البرلمان الإيراني يقر الانضمام لاتفاقية «منع تمويل الإرهاب»

خامنئي تراجع عن معارضته... وظريف أشار إلى تحذيرات روسية وصينية

النواب المعارضون لمشروع الحكومة يرفعون شعارات ضد انضمام إيران لاتفاقية «منع تمويل الإرهاب» أمس (أ.ف.ب)
النواب المعارضون لمشروع الحكومة يرفعون شعارات ضد انضمام إيران لاتفاقية «منع تمويل الإرهاب» أمس (أ.ف.ب)
TT

البرلمان الإيراني يقر الانضمام لاتفاقية «منع تمويل الإرهاب»

النواب المعارضون لمشروع الحكومة يرفعون شعارات ضد انضمام إيران لاتفاقية «منع تمويل الإرهاب» أمس (أ.ف.ب)
النواب المعارضون لمشروع الحكومة يرفعون شعارات ضد انضمام إيران لاتفاقية «منع تمويل الإرهاب» أمس (أ.ف.ب)

قبل 3 أسابيع من بدء المرحلة الثانية للعقوبات الأميركية، أقر البرلمان الإيراني، أمس، لائحة «مكافحة تمويل الإرهاب (CFT)»، بعدما تأكد تراجع المرشد الإيراني علي خامنئي عن معارضته مشروعاً قدمته الحكومة الإيرانية من 4 لوائح يفتح الباب أمام انضمام إيران لاتفاقية «مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف)»، في حين استمر التباين بين أوساط الحكومة و«الحرس الثوري»، وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إن روسيا والصين أبلغتا بلاده امتناعهما عن التعاملات البنكية مع طهران ما لم تشرع قوانين «المجموعة الدولية لمراقبة العمل المالي».
وأقر البرلمان مشروع قانون من أصل 4 مشروعات قوانين قدمتها الحكومة منذ مارس (آذار) الماضي تهدف إلى شطب إيران من اللائحة السوداء للدول غير المتعاونة مع «مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف)»، وذلك بعد 4 أشهر من الخلافات بين النواب المؤيدين لسياسات الحكومة والنواب المؤيدين لسياسات «الحرس الثوري».
وإيران مع كوريا الشمالية الدولتان الوحيدتان المدرجتان على اللائحة السوداء لـ«مجموعة مراقبة العمل المالي». وأمهلت «مجموعة مراقبة العمل المالي» إيران حتى أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لاستكمال إصلاحات لتجنب عواقب قد تزيد عزوف المستثمرين عنها.
وأدت الخلافات بين التيار المطالب بالانفتاح على الغرب (مؤيد للحكومة) والتيار المقرب من «الحرس»، إلى تعطيل مناقشة القانون في 10 يونيو (حزيران) الماضي، لشهرين.
في 20 يونيو، أعلن خامنئي تأييد خطوة المعارضين عندما أوصى نواب البرلمان بالعمل على قانون يناسب تعريف إيران للإرهاب. وبحسب وكالات رسمية، شارك 271 نائبا في التصويت من أصل 290 نائبا في البرلمان؛ صوت 143 نائبا بالموافقة، فيما عارض المشروع 120 نائبا، وامتنع 5 نواب.
وقاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فريق الحكومة خلال جلسة التصويت، ونقل عنه موقع «انتخاب» المقرب من الحكومة: «لا الرئيس ولا أنا يمكننا ضمان أن الانضمام إلى اتفاقية (فاتف) قد يحل المشكلات، لكنني أضمن أن عدم الانضمام قد يقدم ذرائع مهمة للإدارة الأميركية لزيادة المشكلات».
وتريد حكومة روحاني تبديد مخاوف المستثمرين الأجانب من مخاطر العمل في إيران. ويقول منتقدو القرار إنه سيؤثر على أنشطة «الحرس الثوري» لا سيما تمويل جماعات تنشط تحت راية ذراعه الخارجية «فيلق القدس» وجماعة «حزب الله» اللبنانية التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية. فيما تعدّه الأوساط المقربة من الحكومة خطوة باتجاه مكافحة الفساد والشفافية، وتأمل أن يساهم في تقليص دور أجهزة تنشط في الاقتصاد الإيراني.
وقبل التصويت، قال رئيس البرلمان على لاريجاني استنادا إلى رسالة من مكتب المرشد الإيراني، إن خامنئي لا يعارض مناقشة لوائح «فاتف»، عادّاً ما تتناقله وسائل إعلام معارضة إساءة لمنصب ولي الفقيه.
ومن المفترض أن يعلن «مجلس صيانة الدستور» موقفه من لائحة «مكافحة تمويل الإرهاب». وقال المتحدث باسم المجلس عباس كدخدائي إن لوائح قانون الانضمام إلى اتفاقية «فاتف» قد تكون على جدول أعماله الأسبوع المقبل؛ بحسب وكالة «إيسنا».
ولم يعلن «صيانة الدستور» بعد قراره حول قانون انضمام إيران إلى «اتفاقية بالرمو لمكافحة الجريمة المنظمة» وتعديل قانون غسل الأموال. وأقر مجلس صيانة الدستور تعديل قانون مكافحة تمويل الإرهاب.
وقالت وسائل إعلام «الحرس الثوري» إن مجموعة كبيرة من معارضي القانون نظموا وقفة احتجاجية أمام البرلمان، لكن صحيفة «عصر إيران» الناطقة باسم الحكومة أشارت إلى احتجاج 100 شخص.
وانتقدت الصحيفة رفع النواب لافتات وأوراقا تشير إلى معارضتهم موقف رئيس البرلمان بالوقوف أمام منصة الرئاسة.
وأضاف نواب البرلمان الإيراني شروطا إلى القانون الدولي. وبحسب الشروط، فإن انضمام إيران «لا يعني الاعتراف بإسرائيل». وبحسب المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني على نجفي خشرودي، فإن إيران «يحق لها إملاء شروطها على الاتفاقية» وقال: «لن تقبل إيران بأي التزامات تعارض المصالح الوطنية والأمن القومي، ولن نقدم معلومات للأجانب» وأوضح: «في الحرب الاقتصادية يجب أن نستفيد من كل الفرص والإجراءات الدولية، بعض المنتقدين يقول إن القانون على صلة بانسحاب أميركا من الاتفاق النووي، في حين لا توجد صلة بينهما. عدم الانضمام إلى هذه الاتفاقية يسبب قيودا دولية جديدة على إيران».
وتأمل الحكومة في أن يقربها القانون من المعايير الدولية ويساعد في استبعادها من قوائم سوداء للاستثمار في ظل إعادة فرض العقوبات الأميركية. وتقول طهران إنها كانت تحاول تطبيق المعايير الدولية في ما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي حددتها «مجموعة مراقبة العمل المالي الدولية (فاتف)»، لكنها واجهت صعوبات في إقرار التشريعات.
وتقول شركات أجنبية إن إقرار تشريعات تتضمن إرشادات «مجموعة مراقبة العمل المالي» ضروري لزيادة الاستثمار في إيران.
ونفى ظريف أي صلة بين «فاتف» وتراجع سعر الريال الإيراني، غير أنه أشار إلى ضرورة تطبيق إيران قوانين غسل الأموال الإيرانية إذا ما أرادت الإبقاء على تدفق العملات الأجنبية. وأشار إلى أن شريكي طهران «الاستراتيجييْن»؛ موسكو وبكين، قد رهنتا التعاون بالانضمام إلى اتفاقية «فاتف»، وقال في هذا الصدد إن رئيس البنك المركزي الصيني أبلغ رئيس البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي بأن بكين لا يمكنها التعاون مع إيران في حال لم تنضم إلى «فاتف».
ولم يتطرق ظريف إلى لقاءات همتي الذي أخذ مكان رئيس البنك المركزي السابق ولي الله سيف في نهاية يوليو (تموز) الماضي. وتناقلت وكالات إيرانية صورا من احتجاج النواب المعارضين خطوة الحكومة الإيرانية، ورفع النواب أوراقا ولافتات تعبر عن الموقف الداخلي الرافض لمشروع «فاتف».
ودعا عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان حسين نقوي حسيني إلى استدعاء روحاني إلى البرلمان لتقديمه ضمانا مكتوبا بشأن رفع المشكلات الاقتصادية الإيرانية على صعيد تحويل الأموال إذا ما انضمت إلى «فاتف».
وتراشق نواب في البرلمان مع رئيس البرلمان بالتهم حول ترهيب النواب بشأن التصويت على المشروع. وبحسب مواقع مقربة من الحكومة، فإن «رسائل تهديد من جهات مجهولة أرسلت عبر الجوال إلى نواب البرلمان المؤيدين للقانون».
وقال رئيس اللجنة الثقافية في البرلمان الإيراني أحمد مازني ردا على الانتقادات، إنه لم تصدر أوامر دولة من المرشد أو سياسة عامة تحول دون قانون «فاتف»، متهما المعارضين للقرار بممارسة ضغوط نفسية ضد النواب المؤيدين للقرار.



خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
TT

خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، اليوم (الأربعاء)، إن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كانت نتيجة خطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل، نافياً تراجع دور إيران في المنطقة.

وأضاف أن «إحدى الدول المجاورة لسوريا كان لها دور أيضاً». ولم يذكر تلك الدولة بالاسم لكن بدا أنه يشير إلى تركيا التي تدعم معارضين مسلحين مناهضين للأسد. ويُنظر للإطاحة بالأسد على نطاق واسع على أنها ضربة كبيرة للتحالف السياسي والعسكري المسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران، الذي يعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.

وقال خامنئي في كلمة نشرها موقعه الرسمي إن «ما حصل في سوريا كان مخططاً له بشكل أساسي في غرف عمليات بأميركا وإسرائيل. لدينا دليل على ذلك. كما شاركت حكومة مجاورة لسوريا في الأمر»، وأضاف أن تلك الدولة الجارة كان لها «دور واضح ومتواصل للقيام بذلك» في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وكانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال سوريا بعد عدة توغلات عبر الحدود ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، داعماً رئيسياً لجماعات المعارضة المسلحة التي سعت للإطاحة بالأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب ونشرت «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة. وبعد ساعات من سقوط الأسد، قالت إيران إنها تتوقع استمرار العلاقات مع دمشق بناء على «نهج بعيد النظر وحكيم» للبلدين، ودعت إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع فئات المجتمع السوري.

وقال خامنئي في كلمته أيضاً إن التحالف الذي تقوده إيران سيكتسب قوة في أنحاء المنطقة بأكملها، وأضاف: «كلما زاد الضغط... تصبح المقاومة أقوى. كلما زادت الجرائم التي يرتكبونها، تأتي بمزيد من التصميم. كلما قاتلت ضدها زاد توسعها»، وأردف قائلاً: «إيران قوية ومقتدرة، وستصبح أقوى».

كما نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن خامنئي قوله إن المخابرات الإيرانية حذرت الحكومة السورية بوجود تهديدات لاستقرارها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مضيفاً أن دمشق «تجاهلت العدو».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، للتلفزيون الرسمي إن «الاستخبارات الإيرانية والسورية كانتا على دراية كاملة بتحركات إدلب، وتم إبلاغ الحكومة السورية بذلك»، لافتاً إلى أن طهران «كانت تتوقع حدوث هذا السيناريو» بناءً على المعلومات التي وصلت إليها.

وأشار عراقجي إلى أن الأسد أبدى «انزعاجه واستغرابه» من الجيش السوري.

ونفى مكتب علي لاريجاني، ما قاله محلل مقرب من السلطات للتلفزيون الرسمي بشأن عرض إيراني للأسد في اللحظات الأخيرة، يقضي بحض جيشه على الوقوف بوجه المعارضة السورية لمدة 48 ساعة، حتى تصل قوات إيرانية إلى سوريا.

وقال المحلل، مصطفى خوش جشم، في تصريح لـ«القناة الرسمية الثانية»، إن لاريجاني التقى بشار الأسد، الجمعة، وسأله عن أسباب عدم التقديم بطلب لإرسال قوات إيرانية إلى سوريا. وفي المقابلة التي أعادت بثها وكالة «مهر» الحكومية، صرح خوش جشم بأن الأسد قال للاريجاني: «أرسلوا قوات لكنني لا يمكنني إعادة معنويات هذا الجيش»، وأوضح المحلل أن «تصريح الأسد كان اعترافاً منه وكرره عدة مرات»، وتابع: «ماذا يعني ذلك، عندما قال بصراحة: تقرر أن يتدخل الجيش ويعمل لمدة يومين حتى تصل القوات الإيرانية ومستشاروها، وهو ما حدث جزئياً»، ولفت إلى أن «جماعات (محور المقاومة) هي التي تسببت في إيقاف زحف المسلحين في حمص لبعض الساعات»، وأضاف في السياق نفسه: «لكن عندما كانت أفضل قواتنا تعمل هناك، الجيش توقف عن العمل، وانضمت له وحدات الدفاع الشعبي السورية، ونحن بقينا وحدنا، حتى لم يقفوا يوماً واحداً لكي نبقى».