زخم في القارة السمراء للتخلي عن الدولار

20 دولة تبدي استعدادها للتعامل بعملاتها المحلية فيما بينها

موظف في مكتب صرافة يعد أوراقا نقدية من الدولار في العاصمة النيجيرية أبوغا (رويترز)
موظف في مكتب صرافة يعد أوراقا نقدية من الدولار في العاصمة النيجيرية أبوغا (رويترز)
TT

زخم في القارة السمراء للتخلي عن الدولار

موظف في مكتب صرافة يعد أوراقا نقدية من الدولار في العاصمة النيجيرية أبوغا (رويترز)
موظف في مكتب صرافة يعد أوراقا نقدية من الدولار في العاصمة النيجيرية أبوغا (رويترز)

توقع البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسمبنك)، أن تنضم ما يتراوح بين 15 و20 دولة إلى «نظام الدفع والتسوية الأفريقي» بحلول نهاية العام، مما يسمح لها بالتخلي عن الدولار في معاملاتها الأفريقية.

ومن المقرر أن يسمح نظام الدفع والتسوية الأفريقي الجديد، للدول الأفريقية بالتداول فيما بينها باستخدام عملاتها المحلية.

ونقلت وكالة بلومبرغ عن بنديكت أوراما، رئيس البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، في مقابلة أجريت معه قبيل بدء الاجتماعات السنوية للبنك في أكرا، عاصمة غانا، والتي من المقرر أن تبدأ الأحد وتستمر حتى 21 من يونيو (حزيران)، قوله إن المنصة الجديدة بدأت عملياتها التجارية مع تسجيل 9 دول حتى الآن.

وأوضح أوراما، الذي يقوم بنكه بتمويل النظام الجديد، إن النظام المعروف اختصارا باسم «بي إيه بي إس إس» (نظام الدفع والتسوية الأفريقي في عموم أفريقيا)، يستخدم أسعار صرف الدولار في الوقت الحالي، مضيفا: «لكننا نعمل مع البنوك المركزية لتطوير آلية لسعر الصرف» من شأنها أن تسمح للعملات الأفريقية البالغ عددها 42 بأن تكون قابلة للتحويل فيما بينها.

والنظام الجديد للدفع والتسوية للقارة السمراء، والذي اعتمده الاتحاد الأفريقي، باعتباره منصة الدفع والتسوية في أفريقيا، يدعم تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. وفي نهاية عام 2020، بلغ إجمالي أصول وضمانات البنك 21.5 مليار دولار، وبلغت أموال المساهمين 3.4 مليارات دولار. يقع المقر الرئيسي للبنك في القاهرة.

ووسط توقعات بأن تنضم نصف الدول الأفريقية للنظام الجديد بنهاية العام الجاري، نظرا للصعوبات التي تواجه الدول النامية والفقيرة في توفير الدولار، مما زاد الزخم للانضمام لنظام الدفع الجديد، من المتوقع أن تقل الضغوطات المالية على القارة السمراء بالتحول للتداول بالعملات المحلية فيما بينها.

فقد ارتفع مؤشر الدولار إلى مستويات كبيرة خلال الفترة الأخيرة، أمام سلة العملات، ليزيد من قوته الشرائية للمواطن الأميركي، ويزيد الضغوط على المواطنين غير الأميركيين حول العالم.

أوراق نقدية من الدولار (رويترز)

وارتفاع الدولار يزيد أسعار السلع والخدمات المقومة به، على كل الدول من حائزي العملات الأخرى، ويهبط بالذهب والنفط، ويخلق أزمات تمويلية للدول التي تعتمد على الاستيراد بشكل كبير، وهو ما انعكس على الدول الأفريقية بشكل جلي قد يصعب معه الاستمرار.

ورغم توقف ارتفاع مؤشر الدولار، وتوقف الفدرالي الأميركي في آخر اجتماعاته الأسبوع الماضي عن رفع الفائدة، غير أن القوة الشرائية للعملة الأميركية ما زالت مرتفعة وسط أزمة في طرق توفير الدولار للدول النامية، مع شح السيولة في الأسواق الدولية.

أمام هذه التداعيات، تسعى جميع الدول لتقليل الضغوط المالية عليها من خلال التخلي عن جزء من معاملاتها التجارية بالدولار، في الوقت الذي تسعى فيه روسيا والصين، لتأسيس «نظام دولي» جديد، لا يعتمد بالضرورة على الدولار الأميركي كعملة رئيسية في التبادلات التجارية والمالية.


مقالات ذات صلة

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
يوميات الشرق خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

الحشرة أصبحت تشكل تهديداً كبيراً لمحصول التين الشوكي لأنها تدمر مساحات واسعة من المزارع وتثير قلقاً اقتصادياً كبيراً منذ اكتشافها في تونس لأول مرة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أفريقيا انزلاق للتربة عقب هطول أمطار غزيرة بجنوب إثيوبيا في 22 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

انزلاق التربة في جنوب إثيوبيا يتسبب في مقتل نحو 229 شخصاً

لقي قرابة 150 شخصاً حتفهم جراء انزلاق للتربة عقب هطول أمطار غزيرة في جنوب إثيوبيا، وفق ما أفادت به السلطات المحلية، الثلاثاء، محذّرة من أن العدد مرشح للارتفاع.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا المرشح الرئاسي المعارض لطفي المرايحي (موقع حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري)

السجن لمرشح رئاسي ومنعه من الترشح مدى الحياة في تونس

أصدرت محكمة تونسية، اليوم الجمعة، حكماً بسجن المرشح الرئاسي المعارض، لطفي المرايحي، 8 أشهر ومنعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية مدى الحياة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح المعارض بيرام الداه ولد أعبيد (الشرق الأوسط)

مرشح معارض يرفض نتائج انتخابات موريتانيا

دعا المرشح الرئاسي المعارض في موريتانيا، بيرام ولد الداه ولد أعبيد، اليوم الخميس، سلطات البلاد إلى الحوار لنزع فتيل الأزمة السياسية.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

TT

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي)
رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي)

تمثل المشاريع السعودية العملاقة فرصة ثمينة لزيادة حصة استثمارات إدارة المرافق المتوقعة بإجمالي مبالغ تتجاوز 60 مليار دولار خلال 2030، حيث تمتلك المملكة حصة سوقية مهيمنة في الشرق الأوسط لإدارة المنظومة على مستوى المنطقة.

مشروع «نيوم» (موقع صندوق الاستثمارات العامة)

وتعرّف إدارة المرافق بأنها مجال شامل يجمع بين مكان العمل (المباني والمرافق)، والقوى العاملة فيه، وعمليات المنظومة. إذ تهدف إلى ضمان سير العمل بسلاسة، وتحسين كفاءة استخدام المرافق، وخلق بيئة عمل آمنة ومريحة، وتشمل مجموعة واسعة من الخدمات، منها الصلبة مثل الصيانة الميكانيكية والكهربائية، والسلامة من الحرائق، وصيانة أنظمة المباني والمعدات، والناعمة مثل التنظيف، وإعادة التدوير، والأمن، ومكافحة الآفات والعدوى، وصيانة الأرضيات والتخلص من النفايات.

ولأهمية هذا القطاع، تم في العام الماضي إطلاق منصة إلكترونية لتطويره.

حجم الإنفاق

يصف رئيس مجلس إدارة «جمعية إدارة المرافق السعودية» المهندس عائض القحطاني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» حجم قطاع إدارة المرافق بأنه كبير في المملكة، ويتوقع أن يبلغ حجم إنفاق هذه السوق، مع وجود المشاريع الكبرى القائمة بالسعودية، 60 مليار دولار في عام 2030، أي ما يمثل معدل نمو يصل إلى 13.5 في المائة حتى نهاية العقد، بعدما كان نحو 40 ملياراً منذ عامين.

وكان إجمالي الإنفاق الحكومي على قطاع البنية التحتية والخدمات العامة في الموازنة السعودية لعام 2023 بلغ نحو 190 مليار ريال (50.6 مليار دولار)، حيث تشكل إدارة المرافق جزءاً كبيراً منه، بحسب القحطاني.

ووفق توقّعات شركة «موردور إنتليجنس» (MordorIntelligence)، سيصل حجم سوق إدارة المرافق في السعودية إلى 49.6 مليار دولار بحلول 2029، مدفوعاً بعوامل كثيرة، منها الاستثمارات الحكومية في مشاريع البنية التحتية.

في حين تعتقد شركة «بي آند إس إنتليجنس» (P&S Intelligence) أن تنمو السوق بمعدل سنوي مركب قدره 12.4 في المائة، ليصل إلى 90.1 مليار دولار بحلول نهاية العقد الحالي، مرجعة ذلك إلى زيادة أنشطة البناء في البلاد، وصناعة السياحة المتنامية، والاعتماد الزائد للتكنولوجيات المتقدمة، وتوفر نهج متكامل لإدارة المرافق.

وقال القحطاني إن سوق المملكة في قطاع إدارة المرافق تعد الأكثر نمواً حول العالم، بالتزامن مع دخول كبرى الشركات دولياً إلى السوق المحلية.

وأضاف أن جميع المشاريع الضخمة التي أسستها البلاد مثل «نيوم»، و«القدية»، و«حديقة الملك سلمان»، تحتاج إلى إدارة بعد الإنشاء، مبيّناً دور الجمعية في الربط بينها مع مزودي الخدمات من القطاع الخاص.

وأكمل أن الجمعية تعمل بوصفها قطاعاً ثالثاً بالربط التكاملي بين الجهات الحكومية، مثل: وزارة البلديات والإسكان، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة العامة للعقار، ووزارة المالية، التي تصدر التشريعات والأنظمة الرقابية في مجال إدارة المرافق، بإيصالها لمزودي الخدمة من القطاع الخاص.

مشروع «القدية» (موقع صندوق الاستثمارات العامة)

التشغيل المستمر

وصممت المشاريع الكبرى - التابعة والمملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة» - لتحفيز الاقتصاد الوطني، ومن المتوقع أن تمتد آثارها الإيجابية إلى ما هو أبعد من قطاعي التطوير العقاري والبنية التحتية، مما يساعد في تنويع مصادر الدخل دون الاعتماد على النفط خصوصاً بسبب حجمها الضخم.

وأوضح رئيس الجمعية أن القطاع يتقاطع مع معظم الأهداف الخاصة بـ«رؤية 2030»، خصوصاً أنه بند كبير من الصرف في موازنة الحكومة يتوجه للتشغيل المستمر، وهو ما تقوم عليه مفاهيم إدارة المرافق.

ونظراً إلى حاجة السوق إلى أفراد متخصصين، بيّن القحطاني أن الجمعية تمكّنت حتى الوقت الحالي من تدريب 400 شخص في مجال إدارة المرافق على مستويين مبتدئ ومتقدم، كاشفاً عن مستهدف المنشأة الحالي بتدريب 300 فرد سنوياً.

وتابع أن الجمعية الآن في طور توقيع اتفاقيات مع بعض الأكاديميات الموجودة محلياً وعالمياً، لتعزيز المفهوم هذا ونشره بالشكل السريع والصحيح.

حماية البيانات

وأشار القحطاني إلى أن الجمعية تعتزم إقامة المؤتمر والمعرض الدولي لإدارة المرافق، في سبتمبر (أيلول) المقبل، برعاية وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل، وبشراكة استراتيجية من «الشركة السعودية لإدارة المرافق»، المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والتي تم تأسيسها عام 2023 للمساهمة في تلبية احتياجات السوق، وتقديم خدمات القطاع بالمملكة بالحجم والجودة اللذين تتطلبهما مشاريع التطوير العقاري للصندوق.

وتأتي مبادرة تنظيم المؤتمر المقبل في إطار جهود المملكة الرامية لتطوير قطاع إدارة المرافق، ورفع كفاءته على المستوى الوطني، انسجاماً مع أهداف «رؤية 2030»، وتعزيزاً لمكانة البلاد في المجال.

وأفصح القحطاني أن مستهدفات الحدث المقبل ترتكز على ثلاثة عناصر، هي: كيف تتحقق جودة حياة الإنسان داخل البيئة المبنية؟ وعلاقة الذكاء الاصطناعي بإدارة المرافق خاصة مع التطورات الأخيرة (المشكلة التقنية التي واجهتها شركات تقنية عالمية عملاقة وأثرت على قطاعات كثيرة)، إضافة إلى مناقشة كيفية حماية البيانات الموجودة داخل المباني.

وذكر أن أبرز المواضيع الرئيسية التي ستتم مناقشتها خلال الحدث المقبل تُعنى بالاتجاهات العالمية والتحديات المستقبلية، والتنمية المستدامة والابتكار الأخضر، والإدارة والقيادة في العصر الرقمي، ونظم وتطبيقات المستقبل.

وفيما يخص المعرض المصاحب للمؤتمر، أوضح رئيس الجمعية أنه سيضم جميع مزودي الخدمات الرئيسيين في القطاع سواء كانوا محلياً أو عالمياً، إذ إن المستهدف 65 عارضاً: «وإلى الآن حقننا 80 في المائة منه».

ويتوقع القحطاني أن يشهد الحدث توقيع 10 إلى 15 اتفاقية، كما يستهدف مشاركة 50 متحدثاً بشكل فردي أو عبر جلسات حوارية ضمن المؤتمر.

أعمال التنسيق

بدوره، أشار الأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مشاريع المملكة الضخمة تحتاج إلى جهد كبير في أعمال التنسيق بين المباني والبنى التحتية، وخدمات الطاقة والمياه والتصريف، التي يختص بها جميعاً قطاع إدارة المرافق، مشدّداً على ارتفاع نسبة السوق الوطنية بالمنطقة.

جدير بالذكر أن المملكة تستثمر بكثافة في مشاريع البناء والبنية التحتية واسعة النطاق، مثل المطارات وشبكات السكك الحديد والملاعب والمجمعات التجارية والسكنية. وتتطلب هذه التطورات خدمات إدارة مرافق احترافية لضمان تشغيلها بكفاءة وسلاسة، وللحفاظ على الأمن والسلامة، إذ تشهد سوق العقارات السعودية نمواً كبيراً مدفوعاً بارتفاع عدد السكان، والتوسع الحضري، وزيادة الاستثمار الأجنبي.