تصعيد إسرائيلي ضد «حماس» وتهديد بإستهداف قادتها

TT

تصعيد إسرائيلي ضد «حماس» وتهديد بإستهداف قادتها

مع تصاعد الاتهامات في اليمين المتطرف وفي البلدات اليهودية في غلاف قطاع غزة بأن الحكومة عاجزة عن توفير ردع حقيقي ولا تملك خطة استراتيجية تجاه التوتر تُوقِف إطلاق النار بشكل حقيقي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن جيشه في أوج المعركة ضد ما سماه «الإرهاب الفلسطيني»، و«يقف على أهبة الاستعداد لأي طارئ». وفي الوقت نفسه كشفت مصادر أمنية في تل أبيب أن الجيش والمخابرات تعد العدة لاستئناف عمليات الاغتيال بحق قادة حركة «حماس» وغيرها.
وقال نتنياهو خلال جلسة لوزراء حزبه قبيل انعقاد جلسة الحكومة، صباح أمس (الأحد)، إنه «طالب بوقف تام لإطلاق النار من قطاع غزة، بما في ذلك إطلاق البالونات». وهدد قائلاً: «لن أكشف عن الخطط العملية للجيش، لكنني أؤكد أن الخطط جاهزة لأي سيناريوهات، فنحن في أوج المعركة مع (حماس)».
وتابع نتنياهو خلال افتتاح جلسة الحكومة الأسبوعية قائلاً: «في ظل التصعيد على الجبهة الجنوبية، هناك تبادل للضربات ولن ينتهي الأمر بضربة واحدة. مطلبنا واضح، وقف كامل لإطلاق النار، ولن نقبل بأقل من ذلك. لقد دمّرنا المئات من أهداف (حماس)، فالجيش الإسرائيلي يكلّف (حماس) ثمناً باهظاً، ولن أكشف عن خطط عملياتنا، هدفنا هو استعادة الأمن والأمان لسكان الجنوب، وسيتم تحقيق هذا الهدف».
كان مصدر أمني مطلع قد كشف، أمس، أن الجيش وبقية أجهزة الأمن الإسرائيلية، تجري الاستعدادات منذ عدة أشهر، للعودة إلى سياسات الاغتيال ضد قادة حركة «حماس» وغيرها، في أعقاب حالة التصعيد المستمرّ. وقال المصدر إن هذه التجهيزات بدأت بعد إعلان الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) تفضيلهما عودة سياسة الاغتيالات لقادة الحركة على عملية عسكريّة واسعة لاجتياح القطاع. لكنهما أوضحا للحكومة أن هذه الاغتيالات يمكن أن تدهور الأوضاع نحو حرب شاملة. ومن جهتهما يفضلان الانتظار والامتناع عن حرب كهذه حتى نهاية عام 2019، إذ تكون الصورة قد اتضحت في الشمال على الجبهتين السورية واللبنانية، ويكون سلاح الهندسة الإسرائيلي قد أنجز بناء الحاجز الأمني الكبير المحيط بقطاع غزة، الذي يمتد عميقاً تحت الأرض وفوق الأرض على طول الحدود.
ونسب إلى مسؤولين عسكريين كبار قولهم إن الخطط لاغتيال قادة «حماس» وصلت إلى مرحلة متقدّمة، لكن في حال طلبت القيادة السياسية الإسرائيليّة تنفيذ الاغتيالات، فإن ذلك يتطلّب تحضيرات إضافيّة. وأكدوا أن قيادة الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، تفضل حالياً استهداف «أصول استراتيجيّة» لحركة «حماس»، من دون أن توضّح ما هي أو ما المقصود بها بشكل عام، على الخوض في حرب بقطاع غزة.
وتتعرض الحكومة لحملة ضغوط بسبب عدم الوضوح في سياستها. فعلى صعيد شعبي يتظاهر سكان البلدات اليهودية المحيطة بالقطاع، في تل أبيب وفي القدس وعلى الحدود مع غزة، مطالبين بحل جذري للصراع مع «حماس»، أكان ذلك بحرب شاملة تضع حداً لحكم الحركة وإطلاق النيران أو بتسوية سياسية تنهي حالة الحرب تماماً. كما أن عائلتَي الجنديين اليهوديين المحتجزين لدى «حماس» تتظاهران ضد الحكومة وتتهماها بإهمال ابنيهما.
وعلى صعيد سياسي يستغل اليمين المتطرف غياب سياسة واضحة للحكومة ليزايد عليها ويطالب بعملية عسكرية ضخمة لا تؤدي إلى إنهاء حكم «حماس» بل إلى إضعافه وتركيع قيادته أمام إسرائيل. وفي المقابل تتهم المعارضة السياسية نتنياهو بتفضيل حكم «حماس» في قطاع غزة وعمل كل ما يمكن عمله حتى يبقى الانقسام الفلسطيني، حتى لا يضطر إلى التفاوض مع السلطة الفلسطينية على عملية سلام.
وفي خضم هذا الصراع، تصر الحكومة الإسرائيليّة على نفي التوصل إلى تهدئة مع حركة «حماس»، ليل الخميس - الجمعة، بوساطة مصريّة وأمميّة. وبرّرت أوساط رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، ذلك بالقول إنّ إسرائيل رفضت الالتزام بتهدئة إن لم تلتزم بها حركة «حماس». وقال مسؤول سياسي: «لم نلتزم بأي وقف لإطلاق النار للوسطاء، نحن في حالة حرب وهنالك تبادل للضربات العسكريّة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.