الاقتصاد السعودي يوافق تقديرات «النقد الدولي» بنمو 3.9 %

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: بروز جهود تحقيق الاستدامة المالية بتنويع قاعدة موارد الإيرادات

السعودية تستمر في تفعيل إيرادات الأنشطة غير النفطية ليعود إيجاباً على الاقتصاد الوطني (الشرق الأوسط)
السعودية تستمر في تفعيل إيرادات الأنشطة غير النفطية ليعود إيجاباً على الاقتصاد الوطني (الشرق الأوسط)
TT

الاقتصاد السعودي يوافق تقديرات «النقد الدولي» بنمو 3.9 %

السعودية تستمر في تفعيل إيرادات الأنشطة غير النفطية ليعود إيجاباً على الاقتصاد الوطني (الشرق الأوسط)
السعودية تستمر في تفعيل إيرادات الأنشطة غير النفطية ليعود إيجاباً على الاقتصاد الوطني (الشرق الأوسط)

وافق الاقتصاد السعودي تقديرات صندوق النقد الدولي الذي أكد مؤخراً أن الخطط الاستراتيجية للبلاد في الأعوام السابقة قللت من تأثير حركة أسعار النفط على الاقتصاد والميزانية العامة، إذ كشف جهاز الهيئة العامة للإحصاء (الأحد) عن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة بنسبة 3.9 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من 2022، بفضل الأنشطة غير النفطية التي حققت 5.8 في المائة.

وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط الوسطى في صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، إن استراتيجية الحكومة على مدى الأعوام الخمسة الماضية ساعدت الاقتصاد السعودي وكذلك المالية العامة على أن يكون أقل تأثراً بحركة أسعار النفط.

وأوضح خبراء لـ«الشرق الأوسط»، أن سياسة الحكومة السعودية نجحت في رفع نسبة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي وعدم الاعتماد على الإيرادات النفطية الخاضعة للعرض والطلب التي تشهد تقلبات في الأسعار، بين حين وآخر، مفيدين بأن النمو الاقتصادي الذي تحقق بسبب تنوع الاستثمارات وتحقيق التنمية المستدامة.

وذكر الدكتور أسامة العبيدي، المستشار وأستاذ القانون التجاري الدولي لـ«الشرق الأوسط»، أن تحقيق الناتج المحلي الإجمالي السعودي ارتفاعاً بنسبة 3.9 في المائة يعكس نجاح سياسة الحكومة في رفع مساهمة الأنشطة غير النفطية ليقلص الاعتماد على الإيرادات النفطية المرهونة بالعرض والطلب في الأسواق وتشهد تقلبات في الأسعار.

وتابع الدكتور أسامة العبيدي، أن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية يؤكد ما أورده مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، أخيراً، بأن الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة في ضوء رؤية 2030 ستساعد على دعم نمو الاقتصاد غير النفطي، وخفض الاعتماد على الإيرادات النفطية التي دائماً ما تكون عرضة للتقلبات الحادة.

وواصل الدكتور العبيدي: «من ناحية أخرى تمضي السعودية نحو تنويع وزيادة الإيرادات غير النفطية لتحقيق الاستدامة المالية وتقليص تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد السعودي».

من جانبه، أفاد أحمد الشهري، المحلل المالي لـ«الشرق الأوسط»، بأن النمو الذي حققته المملكة خلال الربع الأول من العام الحالي يعد إنجازاً هاماً يعكس نجاحاً في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المستمرة التي تهدف إلى تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد متنوع ومستدام وتحقيق التنمية المستدامة.

وطبقاً للشهري، يعد تحقيق النمو في الأنشطة غير النفطية والخدمات الحكومية والنفطية زيادة إيجابية للاقتصاد السعودي الذي كان يعتمد بشكل كبير على النفط.

ووفقاً للهيئة العامة للإحصاء، حققت أنشطة الخدمات الحكومية ارتفاعاً ما نسبته 4.9 في المائة، وزادت الأنشطة النفطية أيضاً بنسبة 1.3 في المائة على أساس سنوي.

وبحسب هيئة الإحصاء، شهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المعدل موسمياً انخفاضاً بمعدل 1.3 في المائة في الربع الأول من العام الجاري قياساً بالفترة ذاتها من 2022، ويعود هذا الانخفاض إلى التراجع الذي سجلته الأنشطة النفطية بمعدل 4.8 في المائة، في حين حققت الأنشطة غير النفطية والخدمات الحكومية ارتفاعاً 1.5 و1.1 في المائة على التوالي.

وأوضح جهاد أزعور، أخيراً، أنه مع تنفيذ حصص أوبك الجديدة هذا العام، من المتوقع أن يتباطأ قطاع النفط وأن التأثير على موازنة المملكة يعتمد على الأسعار.

وبين أن خفض إنتاج النفط سيؤثر على النمو كون الإنتاج سينخفض وفي الوقت ذاته من الممكن أن تنمو الإيرادات وقد يكون لذلك تأثير إيجابي على حساب المعاملات الخارجية والاحتياطيات وعجز الموازنة.

توقع صندوق النقد الدولي، في الأسبوع المنصرم، نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في السعودية 4.9 في المائة خلال العام الجاري و4.2 في المائة في العام المقبل، وأن ينمو اقتصاد المملكة 3.1 في المائة في هذا العام، مقارنة بتوقعاته السابقة في يناير (كانون الثاني) الماضي والمتضمنة نمواً 2.6 في المائة.

وتنبأ الصندوق أن تبلغ صادرات السعودية من النفط 7.44 مليون برميل يومياً خلال العام الجاري، وأن تصل 7.48 مليون برميل يومياً في 2024.

وأشار الصندوق إلى أن سعر النفط الذي تحتاجه السعودية للوصول إلى نقطة التعادل في ميزانيتها يبلغ 80.90 دولار للبرميل في العام الحالي، فيما توقع أن يبلغ متوسط سعر النفط 73.13 دولار للبرميل في العام الحالي.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».