استحواذ «الاستثمارات العامة» على شركتي حديد يعزز نمو الاقتصاد السعودي

محللون لـ«الشرق الأوسط»: سيساهم في ظهور منشأة عملاقة تنافس عالمياً

صندوق الاستثمارات العامة يستحوذ على شركة «حديد» المملوكة بالكامل لـ«سابك» (موقع سابك)
صندوق الاستثمارات العامة يستحوذ على شركة «حديد» المملوكة بالكامل لـ«سابك» (موقع سابك)
TT

استحواذ «الاستثمارات العامة» على شركتي حديد يعزز نمو الاقتصاد السعودي

صندوق الاستثمارات العامة يستحوذ على شركة «حديد» المملوكة بالكامل لـ«سابك» (موقع سابك)
صندوق الاستثمارات العامة يستحوذ على شركة «حديد» المملوكة بالكامل لـ«سابك» (موقع سابك)

أعلن «صندوق الاستثمارات العامة» عن استحواذه على «السعودية للحديد والصلب» (حديد) المملوكة بالكامل للشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، في صفقة قالت «سابك» إن قيمتها بلغت 12.5 مليار ريال (3.3 مليار دولار)، في وقت أعلن فيه الصندوق أيضاً عن استحواذ «حديد» على شركة «الراجحي للصناعات الحديدية» (حديد الراجحي) من شركة «الراجحي للاستثمار»، مقابل زيادة رأس المال والاكتتاب على حصص جديدة في شركة «حديد».

جاء الإعلان عن الصفقتين في بيان أصدره «صندوق الاستثمارات العامة»، أمس (الأحد)، أشار فيه إلى أن الصفقتين ستدعمان جهوده في المساهمة بتنمية الصناعة المحلية وتلبية الطلب المحلي المتزايد على منتجات الحديد في قطاع التشييد والبناء والمركبات، والمرافق الخدمية، والطاقة المتجددة، والنقل، والخدمات اللوجستية، وذلك بما يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

ووصف محللون ماليون هاتين الصفقتين بأنهما ستسهمان في تعزيز نمو الاقتصاد السعودي في القطاعات الاقتصادية المهمة عالمياً، وفي تنويع مصادر الدخل وتحقيق الاستدامة المالية للاقتصاد السعودي، مشيرين إلى أنهما ستعززان من المحفظة الاستثمارية لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، وفي ظهور منشأة جديدة سعودية عملاقة، تستطيع المنافسة عالمياً في قطاع الحديد والصلب، والدخول في كثير من المشاريع الكبيرة، سواء داخل أو خارج المملكة.

نحو تعزيز نمو الاقتصاد

ويرى المحلل المالي عبد الله الجبلي، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن هذا الاستحواذ يأتي في سياق توجهات الحكومة نحو تعزيز نمو الاقتصاد السعودي في القطاعات الاقتصادية المهمة عالمياً، حيث يُعد قطاع البنية التحتية وقطاع الحديد من أهم ركائز ذلك القطاع.

وأضاف الجبلي أن شراء صندوق الاستثمارات العامة شركتي «حديد سابك» و«حديد الراجحي» ودمجهما في شركة واحدة سيسهم في ظهور منشأة جديدة سعودية عملاقة، تستطيع المنافسة عالمياً في هذه السوق، والدخول في كثير من المشاريع الكبيرة، سواء داخل أو خارج المملكة.

وأوضح أن توقيت الاستحواذ يأتي في ظل التراجع الحاد للنتائج المالية لشركات البتروكيميائيات، ما سيساعد شركة «سابك» في الفترة المقبلة على التركيز على تعزيز ربحيتها في قطاع البتروكيميائيات في ظل الضغط العالمي على أسعار منتجات ومبيعات القطاع، بالإضافة إلى التركيز العالي في قطاعها المستهدف واستخدام متحصلات البيع في التوسع في مجال البتروكيميائيات، سواء بالتوسع في بناء ورفع الطاقة الاستيعابية لمصانعها أو في إضافة منتجات جديدة للأسواق.

من جانبه، قال المحلل المالي الرئيس التنفيذي لـG World، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، إن هذا الاستحواذ سيعزز من المحفظة الاستثمارية لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، خصوصاً أنه يأتي في قطاع الحديد والصلب، الذي ينظر إليه الصندوق بعناية، حيث يغذي القطاع مشاريع «رؤية السعودية 2030» بشكل عام.

وأضاف أن «وجود شركة حديد في المحفظة الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة سوف يعزز من قدرة الشركة في المشاريع الداخلية والمشاريع الخارجية، ويجعلها شريكاً رئيسياً في مشاريع الصندوق العملاقة الداخلية والخارجية، ما سينعكس على الشركة وقوتها وقيمتها السوقية».

ولفت إلى أن الصفقة سوف تنعكس على «سابك» في تحسين نتائجها المالية وتعزيز نتائج الأعمال الخاصة ونمو الشركة في قطاع البتروكيميائيات، ومن المتوقع أن يظهر أثر الصفقة على النتائج المالية للشركة خلال الربع الأول من العام المقبل، كما يمكن أن يستمر التأثير على نتائج الشركة في الربع الثاني من عام 2024.

وأشار حمدي إلى أن «سابك» تدرك من خلال هذه الصفقة التغيرات التي تمر بها السوق في الفترة الحالية وضرورة التنوع بشكل مدروس واستغلال الفرص الجديدة التي تظهر في السوقين السعودية والعالمية، مستبعداً «أن تلجأ الشركة إلى استراتيجية انكماشية في الفترة المقبلة، بل سوف تتوسع بشكل أكبر في مجالات صناعات التقنيات الناشئة التي سوف تعزز من قطاعاتها الحالية، وستفتح آفاقاً جديدة ومغايرة لها».

فرص توظيف جديدة

من جهته، قال المحلل المالي سعد الفريدي، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، إن هذا الاستحواذ سيعزز من دور الصندوق في تنويع مصادر الدخل وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 في الاعتماد على المحتوى المحلي، والتوسع في قطاع التعدين واختراق الأسواق العالمية في هذا المجال الحيوي والمهم، ما سيسهم في تحقيق الاستدامة المالية للاقتصاد السعودي وتعزيز قوة الريال السعودي وتقليل مخاطر الاعتماد على الصادرات النفطية.

وأضاف أن هذه الصفقة سيكون لها دور كبير في خلق وظائف جديدة في سوق العمل السعودية، كما أنها تتماشى مع الخطط الاستراتيجية لصندوق الاستثمارات العامة، والتوجه نحو بناء علامة تجارية جديدة في قطاع الحديد لتكون الشركة الرائدة محلياً وإقليمياً في صناعة الحديد، من أجل تقديم حلول مبتكرة متنوعة وفائقة الجودة للزبائن عبر التميّز التقني والثروة البشرية المبدعة.

وأشار الفريدي إلى أن موافقة «سابك» على بيع حصتها في شركة «حديد» سيساعدها في تعزيز الثقة في علامتها التجارية التي صنعتها خلال خبرتها الطويلة في قطاع البتروكيميائيات وإعادة تركيزها من جديد نحو تطوير ونمو القطاع، لافتاً إلى أن قطاع التعدين كان له أثر كبير في تراجع ربحية الشركة خلال الفترة الماضية، وتسبب في ضعف قدرة الشركة على تحقيق أرباح مجمعة.

وشرح أن السعودية تتربع على احتياطي من خام الحديد يقدر بنحو 780 مليون طن، وتبعاً لذلك فهي تتبوأ المركز العشرين عالمياً من حيث الطاقة الإنتاجية للحديد والصلب، كما أنها صُنِّفت في المركز الرابع بقائمة أكبر منتجي الصلب باستخدام عملية الاختزال المباشر الصديقة للبيئة، في حين يبلغ حجم سوق الصلب في المملكة نحو 12 مليون طن.

الإعلان عن الصفقتين

كان «صندوق الاستثمارات العامة» أعلن عن توقيعه اتفاقية شراء أسهم للاستحواذ على الشركة السعودية للحديد والصلب (حديد) بنسبة 100 في المائة من الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، واستحوذ «حديد» على شركة الراجحي للصناعات الحديدية (حديد الراجحي) من شركة «الراجحي للاستثمار»، بنسبة 100 في المائة، مقابل زيادة رأس المال والاكتتاب بحصص جديدة في شركة «حديد».

ولإتمام الصفقات، يشترط استيفاء الشروط والحصول على الموافقات الرسمية من الجهات ذات العلاقة، وسيتم تحديد نسبة ملكية كل من صندوق الاستثمارات العامة و«الراجحي للاستثمار» في شركة «حديد»، وفق آليات إتمام الصفقات المذكورة في الاتفاقيات المعنية.

جاء الإعلان عن الصفقتين في بيان أصدره صندوق الاستثمارات العامة يوم الأحد، حيث أشار فيه إلى أن الصفقتين ستدعمان جهوده في المساهمة بتنمية الصناعة المحلية وتلبية الطلب المحلي المزداد على منتجات الحديد في قطاع التشييد والبناء والمركبات، والمرافق الخدمية والطاقة المتجددة والنقل والخدمات اللوجيستية، وذلك بما يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وتتماشى الصفقتان مع استراتيجية «صندوق الاستثمارات العامة» لتمكين 13 قطاعاً استراتيجياً، من ضمنها قطاع المعادن والتعدين.

وقال يزيد الحميّد، نائب المحافظ ورئيس الإدارة العامة للاستثمارات بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «صندوق الاستثمارات العامة»، في البيان، إن الصفقتين ستعملان على «الجمع بين القدرات المالية للصندوق وخبراته الاستثمارية في القطاع، مع الخبرات التقنية والتجارية لشركتي (حديد الراجحي) و(حديد)، ما يسهم في تطوير منظومة ريادية وطنية بقطاع الحديد»، مضيفاً أن ذلك يتماشى مع دور الصندوق في إيجاد شراكات استراتيجية تسهم في تمكين القطاع الخاص.


مقالات ذات صلة

رئيس «معادن»: حفر 820 ألف متر من آبار الاستكشاف بالسعودية خلال عامين

الاقتصاد مهندس يعمل في إحدى المنشآت التابعة لـ«معادن» (الشركة) play-circle 02:41

رئيس «معادن»: حفر 820 ألف متر من آبار الاستكشاف بالسعودية خلال عامين

تتعاون شركة التعدين العربية السعودية (معادن) مع رواد العالم وتستفيد من أحدث التقنيات لتقديم أكبر برنامج تنقيب في منطقة واحدة على مستوى العالم.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد منظر عام لمنجم «كوبري بنما» المملوك لشركة «فيرست كوانتوم مينيرالز» الكندية في دونوسو (رويترز)

تقرير: قطاع المعادن والتعدين يحافظ على مرونته في مواجهة التحديات الحالية

أكد التقرير الدولي الذي نشرته شركة «كي بي إم جي» حول المعادن والتعدين، التزام القطاع الراسخ بالاستدامة والتحول الرقمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح الشركة في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار 2024» (موقع المبادرة الإلكتروني)

«معادن» السعودية تتحول إلى الربحية في الربع الثالث بدعم من المبيعات

تحوّلت شركة التعدين العربية السعودية (معادن)، إلى الربحية بنهاية الربع الثالث من العام الحالي، محققة صافي ربح بنحو مليار ريال تقريباً (266 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح الشركة في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار 2024» (موقع المبادرة الإلكتروني)

السوق المالية السعودية تعتمد زيادة رأسمال «معادن»

أعلنت هيئة السوق المالية السعودية، الثلاثاء، موافقتها على طلب شركة «التعدين العربية السعودية (معادن)» زيادة رأسمالها إلى 38.027 مليار ريال (10.1 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جلسة حوارية في اليوم الثاني من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» (الشرق الأوسط)

«سابك»: 12.5 % نسبة خفض الانبعاثات منذ 2010

قال الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة في «سابك» السعودية، عبد الرحمن الفقيه، الأربعاء، إن 12.5 في المائة هي نسبة الخفض في الانبعاثات التي حققتها الشركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.