«المركزي الأوروبي» لا يتعجل إعلان انتصاره على التضخم

لا يبدو أن البنك المركزي الأوروبي في عجلة من أمره لإعلان انتصاره على التضخم الذي أرّق مضجعه طوال العام الماضي. وقال أولي رين، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، إن البنك لن يبدأ خفض أسعار الفائدة أو تخفيف السياسة النقدية قبل بدء تراجع معدل التضخم الأساسي في منطقة اليورو بطريقة مستمرة.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن رين قوله في خطاب له بالعاصمة اليابانية طوكيو يوم الخميس: «وصلنا مؤخراً إلى نقطة أصبحت فيها أسعار الفائدة مقيدة للنشاط الاقتصادي... من وجهة نظري، من المهم أن نرى تراجعاً مطرداً ومستداماً في معدل التضخم الأساسي قبل التفكير في تخفيف السياسة النقدية مجدداً».

والأربعاء، أعلن نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي أن التضخم تباطأ في مايو (أيار) في عدد من دول منطقة اليورو من ضمنها فرنسا، لكن المعركة ضد ارتفاع الأسعار لم تحسم بعد. وقال لويس دي غويندوس لدى عرضه آخر تقرير للبنك المركزي الأوروبي حول الاستقرار المالي على الصحافيين: إن «بيانات التضخم الأخيرة كانت إيجابية»، لكن «الانتصار على التضخم لم يتحقق بعد». وأقرّ بأن تطور الأسعار يتبع مساراً «جيداً».

متسوق يدفع عربة خارج أحد المتاجر الكبرى في إحدى المدن الألمانية... بينما ظهرت بوادر تباطؤ التضخم في منطقة اليورو (أ.ب)

وتباطأ مؤشر أسعار المستهلك في مايو إلى 5.1 في المائة في فرنسا، و3.2 في المائة في إسبانيا بوتيرة سنوية، بحسب بيانات مؤقتة. كما تراجعت نسبة التضخم في ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، إلى 6.1 في المائة في مايو على ضوء تراجع أسعار الطاقة، وفق أرقام مؤقتة نُشرت الأربعاء. وفي إيطاليا، تراجعت نسبة التضخم إلى 7.6 في المائة، لكنها تبقى أعلى من المتوسط الأوروبي.

وبمواجهة الارتفاع المتواصل في التضخم، اعتمد البنك المركزي الأوروبي منذ يوليو (تموز) الماضي سياسة تقضي بزيادة حادة في معدلات الفائدة، وحذر البنك المركزي الأوروبي في تقريره نصف السنوي حول الاستقرار المالي بأنها قد «تكشف عن نقاط ضعف» في النظام المالي. وقال دي غويندوس: «في وقت نشدد السياسة النقدية للحد من التضخم المرتفع، قد يكشف ذلك عن نقاط ضعف» من خلال امتحان قدرة الشركات والأسر والحكومات على الصمود. ويسجل كل ذلك بالرغم من «التحسن الطفيف» في الظروف الاقتصادية وفي وقت تراجعت أسعار الطاقة مؤخراً.

ورفع البنك المركزي الأوروبي معدلات فائدته الأساسية بصورة غير مسبوقة بمقدار 3.75 نقطة مئوية منذ يوليو الماضي، ويتوقع المراقبون زيادة إضافية على ضوء هدف خفض التضخم إلى 2 في المائة.

وذكّر دي غويندوس بأن «تفويضنا هو استقرار الأسعار»، وهذا شرط لضمان الاستقرار المالي.

إلا أن مفاعيل سياسة التشدد النقدي هذه تظهر بوضوح متزايد، ومن أبرزها تصحيح في الأسواق العقارية التي قد «تسودها الفوضى» إذا تسبب ارتفاع معدلات الفائدة على الرهن العقاري «في خفض الطلب بصورة متزايدة».

كما يصدر تقرير البنك المركزي الأوروبي بعد الاضطرابات المالية في مارس (آذار) الماضي نتيجة إفلاس مصارف في الولايات المتحدة واستحواذ «يو بي إس» على مصرف «كريدي سويس» قسراً. وتشهد مصارف منطقة اليورو المعروفة بمتانتها، انخفاض حجم القروض وارتفاع تكاليف التمويل، ما قد يسيء إلى ربحيتها. ويمكن لمس مؤشرات تراجع في محفظاتها من القروض المكشوفة على قطاع العقارات التجارية والشركات الصغيرة وقروض استهلاكية أخرى، بحسب التقرير.

وخلص التقرير إلى أن «آفاق الاستقرار المالي في منطقة اليورو تبقى هشّة». وأوضح البنك المركزي الأوروبي أنه إذا تخلى بنك اليابان عن سياسته المالية المتساهلة بوجه التضخم المتواصل في هذا البلد، فإن ذلك «قد يؤثر على قرارات المستثمرين اليابانيين الذين لديهم تأثير واسع النطاق»، ولا سيما على أسواق السندات في منطقة اليورو، مع مخاطر سحب كميات كبيرة من الأموال، على ما ذكر البنك المركزي الأوروبي... وقال دي غويندوس إن «أي تغيير في سياسة البنك المركزي الأوروبي المضطر إلى الاستجابة لتطور التضخم، ستكون له وطأة».