دخلت الحكومة البريطانية في أزمة أمس بعد تقديم خطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي المكونة من 600 صفحة تتناول تفاصيل مشروع «بريكست» على أمل التوصل إلى تحديد العلاقة بين لندن وبروكسل ابتداء من 29 مارس (آذار) 2019. وبعد جلسة عاصفة في البرلمان مع المعارضة العمالية أمس، انهالت الاستقالات من الحكومة، تبعتها تهديدات من أعضاء حزب المحافظين الحاكم بسحب الثقة عن زعامة ماي. وحذرت رئيسة الوزراء نواب البرلمان من مواجهة احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق أو التخلي عن «بريكست» في حال لم يدعموا مشروع اتفاقها مع بروكسل.

مسودة من 600 صفحة تناولت أدق تفاصيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (أو بريكست) تمت صياغتها على أمل أن تحدد العلاقة بين لندن وبروكسل خلال الفترة الانتقالية ابتداء من 29 مارس (آذار) 2019 وحتى يتم الانفصال النهائي. لكن بعد 24 ساعة من مناقشتها من قبل حكومة تيريزا ماي المحافظة حتى الساعات الأخيرة من ليل الأربعاء ومن ثم في صباح اليوم التالي في البرلمان، بدأت آثارها تظهر في جسم المؤسسة البريطانية. في صباح الأمس، قبل جلسة عاصفة في البرلمان مع المعارضة العمالية، انهالت الاستقالات من الحكومة، تبعتها تهديدات من أعضاء حزب المحافظين الحاكم بسحب الثقة عن زعامة تيريزا ماي.

مع الانتهاء من فرز الأصوات في الانتخابات التشريعية البريطانية، التي جرت، أمس، جاءت النتائج مفاجئة لجميع المراقبين والأحزاب المتنافسة، إذ لم يفُز أي منها بالـ326 مقعداً اللازمة من أجل الحصول على أغلبية مطلقة تخوله لتشكيل حكومة بمفرده، حالة عدم الوضوح هذه أدت إلى تدهور الجنيه الإسترليني أمام الدولار واليورو. وخسرت ماي تريزا ماي زعيمة حزب المحافظين الرهان، وبدلاً من أن تزيد مقاعدها في انتخابات مبكرة دعت إليها في أبريل (نيسان) الماضي خسرت ماي الأكثرية التي كانت تتمتع بها قبل انتخابات الخميس، التي كانت كافية لها لأن تحكم البلاد حتى عام 2020.

جاءت النتائج النهائية التي أعلنت للانتخابات البرلمانية التي جرت في بريطانيا أول من أمس مفاجئة للمراقبين والأحزاب المتنافسة على حد سواء، وأفرزت برلمانا معلقا أثار مخاوف من تعقيدات أكبر بالنسبة لمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وهز الجنيه الإسترليني. وخسرت رئيسة الوزراء زعيمة حزب المحافظين تيريزا ماي الرهان ومعه الأكثرية التي كانت تتمتع بها قبل اقتراع الخميس لتعلن أمس، بعد لقائها الملكة إليزابيث، أنها ستتحالف مع الحزب الديمقراطي الوحدوي في آيرلندا الشمالية، لتشكيل حكومة أقلية. وحصل حزب المحافظين على 318 مقعداً، وحزب العمال على 261 مقعداً، وجاء الحزب الوطني الاسكوتلندي ثالثا بحصوله على

تأمل رئيسة الوزراء البريطانية المحافظة تيريزا ماي في زيادة عدد مقاعد حزبها، وتعزيز الأغلبية التي يتمتع بها في البرلمان، من خلال انتخابات مبكرة دعت إليها قبل 3 سنوات من انتهاء ولاية المجلس، وبعد 9 شهور من انتخابها زعيمة لحزب المحافظين، على إثر استفتاء مهد الطريق لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واستقالة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

المعركة الانتخابية الشرسة التي تشهدها بريطانيا بين الحزبين الرئيسيين، المحافظون الحاكم بقيادة تيريزا ماي والعمال المعارض بقيادة جيريمي كوربن، اللذان تناوبا على السلطة باستمرار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، قد لا تكون مسبوقة في التاريخ الحديث، وهذا ما عكسته الصحف في افتتاحياتها قبل 24 ساعة من بدء العملية الانتخابية. ويعتقد الكثير من المراقبين أن البرامج الانتخابية للحزبين عكست الاختلافات الآيديولوجية والفروقات الواضحة في السياسات الاقتصادية والأمنية والعلاقات الخارجية بينهما أكثر من أي انتخابات سابقة.

يتوجه البريطانيون إلى صناديق الاقتراع اليوم للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي دعت رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي إلى تنظيمها قبل موعدها المحدد في 2020. وأفادت الاستطلاعات بأن حزب العمال المعارض الذي كان متراجعاً بنحو 20 نقطة مئوية أمام الحزب الحاكم عندما دعت ماي للانتخابات في أبريل (نيسان) الماضي، قد قلص الفارق كثيراً إلى درجة أن العمال باتوا قريبين جدا من المحافظين الآن. ويتوقع محللون سيناريوهين لنتائج الانتخابات؛ فوز المحافظين بأغلبية تمكنهم من تشكيل الحكومة بمفردهم مجدداً، أو حصولهم على المرتبة الأولى لكن من دون غالبية، ما يسمح لحزب العمال بتشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب أخرى تحمل برا

زعيم حزب العمال جيريمي كوربن، الذي ظل طيلة عام محط سخرية للصحافة البريطانية وعدّت فرص انتخابه رئيساً للوزراء معدومة، تخطت أمس شعبيته في العاصمة لندن شعبية منافسته رئيسة الوزراء تيريزا ماي، زعيمة حزب المحافظين الحاكم. كما أظهرت استطلاعات الرأي أن الفارق بين الحزبين تضاءل إلى 3 نقاط مئوية، ويعطي «المحافظين» 41 نقطة مئوية مقابل 38 نقطة لـ«العمال»، بعد أن كان الفارق بينهما أكثر من 22 نقطة عندما أعلنت ماي نيتها في أبريل (نيسان) الماضي تنظيم انتخابات عامة في 8 يونيو (حزيران) الحالي، أي بعد أسبوع من اليوم.