الليرة التركية مرشحة لـ«قيعان جديدة» بعد الانتخابات

حكومة إردوغان الجديدة مطالبة بمكافحة التضخم وتعزيز النمو وطمأنة المستثمرين

رجل وامرأة أمام مكتب صرافة في إسطنبول عقب إعلان نتائج الانتخابات بينما تبدو أسعار الليرة مقابل العملات وقد سجلت هبوطاً تاريخياً (رويترز)
رجل وامرأة أمام مكتب صرافة في إسطنبول عقب إعلان نتائج الانتخابات بينما تبدو أسعار الليرة مقابل العملات وقد سجلت هبوطاً تاريخياً (رويترز)
TT

الليرة التركية مرشحة لـ«قيعان جديدة» بعد الانتخابات

رجل وامرأة أمام مكتب صرافة في إسطنبول عقب إعلان نتائج الانتخابات بينما تبدو أسعار الليرة مقابل العملات وقد سجلت هبوطاً تاريخياً (رويترز)
رجل وامرأة أمام مكتب صرافة في إسطنبول عقب إعلان نتائج الانتخابات بينما تبدو أسعار الليرة مقابل العملات وقد سجلت هبوطاً تاريخياً (رويترز)

سجلت الليرة التركية تراجعاً قياسياً جديداً في بداية تعاملات الأسبوع متفاعلة مع إعلان فوز الرئيس رجب طيب إردوغان بولاية ثالثة في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية التي أجريت الأحد.

وهبطت الليرة إلى أدنى مستوى لها، في تعاملات الاثنين، عند 20.10 ليرة للدولار، لتفقد أكثر من 6 في المائة من قيمتها منذ بداية العام الحالي.

وعلى الرغم من هبوط الليرة، شهد مؤشر بورصة إسطنبول (بيست 100) ارتفاعاً بنحو 3.8 في المائة ليبلغ مستوى 4764 نقطة، خلال تعاملات الاثنين، بدعم من نشاط أسهم قطاع البنوك (بيست 30)، الذي يقيس أكبر 30 سهماً في البورصة بنسبة 3.82 في المائة، إلى مستوى 5251 نقطة.

وقال كبير محللي الاقتصاد الكلي في رابوبنك، بنيامين بيكتون، إن فوز إردوغان سيؤدي إلى مزيد من الضغوط على الليرة التركية. وتوقع بنك «مورغان ستانلي» أنه إذا استمر إردوغان في الالتزام بسياسة الفائدة المنخفضة الحالية، فسيكون هناك خطر أن تنخفض قيمة الليرة التركية بنسبة 29 في المائة مقابل الدولار.

وأكد إردوغان في خطاب ألقاه، ليل الأحد – الاثنين، عقب إعلان فوزه حسب النتائج غير الرسمية، أنه سيواصل نموذجه الاقتصادي غير التقليدي، قائلاً إن الفائدة انخفضت إلى 8.5 في المائة، وسترون أن التضخم، البالغ حالياً أكثر من 43 في المائة سيتراجع حتى يصل إلى خانة الآحاد. ووفق «مذكرة المستثمر» المقدمة من المحللتين الاقتصاديتين في «مورغان ستانلي»، هاندا كوتشوك وألينا سليوسارتشوك، والتي نقلتها وسائل إعلام تركية الاثنين: «إذا لم يتغير اتجاه السياسة النقدية، فقد تنخفض الليرة التركية إلى 26 ليرة مقابل الدولار في وقت أقصر كثيراً من المتوقع، وإلى 28 ليرة للدولار بحلول نهاية العام».

وأوضحت المذكرة أن «احتياجات التمويل الخارجي المرتفعة لتركيا ستؤدي إلى مخاطر كلية مستمرة، وما لم يتغير إطار السياسة الكلية الحالية، فستبدي تركيا حساسية متزايدة تجاه الصدمات العالمية (أسعار السلع وفوائد الاحتياطي الفيدرالي) وتوافر تدفقات العملات الأجنبية من الشركاء الإقليميين».

وأبقى البنك المركزي التركي، الخميس الماضي، سعر الفائدة عند 8.5 في المائة دون تغيير للشهر الثالث على التوالي، بعد أن خفضها بمقدار نصف نقطة مئوية في فبراير (شباط) الماضي.

وتوقع تقرير البنك الدولي الصادر في أبريل (نيسان) الماضي، نمواً بنسبة 3.2 في المائة في العام الحالي، ارتفاعاً من توقعات سابقة أفادت بنمو الاقتصاد التركي نسبة 2.7 في المائة. كما رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد التركي لعام 2024 إلى 4.3 في المائة من توقعات سابقة بنسبة 4 في المائة، وتوقع نسبة نمو 4.1 في المائة في عام 2025. وتوقع التقرير أن يتسبب الزلزال الذي ضرب تركيا في فبراير الماضي في خسائر بنحو 34.2 مليار دولار.

ويواجه الاقتصاد تحديات كبيرة في مقدمتها التراجع المستمر في قيمة الليرة التركية للعام الرابع على التوالي، والتضخم الجامح، وتراجع الإنتاج، ولم تتمكن حكومة إردوغان الحالية من تحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي تعهد به. وعلى الحكومة الجديدة التي سيشكلها إردوغان أن تجهد لتحسين الوضع الاقتصادي، وأن تطبق إجراءات جادة لمكافحة التضخم وتعزيز النمو الاقتصادي، وطمأنة المستثمرين الأجانب من أجل العودة إلى السوق. وأكد خبراء أن على الحكومة المقبلة أن تعمل على تعزيز الشفافية والمساءلة في القطاعين العام والخاص.

وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المستثمرين الأجانب قللوا تعرضهم للأسهم والسندات المحلية في الفترة التي سبقت الانتخابات، وانخفضت حيازاتهم من السندات 31.3 مليون دولار، ومن الأسهم 135.1 مليون في الأسبوع المنتهي في 12 مايو (أيار) الحالي. كما تضاءلت حصة مديري الأصول الأجانب من الأسهم التركية في السنوات الأخيرة، ويقود المستثمرون المحليون بورصة إسطنبول بشكل رئيسي.


مقالات ذات صلة

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

الاقتصاد من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

بدأ وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، الذي يترأس وفد منظومة الصناعة والتعدين، جولة اقتصادية بشرق آسيا؛ تشمل الصين وسنغافورة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار

أثار قرار الحكومة السورية بأن يحصل المواطن العائد عبر مطار دمشق الدولي على «شيك» ورقي بقيمة 100 دولار ملزم بتصريفها قبل دخوله إلى البلاد بانتقادات عارمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد عاملة في أحد خطوط إنتاج الكابلات الكهربائية للسيارات بشرق الصين (أ.ف.ب)

نشاط التصنيع بالصين في أدنى مستوياته منذ 6 أشهر

هبط نشاط التصنيع في الصين إلى أدنى مستوى في ستة أشهر في أغسطس مع تراجع أسعار المصانع وصعوبة حصول أصحاب المصانع على الطلبات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مخازن وأنابيب نفطية ضمن خط دروجبا في دولة التشيك (رويترز)

أوكرانيا تهدد بوقف مرور صادرات الطاقة الروسية إلى أوروبا

قال مسؤول أوكراني إن بلاده ستوقف شحن النفط والغاز الروسيين من خلال خطوط أنابيبها إلى الاتحاد الأوروبي في نهاية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (كييف)
المشرق العربي من اجتماع سابق بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووفد من جمعية المصارف (الوكالة الوطنية)

مقاربة حكومية لبنانية تمدّد أزمة الودائع المصرفية لـ20 عاماً

تكشف التسريبات المتوالية لمضمون الخطة الحكومية لإصلاح المصارف في لبنان، أن أزمة المودعين ستظل مقيمة لأمد يزيد على عِقد كامل لبعض الحسابات وعشرين عاماً لأخرى...

علي زين الدين (بيروت)

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)
من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)
TT

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)
من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)

بدأ وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، جولة اقتصادية بشرق آسيا، تشمل الصين وسنغافورة، حيث سيلتقي مسؤولي الشركات العالمية الرائدة في صناعة السيارات والأتمتة والحلول التكنولوجية، إضافة إلى القطاعات الاستراتيجية الأخرى.

وسيبحث وفد منظومة الصناعة والتعدين، خلال جولته التي تستمر من 1 إلى 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، عن فرص استثمارية متبادلة في القطاع الصناعي، تماشياً مع أهداف «رؤية 2030» لتنويع الاقتصاد وتحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة على مستوى العالم.

ويشارك الوفد في اجتماعات استراتيجية مع كبار المسؤولين الحكوميين من مختلف الوزارات في الصين وسنغافورة.

وستشمل الاجتماعات الرئيسية في غوانغزو الصينية لقاءات مع مسؤولي «جاك غروب» لصناعة السيارات، وشركة «جنرال ليثيوم» لتصنيع بطاريات السيارات، إلى جانب اجتماع مع شركة «هواوي» الصينية؛ عملاق الاتصالات والحلول الذكية في العالم.

ويشمل جدول الوفد في سنغافورة، زيارة ميناء «تواس»، الذي يعدّ أكبر ميناء آلي في العالم.

أكبر شريك تجاري

ترتبط المملكة بعلاقات استراتيجية متينة بالصين تمتد لأكثر من 80 عاماً، وقد شهدت نمواً متسارعاً خلال العقد الأخير في شتى المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية وغيرها.

وتعدّ الصين أكبر شريك تجاري للمملكة، حيث فاق حجم التبادل التجاري بينهما 100 مليار دولار خلال عام 2023.

وخلال عام 2023، شملت الاستثمارات الصينية في السعودية ما قيمته 5.6 مليار دولار في قطاع تصنيع المعدات الأصلية للسيارات، إضافة إلى استثمارات بحجم 5.26 مليار دولار في المعادن. فيما بلغ حجم الاستثمار في قطاع أشباه الموصلات 4.26 مليار دولار.

يضاف إلى ذلك التقارب الثقافي الكبير بين المملكة والصين الذي نتج عنه اعتماد تدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية.

وتتمتع هونغ كونغ، التي تعدّ منطقة إدارية خاصة للصين، بعلاقات اقتصادية متميزة بالمملكة، حيث بلغ إجمالي حجم الصادرات السعودية غير النفطية إليها نحو 267 مليون دولار خلال عام 2023، أبرزها المعادن العادية ومصنوعاتها والأجهزة الطبية، فيما بلغ حجم الواردات من هونغ كونغ نحو 1.78 مليار دولار في العام ذاته؛ أبرزها الجلود والمواد النسيجية والمصنوعات المرتبطة بها.

تعزيز التنافسية

من ناحية أخرى، تعدّ سنغافورة من البلدان المتقدمة اقتصادياً وصناعياً، فاقتصادها من أكثر اقتصادات العالم تنافسية، وتعدّ نموذجاً فريداً لتطوير القدرات البشرية، والاستفادة من الحلول التكنولوجية والأتمتة في القطاعات المختلفة، مما يعزّز من وجود فرص مشتركة بين المملكة وسنغافورة للاستثمار في قطاعات الحلول التكنولوجية وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والأتمتة في القطاعين الصناعي واللوجيستي، خصوصاً أن المملكة تعمل على مبادرة مهمة لـ«مصانع المستقبل»، تستهدف أتمتة 4 آلاف مصنع، من خلال تحويل تلك المصانع من الاعتماد على العمالة الكثيفة ذات المهارات المنخفضة إلى الكفاءة التشغيلية والأتمتة وتطبيق الحلول والممارسات الصناعية المتقدمة، وفقاً لمعايير عالية تحقّق كفاءة الإنتاج وتحسّن ربحية هذه المصانع وتعزّز تنافسيتها.

الحلول الابتكارية

يعدّ قطاع صناعة السيارات من أبرز القطاعات الواعدة التي ركزت «الاستراتيجية الوطنية للصناعة» على تطويرها، وأيضاً على نقل المعرفة والحلول الابتكارية والتقنيات المتقدمة إليها، وتصنّف السوق السعودية واحدة من أهم أسواق السيارات في المنطقة، حيث تمثل مبيعاتها في المملكة 40 في المائة من إجمالي المبيعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأُصدر العام الماضي ترخيص لأول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية «سير»، وافتُتح أول مصنع في المملكة لصناعة المركبات الكهربائية «لوسد»، حيث تستهدف المملكة صناعة أكثر من 300 ألف سيارة سنوياً بحلول عام 2030.

تعزيز التعاون

وتتوافق زيارة وفد منظومة الصناعة والثروة المعدنية إلى الصين مع مستهدفات السعودية بأن تصبح مركزاً محورياً لصناعة السيارات في المنطقة، ورائدة في الحلول المبتكرة لصناعة مركبات صديقة للبيئة بشكل خاص؛ منها السيارات الكهربائية التي أطلقت المملكة مشروعات مهمة لصناعتها.

كما أجرت البلاد مباحثات الشهر الماضي مع جمهورية تشيلي، التي تعدّ ثاني أكبر دولة منتجة لمعدن الليثيوم في العالم، تستهدف تعزيز التعاون في مجال إنتاج هذا المعدن المكوّن الأساسي لبطاريات السيارات الكهربائية.

وتستهدف المملكة استقطاب استثمارات نوعية في 12 قطاعاً صناعياً واعداً ركزت «الاستراتيجية الوطنية للصناعة» على تطويرها، وفي مقدمتها قطاعات السيارات والأدوية والأغذية، معتمدة على بيئة استثمارية محفزة في قطاعها الصناعي.

ويتوقع أن تؤدي زيارة الصين وسنغافورة إلى توقيع شراكات تعزز العلاقات الثنائية، ومن المتوقع أن تركز هذه الشراكات على تعزيز النمو المتبادل من خلال الاستثمارات النوعية المشتركة، والتنمية المستدامة، والتنويع الاقتصادي، خصوصاً في القطاعات الصناعية الاستراتيجية.