عوائد السندات تشتعل قبل اجتماعات جاكسون هول

بلغت أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية

مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)
مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

عوائد السندات تشتعل قبل اجتماعات جاكسون هول

مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)
مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)

خلال الساعات الأخيرة، ووسط توقعات اقتصادية عالمية مربكة، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية والأوروبية واليابانية مسجلةً مستويات مرتفعة جديدة لفترة ما بعد الأزمة المالية، وسط تكهنات ببقاء أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة لفترة أطول. ووصل عائد السندات القياسية الأميركية لأجل 10 سنوات، صباح الثلاثاء، إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2007، عند 4.366 في المائة، قبل أن يتراجع قليلاً مع زيادة حركة البيع.

وفي حين تترقب الأوساط الاقتصادية كافة ندوة جاكسون هول للبنوك المركزية في وقت لاحق من الأسبوع، حيث يركز الجميع على الأخص على كلمات من كل من كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، وجيروم بأول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، لاستشراف التوقعات بشأن أسعار الفائدة... فإن التوقعات المتضاربة حتى صباح الثلاثاء باحتمالية وقف التشديد النقدي، دفعت إلى التكالب على السندات طويلة الأجل مضمونة العوائد.

لكن مؤشرات قوة الاقتصاد الأميركي زادت من خفض توقعات التوقف عن رفع الفائدة في وقت قريب، مما خفّف من موجة الشراء الضخمة للسندات، لتبدأ مستويات العائد في الهبوط قليلاً.

وتراجعت عوائد السندات الحكومية في منطقة اليورو قليلا يوم الثلاثاء، بعدما ارتفعت بشدة يوم الاثنين مع زيادة الضغط الصعودي من نظيرتها الأميركية. وارتفعت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بنحو ثماني نقاط أساس لتلامس 2.729 في المائة، وهو أعلى مستوى لها منذ أوائل مارس (آذار) عندما وصلت إلى 2.77 في المائة. كما ارتفعت عوائد السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات بنحو 7 نقاط أساس عند 4.39 في المائة.

ولم تَسلم الأسواق الآسيوية من الصعود، إذ سجل عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل عشر سنوات يوم الثلاثاء أعلى مستوى في أكثر من تسع سنوات، متجاوزاً المستوى الذي دفع بنك اليابان للتدخل في السوق في وقت سابق من هذا الشهر. وارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار 1.5 نقطة أساس إلى 0.665 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ يناير (كانون الثاني) 2014.

وكان من الممكن أن تدفع زيادة العائد بنك اليابان إلى إجراء عمليات شراء طارئة، لكن البنك المركزي لم يعلن عن أي تحرك من هذا القبيل بحلول الساعة 05:30 بتوقيت غرينتش، حيث قال المشاركون في السوق إن وتيرة ارتفاع العائد ثابتة.

وقال ناويا هاسيغاوا، كبير استراتيجيي السندات في «أوكاسان للأوراق المالية»: «ارتفع العائد على خلفية الزيادات في عوائد سندات الخزانة الأميركية خلال الليل. لقد كانت خطوة منظمة ولم تكن مدفوعة بالمضاربات، ولهذا السبب لم يتدخل بنك اليابان».

وأثار غياب بنك اليابان عن السوق في الجلسة الحالية تكهنات حول الظروف التي سيجري فيها بنك اليابان عمليات طارئة لاحتواء العوائد، وهي خطوة قد تؤثر على الين وسوق الأسهم اليابانية.

وقال كيسوكي تسوروتا، استراتيجي الدخل الثابت لدى «ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي للأوراق المالية»: «لا تزال السوق تبحث عن مستوى التوازن لعائد السندات لأجل 10 سنوات... ما زلنا لا نعرف ما إذا كانت المرحلة التالية لتدخل بنك اليابان - هل ستكون عندما يصل العائد إلى 0.7 في المائة، أو عندما يرتفع بسرعة؟».

وفي 3 أغسطس (آب)، أجرى بنك اليابان عمليات شراء غير مقررة للسندات بعد أن وصل العائد لأجل 10 سنوات إلى 0.655 في المائة، وهي عملية الشراء الطارئة الثانية في ذلك الأسبوع.

وعوائد السندات هي مقدار العائد الذي يحصل عليه المستثمر من شراء سند، وتُحسب العوائد على أنها النسبة بين الفائدة السنوية إلى سعر الشراء. على سبيل المثال، إذا اشترى المستثمر سنداً بسعر 100 دولار ودفعت السندات 5 دولارات من الفائدة السنوية، فإن عوائد السندات ستكون 5 في المائة.

وتختلف عوائد السندات حسب نوع السندات ومدتها، حيث تميل السندات ذات المخاطر العالية إلى تقديم عوائد أكبر من السندات ذات المخاطر المنخفضة. كما تميل السندات ذات المدد الطويلة إلى تقديم عوائد أعلى من السندات ذات المدد القصيرة، وهو ما يُعرف اصطلاحاً بمسمى «منحنى العائد».

تعد عوائد السندات أحد العوامل التي يأخذها المستثمرون في الاعتبار عند اتخاذ قرار الاستثمار في السندات. كما أنها مؤشر على صحة الاقتصاد.

وهناك الكثير من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع عوائد السندات لمستويات قياسية، وعلى رأسها توقعات كل من معدل الفائدة ومستوى التضخم والنمو الاقتصادي. إذ يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى زيادة عوائد السندات، لأن المستثمرين يطلبون عائداً أعلى على السندات التي تصدر بمعدل فائدة أعلى.

في حين يؤدي التضخم إلى زيادة تكلفة المعيشة للأفراد والشركات، ويدفع المستثمرين إلى طلب عائدات أعلى على السندات للتعويض عن الخسائر التي يتعرضون لها بسبب التضخم. فيما يزداد الطلب على السندات مع نمو الاقتصاد بوتيرة أقوى... وإضافةً إلى ذلك، فإن تنامي التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، مع زيادة المخاطر في الأسواق المالية والأصول الخطرة، يدفع لمزيد من الإقبال على السندات ويرفع من عوائدها.

وفي أسواق المال، يوم الثلاثاء، ارتفعت أسعار الذهب فوق مستوى 1900 دولار للأوقية (الأونصة) مدعومةً بانخفاض طفيف للدولار وعوائد السندات. وصعد الذهب في السوق الفورية 0.5 في المائة إلى 1902.50 دولار للأوقية بحلول الساعة 10:09 بتوقيت غرينتش. كما ارتفع سعر العقود الآجلة للذهب الأميركي 0.5 في المائة إلى 1932.30 دولار للأوقية.

وقال المحلل المستقل روس نورمان: «في الوقت الحالي، أعتقد أن أسعار الذهب تستمد الدعم بسبب التصحيح السعري للدولار واقتناص الصفقات عند هذه المستويات». وأضاف: «لا نتوقع أن نرى تحركات كبيرة في الذهب قبل ندوة جاكسون هول لأن الناس ستكون في حالة ترقب. لكنّ عوائد سندات الخزانة الأميركية، التي بلغت أعلى مستوياتها في 16 عاماً، لا تزال القضية الرئيسية التي لا يتحدث عنها أحد».

وانخفض الدولار 0.2 في المائة مقابل العملات المنافسة، مما يجعل الذهب أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى.

وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في السوق الفورية 0.3 في المائة إلى 23.24 دولار للأوقية، وصعد البلاتين 1.2 في المائة إلى 920 دولاراً، وزاد البلاديوم 1.5 في المائة إلى 1264.14 دولار.


مقالات ذات صلة

بيسنت يدفع «وول ستريت» نحو مكاسب تاريخية

الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

بيسنت يدفع «وول ستريت» نحو مكاسب تاريخية

ارتفعت الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية مما أضاف إلى المكاسب التي حققتها الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك يرتدي قبعة دعماً للجمهوري دونالد ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)

سوق السندات الأميركية تُطلِق إنذاراً بشأن خطط خفض الضرائب

يلوح في الأفق تحذير شديد من سوق ديون الخزانة الأميركية، التي تبلغ 28 تريليون دولار، ضد إضافة مزيد من العبء على الدين الذي ينمو بمقدار تريليونَي دولار سنوياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال فعالية انتخابية في آشيفيل بولاية نورث كارولينا (رويترز)

تعيين بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية يحرك الأسواق العالمية

رحبت سوق السندات بتعيين سكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية يوم الاثنين، وسط توقعات بأن يقوم بفرض قيود على الدين الأميركي، مما دفع العوائد إلى التراجع.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم الكوري المركب «كوسبي» وسعر الصرف الأجنبي في غرفة تداول العملات الأجنبية في سيول (رويترز)

اختيار بيسنت لمنصب وزير الخزانة يرفع أسعار السندات في الأسواق الآسيوية

ارتفعت سندات الخزانة الأميركية في الجلسة الآسيوية يوم الاثنين مع ترحيب المستثمرين في السندات باختيار سكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

النفط يهبط بأكثر من دولار بعد تقارير وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

منظر عام لمعدات حفر النفط على الأراضي الفيدرالية بالقرب من فيلوز بكاليفورنيا (رويترز)
منظر عام لمعدات حفر النفط على الأراضي الفيدرالية بالقرب من فيلوز بكاليفورنيا (رويترز)
TT

النفط يهبط بأكثر من دولار بعد تقارير وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

منظر عام لمعدات حفر النفط على الأراضي الفيدرالية بالقرب من فيلوز بكاليفورنيا (رويترز)
منظر عام لمعدات حفر النفط على الأراضي الفيدرالية بالقرب من فيلوز بكاليفورنيا (رويترز)

انخفضت أسعار النفط أكثر من دولار واحد يوم الاثنين، بعد أن ذكر موقع «أكسيوس» أن إسرائيل ولبنان اتفقا على شروط اتفاق لإنهاء الصراع بين تل أبيب و«حزب الله»، وذلك نقلاً عن مسؤول أميركي رفيع المستوى لم يذكر اسمه.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.34 دولار أو 1.78 في المائة إلى 73.83 دولار للبرميل بحلول الساعة 15:00 (بتوقيت غرينتش)، في حين انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.44 دولار أو 2.02 في المائة إلى 69.80 دولار للبرميل.

وقال جيوفاني ستاونوفو من بنك «يو بي إس»: «يبدو أن أنباء وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان وراء انخفاض الأسعار، على الرغم من عدم تعطل الإمدادات بسبب الصراع بين البلدين، كما أن علاوة المخاطرة في النفط كانت منخفضة بالفعل قبل انخفاض الأسعار الأخير».

وقد أدّت المخاطر الجيوسياسية لتعطل الإمدادات من إيران أو روسيا إلى ارتفاع أسعار النفط الخام الأسبوع الماضي.

وحققت عقود خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأميركي الأسبوع الماضي أكبر مكاسب أسبوعية منذ أواخر سبتمبر (أيلول) لتصل إلى أعلى مستويات تسوية منذ السابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أن أطلقت روسيا صاروخاً (فرط صوتي) على أوكرانيا في تحذير للولايات المتحدة والمملكة المتحدة في أعقاب الضربات التي وجهتها كييف لروسيا باستخدام أسلحة أميركية وبريطانية.