قواعد صارمة تنتظر المصارف الأميركية

أعلى مسؤول تنظيمي في «الفدرالي» اقترح متطلبات أكثر تشدداً لرأس المال

مايكل بار يكشف توصياته لتعزيز قوة النظام المصرفي في مركز السياسات من الحزبين الاثنين (موقع الاحتياطي الفدرالي)
مايكل بار يكشف توصياته لتعزيز قوة النظام المصرفي في مركز السياسات من الحزبين الاثنين (موقع الاحتياطي الفدرالي)
TT

قواعد صارمة تنتظر المصارف الأميركية

مايكل بار يكشف توصياته لتعزيز قوة النظام المصرفي في مركز السياسات من الحزبين الاثنين (موقع الاحتياطي الفدرالي)
مايكل بار يكشف توصياته لتعزيز قوة النظام المصرفي في مركز السياسات من الحزبين الاثنين (موقع الاحتياطي الفدرالي)

تواجه المصارف الكبرى في الولايات المتحدة واحدة من أكبر الإصلاحات التنظيمية منذ الأزمة المالية عام 2008، مما أدى إلى اشتباك حول حجم رأس المال الذي يجب أن تخصصه لمواجهة العاصفة.

وقال نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي لشؤون الرقابة مايكل بار، إنه يريد من المصارف أن تبدأ في استخدام نهج موحد لتقدير المخاطر الائتمانية والتشغيلية والتجارية، بدلاً من الاعتماد على تقديراتها.

وقال بار في كلمة ألقاها في مركز السياسات من الحزبين في واشنطن، أيضا إنه يجب تعديل اختبارات الإجهاد السنوية للاحتياطي الفدرالي لالتقاط المخاطر التي يمكن أن تواجهها الشركات بشكل أفضل.

وتأتي الخطط التي وضعها بار يوم الاثنين بعد مراجعة استمرت أشهراً لمتطلبات رأس المال، وهو موضوع حساس سياسياً أصبح حديث الساعة بعد انهيار العديد من المقرضين الإقليميين هذا العام.

وشرح بار أن الاختبار الذي أجراه وجد أنه رغم أن النظام الحالي كان سليماً بشكل عام، فإن هناك حاجة إلى تغييرات ستؤدي إلى قيام المصارف بتخصيص المزيد من الأموال للحماية من الخسائر.

وبالتالي، فهو يعتزم متابعة مبادرات تنظيمية متعددة من شأنها توجيه المصارف الأكبر التي لديها أصول تزيد عن 100 مليار دولار للاحتفاظ بمزيد من الاحتياطيات. أي أنه يقترح أن تخضع التي لديها أصول لا تقل عن 100 مليار دولار لتنظيم مماثل تواجهه المصارف التي لديها أصول بقيمة 700 مليار دولار حالياً. وقال بار إن هذه اللوائح ستجبر المصارف على الاحتفاظ بنقطتين مئويتين إضافيتين من رأس المال، أو دولارين إضافيين من رأس المال لكل 100 دولار من الأصول المرجحة بالمخاطر.

وأوضح بار أن «الأحداث التي وقعت خلال الأشهر القليلة الماضية عززت فقط الحاجة إلى التواضع والتشكيك، وإلى نهج يجعل المصارف مرنة في مواجهة المخاطر المألوفة وغير المتوقعة».

على وجه التحديد، قال بار إن الأزمة أثبتت الدور النظامي الذي يمكن أن تلعبه المصارف الصغيرة، مما يعني أنها يجب أن تواجه هي الأخرى إشرافاً أكثر صرامة. وقال إنه سيسعى إلى تطبيق قواعد رأسمالية أكثر صرامة على المصارف التي تزيد أصولها عن 100 مليار دولار، مما يوسع مجموعة الشركات التي يجب أن تمتثل.

وأشار بار إلى أنه لا يخطط لإصلاح إطار رأسمال المصرف الأميركي، ولكنه بدلاً من ذلك يبني عليه بطرق عديدة، بما في ذلك عن طريق التنفيذ الكامل لاتفاقية رأس المال لاتفاقية بازل 3 المتفق عليها عالمياً وتوسيع اختبارات الإجهاد التي يجريها الاحتياطي الفدرالي سنوياً من أجل التأكد من صحة المصارف وسلامتها.

وكان خطاب بار بمثابة تحديث شامل لمراجعة شاملة لقواعد رأس المال المصرفي أطلقها بعد وقت قصير من انضمامه إلى المصرف المركزي الأميركي في عام 2022. وكان أشار في ذلك الوقت إلى أنه يفكر في المواضع التي يمكن فيها تعزيز القواعد، لكنه بات اليوم متأكداً بعد المصرفية في مارس (آذار) وأبريل (نيسان)، والتي شهدت فشل مصرف «سيليكون فالي» واثنين من المقرضين الآخرين، على الحاجة إلى بذل المزيد من الجهد.

وأحبط بار آمال القطاع المصرفي في أي تخفيف للقواعد، حين قال إنه لا يخطط لإضعاف رسوم إضافية حالية على المصارف العالمية الكبيرة أو قواعد الرافعة المالية التي اعتبرت المصارف أنها أعاقت وظائف سوق الخزانة.

ومع ذلك، شدد بار على أن أي متطلبات جديدة ستخضع لكتابة القواعد الرسمية وعملية التعليق العام، وتشمل فترات انتقالية طويلة للسماح للمصارف بجمع رأس المال اللازم.

وقال إن معظم المصارف لديها بالفعل ما يكفي من رأس المال للوفاء بالمعايير الجديدة التي تصورها، لكن الشركات التي يتعين عليها زيادة رأس المال ستكون قادرة على القيام بذلك في أقل من عامين من الأرباح المحتجزة، مع الحفاظ على أرباح المستثمرين.

لكن تصريحات بار أكدت مخاوف القطاع المصرفي من أنه سيتبع مجموعة واسعة من المتطلبات الأكثر تشدداً.

واعتبر الرئيس والمدير التنفيذي لجمعية المصرفيين الأميركيين، روب نيكولز، أن التغييرات التي أوجزها بار «فشلت في مراعاة التداعيات السلبية لإجبار المصارف من جميع الأحجام على الاحتفاظ برأس مال أكبر مما هو مطلوب للحفاظ على السلامة والسلامة».

وتعرض الاحتياطي الفدرالي نفسه لانتقادات بسبب إشرافه على المصارف المتورطة في الأزمة المصرفية هذا العام. وطلبت لجنة الرقابة بمجلس النواب الأميركي بقيادة الجمهوريين يوم الاثنين من رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول تسليم وثائق سرية تتعلق بإشراف المصرف المركزي الأميركي على «سيليكون فالي».


مقالات ذات صلة

«موديز» ترفع التصنيف الائتماني لـ«الأهلي المالية» إلى «إيه2»

الاقتصاد شعار شركة «الأهلي المالية» (الشرق الأوسط)

«موديز» ترفع التصنيف الائتماني لـ«الأهلي المالية» إلى «إيه2»

رفعت وكالة «موديز» العالمية التصنيف الائتماني لشركة «الأهلي المالية» عند «إيه 2» مع الحفاظ على نظرة مستقبلية مستقرة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شرارات تضرب تمثيلاً للبتكوين في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

«البتكوين» تنخفض 5 % بعد تصريحات باول برفض «الفيدرالي» تخزينها

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأربعاء، إن البنك المركزي الأميركي يرغب في المشاركة بأي مسعى حكومي لتخزين كميات كبيرة من «البتكوين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

أسهمت النتائج المالية الإيجابية والأرباح التي حققها قطاع البنوك وشركات عاملة بقطاع الطاقة في صعود مؤشر الأسهم السعودية وتحقيقه مكاسب مجزية.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد صورة رمزية تُظهر عملة الروبل أمام الكرملين (رويترز)

الطلب على السيولة يدفع البنوك الروسية إلى اقتناص مزاد «الريبو»

جمعت البنوك الروسية 850 مليار روبل (ما يعادل 8.58 مليار دولار)، في مزاد لإعادة الشراء (الريبو) لمدة شهر الذي عقده البنك المركزي، يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد رجل ينظف الشارع غداة إطاحة بشار الأسد (رويترز)

مصرف سوريا المركزي: ودائع المواطنين في البنوك آمنة

أكد مصرف سوريا المركزي، يوم الاثنين، أن ودائع المواطنين في البنوك آمنة في منشور على «فيسبوك».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
TT

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)

من المرجح أن يكون العام المقبل آخر عام كامل لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في منصبه على رأس البنك المركزي الأميركي، حيث من المقرر أن تنتهي ولايته في مايو (أيار) 2026. وعليه، تتوجه الأنظار نحو تقييم إرثه والآفاق المستقبلية للبنك المركزي، بعد أن شكّلت فترة رئاسته مرحلة حرجة في تاريخ السياسة النقدية الأميركية، إذ واجه خلالها تحديات اقتصادية عالمية وتحولات غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وفيما يلي قائمة بأولوياته وطموحاته لإنهاء فترة قيادته بشكل إيجابي، وتقديم إرث يدوم في تاريخ «الاحتياطي الفيدرالي»، وفقاً لما أوردته «رويترز».

إشارة «توقف» واضحة

تتمثل المهمة الرئيسية لباول في «إتمام الهبوط الناعم» مع وصول التضخم إلى 2 في المائة والعمالة كاملة، في بيئة اقتصادية قد تكون أكثر تعقيداً بسبب السياسات الضريبية والجمركية والهجرة التي قد تجعل من الصعب فهم المشهد الاقتصادي، وفقاً لما صرح به دونالد كون، نائب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، الذي يعمل الآن زميلاً كبيراً في مؤسسة «بروكينغز».

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت إلى باول بسبب تأخر رفع أسعار الفائدة في بداية تسارع التضخم في عام 2021، فإن الزيادات السريعة التي تم تنفيذها في أسعار الفائدة، والعودة التدريجية للاقتصاد العالمي إلى وضعه الطبيعي بعد جائحة كوفيد-19، قد جعلت التضخم قريباً من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة. لكن المهمة لم تكتمل بعد. على مدار العام المقبل، سيضطر باول إلى توجيه النقاش بين صانعي السياسة بشأن متى يجب التوقف عن خفض أسعار الفائدة دون المبالغة في ذلك، مما قد يؤدي إلى انتعاش التضخم، أو التباطؤ بشكل مفرط مما يتسبب في تدهور سوق العمل، مع الأخذ في الاعتبار السياسات الاقتصادية التي قد تنفذها إدارة ترمب الجديدة.

بيئة مالية مستقرة

وَعَدَ الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، بإجراء تغييرات واسعة في السياسات الضريبية والتجارية والهجرة والتنظيمية التي قد تجعل مهمة «الاحتياطي الفيدرالي» في الحفاظ على الأسعار المستقرة وتحقيق التوظيف الكامل أكثر صعوبة. ومع احتمالية تشغيل الاقتصاد عند أو فوق إمكاناته، قد تؤدي الضرائب المنخفضة أو التنظيمات الأكثر تساهلاً إلى زيادة التضخم عن طريق تعزيز الطلب والنمو بشكل أكبر؛ بينما قد تؤدي عمليات الترحيل الواسعة للمهاجرين إلى تقليص العرض العمالي مما يضع ضغوطاً على الأجور والأسعار؛ كما يمكن أن ترفع التعريفات الجمركية من تكلفة السلع المستوردة.

لكن الآثار لن تكون أحادية الاتجاه، فأسعار الاستيراد المرتفعة قد تضعف الطلب أو تحول المستهلكين إلى البدائل المحلية، على سبيل المثال، مما يفرض على «الاحتياطي الفيدرالي» بذل جهد لفهم التأثير الكامل للسياسات التي قد يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً، وقد يكون تحديد كيفية تأثير ذلك على القضايا التي تهم «الاحتياطي الفيدرالي»، مثل التضخم ومعدل البطالة، أحد التحديات الرئيسية لباول في المرحلة الأخيرة من قيادته للبنك المركزي.

نهاية هادئة للتشديد الكمي

شهدت حيازة «الاحتياطي الفيدرالي» للسندات الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري انفجاراً خلال جائحة كوفيد-19 في إطار جهوده للحفاظ على استقرار الأسواق ودعم التعافي الاقتصادي. الآن، يقوم البنك المركزي بتقليص ميزانيته العمومية مع انتهاء صلاحية الأوراق المالية المستحقة، وهي عملية تعرف بالتشديد الكمي.

وهناك حد لما يمكن أن تصل إليه الميزانية العمومية قبل أن تترك النظام المالي دون احتياطيات كافية. وبشكل عام، يرغب باول وزملاؤه في أن تستمر فترة الارتفاع لأطول فترة ممكنة، ولكنهم يريدون أيضاً تجنب تعطيل أسواق التمويل بين عشية وضحاها كما حدث في عام 2019.

كما أن العثور على نقطة التوقف الصحيحة وتحديد كيفية إدارة الميزانية العمومية في المستقبل هو جزء من العمل غير المكتمل من عملية الإنقاذ المالي المرتبطة بالوباء، التي يحتاج باول إلى إتمامها لإعادة السياسة النقدية إلى «طبيعتها».

إطار عمل أقوى

جزء من إرث باول سيكون مرتبطاً بالتغييرات في استراتيجية السياسة النقدية التي ناقشها «الاحتياطي الفيدرالي» في عام 2019، ووافق عليها في عام 2020، عندما كان تركيز البنك المركزي مُنصبّاً على معالجة البطالة الضخمة التي نشأت بسبب الجائحة. ومع عقد من التضخم المنخفض كخلفية، اعتمدوا إطار عمل جديداً يضع وزناً أكبر على تعافي سوق العمل، ووعد باستخدام فترات التضخم المرتفع لتعويض الأخطاء السابقة في استهداف التضخم.

لكن هذا النهج أصبح سريعاً غير متوافق مع اقتصاد تعافى فيه سوق العمل بسرعة، وفي عام 2021 بدأت تظهر علامات على تصاعد التضخم.

واعترف باول بأن التغييرات التي أشرف عليها في 2020 كانت مركزة على مجموعة من الظروف التي من المحتمل أن تكون فريدة، وسوف يتم مراجعتها هذا العام لتحديد ما إذا كان يجب تعديل الإطار مرة أخرى.

وتكمن أحد التحديات في كيف يمكن التأكد من أن الإرشادات التشغيلية تتجنب الالتزام المفرط بأي من ولايتين لـ«الاحتياطي الفيدرالي». وقال إد الحسيني، الاستراتيجي الكبير في الأسواق العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل»: «إذا خرج (الاحتياطي الفيدرالي) من هذه الحلقة مع تركيز أقل على التوظيف مقارنة بالتضخم، فإننا نعرض أنفسنا للعودة إلى بيئة حيث يتجاوز التضخم الهدف، وتستغرق تعافي الوظائف من الركود وقتاً أطول من اللازم».

تجنب حرب تنظيمية

بالإضافة إلى السياسة المالية، قد تحاول إدارة ترمب إجراء إصلاحات في كيفية تنظيم البنوك، وهي منطقة يتولى فيها «الاحتياطي الفيدرالي» مسؤولية مباشرة بوصفه جهة إشرافية، بالإضافة إلى اهتمامات أوسع تتعلق بالاستقرار المالي والسياسة النقدية مثل «المقرض الأخير» للمؤسسات المالية التي تتمتع بالجدارة الائتمانية ولكنها تواجه ضغوطاً في الأسواق.

وركز باول الكثير من وقته بصفته رئيساً لـ«الاحتياطي الفيدرالي» في بناء علاقات مع أعضاء الكونغرس، وهذه الروابط قد تكون مهمة مع مناقشة المشرعين للتغييرات المحتملة في لوائح البنوك والهيكل الإشرافي الذي يُنفذ هذه التغييرات.

وقال ديفيد بيكويرث، زميل أبحاث أول في مركز مرشاتوس بجامعة «جورج ميسون»: «أعتقد أنه ستكون هناك بعض المحاولات الكبيرة من إدارة ترمب لتغيير كيفية تنفيذ الحكومة الفيدرالية للسياسة المالية»، وأضاف: «قد تكون هناك أيضاً دعوات لإصلاح (الاحتياطي الفيدرالي) بشكل عام. آمل أن يضع باول (الاحتياطي الفيدرالي) في أفضل وضع ممكن للتعامل مع التغيير الكبير المحتمل».