غسان سلامة: مشكلة شرعية المؤسسات لا تزال قائمة في ليبيا

أكد لـ«الشرق الأوسط» أن نشر «قبعات زرق» غير وارد لفرض حل خارجي

المبعوث الأممي غسان سلامة في القاهرة («الشرق الأوسط»)
المبعوث الأممي غسان سلامة في القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

غسان سلامة: مشكلة شرعية المؤسسات لا تزال قائمة في ليبيا

المبعوث الأممي غسان سلامة في القاهرة («الشرق الأوسط»)
المبعوث الأممي غسان سلامة في القاهرة («الشرق الأوسط»)

أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، أن مشكلة شرعية المؤسسات لا تزال قائمة في ليبيا وما زال الخلاف مستمراً، وهذا أمر لا يحل إلا من خلال انتخابات عامة. وأبدى سلامة معارضته لهيمنة أي ميليشيا على طرابلس، سواء من داخلها أو من خارجها، وذلك بعد أسابيع قليلة من وقف لإطلاق النار برعاية البعثة، بين ميليشيات عدة كانت تتنافس بالأسلحة الثقيلة للسيطرة على العاصمة. وقال: إن طرابلس «كيكة» يتطلع إليها الكل، لكن ليس هناك طرف قادر على فرض وجوده عليها بسبب تنوع أصول أبنائها قبلياً وجهوياً.
وفي حوار مع «الشرق الأوسط» عقب وصوله للقاهرة أمس، شدد سلامة على أن البعثة الأممية تعمل على إجراء الانتخابات «في أمد قريب»، قائلا إن عوامل محلية ليبية تسببت في تأخير الانتخابات، وليس الخلاف الإيطالي - الفرنسي، حول هذا الموضوع، مشيرا إلى أن الليبيين لا الفرنسيين، هم كانوا حددوا موعد إجراء الانتخابات في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حين التقوا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، في مايو (أيار) الماضي.
وأعرب سلامة عن أمله في أن تتمكن خطة أمنية واقتصادية من تهيئة الأوضاع في البلاد لنوع من الاستقرار يفضي إلى حل سياسي دائم. وقال إن الخطة الأمنية ترتكز على تحصين وقف إطلاق النار، ورفض الحل بالقوة، لافتاً إلى تغيير لجنة الترتيبات الأمنية في العاصمة، ووضع لجنة قوية تمثل مختلف الأجهزة الأمنية بحضور ممثل للبعثة الأممية، مشيرا إلى أنه جرى كذلك تبني مجموعة إصلاحات اقتصادية أدت إلى هبوط ملحوظ في أسعار السلع داخل ليبيا، وتحسن في سعر صرف الدينار أمام الدولار. وفيما يأتي نص الحوار.

> هل ستجرى انتخابات في ليبيا قبل نهاية هذا العام؟
- نحن نعمل لإجراء الانتخابات في أمد قريب. إن لم تجر قبل آخر هذا العام، فهذا لا يعني أنها لن تجرى. بل هذا يعني أنها ستجرى بعد حين. كان أملي أن تجرى قبل نهاية هذا العام، لكن حدثت تطورات داخل ليبيا أخَّرت بعض الشيء بعض الإجراءات. أولاً تأخر مجلس النواب في إصدار قانون للانتخابات. ونحن ما زلنا نأمل أن يُقدم على ذلك. وثانياً حصلت تطورات أمنية كبيرة، منها مسألة الهلال النفطي والاشتباكات في طرابلس التي جعلت الموضوع الأمني يعود إلى الصدارة. ثم حدث أمر آخر مهم جدا، وهو هجوم إرهابي على المفوضية العامة للانتخابات، جعلها تفقد الكثير من آلياتها، ولسوء الحظ فقدت عددا من موظفيها أيضا. وهذا أدى إلى شلل في حركتها بعض الشيء، لكننا عوضنا عن كل ذلك. كما تعلم لعبت البعثة دورا مهما في حل مشكلة الهلال النفطي، ولعبت البعثة دورا، أعتقد أنه أساسي، في التوصل لوقف إطلاق النار في طرابلس. وأيضا عوضنا مفوضية الانتخابات كل ما خسرته من آليات، ولكن المبنى الذي ستنتقل إليه المفوضية في طرابلس لم ينته تجهيزه بعد، لذلك، ولأسباب لوجيستية وتشريعية وأمنية، تأخرت المسيرة بعض الشيء.
مشكلة «شرعية المؤسسات» لا تزال قائمة. يوجد خلاف على الشرعية، وهذا الموضوع لا يُحل إلا من خلال انتخابات عامة. الآن نحن نقوم ونساعد كثيرا لإجراء الانتخابات على المستوى المحلي، ولقد حصلت انتخابات بلدية في ثلاث مدن مهمة، هي الزاوية والمرج وبني وليد، وستحصل إن شاء الله مجموعة من الانتخابات البلدية خلال الأسابيع المقبلة، وهذا يعني أن ما هو ممكن نقوم به فوراً. الانتخابات على المستوى الوطني تنتظر القانون، وتنتظر أيضا عمل المفوضية بكامل إمكانياتها، وهذا ما لم يحصل بعد. لذلك قد يكون هناك تأخير في الانتخابات لكنه مجرد تأخير وليس وضعها على الرف أو شيء من هذا القبيل. الانتخابات يطالب بها الليبيون قبل غيرهم. ونحن لا نريد أن نحرمهم من حقهم الطبيعي بأن يغيروا في الطبقة السياسية التي تحكمهم.
> حين يظهر موضوع الانتخابات على السطح، يظهر معه الحديث عن مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون، من أن الانتخابات ستكون في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ويقترن بهذا الحديث أن هناك تنافسا إيطاليا - فرنسيا، بأن الإيطاليين يريدون تأخير الانتخابات والفرنسيين يريدون التبكير بها. وأن هذا يدور في إطار صراع ما بين الإيطاليين والفرنسيين. ما تقييمك لمثل هذا الحديث؟
- هناك تنافس بين إيطاليا وفرنسا، كان حاداً، ولم يعد بنفس الحدة الآن، ولكن لا تأثير له على الانتخابات. تاريخ العاشر من ديسمبر (كانون الأول) هو من اختيار الليبيين الذين كانوا موجودين في فرنسا، وليس من اختيار السيد ماكرون. وهو خيار الرجال الليبيين الأربعة الذين كانوا موجودين، وهم اقترحوا هذا التاريخ، وأنا كنت موجودا، ويمكن لي أن أشهد على ذلك. كان الاقتراح من السيد (فايز) السراج (رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق)، ووافق عليه السيد (المشير خليفة) حفتر (قائد الجيش الوطني)، والسيدان (خالد) المشري (رئيس مجلس الدولة)، وعقيلة صالح (رئيس مجلس النواب). إنما كما قلت لك حصلت تطورات منذ ذلك الحين ليبية - ليبية. حدث خلاف إيطالي فرنسي، لكن تأثيره خفيف على الداخل الليبي. لو لم يكن الهجوم الإرهابي وقع على مفوضية الانتخابات، ولو كان لدينا قانون للانتخابات، لربما كنا استطعنا أن نجري هذه الانتخابات خلال شهر أو شهرين من الآن، ولكن هذه الأحداث أجلت الانتخابات. إذن تأجيل الانتخابات ليس سببه الخلاف الإيطالي - الفرنسي، الذي كان حادا وخفت وتيرته الآن، ولكن الوضع القائم في ليبيا نفسها، الذي لم يأت حتى الساعة بقانون لإجراء الانتخابات. ولم يسمح للمفوضية أن تعمل بكامل قدراتها كما كنا نريد لها أن تعمل. ناهيك عن الوضع الأمني الذي حَرَفَنا قليلا عن المسار السياسي، وجعل البعثة تركز اهتمامها على منع حصول حرب مثل حرب 2014. لقد تعهدت في الخامس من سبتمبر (أيلول) الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي، بمنع تدمير طرابلس، وبمنع حصول حرب أخرى كما حصل سنة 2014. وأنا ممتن من أننا تمكنا من تجنب ذلك، لأن ذلك كان ممكناً، بل يعد محتملاً، لولا التدخل القوي للبعثة لوقف إطلاق النار، ولحمايته، ولتحصينه لاحقاً.
> كيف تم ذلك؟
- تحصين وقف إطلاق النار تم بعدد من المبادرات التي كانت على الطاولة، وكانت حكومة الوفاق الوطني مترددة في تبنيها، أولا: تغيير لجنة الترتيبات الأمنية في العاصمة، ووضع لجنة قوية مكان اللجنة السابقة، لجنة تمثل مختلف الأجهزة الأمنية. وهناك ممثل للبعثة يحضر كل اجتماعاتها يومياً، وقدمت خطة للسيد السراج وهو تبناها، من دون أي تغيير لأي كلمة فيها، منذ أسبوع، أي يوم الأحد الماضي، كما هي، ونحن بصدد تنفيذها على الأرض. وقد بدأنا ذلك فعلاً، وأيضا من خلال تبني مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية المهمة التي كانت جاهزة منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي. وكان هناك نوع من التردد في حكومة الوفاق الوطني في تبينها. لقد تمكنا من تحويل أزمة القتال في طرابلس، إلى فرصة لكي تقوم حكومة الوفاق الوطني بتبني هذه الإصلاحات الاقتصادية، مما أدى إلى أمرين مهمين جداً، يساعدان في تهيئة الأجواء المناسبة للانتخابات، أولا هبوط ملحوظ في أسعار السلع داخل ليبيا، تجاوز أحيانا العشرين أو الخمسة وعشرين في المائة، وثانيا تحسن سعر صرف الدينار الليبي بنسبة تتجاوز الخمسة وعشرين في المائة. هذان الأمران مهمان جدا، لأن الانتخابات يجب أن تجري في وضع اقتصادي ومالي أفضل من الوضع المزري الذي كان قائما قبل تبني هذه الإصلاحات. إذن الترتيبات الأمنية من جهة، والإصلاحات الاقتصادية من جهة أخرى لعبتا دورا كبيراً، أولا في تثبيت وقف إطلاق النار، وثانيا في تحسين الأجواء لكي نذهب مجددا نحو العملية السياسية التي تتضمن فيما تتضمن انتخابات بلدية وانتخابات نيابية، وانتخابات رئاسية.
> هل يوضع في الحسبان وجود مسار عسكري للحل في ليبيا سواء كان هذا المسار العسكري من الداخل الليبي أو بالمساعدة من الخارج؟
- بالنسبة للمساعدة من الخارج، فإن مجلس الأمن الدولي واضح في هذا الموضوع. مجلس الأمن الدولي أولا لن ينشر القبعات الزرق في ليبيا، لأن البعثة هي بعثة عمل سياسي وليست بعثة حفظ سلام. ولذلك نحن نقوم بوقف إطلاق النار ونراقب وقف إطلاق النار، ولكن ليس لدينا قوات لكي نتدخل عسكريا كأمم متحدة في الوضع الليبي. ولا أتوقع حصول ذلك. أما مساعدة من قبل دول، فهذا يحدث. هناك دول تتبنى هذا الطرف أو ذاك في ليبيا، ونحن نعلم ذلك. ولكن هنا أيضا مجلس الأمن واضح، ويُصدِر تقريراً نصف سنوي، يشير إلى التدخلات الخارجية، ويندد بها، ويدعو إلى احترام حظر تصدير السلاح أو المشاركة العسكرية في ليبيا. أما في الداخل الليبي، فلقد جرب الليبيون كثيرا القتال. حصل ذلك سنة 2014 وحصل في مرات سابقة. وتبين، أعتقد، للجميع أنه ليس هناك من طرف قادر على فرض حل عسكري في ليبيا. لذلك حتى الأطراف التي هي عسكرية، نظامية أو غير نظامية، وصلت تدريجياً، أو هي تصل تدريجياً، إلى ضرورة الحل السياسي. ليس هناك من نزاع في العالم لا يتضمن حلاً سياسيا في آخر الأمر. صحيح أن الحل السياسي صعب، لكن لا مناص منه. ولا بديل له. وهناك شبه اقتناع عند كل الأطراف في ليبيا أن هذا هو الطريق الصحيح. لذلك نرى مقترحات سياسية، حتى من قبل كل الأطراف، بما فيها المشير حفتر الذي تقدم بعدد من الاقتراحات، أيضا، لحل سياسي.
> طرابلس تاريخيا دائما في بؤرة الضوء أمام المدن المجاورة لها... هل البعثة الأممية تخشى من تفجر الوضع في أي لحظة ضمن الصراع للسيطرة على العاصمة من بعض قوات تلك المدن؟
- لقد جربت (مدينة) الزنتان أن تستولي على العاصمة، وفشلت. وجربت (مدينة) مصراتة في مرحلة لاحقة، أن تسيطر على طرابلس، وأيضا فشلت. وجربت (مدينة) ترهونة مؤخرا، وأيضا لم تتمكن من ذلك. أعتقد أنه لدى مختلف الأطراف في غرب ليبيا نوع من الشعور المتزايد بأن ليس هناك من طرف بعينه يقدر على أن يستولي على العاصمة، لماذا؟ صحيح أن العاصمة هي «الكيكة» التي يتطلع إليها الكل ولكن طرابلس أولا تضم سكانا من مختلف أنحاء ليبيا، وهناك أعداد كبيرة أصلها من ترهونة، وأعداد كبيرة أصلها من مصراتة، وأعداد كبيرة أصلها من الزنتان، وأعداد كبيرة أصلها من غريان، وأعداد كبيرة أصلها من مناطق أخرى في ليبيا. ثلث الشعب الليبي يعيش حالياً في طرابلس الكبرى. إذن ليس هناك من طرف يقدر على أن يفرض وجوده على مجتمع مثل مجتمع طرابلس الكبرى المتنوع جداً جداً، في أصوله القبلية والجهوية. أنت أمام تحديين متكاملين، وعليك أن تعالجهما معاً: أولاً أنت تريد أن تخفف من سيطرة ميليشيات طرابلس نفسها على أجهزة الدولة والبعثة الأممية كانت نقدية جدا تجاه مسلك ميليشيات طرابلس قبل أن تقوم الحرب الأخيرة في طرابلس في أغسطس (آب). كنا نقديين تجاه المساس بالمؤسسات السيادية، مثل شركة النفط، أو هيئة الاستثمارات الخارجية، وما شابه. كنا ننتقد، وبقوة، وفي مجلس الأمن، وفي تصريحاتي، وبصورة علنية، ننتقد أي تغول من ميليشيات طرابلس على المؤسسات السيادية، وعلى المصرف المركزي، وعلى المصارف، وعلى كل شيء. أنت من جهة عليك أن تخفف تدريجيا، من ضغط الميليشيات الطرابلسية على المؤسسات الحكومية الموجودة في طرابلس، وعليك من جهة أخرى أن تحمي طرابلس من هجوم الأطراف غير الطرابلسية. إذن عليك أن تقوم بعمل متوازن، وهذا هو العمل الذي قمنا به خلال الأزمة الأخيرة. لقد توصلنا مع ميليشيات طرابلس إلى أن تخفف تدريجيا من وطأتها على مؤسسات الدولة، وذلك من خلال إدخال عناصر نظامية تحل مكان الميليشيات في عدد من الأماكن، ومن خلال التهديد بعقوبات على زعماء الميليشيات التي تعدت على المال العام، وعلى المؤسسات العامة، وقد أدى ذلك لاستقالة رؤساء بعض الميليشيات، وإلى إبداء آخرين الاستعداد للانسحاب من المشهد الأمني والسياسي من طرابلس. ومن جهة أخرى أدى ذلك إلى إقناع الميليشيات المُهاجمة أن «الكيكة» لن تكون فقط محصورة بميليشيات طرابلس نفسها، لأننا نحن نحمي المؤسسات الحكومة، لا نحمي تغول الميليشيات الطرابلسية على المؤسسات السيادية. إذن عليك أن تقوم بالعملين معا... أن تحمي مؤسسات الدولة في طرابلس من تغول ميليشيات طرابلس، وأن تحمي طرابلس من العنف الذي يأتيها من الخارج. نحن نعرف أن هناك من يزال يعتقد أن بإمكانه أن يغير الأمور بالقوة. لذلك قلنا، وأقول لك اليوم، بصريح العبارة، إننا لن نعترف بأي طرف عسكري يدخل إلى طرابلس بالقوة ويمس الحكومة القائمة بالقوة. نحن نقبل بتغيير الحكومة ونقبل بتغيير أعضاء المجلس الرئاسي، ولا نتمسك بأي شخص بعينه، ولكن لا نقبل بتفكير انقلابي أو بتفكير أن تأتي مدينة أو أن تأتي ميليشيا من خارج طرابلس، وتغير الأوضاع السياسية بالقوة. لن نعترف بهذا الأمر. لكن إن قام تفاهم جديد على أشخاص جدد في الحكومة، أو في المجلس الرئاسي، فنحن نشجع ذلك، لا مشكلة لدينا، لكن بطرق سلمية ومن خلال رضا المجلسين (مجلس الدولة، ومجلس النواب)، وليس باستعمال القوة كما فكر البعض، ونحن قمنا بدورنا لمنعهم من المساس بحكومة الوفاق الوطني بالقوة. إن شاءوا أن يغيروا أشخاصا بعينهم في تلك الوزارة أو في المجلس الرئاسي، فبالطريقة السلمية، هذا ممكن ونحن ندعو إليه، ولكن ليس بطريق العنف. وأقول، وأردد للذي يريد أن يقتحم طرابلس، إننا لن نقبل باقتحام العاصمة، ونقول لمن هو في طرابلس، إننا لن نقبل المساس بالمؤسسات السيادية داخل طرابلس. الأمران معا.
> يتردد أنه خلال الفترة الأخيرة كانت هناك ممارسات تقول إن المجلس الرئاسي منحاز بشكل فيه قدر كبير من السفور إلى ميليشيات طرابلس، وأنه قام بترقية بعض المنتسبين للميليشيات إلى رتب نظامية، وتم تغيير وزير الداخلية، ووزراء آخرين. أريد أن أقول إنه يبدو أن هناك ضغطا كبيرا من الميليشيات الطرابلسية على اتفاق الصخيرات، وعلى رئيس المجلس الرئاسي، وعلى حكومة الوفاق. هل ترى هذا؟ هل لاحظت هذا؟
- كان هناك أكثر من ذلك. كانت هناك عمليات ابتزاز من بعض ميليشيات طرابلس على المؤسسات، وعلى الحكومة، وعلى المصارف. وخُطف عدد من الشخصيات، كمديري المصارف، وتم اعتقال تعسفي ضد عدد من الناس، وتمت ترقيات غير مقبولة، لأنها مفروضة، ودخلت عدد من الميليشيات إلى صلب الوزارات. ما نحن نقوم به منذ أحداث طرابلس (في أغسطس) هو تنقية هذا الأمر. وبالتالي فنحن ننظر إلى ما حصل منذ ذلك الحين، كعملية تصحيح لما كان يحصل في الأشهر التي سبقت الاقتتال. مثلا أنَّ كل أعضاء لجنة الترتيبات الأمنية الجديدة، هم ممن عينوا بالتجاهل لأصولهم الجهوية، ولكن فقط بالنظر إلى وظيفتهم. لجنة الترتيبات الأمنية كلها من ضباط نظاميين، من مصراتة، من طرابلس، من الزاوية، ومن أماكن أخرى، فقط بسبب وظيفتهم، وليس لأن الميليشيات فرضتهم. في التعديل الحكومي الأخير جاء وزير للداخلية من مصراتة، للقول أيضا إن من وظيفة حكومة الوفاق الوطني، أن تمثل مختلف أطراف البلاد. إذن نحن نعتقد أننا في طور تنقية الوضع غير الصحي الذي كان قائما قبل 27 أغسطس الماضي، عندما بدأ الاقتتال. في ذلك الحين كان هنالك ضغط عسكري على طرابلس من خارجها وضغط على الدولة من داخل طرابلس. نحن نعمل على تخفيف الضغطين. وهذا لن يحصل بين ليلة وضحاها. هذا يتطلب عملا يوميا، مثلاً لجنة الترتيبات الأمنية تجتمع كل يوم، وهناك شخص من البعثة (الأممية) موجود كل يوم يساهم في وضع الأجندة ويساهم في عمل هذه اللجنة. نحن نعمل على بناء دولة. وليس للسماح لا لميليشيات طرابلس، ولا لميليشيات غير طرابلس أن تكون لها اليد الطولى على الدولة الجديدة.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.