صندوق النقد يطور منصة عالمية للعملات الرقمية للبنوك المركزية

أكد أهميتها في توفير تكلفة التحويلات المالية عبر الحدود

مديرة صندوق النقد كريستالينا غورغييفا (يمين) ومحافظ بنك المغرب المركزي عبد اللطيف الجواهري (يسار) في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع بمراكش يوم الاثنين (إ.ب.أ)
مديرة صندوق النقد كريستالينا غورغييفا (يمين) ومحافظ بنك المغرب المركزي عبد اللطيف الجواهري (يسار) في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع بمراكش يوم الاثنين (إ.ب.أ)
TT

صندوق النقد يطور منصة عالمية للعملات الرقمية للبنوك المركزية

مديرة صندوق النقد كريستالينا غورغييفا (يمين) ومحافظ بنك المغرب المركزي عبد اللطيف الجواهري (يسار) في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع بمراكش يوم الاثنين (إ.ب.أ)
مديرة صندوق النقد كريستالينا غورغييفا (يمين) ومحافظ بنك المغرب المركزي عبد اللطيف الجواهري (يسار) في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع بمراكش يوم الاثنين (إ.ب.أ)

قالت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، إن العملات الرقمية تسهم في تعزيز مرونة وكفاءة أنظمة الدفع، رغم مخاطرها على الاستقرار والنزاهة المالية حال تصميمها بشكل سيئ، وهو ما جعل الصندوق يعمل على تطوير منصة عالمية للعملات الرقمية بين البنوك المركزية عبر الحدود لمواجهة المخاطر المرتبطة بهذا التحول.

وأوضخت غورغييفا في مؤتمر شاركت فيه بنوك مركزية أفريقية في الرباط بالمغرب يوم الاثنين، أن «العملات الرقمية الخاضعة للبنوك المركزية يجب ألا تكون مقترحات وطنية متفرقة... للتمتع بمعاملات أكثر كفاءة ونزاهة، نحتاج إلى أنظمة تربط البلدان». وقالت إنه «لهذا السبب نعمل في صندوق النقد الدولي على تصور عن منصة عالمية لعملات رقمية للبنوك المركزية».

وأضافت غورغييفا في الملتقى: «يجب أن نعمل بشكل عميق وكامل ودقيق لجعل المعاملات الرقمية النقدية ناجحة عبر 3 طرق. أولاً عبر تعزيز وصول مزيد من المواطنين إلى الخدمات الرقمية بأسعار منخفضة، وتقوية أنظمة الدفع النقدية، وإنجاح التحويلات النقدية عبر الحدود بتكلفة منخفضة وبطريقة سريعة وأكثر فاعلية».

ويريد صندوق النقد من البنوك المركزية الاتفاق على إطار عمل تنظيمي مشترك لعملات رقمية قابلة للتبادل عبر العالم. وقالت غورغييفا إن عدم الاتفاق على منصة مشتركة قد يخلق فراغاً ستملأه على الأرجح العملات المشفرة. والعملة الرقمية للبنوك المركزية عملة خاضعة للبنك المركزي، في حين أن العملات المشفرة لا تخضع تقريباً لأي إشراف من البنوك المركزية.

وأفادت غورغييفا بأن 114 بنكاً مركزياً في مرحلة ما من استكشاف العملات الرقمية، «واستكملت 10 منها المهمة بالفعل». وأضافت: «إذا طورت الدول عملات رقمية للبنوك المركزية للاستخدام المحلي فقط، فإننا بذلك لا نستفيد من كامل قدرتها»، موضحة أن عملات البنوك المركزية الرقمية قد تساعد أيضاً في تعزيز الشمول المالي وخفض كلفة التحويلات، ومضت تقول إن كلفة تحويل الأموال بلغت نحو 44 مليار دولار سنوياً.

ونظم بنك المغرب وصندوق النقد الدولي الملتقى تحت شعار «دور القطاع العمومي في النقد وسداد المدفوعات - رؤية جديدة»، ويهدف لبحث سبل تعزيز الأنظمة النقدية وتسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات الرقمية النقدية.

وأكد محافظ البنك المركزي المغربي عبد اللطيف الجواهري، أهمية الملتقى، مشيراً إلى أنه سيسهم في تحسين الحلول لتعزيز الحلول المالية وتمكين المواطنين من الوصول إلى الخدمات النقدية ومساعدة المغتربين في إرسال التحويلات من الخارج. وقال: «نشكر صندوق النقد الدولي على دعمه لاحتضان مراكش اجتماعات مؤسستي النقد الدولي والبنك الدولي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. هذه الاجتماعات تتجدد في القارة الأفريقية بعد 50 عاماً من الغياب بعد اجتماعات كينيا، وبعد 20 عاماً من اجتماعات دبي».

وشهد الملتقى مشاركة كبار المسؤولين بالمؤسسات المالية الدولية والعربية والهيئات التنظيمية والبنوك المركزية والخبراء، من أجل دراسة آثار العملات الرقمية للبنك المركزي على السياسة النقدية والاستقرار المالي والشمول المالي وسداد المدفوعات الدولية.


مقالات ذات صلة

«استشاري مطوّر مصانع» لتحسين كفاءة الإنتاج في السعودية

الاقتصاد أحد المصانع المنتِجة في المدينة المنورة (واس)

«استشاري مطوّر مصانع» لتحسين كفاءة الإنتاج في السعودية

أطلقت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية خدمة ترخيص «استشاري مطوّر مصانع» بهدف تنمية المنشآت الصناعية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مصنع بمدينة الدمام ينتج المستلزمات الطبية المختلفة ومنها الكمامات (واس)

جهود سعودية للنهوض بالصناعات الدوائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي

تقوم السعودية بجهود للنهوض بالصناعات الدوائية والمعدات الطبية، من خلال توطينها، ورفع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

بدأ وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، الذي يترأس وفد منظومة الصناعة والتعدين، جولة اقتصادية بشرق آسيا؛ تشمل الصين وسنغافورة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار

أثار قرار الحكومة السورية بأن يحصل المواطن العائد عبر مطار دمشق الدولي على «شيك» ورقي بقيمة 100 دولار ملزم بتصريفها قبل دخوله إلى البلاد بانتقادات عارمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد عاملة في أحد خطوط إنتاج الكابلات الكهربائية للسيارات بشرق الصين (أ.ف.ب)

نشاط التصنيع بالصين في أدنى مستوياته منذ 6 أشهر

هبط نشاط التصنيع في الصين إلى أدنى مستوى في ستة أشهر في أغسطس مع تراجع أسعار المصانع وصعوبة حصول أصحاب المصانع على الطلبات.

«الشرق الأوسط» (بكين)

هل يعود إنتاج مصر من الغاز إلى مستوياته المتوقعة؟

عاملان في حقل ظهر الذي تديره «إيني» الإيطالية (شركة إيني)
عاملان في حقل ظهر الذي تديره «إيني» الإيطالية (شركة إيني)
TT

هل يعود إنتاج مصر من الغاز إلى مستوياته المتوقعة؟

عاملان في حقل ظهر الذي تديره «إيني» الإيطالية (شركة إيني)
عاملان في حقل ظهر الذي تديره «إيني» الإيطالية (شركة إيني)

عندما افتتحت مصر حقل غاز ظهر الضخم في عام 2018، أشادت الحكومة بالمشروع لمساعدتها في تحقيق طموحاتها في أن تصبح مكتفية ذاتياً من الطاقة وتوفير 2.8 مليار دولار سنوياً في تكاليف استيراد الغاز. ولكن بدلاً من الطفرة المتوقعة في الطاقة، ترك نقص الغاز البلاد غارقة في انقطاعات يومية للتيار هذا الصيف مما أدى إلى تعطيل النشاط الاقتصادي والحياة اليومية لملايين المصريين، وفق تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز».

اضطرت القاهرة الآن إلى استئناف استيراد الغاز الطبيعي المسال مع انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي، والطلب المتزايد على الكهرباء والنمو السكاني السريع الذي يضغط على نظام توليد الطاقة.

خصصت مصر 1.2 مليار دولار لتمويل واردات الطاقة الأولية، بما في ذلك 21 شحنة من الغاز الطبيعي المسال بدأت في الوصول، معظمها من الولايات المتحدة. وبحسب الحكومة، فإن انقطاع التيار الكهربائي، الذي بدأ في أبريل (نيسان)، انتهى في بداية أغسطس (آب)، لكنه قد يستأنف في منتصف سبتمبر (أيلول). وحتى وقت قريب، كانت مصر تزود أوروبا بالغاز الطبيعي المسال وكانت لديها طموحات لتصبح مركزاً لتجارة الغاز، وتصدر إنتاجها الخاص وكذلك الغاز المنقول عبر الأنابيب من إسرائيل وربما من قبرص. لكنها أوقفت الآن أيضاً «مؤقتاً» صادرات الغاز، حسبما يقول المسؤولون.

ووفقاً لفاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «غولدمان ساكس»، فإن صافي واردات مصر من النفط والغاز بلغ 6.3 مليار دولار في العام حتى مارس (آذار) 2024، مقارنة بفائض صادرات صافي الذروة البالغ 4.4 مليار دولار في العام حتى سبتمبر 2022. وقال: «هذا يمثل تحولاً قدره 10.7 مليار دولار».

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في يوليو (تموز): «لم يتوقع أحد موجات الحر التي نشهدها وارتفاع درجات الحرارة بشكل مستمر والتي استمرت ليس فقط ليوم أو يومين ولكن لأسابيع متواصلة. نحن في حالة طوارئ مستمرة كل يوم».

بعد أن تعرضت لأزمة العملة الأجنبية في عام 2022، عندما سحب المستثمرون الأجانب نحو 20 مليار دولار من البلاد في رحلة إلى بر الأمان وسط حرب أوكرانيا، تأخرت القاهرة في سداد المدفوعات لشركات النفط والغاز الدولية - وتقدر متأخراتها بنحو 6 مليارات دولار - مما أدى إلى تباطؤ الاستثمار في الاستكشاف والإنتاج وتفاقم نقص الغاز، كما يقول المحللون.

وقال ديفيد باتر، المتخصص في النفط والغاز والزميل المشارك في «تشاتام هاوس»، وهي مؤسسة فكرية بريطانية: «كانت حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​تميل إلى تسجيل معدلات انحدار سريعة إلى حد ما. تصل إلى الذروة ثم تبدأ في التراجع، الأمر الذي يتطلب استكشافاً وتطويراً جديداً ويعني أن الشركات يجب أن تحافظ على مستويات الاستثمار. لن تفعل ذلك إلا إذا كان الأمر يستحق ذلك».

وقال مدبولي في مارس إن البلاد ستدفع ما يصل إلى 20 في المائة من المتأخرات هذا العام. وجاءت هذه الخطوة في أعقاب صفقة الإنقاذ الدولية لمصر بقيمة 55 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والإمارات، والتي خففت من أزمة العملة الأجنبية.

وقال متحدث باسم مجموعة «إيني» الإيطالية للنفط، التي تدير حقل ظهر، إن الوضع الائتماني يتحسن، مضيفاً: «نحن واثقون من استرداد المستحقات الواجبة».

كما تأتي انقطاعات الكهرباء في أعقاب انخفاض إنتاج مصر من الغاز. وانخفض إجمالي الإنتاج السنوي في جميع حقول الغاز من 70 مليار متر مكعب في عام 2021 إلى 53 مليار متر مكعب متوقعة هذا العام، وفقاً لشركة الاستشارات النرويجية للطاقة «ريستاد».

وقالت الحكومة العام الماضي إن إجمالي الاستثمار في حقل ظهر بلغ 12 مليار دولار وسيرتفع إلى 15 مليار دولار في غضون ثلاث سنوات.

ولكن في الوقت الحالي، تعرضت طموحات مركز تجارة الغاز في مصر لضربة مع توقف الصادرات واستهلاكها للإمدادات الإسرائيلية.

وقال باتر إن احتمال زيادة إسرائيل لإنتاجها من الغاز قد يعزز الإمدادات لمصر في أواخر عام 2025 أو 2026. وفي العام الماضي، كانت القدرة التصديرية لإسرائيل نحو 15 مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 25-30 مليار متر مكعب بحلول نهاية العقد.

أضاف باتر: «قد يكون هناك الكثير من الغاز الإسرائيلي الذي ليس لديه مكان آخر يذهب إليه. مصر هي السوق الكبيرة الوحيدة التي يمكن لإسرائيل الوصول إليها بسهولة».

لكن تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل و«حزب الله» قد يحد من إمدادات مصر في الأمد القريب، حيث هدد «حزب الله» باستهداف إنتاج الغاز البحري الإسرائيلي.

وقال باتر: «(حزب الله) لديه القدرة على إلحاق الضرر بإنتاج الغاز البحري الإسرائيلي. هذه منصات تعمل في الخارج والأشخاص الذين يعملون عليها لا يبقون في منطقة حرب».

وكانت مصر الشهر الماضي أطلقت جولة عطاءات جديدة لاستكشاف النفط والغاز في 12 منطقة في البحر الأبيض المتوسط ​​ودلتا النيل. وقالت الحكومة إن حوافز ستُقدم للشركات العالمية لزيادة الاستكشاف والإنتاج.

وقال مدبولي إن القاهرة تخطط لإعادة الإنتاج إلى «مستوياته الطبيعية» اعتباراً من عام 2025، مضيفاً: «هناك خطة واضحة للغاية لإعادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي مع الشركاء الأجانب إلى مستوياته السابقة، وكذلك زيادته».