خطوة السعودية للانضمام لـ«بريكس» تمنحها توسعاً أكبر في الاقتصاد

تستعد للانضمام كمراقب... واقتصاديون يؤكدون زيادة قدرات المملكة في التجمعات العالمية

صورة لبنك التنمية الجديد (إن دي بي) لدول البريكس في مقره الرئيسي في شنغهاي، الصين
(رويترز)
صورة لبنك التنمية الجديد (إن دي بي) لدول البريكس في مقره الرئيسي في شنغهاي، الصين (رويترز)
TT

خطوة السعودية للانضمام لـ«بريكس» تمنحها توسعاً أكبر في الاقتصاد

صورة لبنك التنمية الجديد (إن دي بي) لدول البريكس في مقره الرئيسي في شنغهاي، الصين
(رويترز)
صورة لبنك التنمية الجديد (إن دي بي) لدول البريكس في مقره الرئيسي في شنغهاي، الصين (رويترز)

شدد محللون اقتصاديون على أن خطوة السعودية المتوقعة في الانضمام إلى مجموعة «بريكس» بصفة مراقب خلال اجتماع المجموعة في أغسطس (آب) المقبل، ستمنحها القدرة على المشاركة في بعض أنشطة المجموعة الاقتصادية، وتعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية، وتأكيد الموقف السعودي في الانفتاح على الجميع والداعم لاستقرار الاقتصاد العالمي وإدارة علاقاتها الاقتصادية بحكمة وتوازن.

انفتاح السعودية

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد مكني أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالسعودية، إن المجموعة تسعى منذ نشأتها إلى تغيير اتجاه القوة الاقتصادية من اتجاه واحد إلى اتجاهات عدة، وتمتلك أهمية كبيرة في تشكيلها لنحو 41 في المائة من إجمالي سكان العالم، و29 في المائة من مساحة العالم، وكذلك وجود أعضائها ضمن مجموعة العشرين والتي تمثل أكبر 20 اقتصاداً نمواً في العالم.

أضاف أن انضمام السعودية سيفتح أمام اقتصاد المملكة والأسواق الخليجية مسارات جديدة وفرصا كبيرة في التوسع، وسيزيد من الاستقرار الاقتصادي عالمياً، كما ستكون السعودية لاعباً مهماً جداً بين دول المجموعة خصوصاً في تجارة النفط والغاز والتي تشكل 30 في المائة من الصادرات السعودية للأسواق العالمية.

وأضاف الدكتور مكني أن السعودية منفتحة على الجميع ولا تقتصر سياساتها على الاتجاه نحو الغرب، كما سبق أن انضمت في مارس (آذار) الماضي إلى منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي والأمني، لافتاً إلى أن ذلك لن يؤثر على علاقات الرياض القوية مع واشنطن وبقية دول الغرب، وهو ما يؤكد قوة ومتانة الاقتصاد السعودي وما تتمتع به المملكة من قدرة وحكمة في إدارة علاقاتها مع الجميع والتوازن في مصالحها من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030.

إعادة تشكيل القوى الاقتصادية

وزاد الدكتور مكني، أن هذا الانضمام سيعطي وهجاً جديداً لاقتصادات دول المنظومة في ظل ما يعيشه الاقتصاد العالمي من أزمات وإعادة تشكيلٍ للقوى الاقتصادية، كما سيفتح المجال أمام دول المجموعة لدخول أسواق منطقة الخليج، خصوصاً مع الحاجة الملحة لأكبر اقتصادين في المجموعة، الصين والهند، لأسواق الطاقة الخليجية، من أجل الاستمرار في النمو والتوجه نحو صدارة الاقتصاد العالمي.

أهمية المجموعة

من جهته، أكّد الدكتور محمد بن دليم القحطاني أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك فيصل، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أهمية وجود السعودية بصفة مراقب ضمن المجموعة، إلا أنه قلّل من تأثيرها أو إضافتها الكبيرة للاقتصاد السعودي، وكذلك قدرة المجموعة على كسر هيمنة الدولار الأميركي. وعزا ذلك إلى عدة أسباب أوجزها بقوة العملة الأميركية وارتباط أغلب العملات العالمية كاليورو والين والريال بالدولار، وكذلك السيطرة النقدية للدولار على احتياطيات البنوك المركزية العالمية، وامتلاك الحكومة الأميركية لمخزون من الذهب يوازي ما تمتلكه جميع دول العالم، بالإضافة إلى أن أكبر 500 شركة في العالم، ثلثها شركات أميركية، وكذلك استثمار أكبر البلدان اقتصاداً في السوق والسندات الأميركية ومنها الصين واليابان والسعودية.

أضاف أن السعودية لديها اتفاقيات ثنائية اقتصادية مع أغلب دول مجموعة «بريكس»، كل على حدة، بالإضافة إلى قوة علاقات السعودية بتلك الدول، كما أن اقتصاداتها تُعد ناشئة غير ناضجة وليست متقدمة، وتعاني دولها من كثافة سكانية كبيرة، لافتاً إلى أن تلك العوامل تقلل من العوائد الاقتصادية المتوقعة على الاقتصاد السعودي.

إعادة هيكلة

ودعا الدكتور القحطاني السعودية إلى إعادة هيكلة منظمة «أوبك» لتصبح منظمة تختص بكافة أشكال الطاقة، وتوسيعها لتشمل مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأزرق والطاقة الخضراء وطاقة البحار وطاقة الشمس، وفتح المجال لانضمام الدول المهتمة والمتقدمة في هذه المجالات كاليابان وإسبانيا وغيرها من الدول، وكذلك العمل على نقل مقر المنظمة إلى إحدى المدن السعودية كالرياض أو نيوم، على أن تتم بلورة الفكرة مع اكتمال الرؤية السعودية في العام 2030.

«بريكس»

يشار إلى أن مجموعة دول «البريكس» تكتل اقتصادي عالمي يضم دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وتشكل كلمة «بريكس» (BRICS) بالإنجليزية اختصار الحروف الأولى لأسماء تلك الدول، كما تترأس جنوب أفريقيا الدورة الحالية للمجموعة، حيث تستضيف خلال الفترة من 22 إلى 24 أغسطس (آب) المقبل القمة الـ15 لهذه الدول.

وفي تصريحات أدلى بها مندوب جنوب أفريقيا في المجموعة أنيل سوكلال الأسبوع الماضي لوكالة الصحافة الفرنسية، قال إن «22 دولة تواصلت رسمياً مع دول بريكس لتصبح عضواً بشكل كامل، وهناك عدد مماثل من الدول التي سألت على نحو غير رسمي عن الانضمام للمجموعة».

وبدأت فكرة تأسيس المجموعة في سبتمبر (أيلول) 2006 حينما عُقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وتم إطلاق مجموعة «بريكس» رسمياً عام 2009.

وتشكل دول المجموعة مجتمعة نحو 40 في المائة من مساحة العالم، ويعيش فيها أكثر من 40 في المائة من سكان الأرض، كما تضم أكبر 5 دول مساحة في العالم وأكثرها كثافة سكانية.

وتهدف إلى أن تصبح قوة اقتصادية عالمية قادرة على منافسة «مجموعة السبع» (جي 7) التي تستحوذ على 60 في المائة من الثروة العالمية، وقد وصلت مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي إلى 31.5 في المائة، بينما توقفت مساهمة مجموعة السبع عند 30.7 في المائة.


مقالات ذات صلة

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

الاقتصاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني، إلغاء استخدام نظام «سويفت» في التبادلات التجارية الإيرانية واستخدام العملات الوطنية في تسوية المعاملات مع دول «بريكس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مجموعة «بريكس بلس» تحظى بدعم واسع في العالم متعدد الأقطاب الناشئ اليوم (أ.ف.ب)

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

مع ازدياد التحديات العالمية وتعقيداتها، من التغير المناخي إلى الأزمات الجيوسياسية، تجد الولايات المتحدة نفسها في مواجهة واقع جديد يتسم بتعدد الأقطاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ممثل السياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل ومفوض شؤون التوسعة أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحافي في بروكسل (من حساب الأخير في «إكس»)

الاتحاد الأوروبي قلق لتراجع تركيا ديمقراطياً

عبّر الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه بشأن تراجع المعايير الديمقراطية وسيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق الأساسية في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا غوتيريش يصافح بوتين

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أنهت قمة مجموعة «بريكس» أعمالها، في قازان بجنوب روسيا، أمس (الخميس)، بفتح أبواب التوسع، وسط مداخلات هيمنت عليها الدعوات للسلام وإصلاح النظام الدولي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث في قمة «بريكس» (د.ب.أ)

بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط»

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».