رجال أعمال وخبراء وأكاديميون: جولة إردوغان الخليجية ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون

في مؤتمر تحضيري لمنتدى التعاون الاقتصادي التركي - الخليجي

المؤتمر التحضيري للمنتدى الاقتصادي التركي - الخليجي (الشرق الأوسط)
المؤتمر التحضيري للمنتدى الاقتصادي التركي - الخليجي (الشرق الأوسط)
TT

رجال أعمال وخبراء وأكاديميون: جولة إردوغان الخليجية ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون

المؤتمر التحضيري للمنتدى الاقتصادي التركي - الخليجي (الشرق الأوسط)
المؤتمر التحضيري للمنتدى الاقتصادي التركي - الخليجي (الشرق الأوسط)

توقع رجال أعمال وخبراء وأكاديميون سعوديون وأتراك أن تسهم الجولة الخليجية التي اختتمها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأربعاء، وشملت زيارة السعودية وقطر والإمارات، في فتح آفاق جديدة للتعاون في العديد من المجالات بين تركيا ودول الخليج.

وأكد المشاركون في مؤتمر صحافي تمهيدي لمنتدى التعاون الاقتصادي العربي الخليجي المقرر عقده خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، نظمته منصة قمة البوسفور للتعاون الدولي التي يرأسها جنكيز أوزجينجيل في إسطنبول، الأربعاء، أن هناك العديد من الفرص المتاحة للمستثمرين ورجال الأعمال والشركات من الجانبين في مجالات كثيرة؛ من بينها القطاع المالي، والطاقة، والزراعة والغذاء، والصناعة والتكنولوجيا والسياحة بأنماطها المختلفة.

وأكد رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر أن عودة العلاقات إلى طبيعتها بين تركيا وكل من السعودية والإمارات والبحرين بعد الصعوبات التي مرت بها في السنوات الماضية، ستفتح الباب لمزيد من التعاون ومضاعفة حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول الخليج العربي.

الدكتور عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث بالسعودية (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن هناك إمكانات كبيرة متاحة لتعزيز التعاون بين الجانبين، وأنه مهما كانت الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد التركي حالياً، فإنه سيكون قادراً على تجاوزها، اعتماداً على الطاقة البشرية والأرض الواسعة والإنتاج والتصدير والسوق الواسعة محلياً وإقليمياً ودولياً.

وأضاف بن صقر أن دول الخليج العربي سبق وأن مرت بصعوبات لكنها عادت أقوى مما كانت والآن أصبح الاقتصاد الخليجي في أفضل حالاته.

مجالات واعدة

وتابع أن هناك العديد من المجالات الواعدة للتعاون بين تركيا ودول الخليج، سواء في القطاع المالي؛ حيث تعمل 4 بنوك خليجية في تركيا، وفي مجالات النقل والخدمات اللوجستية، والبنى التحتية، والطاقة والبتروكيماويات والصناعة والزراعة والغذاء والسياحة.

وأشار إلى أن هناك استعدادات من أجل عقد اجتماع آلية الحوار الاستراتيجي بين تركيا ودول الخليج، التي تبلورت في الفترة ما بين عامي 2005 و2008 خلال المنتدى الاقتصادي التركي الخليجي، الذي سيعقد في الفترة من 11 إلى 13 نوفمبر المقبل، بالتعاون بين مركز الخليج للأبحاث وقمة البوسفور للتعاون الدولي، بمشاركة من المنظمة الدولية للحوار العربي التركي التي يرأسها مستشار الرئيس التركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، أرشد هورموزلو.

وأضاف بن صقر أن المنتدى سيبحث خطط تنويع الفرص الاقتصادية في المجالات والقطاعات ذات الاهتمام المشترك لدعم الأجندات التنموية التي يقودها الجانبان الخليجي والتركي.

وذكر أنه بدءاً من أغسطس (آب) المقبل، سيعمل مركز الخليج للأبحاث في السعودية على إعداد دراسات حول المجالات المتاحة للتعاون والاستثمار أمام القطاعين العام والخاص، وإتاحتها للمستثمرين ورجال الأعمال للاطلاع عليها.

وأكد أن «ما نهدف إليه هو أن يعمل الجانبان على تسهيل مناخ الاستثمار وزيادة فرص العمل المشترك، ومضاعفة حجم التبادل التجاري الذي وصل إلى 22 مليار دولار بعدما كان مليار دولار فقط في عام 2002».

آفاق التعاون التركي - السعودي

وعدّ بن صقر أن جولة الرئيس رجب طيب إردوغان الخليجية ستسفر عن نتائج كبيرة ستنعكس على التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات، ونستطيع أن نقول إن الأيام الصعبة في العلاقات السياسية التي اعترضت العلاقات في الفترة الماضية قد طويت.

وأضاف أن أكبر تأكيد لذلك جولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس رجب طيب إردوغان في جدة داخل السيارة الكهربائية (توغ) التي أنتجتها تركيا مؤخراً، والتي تعني أن تركيا والسعودية بدأتا السير على طريق واحد.

وأشار إلى أنه يجب التفريق بين الدعم الذي قدمته الحكومة السعودية للاقتصاد التركي عبر ضخ 5 مليارات دولار بمصرفها المركزي العام الماضي، وبين البنك المركزي التركي، والمشروعات وخطط التعاون والاستثمار من جانب القطاع الخاص.

وأكد أن الخطوة التي قامت بها الحكومة السعودية تعد مؤشراً على وجود الإرادة السياسية لتعميق التعاون مع تركيا.

أما بالنسبة للقطاع الخاص في البلدين، فهناك تاريخ طويل وجيد من التعاون، وهناك مشروعات بارزة في مجال البنية التحتية مثل قطار المدينة المنورة، الذي نفذته شركة تركية، فضلاً عن التجارة المتبادلة واستثمارات الشركات السعودية في تركيا.

وأشار إلى أنه قد يكون هناك أحياناً نقص في المعلومات أو وسائل التواصل، لكن حقيقة الأمر أن التعاون قائم بشكل كبير في مختلف المجالات، وهناك العديد من المشروعات الفردية التي أقامها المستثمرون السعوديون والخليجيون في تركيا، فضلاً عن التدفق السياحي الكبير من مواطني الخليج على تركيا.

وشدد على أنه ليست هناك معوقات أمام توجه المستثمرين السعوديين للعمل في مختلف المجالات، معرباً عن اعتقاده بأن العقبة الرئيسية كانت تكمن في الوضع السياسي، الذي تم تجاوزه تماماً حالياً، لا سيما بعد زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان للسعودية.

وأشار إلى أن هناك عاملاً آخر مهماً في تحفيز وتعميق العلاقات الاقتصادية، وهو دور الشعوب في الحفاظ على الروابط القوية في مختلف الأوقات، حتى في الأزمات.

معوقات الاستثمار

وعرض رجل الأعمال التركي عضو منصة قمة البوسفور الدكتور سمير فرا أوغلو المصاعب التي يواجهها القطاع الخاص والتي تجعله يحجم في بعض الأوقات عن التوجه إلى الاستثمار في تركيا.

وذكر أنه قام بالعديد من الزيارات لدول الخليج، وتحدث مع مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، بوصفه طبيباً يعمل في مجال السياحة العلاجية، مشيراً إلى أنه من المعروف جيداً في تركيا أن أي مواطن خليجي يأتي إلى تركيا للعلاج لا ينفق أقل من 100 ألف دولار، لكن هناك معوقات أبرزها تأشيرة العلاج، التي يتم الحصول عليها مقابل 425 دولاراً.

أرشد هورموزلو رئيس المنظمة الدولية للحوار العربي - التركي (الشرق الأوسط)

وأوضح أنه لهذا السبب البسيط يضيع على تركيا ملايين الدولارات سنوياً، مضيفاً أن ما يريد أن يقوله من هذا المثال هو أنه من أجل أن يأتي المستثمر الخليجي إلى تركيا يجب أن نسهل له الإجراءات بداية من التأشيرة إلى مختلف الإجراءات الأخرى، وأكد أن إخراج تركيا من أزمتها الاقتصادية مسؤولية الجميع من حكومة ومعارضة، ويجب على الأتراك أن يدركوا ذلك.

وتابع: «إنني بصفتي رجل أعمال يعمل في هذا المجال، أقول إننا في تركيا نضيع الملايين بسبب تعقيد الإجراءات، وتجب إعادة النظر في هذا الأمر إذا كنا نريد جذب الاستثمارات».

تعزيز الروابط

بدوره، قال رئيس المنظمة الدولية للحوار التركي العربي، أرشد هورموزلو، إن تركيا دولة تمتلك مقومات كبيرة، مشيراً إلى أن قطاع السياحة العلاجية يشكل أحد القطاعات المزدهرة، وعلى سبيل المثال جاء نحو مليون من مواطني الدول الإسكندنافية للعلاج في تركيا خلال العام الماضي، وهذا يشير إلى مدى التقدم في هذا القطاع، وليس ذلك فحسب، بل في مستوى الخبرة وجودة الخدمة الطبية.

وأضاف أن «التعاون مع دول الخليج لا يقتصر فقط على التجارة، وإنما هناك روابط قوية بين الشعب التركي وشعوب دول الخليج والشعوب العربية بشكل عام، ودورنا نحن مؤسسات المجتمع المدني أن ندعم هذه الروابط ونعززها».


مقالات ذات صلة

رفع الإيقاف عن 50 مليون متر مربع في الرياض... واعتماد مخططات جديدة

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (الموقع الإلكتروني للهيئة الملكية لمدينة الرياض)

رفع الإيقاف عن 50 مليون متر مربع في الرياض... واعتماد مخططات جديدة

أعلنت «الهيئة الملكية لمدينة الرياض» رفع الإيقاف عن التصرف بالبيع والشراء والتقسيم والتجزئة لـ50 مليون متر مربع من الأراضي شمال العاصمة السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منشآت نفطية خارج مدينة ساو باولو البرازيلية (رويترز)

النفط ينخفض أكثر من 1% مع انحسار «تأثير رافائيل»

تراجعت أسعار النفط يوم الجمعة مع انحسار المخاوف من تأثير الإعصار رافائيل في خليج المكسيك على البنية التحتية لإنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صينيون يعبرون أحد الشوارع المزدحمة في ساعة الذروة الصباحية بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)

الصين تبدأ التحفيز المالي برفع سقف الديون المحلية

بدأت الصين جولة جديدة من الدعم المالي، يوم الجمعة، لاقتصادها المتعثر بحزمة تخفف من ضغوط سداد الديون للحكومات المحلية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رجل يمر أمام شاشة تعرض تحركات الأسهم في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

إنفاق الأسر اليابانية يتراجع للشهر الثاني على التوالي

تراجع إنفاق الأسر اليابانية في سبتمبر للشهر الثاني على التوالي، حيث أدى ارتفاع الأسعار إلى خنق شهية المستهلكين

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)

«المركزي التركي» يرفع توقعات التضخم ويؤكد استمرار السياسة النقدية المتشددة

رفع البنك المركزي التركي توقعاته لمعدل التضخم للعام الحالي والعام المقبل إلى 44 في المائة و21 في المائة على التوالي.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

«كوب 29» يواجه تحدي الاتفاق على هدف عالمي جديد لتمويل المناخ

امرأة تمرّ بالقرب من لافتة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في باكو (رويترز)
امرأة تمرّ بالقرب من لافتة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يواجه تحدي الاتفاق على هدف عالمي جديد لتمويل المناخ

امرأة تمرّ بالقرب من لافتة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في باكو (رويترز)
امرأة تمرّ بالقرب من لافتة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في باكو (رويترز)

ابتداءً من يوم الاثنين، يجتمع العالم في العاصمة الأذربيجانية باكو للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 29) والذي ينعقد في ظل تنامي تحديات المناخ من موجات شديدة الارتفاع إلى فيضانات مدمرة وعواصف عاتية. وهو ما يفرض على الحكومات المشارِكة في النسخة التاسعة والعشرين من المؤتمر «الاتفاق على هدف عالمي جديد لتمويل المناخ لدعم البلدان النامية وإنقاذ الاقتصاد العالمي ومليارات الأرواح من التأثيرات المناخية الجامحة»، وفق ما قال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل، في مقابلة مع «الشرق الأوسط».

 

وقد أُطلق على مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ اسم «مؤتمر كوب المالي»؛ نظراً لأن هدفه الرئيسي هو الاتفاق على الأموال التي يجب توجيهها سنوياً لمساعدة البلدان النامية على التعامل مع التكاليف المرتبطة بالمناخ، في وقت لا يزال التمويل نقطة خلافية عالقة منذ سنوات حول حجم المبالغ المطلوبة والجهة التي يجب أن تدفع وما الذي ينبغي تمويله.

 

التمويل «هو أمر نحتاج إليه بشدة»، وفق ما قال ستيل لـ«الشرق الأوسط» عشية المؤتمر الذي يستغرق انعقاده أكثر من عشرة أيام، مشيراً إلى أن السعودية تحظى بسجل حافل في المفاوضات الدولية في مجال الدعوة إلى زيادة العمل والتمويل من أجل التكيف مع التغير المناخي، وأنها «قدمت من خلال مبادراتها للتكيف أمثلة بارزة في مجالات مثل زيادة حماية الأرض والبحر، وتشجيع التشجير واستصلاح الأراضي».

الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل (الأمم المتحدة)

 

يهيمن على المؤتمر هذا العام «إن.سي.كيو.جي»، وهو يعني الهدف الكمي الجماعي الجديد، ويشير إلى هدف التمويل السنوي الجديد المرتبط بالمناخ، والذي من المفترض أن يبدأ العمل به عندما ينتهي سريان التعهد الحالي الذي تبلغ قيمته 100 مليار دولار في نهاية هذا العام، والذي لم يتم الالتزام به بشكل كلي.

 

بحسب ستيل، يجب أن تتوصل جميع الحكومات إلى اتفاق بشأن هدف عالمي جديد للتمويل المناخي؛ وذلك لدعم الدول النامية وضمان أن الفوائد الكبرى للعمل المناخي تُوزع بشكل عادل بين جميع الأمم والشعوب. وقال: «الهدف الجديد الطموح يصبّ في مصلحة كل دولة وكل اقتصاد. لأنه لا يمكننا منع أزمة المناخ من تدمير جميع الاقتصادات - بما في ذلك الاقتصادات الأكبر والأكثر ثراءً - إلا إذا كان لدى كل دولة الوسائل اللازمة لاتخاذ إجراءات مناخية أقوى بكثير، وبناء مجتمعات وسلاسل توريد قادرة على الصمود».

 

متطوعة تعمل على زراعة شتلات في أرض متصحرة بالعراق (رويترز)

 

الخسائر والأضرار

 

في عام 2023، أقرّ «كوب 28» خلال انعقاده في الإمارات، تفعيل صندوق «الخسائر والأضرار» للتعويض على الدول الأكثر تضرراً من تغيّر المناخ، بعدما كان «كوب 27» في مصر قد أقرّ إنشاءه. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال مجلس إدارة الصندوق إنه اتخذ قرارات مهمة نحو التشغيل الكامل للصندوق في اجتماع باكو، وهو ما يرسي الأساس للصندوق لصرف التمويل للمرة الأولى في عام 2025.

 

ورأى ستيل في هذا الإطار، أنه «من مصلحة كل بلد في العالم ضمان أن يكون مؤتمر باكو مؤتمراً تمكينياً؛ مما يساعد على ترجمة التقدم المحرَز في اتفاق الإمارات إلى نتائج حقيقية تنعكس على الاقتصاد على أرض الواقع، وهذا يشمل بالتأكيد النتائج المتعلقة بالتكيف مع التغير المناخي من أجل حماية الأرواح وسبل كسب العيش». وأوضح أن «التكيف مع التأثيرات المتفاقمة لتغير المناخ هو أمر أساسي لضمان سلامة وازدهار كل دولة واقتصاد وشعب. فنحن ببساطة لا يمكننا مكافحة تغير المناخ دون الاستعداد لتأثيراته».

 

أسواق الكربون

 

ودعا ستيل مؤتمر «كوب 29» إلى تقديم مجموعة طموحة من النتائج بشأن المادة 6 المتعلقة بأسواق الكربون والتي هي أنظمة تجارية يتم فيها شراء أرصدة الكربون وبيعها؛ بهدف تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

 

وينص «اتفاق باريس» على استخدام آليات السوق هذه من خلال المادة 6، و«يمكن أن توفر تلك الآليات سبلاً إضافية مهمة لتنفيذ الخطط المناخية الوطنية، لتكمل الإجراءات الوطنية الرامية إلى خفض الانبعاثات من مصدرها... ويمكن لأسواق الكربون أن تساعد في دفع وتمويل التحول اللازم للتصدي لأزمة المناخ بالسرعة والحجم المطلوبين»، وفق ستيل.

 

وقال: «في العام المقبل في بيليم، سينصبّ اهتمام خاص على ما إذا كانت الخطط المناخية الوطنية الجديدة - المعروفة باسم المساهمات المحددة وطنياً - التي يجب على الدول أن تقدمها في عام 2025 – على المستوى المطلوب للحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية. إنه العام العصيب الذي يمكننا أن نثبت فيه للعالم أننا جميعاً مستعدون أخيراً لاغتنام الفرص المتاحة أمامنا».

 

التعاون الدولي أساس

 

وحذَّر ستيل من أن أزمة المناخ العالمية تضرب الآن كل الاقتصادات، بما في ذلك جميع اقتصادات مجموعة العشرين؛ مما يؤثر على الحياة وسبل العيش في كل البلاد. وشدد على أنه «من دون اتخاذ إجراءات مستدامة وتعاون دولي، ستستمر هذه التأثيرات في التفاقم بسرعة في جميع الدول».

 

وقال: «التعاون الدولي أمر ضروري لجعل جميع الاقتصادات والناس أكثر قدرة على الصمود في مواجهة هذه الآثار المناخية المتفاقمة ومعالجة أسبابها بطريقة سريعة وعادلة ومنظمة».

 

أضاف: «لا يمكن لأي بلد أن يجد حلولاً لهذه التحديات بمفرده. نحن أقوى وأكثر فاعلية عندما نعمل معاً. ولهذا السبب؛ لدينا مفاوضات مناخية دولية، تقوم المملكة العربية السعودية بصفتها مشاركاً فيها بدور حيوي».

 

وإذ نوّه بالتقدم المحرز في مكافحة تغير المناخ، مشدداً على أنه «من دون التعاون العالمي الذي تضطلع به الأمم المتحدة من خلال عملية مؤتمرات الأطراف التي تقودها الحكومات، سنتجه نحو مستويات كارثية من ارتفاع حرارة الأرض، والتي من المحتمل ألا تتمكن معظم البشرية من البقاء بسببها».

 

وقال: «نحن الآن في طريقنا إلى الوصول إلى نحو 3 درجات مئوية حسب الأهداف والسياسات الحالية، الأمر الذي سيظل مدمّراً لكل الاقتصادات؛ ولهذا السبب يجب على كل مؤتمر من مؤتمرات الأطراف - بما في ذلك مؤتمر الأطراف (كوب 29) المقبل في باكو – أن يحرز تقدماً سريعاً وملحوظاً. فكل عام يتبقى في هذا العقد هو عام بالغ الأهمية، هذا إذا أردنا تحقيق أهداف اتفاقية باريس».

 

 

مبادرات السعودية

 

وقال ستيل إن السعودية تلعب دوراً محورياً في المفاوضات، حيث تساهم بفاعلية في تعزيز الحوار والمشاركة الفعالة بين الدول، وتدفع نحو تبني حلول مناخية منسقة تخدم مصالح الجميع، لا سيما في مجال التحول إلى الطاقة المتجددة بزيادة نسبتها إلى 50 في المائة بحلول 2030، وبلوغ صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2060. وأوضح أنها تدرك أهمية زيادة الطموحات المناخية على المستوى العالمي، ضمن خططها لزيادة سعة مشاريع الطاقة المتجددة إلى 130 غيغاواط بحلول 2030؛ تماشياً مع التزامها المستمر بتعزيز مستقبل أكثر استدامة.

 

ومن خلال مبادراتها للتكيف في مجالات عدة، منها زيادة حماية الأرض والبحر، وتشجيع التشجير واستصلاح الأراضي، أفاد ستيل بأن المملكة تحظى بسجل حافل في المفاوضات الدولية في مجال الدعوة إلى زيادة العمل والتمويل من أجل التكيف مع التغير المناخي.

 

فتاة تزرع الأشجار ضمن «مبادرة السعودية الخضراء» (واس)

 

وتعكس المبادرات البيئية بالمملكة، مثل: «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتمكين التنمية المستدامة، مع تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال، التزام البلاد بتوجيه الاستثمارات نحو البنية التحتية للطاقة المتجددة وحماية التنوع البيولوجي؛ مما يخلق فرص عمل جديدة ويساهم في التنويع الاقتصادي.

 

الاستجابة المستدامة

 

في خضم هذه التحديات، أشار الأمين التنفيذي إلى الدور الكبير للابتكار التكنولوجي في إيجاد حلول للتكيف مع تغير المناخ. فباستخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، يمكن تحسين استراتيجيات التكيف ومراقبة تأثيرات المناخ، بما يعزز من قدرة المجتمعات على التأقلم مع التغيرات السريعة.

 

مع ذلك، يتعين إدارة هذه التقنيات بحذر لضمان توافقها مع الأهداف البيئية والمناخية العالمية، خصوصاً فيما يتعلق باستهلاك الطاقة والموارد، وفقاً للأمين التنفيذي.

 

كذلك، بـيَّن ستيل أن التحول نحو الاقتصاد الأخضر يمثل خطوة حاسمة في التعامل مع أزمة المناخ. وجزء منه يتضمن حماية الغابات والمناطق البحرية، والتي تعدّ أساسية للحد من الانبعاثات الكربونية وبناء قدرة الطبيعة على التكيف مع التغيرات المناخية.

 

تعزيز الاستثمارات

 

ولفت ستيل إلى أن استثمارات التكيف مع تغير المناخ يمكن أن تكون محورية في حماية الناس والاقتصادات، ودفع الفرص والازدهار، وتقليل الخسائر البشرية والاقتصادية. ولتحقيق عالم قادر على الصمود أمام التغيرات المناخية، يجب تعزيز الاستثمارات، والتخطيط، والتعاون في هذا المجال.

 

وقال إن خطط التكيف الوطنية هي الأساس لبناء القدرة على الصمود، لكن حالياً، 58 دولة فقط من الدول النامية تمتلك هذه الخطط. وحض المزيد من البلدان على تقديم خططها وتحديد احتياجاتها المحلية.

 

وشرح أنه في المستقبل القريب، ستكون كل دولة ملزمة بتقديم خطة مناخية وطنية جديدة، تعرف باسم المساهمات المحددة وطنياً، لتحديد مسار الحكومات الذي سيتبعونه لمكافحة تغير المناخ، وفقاً للمعايير العالمية المتفق عليها.

 

وأوضح أن «الدول التي ستنجح في تسريع جهودها المناخية هي تلك التي تعتمد خططاً تشمل جميع القطاعات الاقتصادية، تجذب الاستثمارات المحلية والدولية، وتفتح آفاقاً جديدة للابتكار والتطور في الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، وأكد الأمين التنفيذي أهمية أن يتعاون صانعو السياسات من مختلف المجالات مثل الطاقة، البنية التحتية، الزراعة، التكنولوجيا والتعليم لتحقيق هذا الهدف».

 

وشدّد على أن التطورات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي و التكنولوجيا الرقمية يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل التأثيرات السلبية لتغير المناخ؛ الأمر الذي يعزز التحول نحو مصادر طاقة أكثر استدامة ويُسهم في تحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل.

 

وختم مجدداً رسالته بأنه «من خلال العمل الجماعي فقط، سنتمكن من مواجهة هذه الأزمة وحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة».