استئناف محادثات جنيف اليوم وسط بوادر توتر بين دي ميستورا ووفد الأسد

مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط»: نخشى لجوء النظام للتصعيد الميداني لتعطيلها

جانب من اجتماع الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا مع وفد المعارضة السورية في جنيف الخميس الماضي (رويترز)
جانب من اجتماع الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا مع وفد المعارضة السورية في جنيف الخميس الماضي (رويترز)
TT

استئناف محادثات جنيف اليوم وسط بوادر توتر بين دي ميستورا ووفد الأسد

جانب من اجتماع الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا مع وفد المعارضة السورية في جنيف الخميس الماضي (رويترز)
جانب من اجتماع الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا مع وفد المعارضة السورية في جنيف الخميس الماضي (رويترز)

تستأنف اليوم محادثات الجولة الأولى السورية غير المباشرة في قصر الأمم في جنيف ويفترض أن تستمر حتى الخميس المقبل على خلفية توتر بين وفد النظام الذي يقوده بشار الجعفري والمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.
ويبدو أكثر فأكثر أن الدبلوماسي السويدي - الإيطالي عازم على ممارسة ضغوط على وفد النظام لدفعه من الخروج من حال المناورة والمماطلة ودفعه للدخول، أخيرا، في «جوهر» الموضوع وهو عملية الانتقال السياسي. لذا، فإن أحد المؤشرات الدالة سيكون معرفة ما إذا كان الوفد المذكور سيقدم، بناء على إلحاح دي ميستورا، «تصوره» للمرحلة الانتقالية والإجابة عن مجموعة الأسئلة التي طرحها عليه.
وأعربت مصادر غربية عن «انزعاج» المبعوث الدولي من التصريح الذي أدلى به الجعفري عقب الجلسة الأخيرة من المحادثات يوم الجمعة الماضي وقال فيه إن إقرار ورقة المبادئ التي قدمها الاثنين إلى دي ميستورا «سيفتح الباب لحوار سوري - سوري جاد بقيادة سوريا ودون شروط مسبقة أو تدخل خارجي». وفهم من التصريح أن الجعفري ينتقد ضمنا دور الوسيط الدولي.
وأبدت المصادر الغربية التي ربطت مآل ما يجري في جنيف بنتيجة اللقاءات التي سيجريها وزير الأميركي جون كيري في موسكو هذا الأسبوع مخاوف من أن يعمد النظام ميدانيا إلى «تخريب» جنيف من خلال استهداف مكثف لمواقع المعارضة الممثلة في المدينة السويسرية على غرار ما حصل في الجولة الماضية حيث «علقت» المحادثات بسبب العمليات العسكرية المكثفة التي قامت بها قوات النظام بدعم من الطيران الحربي الروسي في حلب ومنطقتها. كذلك لم تستبعد أن يعاود الجعفري إثارة موضوع تمثيل المعارضة والمطالبة بتوضيح الجهات التي تفاوض فيما توجد في جنيف «مجموعة القاهرة - موسكو» ومجموعة «معارضة الداخل» فضلا عن مجلس النساء السوريات وشخصيات سورية أخرى.
الواقع أن دي ميستورا يجهد، في هذا الموضوع بالذات، لتجنب إغضاب أي طرف. وفي الورقة التي قدمها لوفدي النظام والمعارضة، ورد أنه يسعى لجمع «أوسع طيف من المعارضة المختارة من السوريين»، معددا الممثلين عن مؤتمر الرياض وممثلين عن اجتماعي موسكو والقاهرة و«مبادرات أخرى». وهذا العرض أثار مخاوف لدى وفد الهيئة العليا للمفاوضات المعارض المنبثق من مؤتمر الرياض. لكن دي ميستورا بالمقابل، يرفض إعطاء وصف «الوفد» إلا للهيئة العليا فيما يتحدث عن «استشارة» الآخرين. وكانت هذه المسألة موضوع تشاور موسع لوفد الهيئة العليا بمشاركة سفراء غربيين من «المجموعة الضيقة» أو «مجموعة باريس» الداعمة للمعارضة. وقال دبلوماسي أميركي رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن المفاوضات «ستكون بين وفدين فقط: النظام ووفد الهيئة» وإن للمبعوث الدولي أن «يستشير من يشاء» وهو الموقف الذي تبنته المعارضة.
ومن المؤشرات التعطيلية أن الجعفري، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلامية تابعة للنظام، طلب من دي ميستورا «تأجيل» موعد الجلسة الثانية من المحادثات التي يعول عليها المبعوث الدولي إحداث تقدم ما، لكونها تصادف إجراء الانتخابات البرلمانية التي قررها النظام في أبريل (نيسان) المقبل. وبينما تقول المعارضة إنها «مستعجلة» للدخول في صلب العملية التفاوضية وبدء البحث بهيئة الانتقال السياسي يبدو مطلب النظام متناقضا ليس فقط مع ما ينص عليه القرار الدولي رقم 2254 بل كذلك مع «خريطة» المحادثات التي أعدها دي ميستورا بناء على القرار المذكور وعلى بياني فيينا التي تنص على تكريس الأشهر الستة الأولى لتشكيل هيئة الحكم التي ستقود المرحلة الانتقالية وتنتهي بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بعد 18 شهرا من انطلاقها.
وأجرت «الشرق الأوسط» سلسلة لقاءات مع دبلوماسيين غربيين وممثلين عن المعارضة لاستكشاف تصور المراحل المقبلة للمحادثات عندما ستتناول صلب المسألة أي هيئة الحكم الانتقالي ومصير بشار الأسد.. وقال نصر الحريري، عضو البعثة الاستشارية للوفد التفاوضي إن للوفد «مجموعة من الخطوط الحمراء» وأولها أن وفد الهيئة «متمسك برحيل الأسد منذ بدء العملية الانتقالية التي لا يمكن أن تزيد على ستة أشهر بأقصى تقدير»، معتبرا ذلك «مطلبا لا يمكن أن تنتهي من دونه الحرب في سوريا». بيد أن الحريري لم يخف أن «قسما من الدول الصديقة» المنخرطة في مجموعة الدعم لسوريا تدعو المعارضة إلى «الواقعية والبراغماتية»، وتقول لها: «ما الذي سيتغير إن بقي الأسد أشهرا إضافية بلا صلاحيات إن كان ذلك سيساعد على إنهاء الحرب في سوريا؟». وبرأي المسؤول في المعارضة السورية الذي شغل سابقا منصب أمين عام الائتلاف الوطني السوري، فإن الجميع «مدرك أن الأسد لا بد أن يرحل في النهاية. هذا موقفنا وسنرى ما ستأتي به المفاوضات».
من جانبه، قال بدر جاموس، الموجود في جنيف ممثلا عن الائتلاف الوطني السوري إن «بعض الدول» طرح أثناء اجتماعات فيينا نهاية العام الماضي «فيينا واحد واثنان» طرح علينا هذه المسألة وحجته أنه إذا سحبت الصلاحيات من الأسد وأنيطت بهيئة الحكم الانتقالي، فإنه «يمكن أن يبقى حتى إجراء الانتخابات». ويقول جاموس: «هذا الأمر صعب إن لم يكن مستحيلا، لأن مجرد بقائه يعني مسح كل جرائمه وكل ما قام به من قتل وتدمير وتهجير وإعطاءه شرعية جديدة وهذا لن نقبله». ويضيف جاموس: «لكن ما سيحصل في المفاوضات شيء آخر، وهناك الكثير من الخيارات التي يمكن أن تطرح خلالها». وعما إذا كان الطرف الأميركي يمكن أن يدعم مطلب المعارضة، كان للحريري وجاموس جواب واحد: «الشعب السوري عندما نزل إلى الشارع لم يستشر أحدا ولم يكن ينتظر شيئا من أحد لا من الولايات المتحدة ولا من غيرها». وتعتبر المعارضة أن ما يهمها ويهم الدول القلقة على مصير سوريا هو بقاء الدولة وتلافي انهيارها وتحاشي تكرار تجارب سابقة في المنطقة. ولذا، فإنها ترى أنه من الخطأ النظر إلى الأسد على أنه الضامن لبقائها وأنه «عندما ستقوم هيئة الحكم الانتقالي ستكون هي الضامنة لأنها ستضم بعضا من النظام والمعارضة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.