الأسواق والمستثمرون يترقبون اجتماع «جاكسون هول» لتحديد مسار الفائدة

ندوة المصارف المركزية في العالم تبحث «التحولات الهيكلية في الاقتصاد العالمي»

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول والرئيس التنفيذي له في نيويورك جون ويليامز ونائب رئيس مجلس محافظيه لايل برينارد خلال حضورهم ندوة العام الماضي في جاكسون هول (رويترز)
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول والرئيس التنفيذي له في نيويورك جون ويليامز ونائب رئيس مجلس محافظيه لايل برينارد خلال حضورهم ندوة العام الماضي في جاكسون هول (رويترز)
TT

الأسواق والمستثمرون يترقبون اجتماع «جاكسون هول» لتحديد مسار الفائدة

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول والرئيس التنفيذي له في نيويورك جون ويليامز ونائب رئيس مجلس محافظيه لايل برينارد خلال حضورهم ندوة العام الماضي في جاكسون هول (رويترز)
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول والرئيس التنفيذي له في نيويورك جون ويليامز ونائب رئيس مجلس محافظيه لايل برينارد خلال حضورهم ندوة العام الماضي في جاكسون هول (رويترز)

تتجه كل الأنظار الأسبوع المقبل إلى «جاكسون هول» في ولاية وايومنغ حيث ينعقد الاجتماع الذي ينظمه سنوياً «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» في مدينة كانساس سيتي.

تحتل ندوة «جاكسون هول» المقرر عقدها بين 24 أغسطس (آب) الحالي و25 منه، تحت عنوان «التحولات الهيكلية في الاقتصاد العالمي»، أهمية كبرى، لا سيما أنه يطلق عليها تسمية «دافوس لمحافظي المصارف المركزية». فهي تستقطب 140 من محافظي المصارف المركزية والحائزين جائزة نوبل وكبار الأكاديميين من أكثر من 40 دولة، لمناقشة القضايا الأكثر إلحاحاً مع الاقتصاد العالمي والسياسة النقدية.

وتُعقد ندوة «جاكسون هول» هذا العام في وقت بدأت معظم المصارف المركزية العالمية يواجه معدلات أقل للتضخم. وقد يكون التحدي التالي أمامها هو الحفاظ على النمو وليس انزلاق الاقتصاد إلى الركود.

وسيستهل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول، اللقاء بتصريحات من المؤكد أن الأسواق ستتحقق منها للحصول على تلميحات حول ما قد يفعله «الاحتياطي الفيدرالي» بشأن أسعار الفائدة في اجتماعاته الثلاثة المتبقية في عام 2023.

ويرى خبراء أن ندوة «جاكسون هول» ستحدد جزءاً كبيراً من مسار الفائدة خلال الفترة المقبلة نظراً لتوفر بيانات جديدة تشمل التضخم والعمالة والأجور، وحينها يتبين لـ«الاحتياطي الفيدرالي» كيف يوجّه بوصلة الفائدة، لأن باول قال سابقاً إنه ما زال ينتظر البيانات.

وكانت ندوة «جاكسون هول» لعام 2022 مختلفة إلى حد كبير بالنسبة لمحافظي المصارف المركزية. إذ عُقد المؤتمر في عام 2022 في الفترة من 25 إلى 27 أغسطس، وكان موضوعه «إعادة تقييم القيود المفروضة على الاقتصاد والسياسة»، حيث أكد باول أن المصرف المركزي الأميركي سيستخدم أدواته، وبقوة، لمكافحة التضخم.

ومن المثير للاهتمام أنه خلال خطابه عام 2022، حذَّر باول من «بعض الألم للأسر والشركات» بوصفه من تداعيات لرفع أسعار الفائدة. ومع ذلك، «فإن الفشل في استعادة استقرار الأسعار سيؤدي إلى ألم أكبر بكثير»، كما صرح باول خلال كلمته الرئيسية في ندوة «جاكسون هول» للسياسة الاقتصادية 2022.

ولا يزال الهدف الأكبر لـ«الاحتياطي الفيدرالي» غير محقَّق. لقد كان الهدف من الزيادات في الأسعار تقليل نمو الأسعار وتقليص الطلب. لكن يبدو سوق العمل والطلب الاستهلاكي قويين على الرغم من تباطؤ التضخم، كما يعكس معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي اقتصاداً مزدهراً.

ولكن ما هي ندوة «جاكسون هول»؟

تعد ندوة السياسة الاقتصادية لمصرف الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس سيتي في جاكسون هول، في ولاية وايومنغ، من أطول وأهم المؤتمرات المصرفية المركزية في العالم، كونها تنعقد لمدة ثلاثة أيام.

يجمع الحدث الذي بدأ تنظيمه عام 1978، الاقتصاديين والمشاركين في السوق المالية والأكاديميين وممثلي الحكومة الأميركية ووسائل الإعلام لمناقشة قضايا السياسة طويلة الأجل ذات الاهتمام المشترك، وفق ما ذكر الموقع الرسمي لـ«الاحتياطي الفيدرالي» في مدينة كانساس سيتي.

ولتعزيز المناقشة المفتوحة التي تشتهر بها الندوة، يتم اختيار الحضور بناءً على موضوع كل عام مع مراعاة التنوع في المنطقة والخلفية والصناعة. في عام نموذجي، يحضر نحو 120 شخصاً.

ويتابع المشاركون في السوق وقائع الندوة عن كثب، حيث إن الملاحظات غير المتوقعة الصادرة عن أصحاب الثقل في الندوة لديها القدرة على التأثير على أسواق الأسهم والعملات العالمية.

وعادةً ما كان يطلب المنظمون من المشاركين كتابة أوراق عمل حول مواضيع فرعية تتعلق بموضوعه الرئيسي. ومنذ البداية، قدم أكثر من 150 مؤلفاً أوراقاً حول مواضيع مثل التضخم وأسواق العمل والتجارة الدولية وغيرها.

لكن هذا العام، التحولات الهيكلية المشار إليها هي الصراعات الجيوسياسية: روسيا مقابل الناتو، والصين مقابل الولايات المتحدة، عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا.

ومن المتوقع أن تُطرح بعض الأوراق بناءً على التغيرات الديموغرافية وتأثيرها على التضخم وأنماط النمو.

جدول زمني

في الآتي عرض جدول زمني حول المواضيع التي تمّت مناقشتها منذ بدء اجتماعات الندوة في عام 1978.

1978: استضاف «الاحتياطي الفيدرالي» في مدينة كانساس سيتي أول ندوة له بعنوان «التجارة الزراعية العالمية: إمكانات النمو» في مدينة كانساس سيتي بولاية ميشيغان. ثم استضافت الندوات في فيل ودنفر في كولورادو، التي استكشفت أيضاً الموضوعات الزراعية.

1982: انتقل الحدث إلى «جاكسون هول» في ولاية وايومنغ. دعا رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» في مدينة كانساس سيتي، روجر جوفي، رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» آنذاك، بول فولكر، لحضور ندوة بعنوان «قضايا السياسة النقدية في 1980». قَبِلَ فولكر الدعوة وشارك في الحدث الذي حضره خلفاؤه في مصرف الاحتياطي الفيدرالي ومسؤولون من المصارف المركزية في جميع أنحاء العالم في السنوات التي تلت ذلك.

1985: في الوقت الذي تم فيه اختيار الموضوع، كان العنوان المؤقت هو «الدولار المرتفع والمتصاعد». ومع ذلك، مع بدء انخفاض قيمة الدولار، اختار المنظمون إعادة صياغة «الدولار الأميركي – التطورات الأخيرة والتوقعات وخيارات السياسة».

1989: قدم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، آلان غرينسبان، في حينه وجهات نظر المصرف المركزي إلى جانب ممثلين من بنك كندا ودويتشه بوندسبانك تحت شعار «قضايا السياسة النقدية في عام 1990». كانت هذه هي المرة الأولى التي يلعب فيها رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي دوراً رسمياً في البرنامج، وبدأ اتجاهاً مستمراً حتى اليوم.

1990: خلال هذه الندوة التي ركزت على «قضايا المصارف المركزية في الاقتصادات الناشئة الموجهة نحو السوق»، تحدثت 8 دول من الكتلة الشرقية عن البيئة الحالية والتحديات المستقبلية لاقتصاداتها. وشملت الدول الممثلة الولايات المتحدة ويوغوسلافيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا.

2005: مع اقتراب تقاعد غرينسبان، استخلص موضوع «عصر غرينسبان: دروس للمستقبل» استنتاجات متعارضة حول إرث أحد أطول الرؤساء ثباتاً في تاريخ مصرف الاحتياطي الفيدرالي.

2007: رأى بعض المدعوين أن موضوع «الإسكان وتمويل الإسكان والسياسة النقدية» مملّ وقت إعلانه. ومع ذلك، عندما بدأ الحدث في أغسطس، انهارت سوق الإسكان، مما جعل هذا الموضوع ذا صلة وفي الوقت المناسب.

2020: بسبب جائحة «كوفيد - 19» عُقدت ندوة «جاكسون هول» للسياسة الاقتصادية لعام 2020 بشكل افتراضي وبُثت إلى جميع المشاركين والجمهور. بينما عاد الحدث منذ ذلك الحين شخصياً في «جاكسون هول»، سلطت التجربة الضوء على قدرة الحدث على جمع صانعي السياسات لإجراء مناقشات ثاقبة على الرغم من تحديات المسافة المادية.

2022: اكتسب العام الـ45 لندوة السياسة الاقتصادية «جاكسون هول» اهتمام وسائل الإعلام لوجود الحضور الأكثر تنوعاً منذ بدايتها -تقريبا 30 في المائة من المشاركين في الندوة وأكثر من 40 في المائة من المتحدثين كانوا من النساء. كان هذا أيضاً العام الماضي الذي استضافته رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي السابقة في كانساس سيتي، إستر جورج، التي عملت على توسيع تنوع المشاركين في الحدث خلال فترة ولايتها.

اليوم: بالنظر إلى دور المصارف المركزية في البيئة الاقتصادية العالمية اليوم، تستمر الندوة في استكشاف المواضيع ذات الصلة التي تؤثر في الكثيرين.


مقالات ذات صلة

ارتفاع أسعار التأمين على السفن في 2024 مع استمرار هجمات البحر الأحمر

الاقتصاد سفينة غارقة وأخريات تبحر في البحر الأحمر قرب ميناء الحديدة باليمن (أ.ف.ب)

ارتفاع أسعار التأمين على السفن في 2024 مع استمرار هجمات البحر الأحمر

أسفرت هجمات جماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر عن اضطرابات واسعة النطاق في حركة الملاحة العالمية وتكبُّد شركات التأمين خسائر كبيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موقع للإسكان تحت التأسيس في مقاطعة غوانغدونغ الصينية (رويترز)

الصناعة الصينية في أسوأ عام منذ عقود

من المتوقع أن يكون الانخفاض السنوي في الأرباح الصناعية الصينية هذا العام هو الأسوأ منذ أكثر من عقدين بسبب الاستهلاك المحلي الضعيف

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد حقل نفطي بحري في بحر الشمال بالنرويج (رويترز)

«التحفيز الصيني» و«المخزونات الأميركية» يدعمان أسواق النفط

ارتفعت أسعار النفط، يوم الجمعة، واتجهت لتسجيل مكاسب أسبوعية، مدعومة بتوقعات بانتعاش اقتصادي في الصين نتيجة التحفيزات وتكهنات بتراجع مخزونات الخام الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بائعة تنتظر المشترين في أحد متاجر اللحوم بمقاطعة قينغداو الصينية (أ.ف.ب)

الصين تفتح تحقيقاً بشأن واردات اللحم البقري بعد تضرر السوق المحلية

قالت وزارة التجارة الصينية يوم الجمعة إنها ستبدأ تحقيقا بشأن واردات لحوم الأبقار مع زيادة المعروض بشكل فائق مما دفع الأسعار المحلية إلى أدنى مستوياتها في سنوات

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد متسوقون يابانيون يتزاحمون في سوق شعبية بالعاصمة طوكيو لشراء مستلزمات العام الجديد (إ.ب.أ)

اليابان تقرّ ميزانية قياسية لمواجهة شيخوخة السكان وتحديات الدفاع

أقرّت الحكومة اليابانية، الجمعة، ميزانية قياسية للعام المالي المقبل، تضمّنت زيادة في الإنفاق العسكري وتعزيز مخصّصات الضمان الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الأسواق الأوروبية تتعافى بعد عطلة عيد الميلاد

تتزين البورصة الألمانية احتفالاً بموسم عيد الميلاد حيث يظهر مخطط لمؤشر «داكس» (رويترز)
تتزين البورصة الألمانية احتفالاً بموسم عيد الميلاد حيث يظهر مخطط لمؤشر «داكس» (رويترز)
TT

الأسواق الأوروبية تتعافى بعد عطلة عيد الميلاد

تتزين البورصة الألمانية احتفالاً بموسم عيد الميلاد حيث يظهر مخطط لمؤشر «داكس» (رويترز)
تتزين البورصة الألمانية احتفالاً بموسم عيد الميلاد حيث يظهر مخطط لمؤشر «داكس» (رويترز)

ارتفع مؤشر الأسهم الرئيسي في أوروبا يوم الجمعة بعد عطلة استمرت يومين، مسجلاً مكاسب متواضعة في وقت سابق من الأسبوع، ما يضعه على المسار الصحيح لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين.

وارتفع مؤشر «ستوكس 600» للأسهم الأوروبية 0.4 في المائة، مسجلا أعلى مستوى منذ 19 ديسمبر (كانون الأول). ومن المتوقع أن يرتفع المؤشر 0.7 في المائة خلال الأسبوع الذي توقف فيه بسبب العطلات، وفق «رويترز».

وتعافت البورصات الرئيسية في جميع أنحاء المنطقة، حيث ارتفع مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.3 في المائة، ومؤشر «كاك 40» الفرنسي بنسبة 0.5 في المائة، في حين ظل مؤشر «فوتسي 100» البريطاني مستقراً.

وفي تعليق له، قال إيبك أوزكارديسكايا، كبير المحللين في بنك «سويسكوت»: «نحن قادمون من عطلة عيد الميلاد، وحجم التداول ضعيف للغاية. من الصعب استخلاص استنتاجات حاسمة حول ما نشهده هذه الأيام».

وعلى الرغم من ارتفاع أسهم قطاع التكنولوجيا بنسبة 0.7 في المائة، فقد سجلت أسهم قطاع الرعاية الصحية زيادة بنسبة 0.6 في المائة، بدعم من ارتفاع أسهم شركة «نوفو نورديسك» بنسبة 3 في المائة.

ومع ذلك، تعرض قطاع التأمين للضرر، حيث انخفض بنسبة 0.5 في المائة.

وعلى الرغم من الارتفاعات القياسية التي سجلها مؤشر «ستوكس 600» في وقت سابق من هذا العام، فإن مكاسبه الإجمالية لعام 2024 تصل إلى 5.7 في المائة. وقد ساهم مزيج من التوترات الجيوسياسية، والإنفاق الصيني البطيء، والتوقعات الاقتصادية المحلية الضعيفة في هذا الزخم البطيء.

وفي المقابل، يمر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأميركي بعام قوي، حيث حقق زيادة بنسبة 26.6 في المائة، بدفع من انتعاش الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.

وأضافت أوزكارديسكايا: «تعاني أوروبا من التوقعات الاقتصادية الضعيفة والنمو البطيء، ويرجع ذلك جزئياً إلى الأداء الاقتصادي الضعيف في الصين. القارة في وضع أزمة الآن، مقارنة بالولايات المتحدة، التي تشهد فترة تعافٍ ونشوة».

ومع بقاء بضعة أيام فقط على العام الجديد، يتابع المستثمرون من كثب أي تطورات متعلقة بتنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني). ومن المتوقع أن تؤدي سياساته المستقبلية، التي تؤثر بالفعل على التوقعات النقدية لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، إلى تأثير تضخمي على الأسواق. كما أشار البنك المركزي الأوروبي، الذي خفض أسعار الفائدة بشكل متتابع هذا العام، إلى احتمالية حدوث توترات تجارية مع الولايات المتحدة في ظل القيادة الجديدة لترمب.

ومن بين الأسهم، انخفض سهم «دليفري هيرو» بنسبة 5.7 في المائة بعد أن منعت لجنة التجارة العادلة في تايوان بيع عمليات شركة توصيل الطعام الألمانية عبر الإنترنت «فود باندا» إلى «أوبر»، مشيرة إلى انخفاض المنافسة في السوق.