التباطؤ الاقتصادي يتفاقم في منطقة اليورو

انكماش بأعلى معدل منذ 8 أشهر

عامل يقوم ببناء الوحدة الداخلية لمضخة حرارية في مصنع «بوش هوم كمفورت غروب» في إيبلسهاوزن غرب ألمانيا (أ.ف.ب)
عامل يقوم ببناء الوحدة الداخلية لمضخة حرارية في مصنع «بوش هوم كمفورت غروب» في إيبلسهاوزن غرب ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

التباطؤ الاقتصادي يتفاقم في منطقة اليورو

عامل يقوم ببناء الوحدة الداخلية لمضخة حرارية في مصنع «بوش هوم كمفورت غروب» في إيبلسهاوزن غرب ألمانيا (أ.ف.ب)
عامل يقوم ببناء الوحدة الداخلية لمضخة حرارية في مصنع «بوش هوم كمفورت غروب» في إيبلسهاوزن غرب ألمانيا (أ.ف.ب)

تقلص النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو بأسرع معدل له في 8 أشهر، في يوليو (تموز) الجاري، مع تسارع التباطؤ على خلفية التخفيضات في التصنيع، على ما أظهرت نتائج مسح رئيسي الاثنين.

وانخفضت البيانات المأخوذة من مؤشر مديري المشتريات «HCOB Flash Eurozone» الذي نشرته «ستاندرد آند بورز»، إلى 48.9 نقطة في يوليو، من 49.9 نقطة في يونيو (حزيران) الماضي. وقال سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في بنك هامبورغ التجاري، إنّ «التصنيع لا يزال يشكّل نقطة ضعف في منطقة اليورو. فقد خفّض المنتجون مرّة أخرى إنتاجهم بوتيرة متسارعة في يوليو». وأضاف: «يرجح أن يتجه اقتصاد منطقة اليورو أكثر نحو الانكماش في الأشهر المقبلة، مع استمرار تراجع زخم قطاع الخدمات».

وأظهرت أحدث الأرقام أنّ ألمانيا سجلت انكماشاً مع انخفاض الإنتاج للمرة الأولى منذ يناير (كانون الثاني) على خلفية تراجع حاد في إنتاج المصانع.

وتأتي بيانات مؤشر مديري المشتريات المؤلمة، في الوقت الذي يتطلّع فيه البنك المركزي الأوروبي إلى رفع سعر الفائدة مرّة أخرى هذا الأسبوع، في إطار سعيه لضبط التضخّم.

وتراجع التضخّم في منطقة اليورو إلى 5.5 في المائة في يونيو، مع انخفاض أسعار الطاقة؛ لكن أسعار المواد الغذائية والمشروبات ظلّت مرتفعة. ونظراً إلى أنّ أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة، يبدو مرة جديدة أنّ رفع سعر الفائدة شبه مؤكد، عندما يجتمع واضعو سياسات البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع.

لكن البنك المركزي يواجه استياءً متزايداً في صفوف الدول التي تخشى أن تضرّ أسعار الفائدة المرتفعة بالنمو.

وكانت منطقة اليورو قد دخلت في ركود تقني في بداية العام، ومن المتوقع أن يكون النمو ضعيفاً هذا العام عند نحو واحد في المائة.

وقال دي لا روبيا إنّ «القراءة الأخيرة لمؤشر مديري المشتريات لن ترضي مسؤولي البنك المركزي الأوروبي؛ لأن الأسعار في القطاع الخاص لا تزال في ارتفاع، يقودها فقط قطاع الخدمات الأساسي». وأضاف: «بالتالي، فإنّ رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد ستتمسّك بموقفها وترفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في الاجتماع النقدي المقبل».

وكانت المؤسسة التي تتخذ في فرانكفورت مقرّاً لها قد رفعت تكاليف الاقتراض بأسرع معدّل على الإطلاق، لمكافحة التضخّم الحاد، بعدما أدّت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة. وارتفعت أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 4 نقاط مئوية منذ يوليو العام الماضي، مع استقرار معدّل الودائع لدى البنك المركزي الأوروبي الآن عند 3.50 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2001.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

تسبب إعلان واشنطن عن عقوبات ضد «غازبروم بنك» الروسي في إرباك العديد من الدول الحليفة لواشنطن حول إمدادات الغاز

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

اليابان تدرس رفع الحد الأدنى لضريبة الدخل ضمن حزمة التحفيز

قالت الحكومة اليابانية إنها ستدرس رفع الحد الأدنى الأساسي للدخل المعفى من الضرائب

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

قبل ساعات قليلة من «الختام المفترض» لمؤتمر «كوب 29» للمناخ في العاصمة الأذرية باكو على بحر قزوين، سيطر الخلاف على المباحثات؛ إذ عبرت جميع الأطراف تقريباً عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الذي قدمته إدارة المؤتمر ظهر يوم الجمعة في «مسودة اتفاق التمويل»، والذي اقترح أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة في توفير 250 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة أكثر الدول فقراً، وهو الاقتراح الذي أثار انتقادات من جميع الأطراف.

وتتولى حكومات العالم الممثلة في القمة في باكو عاصمة أذربيجان، مهمة الاتفاق على خطة تمويل شاملة لمعالجة تغيّر المناخ، لكن المؤتمر الذي استمر أسبوعين تميز بالانقسام بين الحكومات الغنية التي تقاوم الوصول إلى نتيجة مكلفة، والدول النامية التي تدفع من أجل المزيد.

وقال خوان كارلوس مونتيري غوميز، الممثل الخاص لتغيّر المناخ في بنما، والذي وصف المبلغ المقترح بأنه منخفض للغاية: «أنا غاضب للغاية... إنه أمر سخيف، سخيف للغاية!»، وأضاف: «يبدو أن العالم المتقدم يريد أن يحترق الكوكب!».

وفي الوقت نفسه، قال مفاوض أوروبي لـ«رويترز» إن مسودة الاتفاق الجديدة باهظة الثمن ولا تفعل ما يكفي لتوسيع عدد البلدان المساهمة في التمويل. وأضاف المفاوض: «لا أحد يشعر بالارتياح من الرقم؛ لأنه مرتفع ولا يوجد شيء تقريباً بشأن زيادة قاعدة المساهمين».

ومن جانبها، حثت أذربيجان الدول المشاركة على تسوية خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مالي يوم الجمعة، مع دخول المفاوضات في المؤتمر ساعاتها الأخيرة. وقالت رئاسة المؤتمر في مذكرة إلى المندوبين صباح الجمعة: «نشجع الأطراف على مواصلة التعاون في مجموعات وعبرها بهدف تقديم مقترحات تقلص الفجوة وتساعدنا على إنهاء عملنا هنا في باكو».

صحافيون ومشاركون يراجعون مسودة الاتفاق الختامي بمقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو ظهر يوم الجمعة (أ.ب)

وحددت المسودة أيضاً هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، والذي سيشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وهذا يتماشى مع توصية من خبراء الاقتصاد بأن تتمكن البلدان النامية من الوصول إلى الحصول على تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد. لكن المفاوضين حذروا من أن سد الفجوة بين تعهدات الحكومة والتعهدات الخاصة قد يكون صعباً.

وكان من المقرر أن تختتم قمة المناخ في مدينة بحر قزوين بحلول نهاية يوم الجمعة، لكن التوقعات كانت تصب في اتجاه التمديد، على غرار مؤتمرات «الأطراف» السابقة التي تشهد جميعها تمديداً في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاقات.

وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في «جمعية آسيا»، وهو مراقب مخضرم لمؤتمرات «الأطراف»: «إن إيجاد (نقطة مثالية) في المحادثات قريباً أمر بالغ الأهمية. أي شيء آخر غير ذلك قد يتطلب إعادة جدولة الرحلات الجوية».

وعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكو من اجتماع «مجموعة العشرين» في البرازيل يوم الخميس، داعياً إلى بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وحذر من أن «الفشل ليس خياراً».

وبدوره، قال دانييل لوند، المفاوض عن فيجي، لـ«رويترز»، إن «الطريق لا يزال طويلاً... إنه رقم (الوارد بالمسودة) منخفض للغاية مقارنة بنطاق الحاجة القائمة وفهم كيفية تطور هذه الاحتياجات».

كما عكس المؤتمر انقسامات كبيرة إزاء قضايا مثل ما إذا كان يجب تقديم الأموال في صورة منح أو قروض، والدرجة التي ينبغي بها حساب أنواع التمويل الخاص المختلفة في تحقيق الهدف السنوي النهائي.

وانتقد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية إدارة المؤتمر. وهم يأخذون على الأذربيجانيين الافتقار إلى الخبرة في قيادة مفاوضات بين ما يقرب من 200 دولة. وقال محمد آدو، ممثل شبكة العمل المناخي: «هذا هو أسوأ مؤتمر للأطراف على ما أذكر».

كما شابت المفاوضات حالة من الضبابية بشأن دور الولايات المتحدة، أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يؤمن بقضية المناخ، إلى البيت الأبيض.

وقال المبعوث الأميركي جون بوديستا: «نحن، بصراحة، نشعر بقلق عميق إزاء الخلل الصارخ في التوازن» في النص. في حين أعرب المفوض الأوروبي وبكي هوكسترا عن موقف مشابه بقوله إن النص «غير مقبول في صيغته الحالية».

ويكرر الأوروبيون القول إنهم يريدون «الاستمرار في توجيه الدفة»، وهو مصطلح تم اختياره بعناية، كدليل على حسن النية. لكن العجز المالي الذي تعانيه بلدان القارة العجوز يحد من قدراتهم.

وتساءل المفاوض البنمي خوان كارلوس مونتيري غوميز: «نحن نطلب 1 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهل هذا كثير جداً لإنقاذ الأرواح؟». في حين أعربت الوزيرة الكولومبية سوزان محمد عن أسفها، قائلة: «إنهم يدورون في حلقة مفرغة وهم يؤدون ألعابهم الجيوسياسية».

ومن جانبها، دعت الصين، التي تؤدي دوراً رئيساً في إيجاد التوازن بين الغرب والجنوب، «جميع الأطراف إلى إيجاد حل وسط»... لكن بكين وضعت «خطاً أحمر» بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.