رفع الفائدة ينبئ بمزيد من تراجع التمويل العقاري في السعودية

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: ضعف الاقتراض يخفض معدل التضخم بالمملكة

تراجع التمويل العقاري من شأنه أن يزيد من معروض المنتجات العقارية في المملكة (الشرق الأوسط)
تراجع التمويل العقاري من شأنه أن يزيد من معروض المنتجات العقارية في المملكة (الشرق الأوسط)
TT

رفع الفائدة ينبئ بمزيد من تراجع التمويل العقاري في السعودية

تراجع التمويل العقاري من شأنه أن يزيد من معروض المنتجات العقارية في المملكة (الشرق الأوسط)
تراجع التمويل العقاري من شأنه أن يزيد من معروض المنتجات العقارية في المملكة (الشرق الأوسط)

توقع خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن يشهد قطاع التمويل العقاري للأفراد في المملكة مزيداً من التراجع، بعد قرار البنك المركزي السعودي (ساما)، مؤخراً، رفع معدل اتفاقية «الريبو» و«الريبو العكسي» بمقدار 25 نقطة لكل منهما.

وكان حجم التمويل العقاري للأفراد في السعودية، سجل تراجعاً خلال الربع الثاني من العام الحالي، ليصل 16.9 مليار ريال (4.5 مليار دولار)، مقابل الربع الأول 22.7 مليار ريال (6 مليارات دولار).

ومن بين الأسباب الجوهرية لضعف التمويل العقاري، هو ارتفاع الفائدة وتأثيرها على تكاليف الاقتراض، وهذا بدوره سينعكس على المبيعات وبالتالي يؤدي إلى تراجع في أسعار العقارات السكنية.

رأس المال

وقال رئيس مجموعة «أماكن الدولية»، الخبير الاقتصادي، خالد الجاسر لـ«الشرق الأوسط»، إن «رفع سعر الفائدة سيؤثر على السوق المالية، لا سيما سوق الأسهم والتمويل، حيث يفضل المستثمرون سحب سيولتهم وإيداعها في المصارف أو أصول ثمينة، ويُحافظون على قيمة رأس المال الشرائية أو استقرارها على الأقل».

وأبان الجاسر أن قرار البنك المركزي السعودي رفع معدل الفائدة يُبين مدى اتساق الأهداف المالية في المحافظة على الاستقرار النقدي ودعم الاستقرار المالي. وأوضح أن رفع الفائدة يُقلل من معدلات التضخم، وبالتالي سيكون له أثر، لا سيما وأن السوق السعودية جاذبة للاستثمارات.

وبيّن أن حجم الأثر يعتمد على مدى قوة الاقتصاد والإنتاجية، رغم أنه يزيد من تكلفة المعيشة خاصة السلع المعمرة ومنها العقارات وبناء السكن، التي تشهد ارتفاعاً في أسعارها رغم توفر المعروض.

تكلفة الاقتراض

من جانبه، توقع الخبير الاقتصادي أحمد الجبير لـ«الشرق الأوسط» أن يتسبب قرار البنك المركزي السعودي برفع معدل اتفاقية إعادة الشراء «الريبو» بمقدار 25 نقطة أساس، وإعادة الشراء «الريبو العكسي» 25 نقطة، في مزيد من تراجع حجم التمويل العقاري للأفراد خلال المرحلة المقبلة، مما يؤثر على أسعار العقار في المملكة.

وأضاف الجبير أن رفع الفائدة يتسبب في تحجيم الطلب على التمويل العقاري بسبب ارتفاع التكلفة، إلى جانب تراجع المطورين من بناء وحدات جديدة بسبب زيادة تكلفة الاقتراض وعدم جاذبية الشراء.

وأشار إلى احتمال كبير في تراجع أسعار العقار في المستقبل، والذي سينعكس على معدل التضخم في السعودية، رغم أن معدلاته لا تزال من بين الأدنى مقارنة مع الدول الأخرى، وبالتالي من الواضح أن الإصلاحات الحكومية تؤثر في احتواء معدل التضخم.

اقتناص الفرص

بدوره، أوضح استشاري وخبير التمويل العقاري والشخصي، سهيل عسيري لـ«الشرق الأوسط»، أن رفع نسبة الفائدة تضعف مبلغ التمويل لدى المقترض أو المشتري على حد سواء، لكنه في الوقت ذاته يرى أن هذا «لا يعني عدم وجود صفقات تنفذ، ولكن تعتمد على اقتناص الفرص بحسب المنطقة والمدينة».

وزاد سهيل عسيري «بخلاف سعر الفائدة، هناك عوامل أخرى تؤثر على التمويل العقاري، مثل العرض والطلب وهو ركيزة أساسية لأي منتج وتنوع المنتجات المقدمة من الجهات التمويلية والقوانين والتشريعات المرتبطة بالسوق العقارية»، مؤكداً أن العقار يعد محركاً اقتصادياً لأكثر من 120 صناعة.

وأقر بوجود تراجع في الطلب على التمويل العقاري بسبب ترقب الجميع لتراجع الأسعار والبحث عن أسعار منافسة.

واستطرد الاستشاري «يكشف تقرير البنك المركزي السعودي عن بلوغ نمو قطاع شركات التمويل في المملكة بنسبة 10.8 في المائة خلال العام الماضي».

وواصل عسيري أن التقرير يظهر ارتفاعاً في إجمالي الأصول بنسبة 6.5 في المائة ليصل إلى 57 مليار ريال (15.2 مليار دولار)، وزيادة في إجمالي المحفظة التمويلية 10.8 في المائة ليبلغ 75.45 مليار ريال (20.1 مليار دولار)، في حين شكلت التمويلات الممنوحة لقطاع الأفراد الجزء الأكبر من إجمالي صافي المحفظة التمويلية بنسبة 76 في المائة.

وشهد الرقم القياسي العام لأسعار العقارات خلال الربع الثاني من العام الحالي، استقرارا على أساس ربعي، في حين ارتفع المؤشر بما نسبته 0.8 في المائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من 2022.


مقالات ذات صلة

كيف يؤثر تسهيل تراخيص البناء على السوق العقارية المصرية؟

شمال افريقيا يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)

كيف يؤثر تسهيل تراخيص البناء على السوق العقارية المصرية؟

قررت الحكومة المصرية تسهيل اشتراطات ترخيص البناء عبر العودة للعمل بقانون البناء الصادر عام 2008، بعد عرض دراسة مشتركة بين وزارتي «الإسكان» و«التنمية المحلية».

أحمد عدلي (القاهرة )
الاقتصاد زوار معرض «سيتي سكيب العالمي» مجتمعون أمام جناح «الإسكان» (واس)

السعودية تستضيف النسخة الثانية من معرض «سيتي سكيب» العالمي

السعودية تستضيف معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» في نوفمبر لتعزيز الاستثمارات في قطاع العقار وتحقيق أهداف رؤية 2030.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

خفض الفائدة يعزز النشاط العقاري في السعودية

توقع خبراء ومختصون في القطاع العقاري أن يسهم قرار خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس في تعزيز النشاط العقاري في السعودية وتوجيه أموال المستثمرين نحو السوق العقارية.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد «البورصة» تعدّ منصة متكاملة لإدارة الثروة العقارية (واس)

السعودية: إفراغ عقارات بـ5.3 مليارات متر مربع إلكترونياً

كشفت وزارة العدل السعودية عن إفراغ عقارات بمساحة تتجاوز 5.3 مليارات متر مربع إلكترونياً عبر منصة «البورصة العقارية»، وذلك خلال عام من تدشينها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد «ضاحية سدايم» أحد مشاريع «الوطنية للإسكان» (موقع الشركة)

مبيعات مشاريع «الوطنية للإسكان» السعودية تتجاوز 3.4 مليار دولار في النصف الأول

قفزت مبيعات «الشركة الوطنية للإسكان» السعودية لتبلغ 13 مليار ريال (3.46 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

دراسة تكشف إمكانية تخزين الطاقة الشمسية بالاعتماد على الكيمياء

فنيون يركبون ألواح الخلايا الشمسية لتوليد الكهرباء (رويترز)
فنيون يركبون ألواح الخلايا الشمسية لتوليد الكهرباء (رويترز)
TT

دراسة تكشف إمكانية تخزين الطاقة الشمسية بالاعتماد على الكيمياء

فنيون يركبون ألواح الخلايا الشمسية لتوليد الكهرباء (رويترز)
فنيون يركبون ألواح الخلايا الشمسية لتوليد الكهرباء (رويترز)

يُعدّ تحويل أشعة الشمس إلى طاقة أمراً شائعاً، على ما يتضح من الألواح الشمسية، لكنّ القدرة على تخزين الطاقة قبل استخدامها يشكّل تحدياً آخر، ساعد باحثون في معالجته باستخدام الكيمياء، ضمن دراسة نُشرت هذا الأسبوع في فرنسا.

مع الألواح الكهروضوئية: «يتم في معظم الأحيان، استخدام الطاقة الشمسية مباشرة على شكل كهرباء أو بشكل حراري»، على ما يقول ريمي ميتيفييه، الباحث في مركز الأبحاث الفرنسي CNRS والمشارك في الإشراف على الدراسة. ولتخزين الطاقة، ينبغي مثلاً استخدام بطاريات؛ وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويعتمد النظام الذي يُختصر بـMOST MOlecular Solar Thermal، على كيمياء الجزيئات الفوتوكرومية.

ويوضح كيتارو ناكاتاني، الأستاذ في الكيمياء لدى جامعة باري ساكلي، والمشارك في الإشراف على الدراسة، أنّ الجزيئات الفوتوكرومية تُستخدم منذ فترة طويلة في النظارات الشمسية، مثلاً مع عدسات تصبح داكنة أو فاتحة اعتماداً على الضوء المحيط.

وتتمتع الجزيئات الفوتوكرومية بقدرة على تغيير اللون، لكنّ ذلك ليس الميزة الوحيدة لها. يعمل الباحثون منذ أكثر من عشر سنوات على قدرة الجزيئات الفوتوكرومية على تخزين الطاقة من ضوء الشمس وتخزينها قبل إطلاقها.

وتقول ليا شوكرون، المعدة الرئيسية للدراسة التي نشرت في مجلة «رويال سوسايتي أوف كيميستري»، في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «سيكون هذا الجزيء ذو الطاقة العالية قادراً على البقاء لفترات تتراوح بين أيام عدة وبضعة أسابيع».

وتضيف: «تتمثل الفكرة في أن نكون قادرين على استعادة هذه الطاقة عند الطلب، ليس في شكل كهرباء، كما هي الحال مع الألواح الكهروضوئية، ولكن على شكل حرارة».

حسب الطلب

ويشير ميتيفييه إلى أن أحد التطبيقات الواضحة سيكون «سائلاً يدور على السطح مثلاً، يتم شحنه تلقائياً بالطاقة، ثم يدور في سخاناتنا للتدفئة ليلاً».

المبدأ بسيط ويعتمد على تشعيع جزيء عضوي بالأشعة فوق البنفسجية. ويخضع الجزيء العضوي لتحول كيميائي يغيّر مستوى طاقته.

واستخدم الفريق جزيئين من عائلة دياريليثين صممهما علماء كيمياء في جامعة باري ساكلي. ويقول ميتيفييه إنهما «ليسا أكثر تلويثاً أو خطورة من أي صبغة تقليدية».

وبمجرد «شحنها»، تطلق هذه الجزيئات طاقتها مع إدخال جرعة صغيرة من الحمض المستخدم في الكيمياء العضوية، في وقت قصير يتراوح بين خمس دقائق وساعة، تبعاً للصيغة.

ويقول ميتيفييه: «لتبسيط الأمر، فهو يشبه تقريباً زرّا من شأنه إطلاق هذه الحرارة عند الطلب».

وإذا كان المبدأ المطبّق معروفاً أصلاً، يتمثل الجديد الذي وفرته الدراسة بـ«شرحه وتحديده بشكل كامل»، وفق ميتيفييه.

ويضيف أن الفهم التفصيلي لآلية العمل وكل العمليات المصاحبة لها يسمح «الآن بالذهاب إلى أبعد من ذلك، إلى ابتكار واقتراح أنظمة أخرى تتسم بفاعلية أكبر»، سواء في القدرة على تخزين الطاقة أو في عدد المرات التي يمكن فيها شحن الجزيء وتفريغه، مثل البطارية.

ونُفّذ هذا العمل مع متخصصين في الطاقة الشمسية من مختبر PROMES التابع لمركز الأبحاث الفرنسي في بربينيان في جنوب فرنسا، ولن يظهر أفقه الصناعي إلا بعد عشر سنوات جيدة.