السعودية تضع تدابير احترازية للمنشآت المؤثرة في النظام المالي

مشروع لائحة تنفيذية جديدة تعالج تعثرات المؤسسات المحلية

تتزامن اللائحة التنفيذية الجديدة مع انهيارات المصارف الأميركية الكبرى في الفترة الأخيرة (الشرق الأوسط)
تتزامن اللائحة التنفيذية الجديدة مع انهيارات المصارف الأميركية الكبرى في الفترة الأخيرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تضع تدابير احترازية للمنشآت المؤثرة في النظام المالي

تتزامن اللائحة التنفيذية الجديدة مع انهيارات المصارف الأميركية الكبرى في الفترة الأخيرة (الشرق الأوسط)
تتزامن اللائحة التنفيذية الجديدة مع انهيارات المصارف الأميركية الكبرى في الفترة الأخيرة (الشرق الأوسط)

تستعد السعودية لتطبيق لائحة تنفيذية جديدة لنظام معالجة المنشآت المالية المهمة، المختصة بالمؤسسات التي قد يؤثر تعثرها سلباً في النظام المالي بالمملكة، وذلك ضمن إجراءات احترازية لمواجهة الاضطرابات والأزمات الاقتصادية والمالية المحلية والإقليمية والعالمية.

وأعلن البنك المركزي السعودي (ساما)، الثلاثاء، طرح مشروع «مسودة اللائحة التنفيذية لنظام معالجة المنشآت المالية المهمة» لطلب مرئيات العموم من المهتمين والمختصين، وذلك عبر منصة «استطلاع» التابعة للمركز الوطني للتنافسية.

يأتي هذا الإجراء الاحترازي فيما شهد الكثير من المصارف الأميركية انهيارات لا تزال تداعياتها مستمرة إلى اليوم، حيث يواجه القطاع المصرفي في الولايات المتحدة ضغوطاً كبيرة. الأمر الذي دفع المملكة إلى اتخاذ احتياطاتها لوضع خطة تضمن عدم تأثر اقتصادها نتيجة تعثر المؤسسات المالية المهمة في البلاد.

استعادة المركز المالي

وحسب مسودة اللائحة التنفيذية لنظام معالجة المنشآت المالية المهمة، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، يُلزم فيها البنك المركزي السعودي المنشآت المالية المستهدفة بتقديم خطة الاستعادة بشكل معين أو باستخدام نموذج محدد لجميع المعلومات المطلوبة أو بعضها، وكذلك إدراج مؤشرات كمية ونوعية في خطة الاستعادة، بالإضافة إلى الإجراءات التي قد تتخذها المنشأة لكل مؤشر بهدف استعادة مركزها المالي.

وتُلزم «ساما» المؤسسات أيضاً بإجراء اختبار حالات تطبيقية لخطة الاستعادة، وأن تتضمن النتيجة التي توصل إليها وتفيد بأنه من المرجح بشكل معقول استعادة المركز المالي واستمرارية للمنشآت المالية أو المجموعة أو الحفاظ عليها.

في حال كانت المنشأة المالية المهمة جزءاً من مجموعة مالية خاضعة لإشراف ورقابة البنك المركزي بشكل منفرد، يجوز للشركة القابضة للمجموعة إعداد خطة الاستعادة والاحتفاظ بها، ويتعين أن تشمل الخطة للمجموعة المالية بأكملها، وأن تحدد الإجراءات المقرر تطبيقها على مستويات المنشأة المالية الأم والمنشأة التابعة لها.

المناصب العليا

ووفق مسودة المشروع، تعد خطة الاستعادة المسؤولية المباشرة لأحد شاغلي المناصب العليا على مستوى المنشأة المالية الملزمة بإعداد الخطة، كعضو مجلس الإدارة أو الإدارة العليا.

وفي حال كانت الخطة متمثلة بخطة استعادة لمجموعة، تكون المسؤولية المباشرة لأحد شاغلي المناصب العليا على مستوى الشركة القابضة، كعضو مجلس الإدارة أو الإدارة العليا.

ويتم اعتماد خطة الاستعادة من مجلس الإدارة أو الإدارة العليا للمنشأة المالية أو الشركة القابضة، حسبما ينطبق.

وطبقاً للائحة التنفيذية الجديدة، على المنشأة أو المجموعة المالية مراجعة خطة الاستعادة وتحديثها سنوياً على الأقل وخلال 90 يوماً في حال حدوث تغيير جوهري على هيكلها التنظيمي أو التجاري أو التشغيلي أو المالي.

ويقوم البنك المركزي بتقييم إمكانية معالجة المنشأة المالية المهمة أو المجموعة المالية بناءً على خطة المعالجة الخاصة بها وأي معلومات أخرى متاحة، وتشمل المعلومات المذكورة في حزمة المعالجة.

خطة استراتيجية

وتمنح اللائحة الجديدة «ساما» وضع استراتيجية معالجة لمنشأة مالية مهمة أو مجموعتها المالية إذا كانت تخضع لإشراف ورقابة البنك المركزي بشكل منفرد.

ومن حق البنك المركزي أن يطلب معلومات من المنشأة أو المجموعة المالية وأي منشأة في مجموعتها لغرض تقييم إمكانية المعالجة بشكل منفرد، ويجود لـ«ساما» أن يطالب بالوصول إلى موظفيها أو مقراتها.

وفي كل الأحوال، على البنك المركزي أن يتجنب إلى أقصى قدر ممكن أي آثار سلبية كبيرة على النظام المالي، بما في ذلك ظروف عدم الاستقرار المالي أو الأحداث الطارئة على مستوى النظام المالي، وأن يهدف إلى ضمان استمرارية الأنشطة الضرورية التي تمارسها المنشأة المالية المهمة.

وإذا رأى البنك المركزي عدم إمكانية معالجة منشأة أو مجموعة بشكل منفرد، يجوز التوجيه باتخاذ إجراءات لتحسين إمكانية معالجتها.

تعديل رأس المال

ويوجه «ساما» باتخاذ إجراءات تتعلق بمتطلبات تعديل رأس المال أو هيكل التمويل، وكذلك الهيكل التنظيمي وخطوط الأعمال وترتيبات الدعم التشغيلي، إلى جانب تعديل استراتيجية وحزمة المعالجة.

ويتخذ البنك المركزي قراراً بعزل عضو أو أكثر من أعضاء مجلس الإدارة، وعضو أو أكثر من الموظفين التنفيذيين، وأي تدابير أو إجراءات يرى «ساما» مناسبتها.

وفي حال رأى البنك المركزي أن منشأة أو شركتها القابضة قد أخلّت، أو من المرجح أن تُخل بمتطلبات رأس المال والسيولة أو شروط الترخيص الأخرى، يجوز أن يطلب تحديثها خطة الاستعادة أو تعديلها وتنفيذها، وكذلك تقييم الوضع وتحديد الإجراءات اللازمة لحل المشكلات التي تم الكشف عنها ووضع برنامج عمل لتخطيها وجدول زمني لتنفيذه.

ويجوز أن يعقد اجتماعاً لمساهمي المنشأة أو الشركة القابضة يقوم فيه بوضع جدول الأعمال وطلب طرح قرارات معينة على المساهمين لاعتمادها، وللبنك المركزي صلاحية أن يحضر الاجتماع إذا رأى مناسبة ذلك.

عزل الأعضاء

ويحق لـ«ساما» طلب عزل أو استبدال عضو أو أكثر من مجلس الإدارة أو الإدارة العليا للمنشأة المالية أو الشركة القابضة، وأن يعيّن أميناً مؤقتاً أو أكثر، وكذلك المطالبة بوضع خطة للتفاوض حول إعادة هيكلة الدين مع بعض دائنيها أو جميعهم، بالإضافة إلى التعديل أو الإنهاء المحتمل لبعض العقود.

ويطلب البنك المركزي أيضاً تعديل استراتيجية الأعمال، وتعديل الشكل القانوني أو الهيكل التشغيلي للمنشأة، وأن يحصل على جميع المعلومات، بما في ذلك ما قد يتبين خلال الفحص الميداني الذي يرى البنك أنها ضرورية لتحديث خطة المعالجة والإعداد لاتخاذ إجراءات المعالجة المحتملة، ومن ذلك القدرة على تقييم أصول المنشأة والتزاماتها.

ويتولى موظفو البنك المركزي المعيّنون بناءً على نظام مسؤولية الإشراف والرقابة الكشف والإبلاغ عن أي مخالفات للنظام، ولهذه اللائحة، ولأي قواعد ذات صلة.

ويجوز لموظفي «ساما» المختصين الوصول إلى السجلات، وتلقي الشكاوى، واستجواب الموظفين أو المديرين أو الوكلاء لأي شخص خاضع لأحكام النظام، واللائحة، وأي قواعد ذات صلة، واتخاذ أي إجراء آخر في سبيل الحصول على المعلومات المتعلقة بأداء هذه المسؤوليات والمهام.

وعلى الأشخاص الخاضعين لأحكام النظام، واللائحة، وأي قواعد أخرى ذات صلة أن يقوموا بالتعاون مع موظفي البنك المركزي لتمكينهم من أداء مهامهم على أكمل وجه.

وجاء مشروع المسودة انطلاقاً من أهداف وأدوار «ساما» في المحافظة على الاستقرار النقدي والقطاع المالي وتعزيز الثقة به ودعم النمو الاقتصادي، واختصاصاته في الإشراف والرقابة على المؤسسات المالية التي يشرف على نشاطها.


مقالات ذات صلة

السعودية الأولى عربياً والـ20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»

الاقتصاد منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

السعودية الأولى عربياً والـ20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»

حققت السعودية المركز الأول على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز الـ20 عالمياً، وفق مؤشر البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد خلال لقاء الوزير الخطيب عدداً من المستثمرين ورواد الأعمال في الأحساء (حساب الوزير على منصة إكس)

دعم السياحة في محافظة الأحساء السعودية بمشاريع تتجاوز 932 مليون دولار

أعلن وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب دعم السياحة بمحافظة الأحساء، شرق المملكة، بـ17 مشروعاً تتجاوز قيمتها 3.5 مليار ريال وتوفر أكثر من 1800 غرفة فندقية.

«الشرق الأوسط» (الأحساء)
الاقتصاد جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)

السعودية تعلن الميزانية العامة للدولة لعام 2025

يعقد مجلس الوزراء السعودي غداً جلسة مخصصة للميزانية العامة للدولة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المهندس خالد الفالح خلال كلمته الافتتاحية بمؤتمر الاستثمار العالمي في نسخته الثامنة والعشرين المنعقد بالرياض (الشرق الأوسط) play-circle 01:10

الاستثمارات الأجنبية تتضاعف في السعودية... واستفادة 1200 مستثمر من «الإقامة المميزة»

تمكنت السعودية من مضاعفة حجم الاستثمارات 3 أضعاف والمستثمرين بواقع 10 مرات منذ إطلاق «رؤية 2030»

عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد محمد يعقوب متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» خلال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض (الشرق الأوسط) play-circle 00:56

مسؤول في «هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي»: 4 سنوات لربط الكويت بالسعودية سككياً

قال مساعد المدير العام لشؤون تطوير الأعمال في «هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر» بالكويت محمد يعقوب لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده تعمل على تعزيز الاستثمارات.

عبير حمدي (الرياض)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.