3 عوامل وراء توقعات انخفاض النتائج المالية لقطاعي البتروكيماويات والإسمنت بالسعودية

مؤشرات على تحسن الأداء في الربع الثاني

أحد معامل البتروكيماويات في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد معامل البتروكيماويات في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

3 عوامل وراء توقعات انخفاض النتائج المالية لقطاعي البتروكيماويات والإسمنت بالسعودية

أحد معامل البتروكيماويات في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد معامل البتروكيماويات في السعودية (الشرق الأوسط)

أرجع محللون اقتصاديون توقعات عدد من بيوت الخبرة حول تراجع النتائج المالية للشركات المدرجة في قطاعي البتروكيماويات والإسمنت خلال النصف الأول من العام الحالي، إلى ثلاثة عوامل، يأتي في مقدمتها الرفع المتسارع لأسعار الفائدة بشكل لا مثيل له منذ عقود، ما تسبب في ارتفاع تكاليف الدين، والضغط على الأسواق المرتبطة بهذه القطاعات، ما أدى لانخفاض مبيعات منتجات الشركات العاملة في القطاع.

تراجع الأرباح

توقعت عدد من بيوت الخبرة المهتمة بالنتائج المالية للسوق المالية السعودية في تقاريرها الصادرة مؤخراً، تراجع الأرباح والنتائج المالية لغالبية الشركات العاملة في قطاعي البتروكيماويات والإسمنت خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث وصلت بعض التوقعات لشركات البتروكيماويات لنسب عالية جداً، إلى 95 في المائة مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي 2022، فيما تراوحت باقي نسب الانخفاض في بحر السبعينات المئوية، أما قطاع الإسمنت فكان متوسط توقعات الانخفاض في الثلاثينات والعشرينات المئوية.

الأسعار الدولية

وحدد المحلل الاقتصادي عبد الله الجبلي خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» ثلاثة عوامل تقف وراء توقعات بيوت الخبرة حول تراجع النتائج المالية لشركات البتروكيماويات، وهي تراجع أسعار المنتجات البتروكيماوية في السوق الدولية وتراجع كميات المنتجات المبيعة ومبيعات تلك الشركات البتروكيماويات وكذلك ارتفاع تكاليف الدين بسبب ارتفاع الفائدة واستمرار الفيدرالي الأميركي في رفع الفائدة بشكل متسارع لم يشهد له مثيل منذ عقود، مضيفاً أن تأثير هذه العوامل مجتمعةً كان قويا على نتائج الشركات العاملة في القطاع، ما أثر على الدورة الاقتصادية الكاملة لشركات البتروكيماويات، وشمل تأثيره الموردين والمصنعين والمستهلكين، وبالتالي كان هذا الأثر الواضح على النتائج المالية لشركات القطاع.

تأثير الفائدة

وأشار الجبلي إلى أن العوامل المؤثرة في النتائج المالية لقطاع الإسمنت ليست ببعيدة عن العوامل المؤثرة في قطاع البتروكيماويات، خصوصاً ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف الدين، مبيناً أنها تضغط على السوق العقارية في السعودية بشكل واضح، ما تسبب في انخفاض الحركة العقارية وحركة الإفراغ لدى وزارة العدل، بالإضافة إلى التغيرات الأخيرة في نظام رسوم الأراضي البيضاء ونظام الدعم السكني.

تراجع الحركة

ويرى الجبلي أن تلك العوامل ألقت بضلالها على السوق العقارية وقادت إلى تراجع الحركة في السوق وملحقاتها من مواد البناء والمقاولات ومصانع الإسمنت، مدللاً على ذلك بانخفاض عدد المستفيدين من الدعم السكني المقدم للأفراد إلى نحو 50 في المائة مقارنةً بالعام الماضي، مضيفاً أن تأثير أسعار الفائدة على حجم مبيعات منتجات الإسمنت لم يقتصر على السعودية بل يشمل جميع الأسواق العالمية.

وقلل المحلل الاقتصادي من فكرة السماح بتصدير منتجات الإسمنت خارجياً من أجل رفع كمية المنتجات المبيعة، لافتاً إلى أنها تحل مشكلة المبيعات، لأن ما يواجه السوق العقارية داخل البلاد هو ما يواجه السوق العقارية في المناطق المحيطة، وزاد بأننا حالياً في قاع الأزمة ونهايتها والأسعار الحالية لأسهم شركات البتروكيماويات والإسمنت تعد وصلت إلى مراحل يبدأ المستثمر طويل الأجل في التفكير فيها.

ودعا الجبلي الشركات المساهمة إلى اتخاذ جميع الحلول التي تكبح جماح نزول أسعار الأسهم وتراجع النتائج المالية، ومنها تقليل التكاليف وإغلاق القروض وبالذات القروض قصيرة الأجل قدر المستطاع، حتى لا يتم الضغط بشكل أقوى على النتائج المالية.

دورة اقتصادية

ومن جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة «فيلا» المالية حمد العليان في حديثه إلى «الشرق الأوسط» إن قطاع البتروكيماويات يمر بدورة اقتصادية مرتبطة بتحركات أسعار اللقيم واختلاف أسعار المنتجات العاملة في القطاع من شركة إلى شركة أخرى، مضيفاً أن انخفاض أسعار الشحن واللقيم مؤخراً وكذلك التوقف المتوقع من الفيدرالي الأميركي عن رفع أسعار الفائدة، سوف يساهمان بشكل كبير وواضح في ارتفاع هوامش ربحية كثير من شركات البتروكيماويات.

وتوقع العليان أن يتحسن ويرتفع أداء معظم شركات البتروكيماويات في الربع الثاني عن أدائها في الربع الأول، وأن يكون القطاع من أهم القطاعات في السوق المالية وتحديداً في الربع الرابع من هذا العام وبداية العام القادم 2024، لافتاً إلى أن القطاع سيشهد دخول كثير من المستثمرين والمحافظ الاستثمارية الكبيرة سواء المحلية أو الأجنبية، بسبب الدورة اقتصادية التي يمر بها القطاع وآمال المستثمرين ومديري الصناديق للأداء المستقبلي لشركات البتروكيماويات، وذلك لأهمية القطاع ولقوته.

انخفاض المكررات

وحول انخفاض النتائج المالية لشركات قطاع الإسمنت، أكد العليان أهمية القطاع من جهة البناء والتشييد والمشاريع الحكومية الكبيرة والقائمة في الفترة الحالية وحاجتها إلى المنتجات الإسمنتية، مضيفاً أن القطاع لا يزال مناسبا للمستثمرين خصوصا مع انخفاض مكررات القطاع، لافتاً إلى أنه قطاع دفاعي في الغالب ومعظم المستثمرين فيه يبحثون عن عوائد مستمرة، بالنظر إلى تاريخ القطاع، ودوره في منح عوائد مستمرة واستمراره كقطاع مُدر حتى مع الانخفاضات التي تحدث في أسعار منتجاته.


مقالات ذات صلة

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)

الدولار الأميركي ينخفض بعد ترشيح ترمب بيسنت وزيراً للخزانة

انخفض الدولار الأميركي، يوم الاثنين، بعد أن رشح الرئيس المنتخب دونالد ترمب، سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة، مما أوقف الارتفاع الحاد للعملة بعد الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يواصل تراجعه إلى أدنى مستوى في أسبوع

تراجع الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى في أسبوع مقابل العملات الرئيسية، يوم الأربعاء، حيث يسعى لتمديد انخفاضه، لليوم الثالث على التوالي، بعد بلوغه ذروة أسبوعية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يشاهد شاشة إلكترونية تعرض أسعار الأسهم خارج أحد البنوك في طوكيو (رويترز)

الأسهم الآسيوية ترتفع والدولار يتراجع مع ترقب تعيينات ترمب

ارتفعت الأسهم الآسيوية يوم الثلاثاء، بينما تراجعت عوائد السندات الأميركية والدولار عن أعلى مستوياتهما في عدة أشهر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رزم من أوراق الدولار الأميركي في متجر لصرف العملات في سيوداد خواريز بالمكسيك (رويترز)

الدولار يسجل أكبر مكسب أسبوعي في أكثر من شهر

سجل الدولار أكبر مكسب أسبوعي له في أكثر من شهر يوم الجمعة بدعم من توقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.