بعد ثمانية أشهر على بدء تطبيقه... هل أثبت تحديد سقف لسعر النفط الروسي فاعليته؟

مضخة نفط في حقل أشالشينسكوي النفطي الروسي بالقرب من ألميتيفسك في جمهورية تتارستان بروسيا في 27 يوليو 2017 (رويترز)
مضخة نفط في حقل أشالشينسكوي النفطي الروسي بالقرب من ألميتيفسك في جمهورية تتارستان بروسيا في 27 يوليو 2017 (رويترز)
TT

بعد ثمانية أشهر على بدء تطبيقه... هل أثبت تحديد سقف لسعر النفط الروسي فاعليته؟

مضخة نفط في حقل أشالشينسكوي النفطي الروسي بالقرب من ألميتيفسك في جمهورية تتارستان بروسيا في 27 يوليو 2017 (رويترز)
مضخة نفط في حقل أشالشينسكوي النفطي الروسي بالقرب من ألميتيفسك في جمهورية تتارستان بروسيا في 27 يوليو 2017 (رويترز)

أسهم تحديد سقف لأسعار النفط الروسي في الحد من إيرادات موسكو النفطية، وهو أداة جديدة في مجموعة العقوبات المفروضة على روسيا بعد غزوها أوكرانيا، لكنها تدخل مرحلة الاختبار الحقيقية مع ارتفاع الأسعار فوق هذه العتبة.

ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية الثلاثاء إن «عائدات (النفط) الروسية أقل بنحو 50 في المائة مما كانت عليه قبل عام».

وأضاف أنه لقياس مدى نجاح هذه السياسة، علينا أن ندرس ما إذا كانت «الإيرادات الإجمالية لروسيا تأثرت أم لا مقارنة بسوق غير مقيدة».

دخلت هذه الآلية حيز التنفيذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2022 ووضعتها دول مجموعة السبع، وتفرض الاستمرار في تسليم فقط النفط الذي يباع بسعر يساوي أو يكون دون الستين دولارا للبرميل.

علاوة على ذلك، يُحظر على الشركات الناشطة في دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا تقديم خدمات تسمح بنقل النفط الروسي بحرا مثل (التجارة والشحن والتأمين ومالكي السفن وما إلى ذلك).

الغاية وراء ذلك هي تقليص أرباح روسيا من خلال وضع سقف لعائداتها النفطية، مع الحفاظ على حوافز اقتصادية كافية لتواصل بيع نفطها بسعر منخفض - بدلا من سحب براميل النفط من السوق مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

يقول ماثيو هولاند المحلل لدى إنرجي أسبكتس: «لقد حقق تحديد مجموعة السبع بوضع سقف للأسعار الغاية التي وضع من أجلها: الحد من عائدات روسيا مع الإبقاء على النفط في الأسواق».

ذكر إريك فان نوستراند القائم بأعمال مساعد وزيرة الخارجية للسياسة الاقتصادية الخميس أنه قبل الحرب كانت عائدات النفط الروسي تشكل نحو ثلث موازنة البلاد، مقابل 25 في المائة في عام 2023.

من جهته، يقول المحلل هيلغ أندريه مارتنسن لدى «دي إن بي» إنه منذ وضع هذا السقف «بقيت أحجام الصادرات الروسية مستقرة».

ويضيف المسؤول الأميركي الكبير أنه لتشجيع المشترين على عدم الابتعاد عن النفط الروسي «عرضت موسكو عقودا لتسليم النفط طويلة الأجل بتخفيضات كبيرة في حدود 30 في المائة أقل من سعر خام برنت لمشترين من جنوب شرقي آسيا والهند».

من ناحية الأسعار منذ ديسمبر، بقي نفط برنت من بحر الشمال، مرجع الذهب الأسود في أوروبا، دون عتبة التسعين دولارا في حين لم يتجاوز سعر خام غرب تكساس الوسيط 85 دولارا للبرميل.

فوق العتبة

خلال ثمانية أشهر تم التداول بالأورال، النوع المرجعي للنفط الروسي، بسعر أقل من سعر الستين دولارا المحدد للبرميل.

لكن منذ ذلك الحين، شهدت السوق توترا كبيرا. أعلنت تسع دول من «أوبك +» (منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفاء لها) بما في ذلك الرياض وموسكو، خفضا طوعيا للإنتاج منذ مايو (أيار) بإجمالي 1,6 مليون برميل يوميا حتى عام 2024.

في يونيو (حزيران)، أعلنت السعودية عن خفض طوعي إضافي للإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا لشهر يوليو (تموز) وتم تمديده لاحقا حتى أغسطس (آب). وحذت روسيا حذوها بعد أن أعلنت خفض صادراتها من النفط الخام بمقدار 500 ألف برميل يوميا في أغسطس.

في منتصف يوليو، تخطت أنواع النفط الخام الروسي حد الستين دولارا، حسبما أفادت الصحافة المالية بناء على بيانات شركة «أرغوس ميديا».

يقول هيلغ أندريه مارتنسن: «قد يكون هذا أول اختبار حقيقي لتحديد سقف للأسعار».

بالنسبة لهولاند، فإن تجاوز هذا السقف سيساهم خصوصا في «تراجع اهتمام بعض المشترين» مثل الهند بسبب المخاطر المرتبطة بالعقوبات.

وقال إريك فان نوستراند: «نحن نعلم أن روسيا ستحاول تجاوز سقف الأسعار».

وأكد أن لذلك «تكلفة»، مستشهدا بالاستثمارات الكبيرة التي تقوم بها الحكومة الروسية في بناء أسطول من الناقلات لنقل نفطها، وهذا يلقي بثقله على ميزانيتها. لكنه لم يقدم أي رقم حول تدفق النفط خارج منطقة سيطرة مجموعة السبع، متحدثاً عن سوق يحيطها «الغموض».

بالنسبة لهان تان المحلل في «إكسينيتي» فإن «الأهداف الحقيقية لتحديد سقف للأسعار كما يرغب الغرب لن تتحقق إلا إذا تم خفض المجهود الحربي الروسي بشكل كبير».


مقالات ذات صلة

روسيا توقف شحنات الغاز إلى النمسا

الاقتصاد محطة للتزود بالوقود في المجر عليها شعار مجموعة «أو إم في» النمساوية للنفط والغاز (د.ب.أ)

روسيا توقف شحنات الغاز إلى النمسا

أعلنت مجموعة «أو إم في» النمساوية للنفط والغاز أن روسيا ستُوقف تزويد النمسا بالغاز، ابتداء من السبت، بسبب خلاف مع مجموعة «غازبروم» الروسية العملاقة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
العالم أميركا تعتمد على اليورانيوم المخصب المصنوع في روسيا على الرغم من الجهود المضنية بين حلفاء الولايات المتحدة لقطع العلاقات الاقتصادية مع موسكو (رويترز)

روسيا تفرض قيوداً على صادرات اليورانيوم المخصب لأميركا

قالت روسيا، الجمعة، إنها فرضت قيوداً مؤقتة على صادرات اليورانيوم المخصب إلى الولايات المتحدة في خطوة رمزية؛ رداً على حظر أميركي لواردات اليورانيوم الروسي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري متنزهون روس في حديقة عامة بموسكو (إ.ب.أ)

تحليل إخباري اقتصاد روسيا في الحرب... نموّ يخفي اتجاهات مقلقة؟

يسجّل مراقبون تطورات اقتصادية مقلقة في روسيا تكاد تفوق في أهميتها المكاسب الميدانية التي تحققها موسكو منذ أشهر في الشرق الأوكراني.

أنطوان الحاج
الاقتصاد مقر المصرف المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

روسيا تسجل فائضاً في الموازنة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام

سجلت روسيا فائضاً في الموازنة قدره 169 مليار روبل (1.74 مليار دولار)، أي ما يعادل 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».