آمال انتعاش الأسواق التركية تتبدد بعد الجولة الأولى للانتخابات

رد الفعل الأولي «عنيف» مع تساؤلات حول مصير السياسات الاقتصادية

أشخاص يقفون في طابور أمام كشك صرف العملات، بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في إسطنبول، تركيا- (رويترز)
أشخاص يقفون في طابور أمام كشك صرف العملات، بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في إسطنبول، تركيا- (رويترز)
TT

آمال انتعاش الأسواق التركية تتبدد بعد الجولة الأولى للانتخابات

أشخاص يقفون في طابور أمام كشك صرف العملات، بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في إسطنبول، تركيا- (رويترز)
أشخاص يقفون في طابور أمام كشك صرف العملات، بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في إسطنبول، تركيا- (رويترز)

تبخرت آمال المستثمرين بحدوث انتعاش في الأسواق التركية، الاثنين، بعد أداء رجب طيب إردوغان القوي في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسية التي أجريت يوم الأحد.

فقد حقق إردوغان، الممسك بزمام السلطة منذ فترة طويلة والميال للصدام والمواجهة، نتيجة أفضل من المتوقع في هذه الجولة، مما يمنحه تقدماً مريحاً في الجولة الثانية يوم 28 مايو (أيار)، ويُسكت الحديث عن نهاية سنوات بلغ فيها التضخم ذرى قياسية وعصفت بها أزمات العملة المتكررة.

الناس يتسوقون في إحدى الأسواق، بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في إسطنبول، تركيا- (رويترز)

وفي معرض تعليقه على فرص فوز كليتشدار أوغلو، منافس إردوغان، وبالتالي حدوث تغيير جاد في السياسات الاقتصادية، قال كيران كيرتس رئيس ديون العملات المحلية في الأسواق الناشئة لدى أبردن: «الأمل مات». وأضاف أن من المرجح للغاية أن يتحول مؤيدو المرشح القومي سنان أوغان، الذي حل في المركز الثالث، لدعم إردوغان في جولة الإعادة، الأمر الذي «يعني أن إردوغان سيعود»، بحسب «رويترز». وقال كيرتس: «لقد عدنا أدراجنا، وهذا يعني أن احتياطيات العملات الأجنبية ستستمر في التراجع إلى أن يكون لدينا مجموعة من السياسات الاقتصادية المنطقية».

نساء يقطعن البصل في أنقرة، تركيا - (رويترز)

ومع ذلك، يرى آخرون جانباً إيجابياً في ذلك، إذ بات من غير المحتمل التشكيك في نتائج الانتخابات وحدوث اضطرابات مدنية محتملة. غير أن السؤال الكبير الذي يطل برأسه الآن يتعلق بمصير السياسات الاقتصادية التي أصبحت غير تقليدية على نحو متزايد في عهد إردوغان.

وجاء رد الفعل الأولي للسوق على نتائج الانتخابات عنيفاً يوم الاثنين، فالليرة التركية انخفضت إلى أدنى مستوى لها في شهرين، بينما كان التراجع أشد في أسهم البنوك والسندات الحكومية بالعملة الصعبة. ويقول المحللون إن الليرة تُدار بإحكام حالياً، بعد أن خسرت نحو 95 في المائة من قيمتها مقابل الدولار على مدى السنوات الـ15 الماضية، فيما راح مديرو صناديق الأموال الدولية يبيعون السندات المقومة بالليرة ويقلصون حيازاتهم من الأسهم.

وقالت أوموتوند لاوال رئيسة ديون الشركات في الأسواق الناشئة لدى بارينغز، لـ«رويترز»: «من المرجح أن تكون السنوات الخمس المقبلة صعبة للغاية بالنسبة لتركيا»، مشيرة إلى الانقسامات داخل المجتمع وخطر المزيد من التقلبات على الليرة». وأضافت أن «هناك خطراً يتمثل في أن تلجأ الحكومة إلى إجراءات مثل تقييد معاملات النقد الأجنبي للأفراد أو الشركات أثناء محاولتها السيطرة على سعر الصرف»، مما سيجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للشركات، وفق قولها.

البنوك

وقال محللون في جيه بي مورغان إنه بافتراض فوز إردوغان، فإن السياسة المالية التركية ستظل توسعية، لأنه يفي بوعوده في الإنفاق على حملته لزيادة الدخل وإعادة بناء البلاد بعد زلزال فبراير (شباط).

وفي الفترة السابقة، توقع البنك أن تنخفض العملة التركية إلى 30 ليرة مقابل الدولار ما لم يحدث تحول واضح نحو السياسات التقليدية، لكن محلليه أشاروا إلى أن أسواق «العقود الآجلة للعملات» شهدت تحركات حادة يوم الاثنين.

ومع استمرار التضخم فوق 40 في المائة، كان من المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة التركية من 30 إلى 40 بالمائة أو حتى 50 بالمائة من مستواها الحالي البالغ 8.5 بالمائة لو فاز تحالف المعارضة. لكن لم يعد ذلك مطروحاً الآن. وقال بنك جيه بي مورغان إن «استمرار السياسات من شأنه أن يحد من تقلبات النقد الأجنبي»، إذ سيبحث فريق إردوغان الاقتصادي عن التقليل من التغييرات وتقلبات العملات الأجنبية.

وعلى الرغم من أن فترة العطلة الصيفية غالباً ما تخفف الضغط على الليرة عندما يجلب السائحون اليورو والدولار والجنيهات الإسترلينية، قال روب دريكونينغن، الرئيس المشارك لديون الأسواق الناشئة في نويبيرغر بيرمان، إن السؤال هو: «ماذا سيحدث على المدى الطويل؟».



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»