المعارضة السورية تنهي سحب أسلحتها الثقيلة من إدلب... وتبقي استنفارها

تركيا أرسلت تعزيزات عسكرية إلى المنطقة العازلة

مقاتل من {الجبهة الوطنية للتحرير} مع سلاحه في خندق ببلدة العيس بريف حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
مقاتل من {الجبهة الوطنية للتحرير} مع سلاحه في خندق ببلدة العيس بريف حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السورية تنهي سحب أسلحتها الثقيلة من إدلب... وتبقي استنفارها

مقاتل من {الجبهة الوطنية للتحرير} مع سلاحه في خندق ببلدة العيس بريف حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
مقاتل من {الجبهة الوطنية للتحرير} مع سلاحه في خندق ببلدة العيس بريف حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

استكملت المعارضة السورية المسلحة سحب الأسلحة الثقيلة من الخطوط الأمامية في إدلب أمس الاثنين، بموجب الاتفاق بين روسيا وتركيا على إقامة منطقة منزوعة السلاح، بحسب وكالة الأناضول التركية للأنباء.
وبموجب الاتفاق المبرم الشهر الماضي بين أنقرة وموسكو حليفة الرئيس السوري بشار الأسد، يتعين على مسلحي المعارضة الانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح بحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الجاري ويتعين سحب الأسلحة الثقيلة بحلول اليوم العاشر من هذا الشهر.
وقالت مصادر تركية إن فصائل المعارضة السورية، وقوات النظام السوري والميليشيات التابعة لها، سرعت ليل الأحد عمليات سحب السلاح الثقيل من المنطقة العازلة.
وأوضحت المصادر أن فصائل المعارضة التابعة للجيش السوري الحر، والمقاتلة للنظام السوري سحبت جزءا كبيرا من قذائف الهاون، وصواريخ غراد، والسلاح متوسط المدى من المنطقة العازلة.
وأضافت أن المسؤولين الأتراك المتابعين لعملية سحب السلاح الثقيل من المنطقة العازلة، أكدوا أن عملية سحب السلاح ستنتهي خلال يوم أمس من المنطقة العازلة، ولفتت إلى أن القوات المسلحة التركية قامت بإرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة العازلة، لتسيير دوريات هناك عقب سحب السلاح.
وترسل تركيا منذ أسابيع قوات عسكرية وآليات إلى نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب ومحيطها، التي أنشأتها بموجب اتفاق أستانة الذي تم التوصل إليه مع كل من روسيا وإيران وتقع على تركيا مهمة الإشراف على تنفيذ اتفاق سوتشي في إدلب من قبل الفصائل المسلحة.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس، أن مقاتلين تابعين للمعارضة لا يزالون يرابطون في الخطوط الأمامية المواجهة لقوات النظام، الواقعة ضمن المنطقة العازلة المرتقبة في إدلب ومحيطها، يحافظون على استنفارهم داخل أنفاق وتحصينات رغم تخليهم عن السلاح الثقيل تنفيذاً للاتفاق الروسي التركي.
وأشارت في تقرير لها، أمس، إلى أنه رغم أن بضعة كيلومترات فقط تفصل بين نقاط الفصائل وقوات النظام، فإن حالة من الهدوء تسود على هذه الجبهة التي تشكل جزءاً من المنطقة العازلة منزوعة السلاح، بموجب اتفاق توصلت إليه روسيا وتركيا الشهر الماضي.
ويؤكد مقاتلون في المعارضة أن عملية سحب السلاح الثقيل مستمرة حتى يوم غد الأربعاء، لكن ذلك لا يعني تخليهم عن الاستنفار والجاهزية للتصدي لأي هجوم محتمل، بحسب الوكالة التي نقلت عن القائد العسكري في الجبهة الوطنية للتحرير أبو وليد، قوله إنه «حسب الخطة الزمنية المتفق عليها بدأنا في سحب السلاح الثقيل والعملية مستمرة حتى العاشر من الشهر الحالي».
وأوضح أن «عملية سحب السلاح الثقيل لن تؤثر على نقاط الرباط، والإخوة مستمرون في عمليات التحصين والتدشيم والتعليمات لنا أننا سنبقى في هذه المناطق ولن نتراجع حتى آخر نقطة دماء».
وتسيطر قوات النظام على بلدة الحاضر الواقعة على بعد نحو خمسة كيلومترات من بلدة العيس، التي تسيطر هيئة تحرير الشام عليها، فيما تنتشر فصائل أخرى تابعة للجبهة الوطنية للتحرير على مواقع عدة على خطوط الجبهة. ويفصل بين البلدتين معبر تجاري، تسوده حركة نشطة لسيارات وشاحنات بالاتجاهين.
وتراهن فصائل المعارضة، التي تخشى أن يكون تنفيذ الاتفاق مقدمة لعودة قوات النظام إلى مناطق سيطرتها، على الضامن التركي لحمايتها، خصوصاً بعد إعلان دمشق أن الاتفاق خطوة لـ«تحرير إدلب».
وقال رئيس النظام السوري بشار الأسد في تصريح أول من أمس، إن اتفاق إدلب «إجراء مؤقت»، مجدداً عزم قواته على استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية.
وأكد أبو وليد أن «دخول القوات التركية إلى النقاط المعروفة لدى الجميع يتعزز يوماً بعد يوماً»، لافتاً إلى وصول «جنود ودبابات وسلاح ثقيل إلى الأتراك».
ولم تورد الوكالة التركية مزيدا من التفاصيل، بينما كانت الجبهة الوطنية للتحرير، وهي جماعة معارضة سورية مدعومة من تركيا، وتعد أكبر تجمع للفصائل المعارضة في إدلب، قالت في بيان أول من أمس، إن سحب الأسلحة بدأ يوم السبت.
وتوصلت روسيا وتركيا قبل ثلاثة أسابيع إلى اتفاق جنب محافظة إدلب ومحيطها هجوماً واسعاً لوح به النظام السوري. ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق يتراوح ما بين 15 و20 كيلومتراً على خطوط التماس بين قوات النظام والفصائل المعارضة حول إدلب. ويجب على جميع الفصائل سحب سلاحها الثقيل منها في مهلة أقصاها العاشر من الشهر الحالي.
وقال المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير ناجي مصطفى، أول من أمس: «بدأنا سحب السلاح الثقيل، أي إرجاع السلاح الثقيل الموجود في المنطقة المسماة بمنزوعة السلاح إلى المقار الخلفية للفصائل»، وأشار إلى أن العملية ستسمر لـ«أيام عدة»، على أن يبقى «السلاح الثقيل مع الفصائل في المقار الخلفية. وتضم الجبهة التي تأسست في شهر أغسطس (آب) الماضي عدداً من الفصائل القريبة من تركيا، أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين الزنكي وفيلق الشام. وأعلنت السبت بدء سحب السلاح الثقيل من المنطقة العازلة المزمع إنشاؤها.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بريطانيا، باشرت الفصائل سحب السلاح الثقيل منذ أسبوع في جنوب وشرق محافظة إدلب، وتحديداً قرب مطار أبو الضهور العسكري الذي تسيطر عليه قوات النظام، وفي ريف معرة النعمان، بالإضافة إلى مناطق سيطرة الفصائل في ريفي حلب الغربي وحماة الشمالي.
وقال المتحدث باسم فيلق الشام سيف الرعد، إن عملية سحب السلاح التي تشمل «الدبابات وراجمات الصواريخ والمدافع الثقيلة» تترافق مع تعزيز نقاط المراقبة التركية في إدلب لقواتها وسلاحها واستعداداتها لأخذ دورها في التصدي لأي خرق قد يحصل من مناطق نظام الأسد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».