هل يعزز خفض تصنيف «فيتش» للولايات المتحدة جاذبية شهادات مصر الدولارية؟

عميل يعد الدولار في أحد البنوك المصرية (رويترز)
عميل يعد الدولار في أحد البنوك المصرية (رويترز)
TT

هل يعزز خفض تصنيف «فيتش» للولايات المتحدة جاذبية شهادات مصر الدولارية؟

عميل يعد الدولار في أحد البنوك المصرية (رويترز)
عميل يعد الدولار في أحد البنوك المصرية (رويترز)

ينتظر الجميع في مصر، شركات ومؤسسات وأفراداً، أي إشارات من الدولار، صعوداً أو هبوطاً، حتى يقرر في أي اتجاه يسلك، سواء في التصنيع والتجارة أو المشتريات والمبيعات، أو حتى الأمور الحياتية اليومية، مثل تبادل الزيارات أو شراء الملابس والأحذية.

وجاء ثبات حركة العملة الأميركية في السوق الرسمية في مصر عند 30.9 جنيهاً للدولار، وتحركاتها بشكل طفيف في السوق الموازية عند 37-38 جنيهاً، بالتزامن مع طرح شهادات دولارية هي الأعلى على العملة الأميركية في العالم من قِبل أكبر بنكين حكوميين في مصر.

ويزيد العائد المتوقع الحصول عليه من البنك الأهلي وبنك مصر، بنسبة 2 في المائة تقريباً سنوياً على أسعار الفائدة الأميركية.

وكان من الطبيعي أن تتجه أنظار المستثمرين حول العالم وليس في مصر فقط إلى العائد الأعلى على الدولار، مع تراجع العملة الأميركية في بورصة العملات بعد خفض وكالة «فيتش» التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى «إيه إيه +» من «إيه إيه إيه». فهل يمكن أن يعزز هذا الخفض من جاذبية شهادات مصر الدولارية؟

يرى الرئيس التنفيذي لشركة «في إي ماركتس» في مصر، أحمد معطي، أن التفاؤل غلب في الأسواق الناشئة، التي تعاني جميعاً شحاً في الدولار، بعد خفض التصنيف الائتماني لأكبر اقتصاد في العالم، والذي أدى بدوره إلى تراجع الدولار على الفور. غير أن التعليقات الرسمية من البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأميركية، والتي «اتكأت في مبرراتها على بيانات اقتصادية قوية»، قلّلت من حدة تراجع الدولار ليعاود المؤشر ارتفاعه فوق مستواه قبل التراجع عند 102 نقطة مرة أخرى.

كانت الاستثمارات الأجنبية بدأت بالخروج من الأسواق الناشئة، مع أول رفع للفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في مارس (آذار) من العام الماضي.

أضاف معطي في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أنه، ورغم تراجع مؤشر الدولار عقب القرار مباشرة، فإن معامل الارتباط بين تراجعه وبين عودة الاستثمارات الأجنبية للأسواق الناشئة وخاصة مصر، «صار طفيفاً» بعد عودة الدولار مرة أخرى للارتفاع فوق 102.157 نقطة.

ومعامل الارتباط يعني قياس قوة العلاقة بين متغيرين وارتباطهما ببعضهما بعضاً.

منذ إعلان «البنك الأهلي» و«بنك مصر»، طرح شهادات استثمارية بالدولار الأميركي بفائدة تصل إلى 7 في المائة؛ في 25 يوليو (تموز) الماضي، كمحاولة لإعادة الدولار إلى النظام المصرفي من جديد، لم يعلن أي من المصرفين عن الحصيلة الدولارية التي جمعها، في وقت تعاني مصر شحاً في الدولار، وخفضاً متكرراً لقيمة العملة منذ مارس (آذار) 2022.

من جهته، يرى الخبير المصرفي، كريم يحيي، أن كل الظروف المحلية والعالمية تدعم الشهادات الدولارية في مصر، وآخرها خفض التصنيف الائتماني لأكبر اقتصاد في العالم، غير أن «هناك شيئاً ما يقف حائلاً بين رغبة المستثمرين في شراء الشهادات والانتظار والترقب... وهو الثقة...».

هذا في وقت يبدو أن مجلس الوزراء المصري دائم السعي وراء موارد جديدة من شأنها زيادة الحصيلة الدولارية للبلاد، والتي كان آخرها، إطلاقه بالتعاون مع «يونيسيف» مبادرة «بنفكر لبلدنا» لصياغة رؤية تشاركية لتعزيز وخلق موارد مستدامة للنقد الأجنبي في مصر، الأربعاء.

وفي هذا الصدد، أوضح أسامة الجوهري، مساعد رئيس الوزراء، رئيس مركز المعلومات وداعم اتخاذ القرار، أن «المبادرة تستهدف نشر الوعي المجتمعي بشأن القضايا المطروحة... يتم ذلك من خلال تنظيم مسابقة بحثية لتقديم أوراق سياسات متخصصة في 5 محاور رئيسية، هي: تعزيز الصادرات المصرية في الأسواق الدولية، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز إيرادات قطاع السياحة، وتعظيم تدفقات تحويلات العاملين بالخارج، وتعزيز إيرادات قناة السويس؛ مما يسهم في زيادة تنافسية الاقتصاد المصري».

غير أن يحيي أشار إلى أن إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمستثمرين، هو ما قد يعيد الاستثمارات الأجنبية أو بالأحرى الدولار إلى السوق المصرية، بشكل أسرع وتيرة، مشيراً إلى التضارب بين تصريحات المسؤولين الحكوميين وأفعالهم بشأن الاقتصاد الكلي.

يوافقه في الرأي الباحث الاقتصادي ومحلل الأسواق، هيثم الجندي، الذي يرى أن «حصيلة الشهادات سوف تكون مهمة ليس فقط كعامل مساعد للخروج من أزمة الدولار... وإنما لإظهار مدى الثقة في القطاع المصرفي المصري».

وعن معامل الارتباط بين خفض تصنيف الولايات المتحدة وزيادة جاذبية الشهادات الدولارية في مصر، قال الجندي لـ«الشرق الأوسط»: «لو الأصول الأميركية أصبحت أقل أماناً فهذا معناه أن بقية الأصول العالمية أكثر خطورة».

وأشار إلى أن خفض «فيتش» للتصنيف الائتماني الأميركي، يدعو للقلق من احتمالية خفض «موديز» لتصنيف مصر.

وكانت «موديز» قد وضعت مصر في مايو (أيار) قيد المراجعة لاحتمالية خفض تصنيفها، وقالت: إن المراجعات تستغرق 90 يوماً.

وختم الجندي قائلاً: «مصر تحتاج إلى أجواء من شهية المخاطرة عالمياً، حتى تتمكن من العودة إلى أسواق الدين الدولية، وهذا ممكن في حال تأكد أن (الفيدرالي الأميركي) قادر على السيطرة على التضخم من دون ركود، وبالتالي يتأكد إنهاؤه دورة زيادات الفائدة، على أن تبدأ الأسواق تسعّر موعداً للخفض... وقتها سوف يتراجع الدولار وتنخفض علاوات المخاطرة على ديون الدول النامية».


مقالات ذات صلة

محللون يتوقعون نمو الاقتصاد المصري 4 % في السنة المالية الجديدة

الاقتصاد العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

محللون يتوقعون نمو الاقتصاد المصري 4 % في السنة المالية الجديدة

توقع اقتصاديون أن يكون نمو الاقتصاد المصري أبطأ قليلاً في السنة المالية الجديدة، عند 4 % عما كان متوقعاً في أبريل (نيسان) الماضي، عند 4.3 %.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب الكورية في سيول (رويترز)

انخفاض الذهب مع ترقب الأسواق لبيانات «الفيدرالي»

انخفضت أسعار الذهب يوم الاثنين مع ثبات الدولار، بينما ينتظر المستثمرون بيانات اقتصادية وتعليقات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يساعده أفراد من الخدمة السرية بعد إطلاق النار خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (رويترز)

محاولة اغتيال ترمب تُشعل الأسواق.. الدولار والبتكوين في صعود

ارتفع الدولار بشكل واسع يوم الاثنين وقفزت العملات المشفرة مع ازدياد رهانات فوز الرئيس الأسبق دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية المقبلة في أعقاب محاولة اغتياله

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد أشخاص يسيرون عبر الساحة الحمراء بالقرب من كاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا بالكرملين في وسط موسكو (رويترز)

روسيا تخفض النسبة الإلزامية من المبيعات بالعملات الأجنبية للمصدرين

أعلنت الحكومة الروسية أنها خفضت النسبة الإلزامية لكبار المصدرين للإيداع في البنك المركزي للبلاد من المبيعات بالعملات الأجنبية من 60 % إلى 40 %.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تظهر الأوراق النقدية بالدولار واليورو في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

الدولار يتراجع واليورو يحافظ على توازنه بعد الانتخابات الفرنسية

اقترب الدولار الأميركي من أدنى مستوياته في نحو شهر مقابل العملات الرئيسية، يوم الثلاثاء، ولا يزال متأثراً بتقرير الوظائف غير المتوقع الذي صدر يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

قطاع التعدين السعودي يوفر فرصاً استثمارية للشركات البرازيلية

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
TT

قطاع التعدين السعودي يوفر فرصاً استثمارية للشركات البرازيلية

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)

بحث وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف مع الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل، السبت، الفرص الاستثمارية الواعدة التي يوفرها قطاع التعدين السعودي أمام الشركات البرازيلية، والخطط التوسعية للمستثمرين البرازيليين في المملكة.

وكانت السعودية قد استحوذت، مؤخراً، على حصة 10 في المائة في شركة «فالي» للمعادن الأساسية، من خلال شركة «منارة للمعادن»، وهي مشروع مشترك بين «صندوق الاستثمارات العامة» وشركة «معادن».

كما بحث اللقاء أهمية استخدام التقنيات الحديثة في المشاريع التعدينية، بما يؤدي إلى كفاءة الإنتاج ويعزز الاستدامة البيئية، وصولاً إلى الحياد الكربوني في العقود المقبلة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «فالي»، خلال الاجتماع، إنه جرى تقديم دعم كبير للشركة عند استثمارها في المملكة، حيث تم تسهيل ممارستها للأعمال، خصوصاً عند إنشائها مشروع تكوير الحديد بمنطقة رأس الخير (شرق المملكة).

وتمتلك البرازيل ثروة تعدينية هائلة، وخبرة واسعة في التنقيب عن المعادن واستغلالها، ما يجعلها شريكاً مهماً للمملكة في قطاع التعدين، خصوصاً أن البلدين تربطهما علاقات ثنائية راسخة تمتد لأكثر من 50 عاماً، ترتكز في الجانب الاقتصادي على تعاونٍ مهمٍ في قطاعي الطاقة والمعادن.

وتعمل المملكة على تطوير قطاع التعدين، واستكشاف واستغلال ثروات معدنية دفينة في أراضيها، تقارب قيمتها 9.4 تريليون ريال؛ وذلك لتعظيم استفادة الاقتصاد الوطني من التعدين، وليكون ركيزة ثالثة في الصناعة، وترى السعودية أن تعزيز التعاون الدولي وبناء الشراكات، ضرورة ملحة لتطوير القطاع ومواجهة تحديات سلسلة توريد المعادن.

ولجذب المستثمرين لقطاع التعدين اتخذت المملكة إجراءات لتحسين البيئة الاستثمارية، منها تعديل نظام الاستثمار التعديني، وإطلاق ممكنات وحوافز في قطاع التعدين بما في ذلك التمويل المشترك بنسبة 75 في المائة للنفقات الرأسمالية، وإعفاء من الرسوم الضريبية لمدة 5 سنوات، وملكية أجنبية مباشرة بنسبة 100 في المائة. وفي أبريل (نيسان) 2024 أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن برنامج تمكين الاستكشاف، وخصصت 182 مليون دولار لتقليل مخاطر الاستثمارات في الاستكشاف.

ولمساعدة المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بوضوح والتزاماً بمعايير الشفافية في بيئة الاستثمار التعدينية؛ تتيح المملكة جميع البيانات الجيولوجية التي يتم تحديثها بشكل مستمر بناءً على نتائج برنامج المسح الجيولوجي العام، لتضاف للمعلومات الجيولوجية التي يمتد عمرها لأكثر من 80 عاماً، وتتاح جميع البيانات على منصة رقمية.

وأعلنت السعودية، مؤخراً، عن تأسيس البرنامج الوطني للمعادن، الذي سيكون أداة قوية وداعمة لتعزيز جودة وكفاءة سلاسل الإمداد من المعادن، وضمان استمرارية توريدها للصناعات المحلية والمشاريع الكبرى؛ حيث تستهدف المملكة استثمار 120 مليار ريال في صناعات المعادن الأساسية والاستراتيجية.