المملكة المتحدة تُطلق برنامجاً تجارياً للدول النامية يستهدف خفض التعرفة الجمركية

يطبق على 65 بلداً ويقلل التكاليف بما يربو على 770 مليون جنيه إسترليني سنوياً

عملية تفريغ بضائع خارج متجر صيني في سوهو بلندن في الوقت الذي أظهرت فيه البيانات الأخيرة تباطؤ التضخم في المملكة المتحدة (أ.ف.ب)
عملية تفريغ بضائع خارج متجر صيني في سوهو بلندن في الوقت الذي أظهرت فيه البيانات الأخيرة تباطؤ التضخم في المملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

المملكة المتحدة تُطلق برنامجاً تجارياً للدول النامية يستهدف خفض التعرفة الجمركية

عملية تفريغ بضائع خارج متجر صيني في سوهو بلندن في الوقت الذي أظهرت فيه البيانات الأخيرة تباطؤ التضخم في المملكة المتحدة (أ.ف.ب)
عملية تفريغ بضائع خارج متجر صيني في سوهو بلندن في الوقت الذي أظهرت فيه البيانات الأخيرة تباطؤ التضخم في المملكة المتحدة (أ.ف.ب)

قالت المملكة المتحدة إنها ستعمل اليوم على تبسيط قواعد التجارة إلى حد كبير، وتخفض التعرفة الجمركية على السلع الآتية من الدول النامية، وذلك يوفر على الشركات البريطانية والمستهلكين البريطانيين ملايين الجنيهات كل سنة. وبحسب مركز الإعلام والتواصل الإقليمي، فإن برنامج التجارة مع الدول النامية الجديد هذا - الذي تطلقه المملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي الذي يبدأ العمل به اليوم – يشمل 65 بلداً يفوق تعداد سكانها 3.3 مليار شخص، ويقع أكثر من نصفها في أفريقيا.

تبسيط قواعد التجارة

وأوضح البيان الصادر عن المركز أن البرنامج يلغي أو يخفض التعرفة الجمركية، ويبسط قواعد التجارة، بحيث يستفيد مزيد من السلع من هذا البرنامج، ليكون بذلك أكثر سخاء من برنامج الاتحاد الأوروبي الذي كانت المملكة المتحدة عضواً فيه من قبل، بحسب وصف البيان.

وأضاف المركز أن هذا البرنامج تستفيد منه دول نامية تتطلع إلى تنويع وزيادة صادراتها، وبالتالي تعزيز ازدهارها وتقليل حاجتها للمساعدات.

ويوفر البرنامج على الشركات البريطانية ما يربو على 770 مليون جنيه إسترليني سنوياً من خلال خفض أو إلغاء التعرفة الجمركية عن واردات تفوق قيمتها 9 مليارات جنيه، وبالتالي زيادة الخيارات من السلع المتاحة للمستهلكين في المملكة المتحدة وربما خفض أسعار مجموعة واسعة من السلع، كالملابس والمواد الغذائية ولعب الأطفال، إلى جانب فتح أبواب الفرص للشركات البريطانية للتجارة على الساحة العالمية وتنمية الاقتصاد البريطاني. ومع مرور الوقت، في حال زادت الدول النامية تجارتها مع المملكة المتحدة بموجب هذا البرنامج، سوف توفر الشركات البريطانية ملايين الجنيهات من تكاليف الاستيراد.

خفض تكاليف الاستيراد

وأطلق نايجل هدلستون، وزير شؤون التجارة الدولية بوزارة الأعمال والتجارة، هذا البرنامج في أثناء زيارته إلى أكبر منطقة تجارية في إثيوبيا بول ليمي، حيث إن إثيوبيا تربطها علاقات تجارية مع المملكة المتحدة تبلغ 838 مليون جنيه إسترليني، وجميع صادراتها إلى المملكة المتحدة معفاة من التعرفة الجمركية.

وبموجب هذا البرنامج الجديد، ستتمكن إثيوبيا، إلى جانب 46 دولة أخرى، من إنتاج سلع باستخدام مكونات منشؤها عدد أكبر كثيراً من الدول، وزيادة فرصها بالتجارة مع المملكة المتحدة.

وقال الوزير هدلستون، خلال زيارته للمنطقة التجارية في إثيوبيا: «هذا البرنامج مثال رائع على استغلال المملكة المتحدة لمكانتها بوصفها بلداً تجارياً مستقلاً، ويسعدني أن أرى البدء بتطبيقه اليوم».

وأضاف: «سوف يتيح هذا البرنامج فرصاً للشركات في أنحاء العالم، ويدعم سبل معيشة الناس، ويوفر فرص العمل، وينوع سلاسل الإمداد المحلية والدولية. كما سيعود البرنامج بالفائدة على الشركات والمستهلكين البريطانيين عن طريق خفض تكاليف استيراد مجموعة واسعة من المنتجات».

وقال وزير شؤون التنمية وأفريقيا بوزارة الخارجية والتنمية، أندرو ميتشل: «برنامج التجارة البريطاني الجديد - برنامج التجارة مع الدول النامية - الذي يشمل 65 بلداً يُظهر كيف يمكننا تحقيق التنمية من خلال التجارة». وتابع ميتشل: «سوف تستفيد من هذا البرنامج الشركات التجارية في أنحاء العالم، بما فيها الشركات التي تملكها نساء، والتي ندعمها من خلال برنامج الشراكة التجارية البريطانية».

26 بلداً في الشرق الأوسط

يذكر أن برنامج التجارة مع الدول النامية يغطي 37 بلداً في أفريقيا، و26 بلداً في الشرق الأوسط وآسيا وأوقيانوسيا، واثنين من البلدان في الأميركتين.

وكان البرنامج قد أُعلِن عنه في السنة الماضية، وجرى منذ ذلك الحين تشريع القانون اللازم لتطبيقه.

واستوردت المملكة المتحدة بالمتوسط 22.8 مليار جنيه إسترليني من السلع من دول مشمولة في برنامج التجارة مع الدول النامية في السنوات الثلاث الماضية.

بإضافة شبكة المملكة المتحدة التي تشمل 8 اتفاقيات شراكة اقتصادية، فإن برنامج التجارة مع الدول النامية يعني أن أكثر من 90 بلداً نامياً تستفيد الآن من التجارة دون رسوم جمركية أو تقريباً دون رسوم جمركية.

الإجراءات الجمركية ستظل كما هي بموجب الترتيبات الحالية للتجارة التفضيلية، لكن سوف تنطبق التعرفة الجديدة وقواعد بلد المنشأ على أقل البلدان نمواً.


مقالات ذات صلة

أول جولة مفاوضات للتجارة الحرة بين دول الخليج وتركيا تبدأ الاثنين

الاقتصاد توقيع البيان المشترك لبدء المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتركيا في مارس الماضي (الشرق الأوسط)

أول جولة مفاوضات للتجارة الحرة بين دول الخليج وتركيا تبدأ الاثنين

من المقرر أن تعقد الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون وتركيا، بمشاركة 9 جهات حكومية سعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

سجلت الصادرات السعودية غير النفطية أعلى مستوى لها في عامين في مايو (أيار) الماضي، حيث بلغت 28.89 مليار ريال سعودي (7.70 مليار دولار).

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد ميناء جدة الإسلامي (واس)

أعلى مستوى منذ عامين للصادرات السعودية غير النفطية في مايو

سجل الميزان التجاري السعودي فائضاً على أساس سنوي خلال مايو الماضي بلغ 34.5 مليار ريال بفضل تحقيق أعلى مستوى للصادرات غير النفطية منذ يونيو 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام (واس)

ميناء سعودي يستقبل 15 رافعة جسرية لدعم الحركة التجارية

استقبل ميناء الملك عبد العزيز بمدينة الدمام في السعودية، مُمثلاً في الشريك الاستراتيجي مشغل محطتي الحاويات بالميناء «الشركة السعودية العالمية للموانئ» 15 رافعة.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي يتحدث للحضور خلال «المنتدى الاستثماري السعودي - التايلندي» (الشرق الأوسط)

الفالح: العلاقات الاقتصادية السعودية - التايلندية شهدت تطورات متسارعة  

أكد وزير الاستثمار، المهندس خالد الفالح، التقدم الملحوظ الذي تشهده العلاقات التجارية بين السعودية وتايلند؛ استجابةً للطلب المتزايد على مدار عقود عدة.

بندر مسلم (الرياض)

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

TT

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي)
رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي)

تمثل المشاريع السعودية العملاقة فرصة ثمينة لزيادة حصة استثمارات إدارة المرافق المتوقعة بإجمالي مبالغ تتجاوز 60 مليار دولار خلال 2030، حيث تمتلك المملكة حصة سوقية مهيمنة في الشرق الأوسط لإدارة المنظومة على مستوى المنطقة.

مشروع «نيوم» (موقع صندوق الاستثمارات العامة)

وتعرّف إدارة المرافق بأنها مجال شامل يجمع بين مكان العمل (المباني والمرافق)، والقوى العاملة فيه، وعمليات المنظومة. إذ تهدف إلى ضمان سير العمل بسلاسة، وتحسين كفاءة استخدام المرافق، وخلق بيئة عمل آمنة ومريحة، وتشمل مجموعة واسعة من الخدمات، منها الصلبة مثل الصيانة الميكانيكية والكهربائية، والسلامة من الحرائق، وصيانة أنظمة المباني والمعدات، والناعمة مثل التنظيف، وإعادة التدوير، والأمن، ومكافحة الآفات والعدوى، وصيانة الأرضيات والتخلص من النفايات.

ولأهمية هذا القطاع، تم في العام الماضي إطلاق منصة إلكترونية لتطويره.

حجم الإنفاق

يصف رئيس مجلس إدارة «جمعية إدارة المرافق السعودية» المهندس عائض القحطاني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» حجم قطاع إدارة المرافق بأنه كبير في المملكة، ويتوقع أن يبلغ حجم إنفاق هذه السوق، مع وجود المشاريع الكبرى القائمة بالسعودية، 60 مليار دولار في عام 2030، أي ما يمثل معدل نمو يصل إلى 13.5 في المائة حتى نهاية العقد، بعدما كان نحو 40 ملياراً منذ عامين.

وكان إجمالي الإنفاق الحكومي على قطاع البنية التحتية والخدمات العامة في الموازنة السعودية لعام 2023 بلغ نحو 190 مليار ريال (50.6 مليار دولار)، حيث تشكل إدارة المرافق جزءاً كبيراً منه، بحسب القحطاني.

ووفق توقّعات شركة «موردور إنتليجنس» (MordorIntelligence)، سيصل حجم سوق إدارة المرافق في السعودية إلى 49.6 مليار دولار بحلول 2029، مدفوعاً بعوامل كثيرة، منها الاستثمارات الحكومية في مشاريع البنية التحتية.

في حين تعتقد شركة «بي آند إس إنتليجنس» (P&S Intelligence) أن تنمو السوق بمعدل سنوي مركب قدره 12.4 في المائة، ليصل إلى 90.1 مليار دولار بحلول نهاية العقد الحالي، مرجعة ذلك إلى زيادة أنشطة البناء في البلاد، وصناعة السياحة المتنامية، والاعتماد الزائد للتكنولوجيات المتقدمة، وتوفر نهج متكامل لإدارة المرافق.

وقال القحطاني إن سوق المملكة في قطاع إدارة المرافق تعد الأكثر نمواً حول العالم، بالتزامن مع دخول كبرى الشركات دولياً إلى السوق المحلية.

وأضاف أن جميع المشاريع الضخمة التي أسستها البلاد مثل «نيوم»، و«القدية»، و«حديقة الملك سلمان»، تحتاج إلى إدارة بعد الإنشاء، مبيّناً دور الجمعية في الربط بينها مع مزودي الخدمات من القطاع الخاص.

وأكمل أن الجمعية تعمل بوصفها قطاعاً ثالثاً بالربط التكاملي بين الجهات الحكومية، مثل: وزارة البلديات والإسكان، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة العامة للعقار، ووزارة المالية، التي تصدر التشريعات والأنظمة الرقابية في مجال إدارة المرافق، بإيصالها لمزودي الخدمة من القطاع الخاص.

مشروع «القدية» (موقع صندوق الاستثمارات العامة)

التشغيل المستمر

وصممت المشاريع الكبرى - التابعة والمملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة» - لتحفيز الاقتصاد الوطني، ومن المتوقع أن تمتد آثارها الإيجابية إلى ما هو أبعد من قطاعي التطوير العقاري والبنية التحتية، مما يساعد في تنويع مصادر الدخل دون الاعتماد على النفط خصوصاً بسبب حجمها الضخم.

وأوضح رئيس الجمعية أن القطاع يتقاطع مع معظم الأهداف الخاصة بـ«رؤية 2030»، خصوصاً أنه بند كبير من الصرف في موازنة الحكومة يتوجه للتشغيل المستمر، وهو ما تقوم عليه مفاهيم إدارة المرافق.

ونظراً إلى حاجة السوق إلى أفراد متخصصين، بيّن القحطاني أن الجمعية تمكّنت حتى الوقت الحالي من تدريب 400 شخص في مجال إدارة المرافق على مستويين مبتدئ ومتقدم، كاشفاً عن مستهدف المنشأة الحالي بتدريب 300 فرد سنوياً.

وتابع أن الجمعية الآن في طور توقيع اتفاقيات مع بعض الأكاديميات الموجودة محلياً وعالمياً، لتعزيز المفهوم هذا ونشره بالشكل السريع والصحيح.

حماية البيانات

وأشار القحطاني إلى أن الجمعية تعتزم إقامة المؤتمر والمعرض الدولي لإدارة المرافق، في سبتمبر (أيلول) المقبل، برعاية وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل، وبشراكة استراتيجية من «الشركة السعودية لإدارة المرافق»، المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والتي تم تأسيسها عام 2023 للمساهمة في تلبية احتياجات السوق، وتقديم خدمات القطاع بالمملكة بالحجم والجودة اللذين تتطلبهما مشاريع التطوير العقاري للصندوق.

وتأتي مبادرة تنظيم المؤتمر المقبل في إطار جهود المملكة الرامية لتطوير قطاع إدارة المرافق، ورفع كفاءته على المستوى الوطني، انسجاماً مع أهداف «رؤية 2030»، وتعزيزاً لمكانة البلاد في المجال.

وأفصح القحطاني أن مستهدفات الحدث المقبل ترتكز على ثلاثة عناصر، هي: كيف تتحقق جودة حياة الإنسان داخل البيئة المبنية؟ وعلاقة الذكاء الاصطناعي بإدارة المرافق خاصة مع التطورات الأخيرة (المشكلة التقنية التي واجهتها شركات تقنية عالمية عملاقة وأثرت على قطاعات كثيرة)، إضافة إلى مناقشة كيفية حماية البيانات الموجودة داخل المباني.

وذكر أن أبرز المواضيع الرئيسية التي ستتم مناقشتها خلال الحدث المقبل تُعنى بالاتجاهات العالمية والتحديات المستقبلية، والتنمية المستدامة والابتكار الأخضر، والإدارة والقيادة في العصر الرقمي، ونظم وتطبيقات المستقبل.

وفيما يخص المعرض المصاحب للمؤتمر، أوضح رئيس الجمعية أنه سيضم جميع مزودي الخدمات الرئيسيين في القطاع سواء كانوا محلياً أو عالمياً، إذ إن المستهدف 65 عارضاً: «وإلى الآن حقننا 80 في المائة منه».

ويتوقع القحطاني أن يشهد الحدث توقيع 10 إلى 15 اتفاقية، كما يستهدف مشاركة 50 متحدثاً بشكل فردي أو عبر جلسات حوارية ضمن المؤتمر.

أعمال التنسيق

بدوره، أشار الأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مشاريع المملكة الضخمة تحتاج إلى جهد كبير في أعمال التنسيق بين المباني والبنى التحتية، وخدمات الطاقة والمياه والتصريف، التي يختص بها جميعاً قطاع إدارة المرافق، مشدّداً على ارتفاع نسبة السوق الوطنية بالمنطقة.

جدير بالذكر أن المملكة تستثمر بكثافة في مشاريع البناء والبنية التحتية واسعة النطاق، مثل المطارات وشبكات السكك الحديد والملاعب والمجمعات التجارية والسكنية. وتتطلب هذه التطورات خدمات إدارة مرافق احترافية لضمان تشغيلها بكفاءة وسلاسة، وللحفاظ على الأمن والسلامة، إذ تشهد سوق العقارات السعودية نمواً كبيراً مدفوعاً بارتفاع عدد السكان، والتوسع الحضري، وزيادة الاستثمار الأجنبي.