يُستأنف، غداً (السبت)، تصدير النفط من إقليم كردستان العراق عبر «ميناء جيهان التركي»، بعد أكثر من شهر على توقفه، وإثر توصل بغداد وأربيل إلى تسوية بشأن هذا الملف الشائك الذي سمم العلاقات بين الطرفين لسنوات، طبقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وأعلن نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبد الغني، في بيان نقلته «وكالة الأنباء العراقية (واع)»، أمس (الخميس)، عن «إبلاغ السلطات التركية باستئناف عمليات تصدير النفط من إقليم كردستان»، بعد ساعات من إعلان حكومة إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي التوصل لاتفاق مع بغداد بشأن استئناف تصدير نفط الإقليم وإرسال طلب رسمي لتركيا بهذا الشأن.
وبحسب البيان الصادر عن عبد الغني، فإن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) «أبلغت شركة (بوتاش) التركية باستئناف عمليات التصدير والتحميل اعتباراً من السبت 13 مايو (أيار) الحالي 2023». وأضاف: «تم الانتهاء من إبرام التعاقدات مع الشركات الدولية لبيع وتسويق النفط الخام من منفذ جيهان التركي وفق الآليات التي تعتمدها شركة تسويق النفط العراقية (سومو)».
ووبعد سنوات من تصديره منفرداً للنفط عبر تركيا، بات على إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي، الالتزام اعتباراً من أواخر مارس (آذار) بقرار هيئة تحكيم دولية أعطى لبغداد الحق في إدارة كاملة لنفط كردستان.
وتوقفت إثر ذلك الصادرات من الإقليم. وينص اتفاق مؤقت وُقّع بين بغداد وأربيل مطلع أبريل (نيسان) على أن تتم مبيعات نفط كردستان عبر شركة تسويق النفط العراقية «سومو». أما الإيرادات المحققة من حقول الإقليم، فتودع في حساب مصرفي لدى «البنك المركزي العراقي» أو أحد المصارف المعتمدة من قبل «البنك المركزي العراقي»، كما أفاد به مصدر حكومي.
وزارة النفط:إيرادات شهر شباط الماضي بلغت 7 مليارات و 81 مليون دولاركمية الصادرات من النفط الخام بلغت 92 مليوناً و 255 ألفاً و610 براميلمعدل سعر البرميل الواحد بلغ أكثر من 76.75 دولاراً pic.twitter.com/SSwNdMX4nz
— وزارة النفط العراقية (@iqministryofoil) March 1, 2023
ومن شأن ذلك تعزيز عائدات نفط الحكومة المركزية. وقد بلغت إيرادات بغداد المالية من النفط 7.5 مليار دولار في مارس (آذار) الماضي، حيث يُعد العراق ثاني أكبر دول منظمة «أوبك»، ويصدر معدل 3.3 مليون برميل يومياً.
وأعلن إقليم كردستان، أول من أمس (الخميس) عن التوصل لاتفاق مع بغداد بشأن «استئناف تصدير نفط الإقليم» عبر ميناء جيهان التركي، وإرسال طلب رسمي لتركيا بهذا الشأن. وكان الطرفان بانتظار «الرد التركي لاستئناف صادرات النفط»، بحسب البيان.
وكبَّد توقف الصادرات طوال تلك المدة خسائر بنحو «المليار دولار» وفق ما يقول الخبير النفطي كوفند شيرواني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»؛ إذ منذ أكثر من عقد، يمثل النفط الرئة الاقتصادية للإقليم، مع 475 ألف برميل تُصدر منه يومياً عبر ميناء جيهان التركي.
غرامات
مطلع مايو (أيار)، تحدث عبد الغني خلال مشاركته في «منتدى العراق» عن أسباب تأخر استئناف التصدير، مشيراً خصوصاً إلى «الفحوصات التي أجراها الجانب التركي للأنابيب»، لتلافي التسربات النفطية المحتملة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في فبراير (شباط).
لكن الوزير تحدث كذلك عن نقاط مالية لا تزال عالقة، مثل: «كيفية التعامل مع الحساب المالي أو الأموال التي تأتي من خلال هذا التصدير».
ويتعلق الأمر كذلك بموازنة الدولة العراقية التي لم يتم إقرارها بعد في البرلمان؛ إذ في حين تدير بغداد الموارد النفطية، فإنها تخصص للإقليم نحو 12 في المائة من الموازنة الاتحادية.
لاول مرة في تاريخ الصناعة النفطيةالاعلان عن سبع فرص استثمارية في قطاع التصفية والصناعات التكريرية . pic.twitter.com/XgfjJbJ4lW
— وزارة النفط العراقية (@iqministryofoil) March 17, 2023
من جهة ثانية، لا يزال هناك مبلغ «الغرامات» الذي ينبغي على أنقرة أن تقوم بدفعه إلى السلطات العراقية، وفق وزير النفط.
وحدد اتفاق موقَّع في عام 1973، بين أنقرة وبغداد ينظم استخدام أنابيب النفط والصادرات، عند 1.19 دولار مبلغ أجور النقل لكل برميل يُنقل عبر جيهان. لكن إقليم كردستان كان يدفع «أكثر من هذا المبلغ بكثير»، وفق الوزير، مضيفاً: «لذلك، نعتقد أن هذه المبالغ الزائدة ترجع إلى الحكومة العراقية».
حقائق
1.8 مليار دولار
قيمة غرامات يقول العراق إن على تركيا دفعها له
في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال مسؤول كبير في وزارة النفط (فضل عدم الكشف عن هويته)، إن مبلغ الغرامات التي ينبغي على تركيا دفعها قد يتخطى 1.8 مليار دولار.
لكن ينبغي في المقابل أن توافق تركيا على هذا المبلغ. وأواخر مارس، نفى وزير الطاقة التركي فاتح دونميز أن يكون على بلاده دفع تعويضات بقيمة 1.4 مليار دولار للعراق، وفق تصريح نقلته «وكالة الأنباء التركية» الرسمية (الأناضول).
اقرأ أيضاً
قانون النفط والغاز
وشكل النزاع في موضوع النفط مصدر توتر أساسياً بين بغداد وأربيل لسنوات؛ فقد وصل الأمر العام الماضي إلى القضاء، حيث كانت ترى أربيل أن الحكومة المركزية تسعى لوضع يدها على ثروات الإقليم.
وفي فبراير (شباط) 2022 أمرت «المحكمة الاتحادية» في بغداد الإقليم بتسليم النفط المنتَج على أراضيه إلى بغداد، وإلغاء عقود وقَّعها الإقليم مع شركات أجنبية. ووصل الأمر إلى حد إبطال القضاء في بغداد لعقود مع شركات أجنبية عديدة، لا سيما أميركية وكندية.
تفتح التسوية الآن الباب أمام إقرار قانون للنفط والغاز يدير هذا الملف، وينهي الجدل القانوني فيه القائم منذ عام 2005.
ويرى خبير النفط شيرواني أن «الطرفين، حكومة بغداد وإقليم كردستان، يُعتبران رابحين من الاتفاق النفطي».
ويضمن الاتفاق «للإقليم استمرارية تصدير النفط بالاتفاق مع شركة (سومو) التي لها قائمة من المشترين، ويمكنها من بيع النفط بأسعار أفضل»، كما يوضح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
«إقليم كردستان العراق لا يعتبر نفسه خاسراً في اتفاقية النفط... وأعتقد أن كلا الجانبين رابح»
وزير المالية في إقليم كردستان أوات شيخ جناب
وحتى الآن، كان إقليم كردستان يبيع نفطه بأسعار «تفضيلية» أقل لجذب المشترين الذين أبعدتهم «الضغوط الاقتصادية»، وتهديدات الملاحقات القضائية من بغداد، كما يذكر الخبير.
ويقول وزير المالية في حكومة إقليم كردستان ورئيس الوفد المفاوض من الإقليم مع بغداد أوات شيخ جناب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «إقليم كردستان العراق لا يعتبر نفسه خاسراً في اتفاقية النفط، وأعتقد أن كلا الجانبين رابح». ويضيف: «كلما ارتفع سعر مبيعات النفط، ارتفعت مساهمة حكومة إقليم كردستان في الموازنة العامة للعراق، وهذا سيقلل الضغط المالي على الموازنة العراقية».