جاتو دايناميكس».

وفي النصف الأول من هذا العام، استحوذت العلامات التجارية الصينية على 8 في المائة من سوق المركبات الكهربائية في أوروبا الغربية، بينما كانت أسهمها قريبة من الصفر في عام 2019، وفق حسابات المحلل ماتياس شميت.

ومن المتوقع أن تبدأ شركة «بي واي دي (BYD)» الصينية الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية، في إغراق السوق الأوروبية بمنتجاتها بدءاً من النصف الثاني من عام 2023، وفق شميت. وقد تربع طراز «أتو 3 (Atto3)» على صدارة مبيعات السيارات الكهربائية في يوليو بالسويد، حيث استحوذ على نسبة تفوق الربع من إجمالي السيارات الكهربائية المسجلة في البلاد.

في المقابل، يبذل المصنعون الأوروبيون قصارى جهدهم لتقليل تكاليف الإنتاج وتقديم نماذج أرخص.

وحتى «مرسيدس»، التي أعادت تركيز استراتيجيتها على الرفاهية، وعدت الأحد بنموذج يهدف إلى جعل السيارات الكهربائية «متاحة» لفئات أوسع، وفق ما صرّح به أولا كالينيوس، من دون تفاصيل.

وفي مارس (آذار)، قدمت العلامة التجارية الألمانية «فولكسفاغن سيارة «ID.2» المستقبلية بسعر يقل عن 25 ألف يورو، والمتوقع طرحها في عام 2025. كما تخطط لتطوير طراز بأقل من 20 ألف يورو، وهو السعر الذي لم يصل إليه سوى عدد قليل من الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية.

وتركز «ستيلانتيس» بشكل أساسي على سيارة «سيتروين سي3» الكهربائية، والتي سيُكشف عنها في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وستطلق «رينو» سيارة مخصصة للتنقلات في المدن من طراز «آر5»، بسعر يقل عن 30 ألف يورو. وتخطط العلامة التجارية «أوبل» التابعة للمجموعة أيضاً لتقديم نموذج «بسعر يقرب من 25 ألف يورو»، بعد وقت قصير من عام 2025، وفق ما أعلن رئيسها فلوريان هويتل الاثنين.

وأوضح رئيس شركة «فولكسفاغن» أوليفر بلوم مساء الأحد في ميونيخ أنه «كلما زاد عدد الطرازات الكهربائية لدينا، استفدنا أكثر من وفورات الحجم»، معوّلاً على زيادة الكميات لخفض الأسعار، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وحتى ذلك الحين، وعلى خلفية التباطؤ الاقتصادي، فإن الحصة السوقية للسيارات الكهربائية، التي لا تزال باهظة الثمن، من المتوقع أن تنخفض بنسبة 12 في المائة خلال سبتمبر (أيلول)، وفق دودنهوفر.

وفي فرنسا، وعدت الحكومة بتقديم عرض لتأجير السيارات الكهربائية «بأسعار معقولة»، وتحدّث الرئيس إيمانويل ماكرون عن مبلغ 100 يورو شهرياً لهذا التأجير، شرط توافر ظروف الموارد.

وتدرس فرنسا أيضاً جعل إعانات الدعم للسيارات الكهربائية مشروطة بمنحها «علامة بيئية»، مما يُرجح أن يحد من الواردات الصينية.

في ألمانيا، بلد «فولكسفاغن» و«بي إم دبليو» و«مرسيدس»، لا تُعدّ مكافآت الشراء حلاً مستداماً. ولدفع الشركات المصنعة إلى تسويق مزيد من السيارات الكهربائية بأسعار معقولة، خفضت الحكومة المكافأة البيئية هذا العام، وتعتزم إلغاءها تدريجياً بحلول عام 2025... وهذا الوضع يمكن أن يؤثر على الهوامش المريحة التي حققتها المجموعات الأوروبية عبر الاستفادة من التضخم لرفع الأسعار.


مقالات ذات صلة

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

الاقتصاد سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

قال نائب وزير مالية الصين، إن القدرات الصناعية لبلاده تساعد العالم في مكافحة التغير المناخي، وفي جهود احتواء التضخم، في رد على انتقاد وزيرة الخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
رياضة عالمية إستيبان أوكون (أ.ب)

«فورمولا 1»: أوكون سيقود فريق هاس الموسم المقبل

قال فريق هاس المنافس في بطولة العالم لسباقات «فورمولا 1» للسيارات، اليوم (الخميس)، إن الفرنسي استيبان أوكون سيقود له لعدة سنوات مقبلة، بداية من الموسم المقبل.

«الشرق الأوسط» (سبا فرانكورشان)
رياضة عالمية ماكس فيرستابن (أ.ب)

جائزة بلجيكا الكبرى: فيرستابن للعودة إلى سكة الانتصارات

يأمل الهولندي ماكس فيرستابن بطل العالم ثلاث مرات في وضع حد لإخفاقاته بالسباقات الثلاثة الماضية والعودة إلى سكة الانتصارات بمواجهة تهديد ماكلارين المتفوق.

«الشرق الأوسط» (سبا فرنكورشان)
الاقتصاد شركة «بي واي دي» الصينية للسيارات الكهربائية في تايلاند (رويترز)

«بي واي دي» تزيد هيمنتها على أسواق جنوب شرق آسيا

أظهرت بيانات حكومية أن شركة «بي واي دي» الصينية وسّعت الفارق في مبيعاتها عن «تسلا» في سنغافورة في النصف الأول من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق السيارات لا تحتوي في الواقع على موازين حرارة مدمجة فيها (رويترز)

لماذا يجب عليك عدم الوثوق بميزان حرارة سيارتك؟

إذا كنت في سيارتك وتريد أن تعرف مدى سخونة الجو فلا تعتمد على دقة ميزان الحرارة في المركبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية المصري أحمد كجوك، إن بلاده تتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو (تموز) الحالي، «ونستهدف استمرار المراجعات القادمة بنجاح، والعمل على مسار الحصول على تمويل من صندوق المرونة والاستدامة».

وأكد الوزير، في بيان صحافي، السبت: «إننا نتعامل في مصر بتوازن شديد مع تداعيات جيوسياسية مركبة، في إطار برنامج شامل لتحسين الأداء الاقتصادي».

وأجرت بعثة من صندوق النقد الدولي، زيارة إلى القاهرة في مايو (أيار) الماضي، لإجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. لكنه أجّل مناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر بقيمة 820 مليون دولار، إلى 29 يوليو الحالي، بعدما كانت على جدول اجتماعاته المقررة 10 يوليو.

واعتمد مجلس الصندوق في نهاية مارس (آذار) الماضي، المراجعتين الأولى والثانية، في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إجماليها إلى 8 مليارات دولار، ما سمح لمصر بسحب سيولة من الصندوق بنحو 820 مليون دولار على الفور.

وخلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، على هامش اجتماعات «مجموعة العشرين» في البرازيل، قال الوزير: «إننا ملتزمون بتحقيق الانضباط المالي من أجل وضع مسار دين أجهزة الموازنة للناتج المحلي في مسار نزولي، ونستهدف خلق مساحة مالية كافية تتيح زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، ونعمل أيضاً على خفض معدلات التضخم لضمان استقرار الأسعار لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ومساندة تنافسية الشركات».

وأشار الوزير إلى أن أولوية الحكومة خلال الفترة المقبلة زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص ودفع الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وكذلك تطوير بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لافتاً إلى «أننا نعمل على تبسيط الإجراءات الخاصة بمنظومتي الضرائب والجمارك لإعادة بناء الثقة بين مجتمع الأعمال والإدارة الضريبية وتحسين الخدمات للممولين».

وأوضح كجوك، أن بلاده حريصة على دفع الإصلاحات الهيكلية ودفع الاستثمارات الخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا وتحلية المياه والبنية التحتية، مشيراً إلى العمل أيضاً على «اتساق السياسات الاقتصادية من خلال وضع سقف لإجمالي الاستثمارات العامة والضمانات الحكومية ونسبة دين الحكومة العامة للناتج المحلي».

على صعيد موازٍ، عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المصرية، لقاءاتٍ مكثفة مع وزراء الاقتصاد والتنمية والتعاون الدولي، إلى جانب مسؤولي مؤسسات التمويل الدولية، المُشاركين في الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة العشرين» بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك لبحث أولويات التعاون المشترك وتعزيز الشراكات المستقبلية في ضوء أولويات وبرنامج الحكومة.

والتقت المشاط بكل من: أحمد حسين وزير التنمية الدولية الكندي، وإيفا جرانادوس وزيرة الدولة للتعاون الدولي الإسبانية، وريم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيفينا شولز الوزيرة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وأنيليز جين دودز وزيرة الدولة لشؤون المرأة والمساواة في المملكة المتحدة، وخوسيه دي ليما وزير الدولة للاقتصاد الأنغولي، وكريسولا زاكاروبولو وزيرة الدولة للتعاون الإنمائي بفرنسا.

كما عقدت الوزيرة لقاءً مع جوتا أوربيلينين المفوضة الأوروبية للشراكات الدولية، وسيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، وريبيكا جرينسبان الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، كما التقت أنيل كيشورا نائب الرئيس والمدير التنفيذي لبنك التنمية الجديد (NDB)، وألفارو لاريو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد).

وخلال اللقاءات ناقشت المشاط، فُرص التعاون المستقبلي مع الاتحاد الأوروبي استمراراً للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين وجهود تعزيز الاستثمارات من خلال آلية ضمان الاستثمار التي يجري تنفيذها، وكذلك تعزيز جهود الإصلاحات الهيكلية.