مضيق تايوان... «سرّة متوترة» لتجارة شرق آسيا

180 كيلو متراً تحبس أنفاس الاقتصاد العالمي

علم تايوان خلال مناورة بحرية في مضيقها البحري العام قبل الماضي (رويترز)
علم تايوان خلال مناورة بحرية في مضيقها البحري العام قبل الماضي (رويترز)
TT

مضيق تايوان... «سرّة متوترة» لتجارة شرق آسيا

علم تايوان خلال مناورة بحرية في مضيقها البحري العام قبل الماضي (رويترز)
علم تايوان خلال مناورة بحرية في مضيقها البحري العام قبل الماضي (رويترز)

على الرغم من أن عرضه لا يتجاوز 180 كيلومتراً، يعد مضيق تايوان أحد أهم رموز النظام الاقتصادي العالمي، إذ تمر عبره نحو 500 ألف رحلة سفينة سنوياً تحمل مختلف الشحنات من سلع أساسية إلى بضائع تامة الصنع، ما يجعله أحد أكثر معابر التجارة العالمية حساسيةً مع مرور نحو 25 في المائة من حجم هذه التجارة عبره.

ويقع المضيق بين ساحل الصين الجنوبي الشرقي وجزيرة تايوان، حيث يتصل ببحر الصين الشرقي. ونظراً لقربه من أهم البلاد الصناعية والاقتصادية في جنوب شرقي آسيا، وهي الصين واليابان وكوريا، فإن حركة التجارة عبره تعد رئيسية في الاقتصاد العالمي، كما أنه يعد ممراً مهماً لصادرات النفط الروسية إلى دول شرق آسيا على وجه العموم.

لكن الممر المائي المهم يقع في موضع شديد الحساسية، إذ إن العداوة بين طرفيه لا تهدأ منذ إعلان تايوان الانفصال عن البر الرئيسي للصين منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949، حين طردت قوات الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، القوات الانفصالية المدعومة من الولايات المتحدة إلى الجزيرة الصغيرة، لتعلن الأخيرة انفصالها من جانب واحد.

ومنذ ذلك الوقت لا تتوقف المناوشات بين الطرفين، مع توتر لا يهدأ بين الصين والولايات المتحدة؛ الحليف الأول لتايوان. ووسط هذه التوترات، تزداد المخاوف من اضطراب حركة الملاحة في أحد أهم المضائق التجارية والاستراتيجية عالمياً، الذي قد يهدد سلاسل التوريد العالمية بشكل فائق.

ووفقاً لبيانات حركة التجارة العالمية، فإن أبرز الدول التي تستخدم مضيق تايوان في تجارتها بشكل مباشر هي كل من الصين والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان وتايوان وسنغافورة وهونغ كونغ وماليزيا وإندونيسيا والفلبين.

ورغم وجود بدائل للتجارة على الجانب الصيني، فإن موانئ شرق الصين تعد أبرز منافذ العملاق الصيني وأكثرها تجهيزاً للتجارة العالمية. ومن بين أبرز هذه الموانئ ميناء نينغبو تشوشان في مقاطعة تشجيانغ، الذي يعده الكثيرون محوراً مهماً لنظام النقل في المنطقة، والقاعدة المحلية الرئيسية لنقل الحديد والنفط الخام، بالإضافة إلى أنه قاعدة تخزين ونقل للعديد من المواد الكيميائية السائلة، وقاعدة تخزين ونقل لكل من الفحم والحبوب في شرق الصين.

واكتسب الميناء أهمية خاصة حين أصبح جزءاً لا يتجزأ من مركز شنغهاي الدولي للشحن، ليصبح منذ عام 2015 أحد أفضل موانئ الصين، وأكثر الموانئ إنتاجيةً في العالم، بعد أن تمكن من التعامل مع بضائع وحاويات قدرت بنحو 888.96 مليون طن في العام نفسه.

ووفقاً لمعلومات مجمعة من البنك الدولي ومكتب الشؤون الاقتصادية والتجارية الخارجية الصيني، فإن حجم التجارة الصينية المارة عبر مضيق تايوان بلغ في عام 2021 نحو 1.3 تريليون دولار. وشكّلت الصادرات الصينية 80 في المائة من هذا الحجم، فيما شكلت الواردات الصينية 20 في المائة.

وتشمل أبرز الصادرات الصينية التي تمر عبر مضيق تايوان كلاً من أشباه الموصلات والإلكترونيات والمنتجات الزراعية والصناعية والخدمات، فيما تتمثل أبرز الواردات عبر المضيق في النفط الخام والغاز الطبيعي والفحم والمعادن والمواد الخام.

على الجانب الآخر، تتمتع تايوان باقتصاد قوي ومزدهر، وتصنف على أنها سابع أكبر اقتصاد في آسيا وتحتل المرتبة 22 على مستوى العالم، حسب بيانات البنك الدولي.

وتايوان هي أكبر منتجي أشباه الموصلات المتطورة في العالم، ما يزيد من أهميتها الاستراتيجية للاقتصاد العالمي. وأصبحت تايوان حالياً منتجة لنحو 80 في المائة من مكونات أجهزة اللابتوب و60 في المائة من لوحات التحكم الإلكتروني على مستوى العالم. كما أنها مصدر مهم للمنتجات الإلكترونية الأخرى والمنتجات الزراعية.

كذلك، أصبحت تايوان الاقتصاد العالمي الـ16 من حيث حجم التجارة، مع تخطي حجمها مستوى 800 مليار دولار، من بينها ما قيمته 100 مليار دولار مع الولايات المتحدة فقط في عام 2021.

ووفقاً لمعلومات تجارية، فقد بلغ حجم صادرات تايوان عبر المضيق وحده 168.6 مليار دولار في عام 2021. وشكلت الإلكترونيات 50 في المائة من هذا الحجم، وشكلت الآلات والأجهزة الكهربائية 20 في المائة، والمعادن والمنتجات المعدنية 10 في المائة. وتعد الولايات المتحدة أكبر مستورد لصادرات تايوان، تليها الصين وكوريا الجنوبية واليابان.

ومع زيادة التوتر بين الصين وتايوان، وحليفة الأخيرة الأبرز - الولايات المتحدة، فإن القلق حول مستقبل التجارة العالمية يتزايد من اشتعال الوضع في مضيق تايوان، خصوصاً في ظل الأوضاع القلقة من حدوث ركود اقتصادي في الصين، ومخاوف تأثر سلاسل الإمدادات العالمية، والاهتمام الفائق بالمستقبل المعتمد كثيراً على أشباه الموصلات.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» التي انعقدت في العاصمة البحرينية الأربعاء (بنا)

البنك الدولي يرفع توقعاته لاقتصادات الخليج ويؤكد صمودها في مواجهة التحديات

رفع البنك الدولي توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2026 إلى 4.5 في المائة، من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الرياض)
الاقتصاد د. عبد القادر حصرية حاكم «مصرف سوريا المركزي» ورائد هرجلي وليلى سرحان وماريو مكاري من شركة «فيزا» (الشرق الأوسط)

شراكة استراتيجية بين «مصرف سوريا المركزي» و«فيزا» لتحديث منظومة المدفوعات

أعلن «مصرف سوريا المركزي» وشركة «فيزا» العالمية عن اتفاق على خريطة طريق استراتيجية لبناء منظومة متكاملة للمدفوعات الرقمية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد ركاب بانتظار القطار في محطة بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

توافق حذر بين الحكومة وبنك اليابان على رفع الفائدة

أكدت ثلاثة مصادر حكومية مطلعة لـ«رويترز» أن رفع بنك اليابان لسعر الفائدة بات «مرجّحاً بشدة» في اجتماع ديسمبر (كانون الأول)

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.