الكوارث الطبيعية والحروب تُبرز دور قطاع التأمين في الاقتصاد المصري

التغير المناخي يمثل عبئاً مالياً كبيراً على شركات التأمين

رجل إطفاء يطفئ ألسنة اللهب في حريق هائل في مدينة ثيودوري بغرب أثينا - 18 يوليو 2023 (أ.ف.ب)
رجل إطفاء يطفئ ألسنة اللهب في حريق هائل في مدينة ثيودوري بغرب أثينا - 18 يوليو 2023 (أ.ف.ب)
TT

الكوارث الطبيعية والحروب تُبرز دور قطاع التأمين في الاقتصاد المصري

رجل إطفاء يطفئ ألسنة اللهب في حريق هائل في مدينة ثيودوري بغرب أثينا - 18 يوليو 2023 (أ.ف.ب)
رجل إطفاء يطفئ ألسنة اللهب في حريق هائل في مدينة ثيودوري بغرب أثينا - 18 يوليو 2023 (أ.ف.ب)

«من سيعولهم؟ من سيرعاهم؟ من سيتولى مسؤوليتهم؟ من سيتكفل بمصاريفهم؟».

لم يتوقف عماد فوزي الشاب الأربعيني عن التفكير في هذه الأسئلة، وهو ذاهب ليعزي في أحد زملاء العمل الذي وافته المنية إثر أزمة قلبية، والذي ترك 3 أطفال أكبرهم سناً لا يتخطى 11 عاماً.

امتزجت الأسئلة، التي لم يجد لها إجابة، بمشاعر خوف ورهبة على مستقبل أولاده، بمجرد رؤيته «محمود» الابن الأكبر لزميله المتوفى حسام، وهو يبكي بحرقة وسط صراخ وأصوات تندب حظ الأولاد الصغار وأمهم.

يقول فوزي، الذي يعمل مسؤولاً في إدارة التنمية البشرية بإحدى شركات مستحضرات التجميل المصرية: «أتذكر جيداً الموقف بكامله وتلك الأسئلة الصعبة، رغم مرور نحو 5 شهور... العياط والبكاء والصراخ والحسرة... شيء محزن».

أوضح فوزي، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ حواراً دار بينه وبين موظفي الشركة حول قيمة التأمينات التي من المفترض أن تصرفها الشركة، غير «أني كنت مضطرباً بعض الشيء وقتها». لكنه رد عليهم على الفور: «مهما صرفت له الشركة... هيكفي إيه ولا إيه...؟ ربنا يرحمك يا حسام ويصبّر أهلك».

وجد وقتها انتهاراً عنيفاً من العاملين في الشركة، حسب قوله، بلغ حد السخط على إدارة الشركة، وازدادت التساؤلات عن «لزوم التأمين».

التأمين وأنواعه

يخلط البعض بين أنواع التأمينات، وهو ما يسبب لبساً عادة بين الموظفين، سواء كانوا في شركة كبيرة أو صغيرة.

يقول ماهر فرج منتج تأميني في شركة المهندس للتأمين، إن هناك فرقاً بين التأمينات الاجتماعية ووثائق التأمين؛ فالأول هو نظام إجباري يتم فرضه من الحكومة كنوع من الحماية للمواطنين العاملين، ويطبَّق عن طريق الشركات، التي تقتطع جزءاً من المرتب الشهري للموظف، ليذهب إلى صندوق التأمينات الاجتماعية. ويُصرف مبلغ للموظف المحال للمعاش وفق قيمة مرتبه ومدة عمله، وأيضًا في حالة الحوادث أو المرض أو الوفاة.

أضاف فرج: «إذن، التأمين يهدف لتكوين احتياطي مالي لمواجهة الخسائر غير المؤكدة، التي يتعرض لها الأفراد والمؤسسات، عن طريق نقل عبء الخطر من شخص واحد إلى عدة أشخاص».

أما في ما يخص وثائق التأمين، فهو «نظام ادخاري مالي ذو أهداف متعددة، يختار العميل ما يناسب أهدافه وخططه المستقبلية... ومن أهداف التأمين المحافظة على ثروات الأفراد والمنشآت، بتعويضها عن الأخطار التي قد تتعرض لها مثل الحريق والسرقة وغيرها».

ويلخص ممدوح عرابي الخبير التأميني، أنواع التأمينات بقوله: «يوجد 3 أنواع من هذه التأمينات: تأمينات الحياة، وتعني التأمين ضد المخاطر الناتجة عن الوفاة أو العجز، حتى الوصول إلى سن المعاش؛ أما النوع الثاني، فهو التأمينات العامة التي تشمل مخاطر الحريق أو الحوادث أو السرقة، فضلاً على أخطار الكوارث الطبيعية التي يغطيها التأمين من الزلازل والأعاصير، بالإضافة إلى تأمين فقد الأرباح، وتأمين التوقف عن العمل».

أضاف عرابي: «أما التأمين الإجباري، وهو النوع الثالث، فهو تأمين إجباري تفرضه الدولة، ويغطي المسؤولية المدنية للمؤمّن له قبل الغير. ويوجد في مصر 3 أنواع منه: التأمين الإجبارى ضد المسؤولية المدنيـة عن حوادث السيارات، والتأمين الإجباري ضد المسؤولية المدنية المترتبة على استعمال المصاعد، والتأمين الإجباري ضد المسؤولية المدنية قبل الغير والناجمة عن أعمال البناء».

وأوضح أن التأمين الإجباري يحمي الموظف، ذلك لأنه مرتبط بالمرتب فقط. أما وثائق التأمين على الحياة أو الممتلكات المتعددة، فتضمن مستقبلاً أفضل للمؤمّن عليه في حال بلوغه سن المعاش، أو لأولاده وأسرته في حالة الوفاة، بما يتناسب ودخل كل أسرة.

أهمية التأمين وتحدياته

بلغ معدل اختراق التأمين في مصر نحو 0.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في مصر البالغ نحو 6.4 تريليون جنيه، خلال العام المالي 2020/2021.

يقول أيمن حجازي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة شركات «أليانز مصر للتأمين»، إن معدل الاختراق في مصر منخفض مقارنة بدول أخرى في المنطقة، مثل الإمارات والمغرب التى تصل فيها مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 3 و4 في المائة. غير أنه توقع نمو مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 1 في المائة خلال السنوات الثلاث المقبلة.

الشمس تغرب خلف أبراج الكهرباء على طريق السويس - القاهرة (أ.ف.ب)

تصل حصة مساهمة قطاع التأمين وصناديق التأمين الخاصة في الناتج المحلي الإجمالي المصري إلى نحو 1.3 في المائة حالياً، رغم ارتفاع قاعدة عملاء قطاع التأمين التي تخطت 50 مليون عميل.

حققت شركات التأمين في مصر، إجمالي أقساط بقيمة 47.5 مليار جنيه خلال العام المالي 2020 - 2021، مقابل 40.1 مليار جنيه خلال العام المالي الأسبق 2019 - 2020، أي بزيادة 18.5 في المائة.

وبلغ إجمالي التعويضات المسددة من شركات التأمين للعملاء 23.4 مليار جنيه، مقابل 18.8 مليار جنيه خلال العام المالي الأسبق، بزيادة 24.5 في المائة، وهو ما يصل بإجمالي مبالغ التأمين والتغطيات التأمينية نحو 10.1 تريليون جنيه خلال العام المالي الماضي 2020 - 2021، مقابل 8.1 تريليون جنيه خلال العام المالي السابق له، بزيادة 24.8 في المائة.

وارتفع إجمالي أصول شركات التأمين إلى 152.9 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي 2020 - 2021، مقابل 128.5 مليار جنيه بنهاية يونيو (حزيران) 2020، بزيادة قدرها 19 في المائة، في حين بلغ إجمالي قيمة استثمارات شركات التأمين 131.5 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي، مقابل 107.7 مليار جنيه في نهاية العام المالي السابق له، بنسبة زيادة 22.1 في المائة.

ولفت حجازي هنا إلى العديد من التحديات التي تحول دون نمو قطاع التأمين في مصر، في مقدمتها انخفاض الوعي التأميني بشدة وضعف التكنولوجيا في القطاع.

حصان يشرب الماء وسط موجة حارة شديدة أمام أهرامات الجيزة (رويترز)

وأمام هذه الأرقام، يرى العضو المنتدب لشركة «أليانز» للتأمين على الممتلكات محمد مهران، أن «هناك قصوراً ما في الوصول إلى كافة الفئات المستهدفة لشركات التأمين»، التي وعد بمناقشتها مع الاتحاد المصري للتأمين، لـ«إيجاد طرق وبدائل خارج الصندوق».

ووفقاً للموقع الإلكتروني للاتحاد المصري للتأمين، فإن «غياب الوعي التأميني أكبر تحدٍّ أمام صناعة التأمين في مصر».

يقول تشارلز تواضروس، العضو المنتدب لشركة «أليانز» لتأمينات الحياة، إن حجم التعويضات المسددة عالمياً من شركات تأمينات الحياة ارتفع بمعدل 15 في المائة خلال 2020 مقارنة بتلك المسددة خلال العام السابق عليه، وهو ما يعكس دور وأهمية القطاع بالنسبة للحياة العامة للأفراد والشركات والاقتصاد بشكل عام، في إشارة إلى الدور الذي يلعبه القطاع في حياة الملايين.

التأمين والتغيرات المناخية

تمثل الكوارث الطبيعية عبئاً مالياً كبيراً على شركات التأمين. ففي منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، خلصت دراسة أجرتها شركة «ميونيخ راي» لإعادة التأمين الألمانية، إلى أن الخسائر المالية الناجمة عن الكوارث الطبيعية في ازدياد في أنحاء العالم.

وقالت الشركة إن الفيضانات والعواصف وحرائق الغابات والكوارث الطبيعية الأخرى تسببت في خسائر بقيمة 270 مليار دولار في أنحاء العالم.

ومن بين إجمالي الخسائر الـ270 مليار دولار التي جرى تسجيلها العام الماضي، نحو 120 ملياراً كانت ضمن التأمين.

أرض متشققة بسبب الجفاف الشديد في ولاية فلوريدا الأميركية - 28 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

ووفقاً لتحليل الشركة، فإن هذا الرقم كان أقل من الخسائر التي جرى تسجيلها خلال عام 2021، حيث بلغ حجم الخسائر 320 مليار دولار.

واليوم، تواجه دول أوروبا موجة حر لم تشهدها من قبل، تتجاوز حرارتها حاجز الـ40 درجة مئوية. ووسط توقعات بأن تشهد اليونان، الصيف الأكثر سخونة على الإطلاق، تعيش إيطاليا كذلك موجة حر شديدة، بينما يُتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في إسبانيا لمستويات قياسية.

لافتة تعرض درجة الحرارة الخارجية بوسط مدينة روما 46 درجة مئوية - 18 يوليو 2023 (أ.ب)

وتزيد الكوارث الطبيعية التكاليف المالية على الحكومات، وهو ما يحدث حالياً في بعض الولايات الأميركية التي ضربتها موجة حر شديدة، وسط توقعات بارتفاعها حتى بداية أغسطس (آب) المقبل.

ويتسبب الاحترار العالمي في زيادة الحرائق وحالات الوفاة الناتجة عنها، فضلاً على الخسائر المادية لحكومات وشركات وأفراد، وهو ما يظهر دور التأمين في تقليل المخاطر المرتبطة الناتجة عن هذه المتغيرات.

مقياس حرارة يظهر اقترابها من 40 درجة في ألمانيا (د.ب.أ)

ومن شأن قطاع التأمين في هذه الحالات أن يقلل من الضغوط المالية والتكاليف على الحكومات، في حال قام بدوره في توسيع ونشر الوثائق التأمينية، والوصول إلى أكبر عدد من الجمهور المستهدف.

يشير العضو المنتدب لشركة «أليانز» للتأمين على الممتلكات محمد مهران، إلى عاصفة التنين التي شهدتها مصر مؤخراً، وكيف زادت حدة الزلازل الفترة الأخيرة إقليمياً، وهو ما قد يزيد التعرض للمخاطر لفئة أكبر في البلاد.

ويقترح مهران «تأميناً سكنياً إلزامياً بأسعار رمزية، لضمان تعويض مناسب في حالة الكوارث الطبيعية، التي أصبحت غير بعيدة عن الكثير منا».

غير أن تواضروس، يرى أن الاقتصاد العالمي يمر بتحديات جمة، يتمثل أبرزها في ارتفاع وتيرة معدلات التضخم، نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية، التي تقل معها قيمة العملة، وتزيد الضغط على الأجور والقوة الشرائية.

وبالنظر إلى معطيات الاقتصاد العالمي الحالية، فهناك توقعات بأن ترتفع العوائد على الأصول لدى شركات التأمين، بعد رفع أسعار الفائدة عالمياً ومحلياً؛ إذ إن أحد مصادر الربح الهامة لشركات التأمين هو الدخل من عوائد الاستثمار على الأصول المختلفة مثل أموال المساهمين، والاستثمارات المخصصة، والإيداعات البنكية والسندات وأذون الخزانة، لكن العائد على الأسهم سيتضرر بالضرورة.

ويرى الاتحاد المصري للتأمين، في هذا الصدد، أنه مع تطور هذا الوضع، يُتوقع من شركات التأمين أن تواصل العمل على امتصاص الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد والمجتمع.

عزاء واجب

يختم عماد فوزي، بصوت خافت وعدم فخر، أنه «رغم انتهاء العزاء، إلا أن جدلاً عن التأمينات تجدد من جديد خلال زيارتنا لأسرة زميلنا لتقديم تكافل قررنا بمحض إرادتنا تقديمه لأولاده بعيداً عن الشركة».

رجال الإنقاذ يبحثون عن ناجين بعد أن غمرت مياه الفيضانات نفقاً تحت الأرض في كوريا الجنوبية - 16 يوليو 2023 (أ.ب)

يقول ممدوح عرابي الخبير التأميني في هذا الصدد: «هناك وثائق تأمينية كثيرة تغطي تلك الحالات، وتساعد الأسرة على إعالة الأولاد والتعليم من خلال تقديم القيمة المادية التي يحتاجونها».


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.