موسكو وأنقرة لتفاهم على عملية عسكرية محدودة في إدلب

تطمينات روسية بتجنب تداعيات إنسانية واسعة

مخيم نازحين قرب إدلب شمال غربي سوريا كما بدا نهاية يوليو الماضي (رويترز)
مخيم نازحين قرب إدلب شمال غربي سوريا كما بدا نهاية يوليو الماضي (رويترز)
TT

موسكو وأنقرة لتفاهم على عملية عسكرية محدودة في إدلب

مخيم نازحين قرب إدلب شمال غربي سوريا كما بدا نهاية يوليو الماضي (رويترز)
مخيم نازحين قرب إدلب شمال غربي سوريا كما بدا نهاية يوليو الماضي (رويترز)

حملت التحذيرات الروسية المتتالية خلال الأسبوع الأخير من «تصعيد نشاط المتشددين في إدلب» رسائل بأن المهلة التي حددتها موسكو للجانب التركي خلال اجتماع سوتشي ستكون الأخيرة، وأن قرار الحسم العسكري قد اتخذ وينتظر التوصل إلى توافق على التفاصيل لتخفيف تداعيات العملية المحتملة.
ومنذ أن أطلقت موسكو تحذيرها الأول بأنها لن تصمت طويلاً على استهداف قاعدة حميميم بالطائرات المسيرة التي تنطلق من إدلب، بدا واضحاً أن الترتيبات النهائية للوضع في المدينة باتت تقترب، وأن الحشود العسكرية المتواصلة والتحضيرات الميدانية تسابق الجهود الدبلوماسية التي نشطت في موسكو وأنقرة.
لكن رغم «التسخين الميداني» الذي أعقب فشل موسكو وطهران من جانب وأنقرة من جانب آخر في التوصل إلى توافقات حول آليات تسوية الوضع في إدلب، تظهر تعليقات مسؤولين دبلوماسيين وعسكريين في موسكو قناعة بأن «الأمور تسير نحو تفاهم يسهِّل السيطرة على إدلب من دون خسائر كبرى»، وفقاً لتصريح مصدر روسي تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، وقال إن «العناصر التي تجمع تركيا وروسيا أكبر بكثير إقليمياً ودولياً من أن يسمح الطرفان بالتفريط بها في خلاف على آلية تسوية الوضع في إدلب».
وأشار المصدر إلى توقعات بأن تكون العملية العسكرية في إدلب «مختلطة وتعكس تحالفات معقدة»، في إشارة إلى أنها في الغالب ستحمل تكراراً لسيناريو السيطرة في الجنوب السوري، لجهة وجود انقسامات واسعة في صفوف المسلحين حول دور جبهة النصرة وآليات التعامل معها. ولم يستبعد أن تنضمّ مجموعات كبيرة من مسلحي المعارضة إلى الجيش السوري والروس في مواجهة جبهة النصرة والقوى المتحالفة معها، ضمن ما وصفه بأنه «تحالف الأمر الواقع على الأرض».
ورأى خبير عسكري يتفق مع هذا الرأي أن «عنصرَي المصالحات الميدانية والمزاج العام عند قطاعات من المواطنين الذين لا يرحبون كثيراً بعودة النظام، لكنهم تعبوا من سيطرة المسلحين»، سيلعبان دوراً كبيراً في «حسم سريع للمعركة»، خصوصاً أن عدداً من الفصائل الموجودة في إدلب وقطاعات شعبية واسعة، «لا تثق بالنظام لكنها ترى أنه يمكن الركون إلى ضمانات روسية».
ولفت المعلق إلى أن وقائع التقدم الميداني «أبرزت تطوراً مهمّاً في طبيعة وحجم العمليات العسكرية التي خاضها النظام مدعوماً من روسيا لجهة تراجع الفترة الزمنية اللازمة للحسم تدريجاً من حلب إلى الغوطة ثم درعا»، متوقعاً أن تكون معركة إدلب «استكمالاً لهذا المسار رغم كل التحذيرات المتعلقة بتجمع أعداد كبيرة من المقاتلين والمدنيين الذين انتقلوا من مناطق مختلفة إلى المدينة».
وفي هذا الإطار، لفتت وسائل إعلام روسية إلى أن الجهد الذي قامت به تركيا أخيراً لمحاولة توحيد صفوف المعارضة في إطار «جيش واحد» تصبّ في الاتجاه الذي تسعى إليه موسكو، لجهة توحيد الجهد للفصل بين المعارضة و«جبهة النصرة»، بما في ذلك استعداد هذا «الجيش» لخوض معركة لإبعاد مسلحي «النصرة» عن المواقع المهمة.
ونقل بعضها عن محللين في تركيا، أنه «لا يمكن لروسيا وتركيا أن تسمحا لنفسيهما بتناقضات خطيرة بينهما، وإلا فإن صيغة (آستانة) ستفشل. وهي مهمة للجميع بديلاً عن عملية جنيف التي فقدت معناها».
ورأى خبير تركي أن روسيا وتركيا سوف «تنجحان في القضاء المشترك على نفوذ الإرهابيين في بعض مناطق إدلب. أما بالنسبة للجيش السوري الحر، فهناك مجموعات في صفوفه لا تعارض التقارب مع النظام. وعلى الأرجح، سوف يتم تفاهم بين النظام والمعارضة السورية في إدلب. وهناك، بالتالي، حاجة لوساطة تركيا ولتكثيف التنسيق مع روسيا في هذا الأمر».
وفي هذا السياق أعلنت الخارجية الروسية، أمس، أن الوزير سيرغي لافروف سيزور أنقرة الاثنين المقبل لبحث الوضع في سوريا مع نظيره التركي.
تعكس هذه التأكيدات وغيرها، قناعة بأن العملية العسكرية في إدلب ستكون محدودة، وقصيرة زمنيّاً، ولم يستبعد خبير عسكري أن يجري تقسيم المنطقة وفقاً للآلية التي جرت في الغوطة، بعد حصر المقاتلين الأكثر تشدداً في بلدة واحدة ما سهَّل حسم المعركة معهم.
وتؤكد الأوساط الروسية أن الجهود الحالية للتفاهم حول آليات حسم الوضع في إدلب ستؤدي إلى تخفيف تداعيات العملية العسكرية المحتملة في إدلب، على المستوى الإنساني. وخفف مصدر مقرب من الخارجية الروسية تحدثت معه «الشرق الأوسط» من احتمالات بروز حالات لجوء واسعة النطاق بسبب العمليات العسكرية، وقال إن تقارير الأمم المتحدة حول احتمال فرار نحو 700 ألف نسمة «مبالغ فيها»، متوقعا ألا تزيد الأرقام على «ثلث التوقعات» في أسوأ الأحوال، مشيراً إلى أن موسكو ستعمل مع شركائها على إيواء اللاجئين في حال ظهرت الحاجة في المراكز التي أعلن أخيراً عن افتتاحها في مدن عدة، وأنها سوف تستخدم هذه المراكز لاستقبال ألوف المدنيين الذين انتقلوا أصلاً من مدن أخرى إلى إدلب خلال السنوات الأخيرة، في حال قررت أعداد منهم مغادرة المدينة.
وكان مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا يان إيجلاند، قد أكد أن روسيا وتركيا وإيران أبلغوا اجتماعاً لقوة مهام الشؤون الإنسانية في سوريا، أمس، أنهم سيبذلون ما في وسعهم لتفادي معركة من شأنها تهديد ملايين المدنيين في محافظة إدلب السورية.
وقدر إيجلاند عدد السكان في المحافظة الواقعة شمال سوريا بنحو أربعة ملايين أو أكثر، وأبدى أمله في أن يتوصل المبعوثون الدبلوماسيون والعسكريون إلى اتفاق لتجنب «إراقة الدماء». لكنه قال إن الأمم المتحدة تجري تحضيرات للمعركة المحتملة، وستطلب من تركيا إبقاء حدودها مفتوحة للسماح للمدنيين بالفرار إذا تطلب الأمر.
وفي حين تتجّه الأنظار إلى تحضيرات العملية العسكرية وتداعياتها المحتملة، فإن وسائل الإعلام الروسية بدأت تركز على «اليوم التالي»، باعتبار أن حسم الوضع في إدلب بات في حكم المؤكد، وأنه سيؤدي إلى تكريس «الانتهاء الفعلي لكل العمليات العسكرية الواسعة في سوريا».
وكان لافتاً أن تعليقات وكالات الأنباء الروسية الرسمية والصحف الكبرى حفلت خلال الأيام الأخيرة بعناوين بارزة تركز على «الانتصار» و«الاقتراب من إنهاء الحرب في سوريا». ولفتت وكالة «نوفوستي» الرسمية إلى أن التحدي الأساسي حالياً أمام روسيا وحلفائها «ليس أننا ربحنا الحرب فقط بل أن نربح في إدارة التسوية النهائية، وعنوانها حل ملف اللاجئين ومسألة إعادة الإعمار». وزاد المعلق السياسي للوكالة أنه «من الواضح أن واشنطن لا ترغب حتى الآن في الانضمام إلى حلف المنتصرين في هذه الحرب؛ روسيا وتركيا وإيران، والعمل معهم في مرحلة ما بعد الحرب».
واللافت أن كل التعليقات الروسية خلال الفترة الأخيرة، تجاهلت مسار «جنيف» ومسائل التسوية السياسية وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، وباتت تركز على أولوية ملفي اللاجئين والإعمار.
ووجهت انتقادات قاسية إلى الأطراف التي تعارض هذا التوجه، خصوصاً في واشنطن، علماً بأن الوزير سيرغي لافروف كان أطلق هذه الحملة الأسبوع الماضي عندما انتقد بقوة «إصرار واشنطن وبعض حلفائها على ربط المشاركة في جهود الإعمار وإعادة اللاجئين بالتوصل إلى حل سياسي».
لكن في مقابل هذا التوجه، بدأت موسكو استعدادات واسعة للتحضير للاجتماع الرباعي المقرر في تركيا في السابع من الشهر المقبل. وكانت أنقرة دعت إلى عقد قمة تجمع زعماء روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا لبحث الملف السوري. وبينما تسعى موسكو إلى حسم الموقف في إدلب قبل القمة، فإن تعويلاً كبيراً ينصبّ على هذا اللقاء. ويشير دبلوماسيون روس إلى أن اللقاء يهدف إلى «توسيع آلية (آستانة) واستبدال بها آلية دولية» تضع ملامح التسوية النهائية في سوريا انطلاقاً من الجهد القائم حالياً، لتقديم مساري عودة اللاجئين والإعمار، وموضوع الإصلاح الدستوري الذي يجب أن يؤدي إلى وضع دستور جديد تجرى على أساسه انتخابات في سوريا لاحقاً.
وردّاً على سؤال «الشرق الأوسط» عما إذا كان هذا يعني تجاهل مسار جنيف ووضع بديل عنه، قال دبلوماسي روسي طلب عدم نشر اسمه، إن «مسار (جنيف) مؤجَّل إلى وقت بعيد»، مشيراً إلى أن الأهم حالياً هو وضع قطار إعادة الإعمار وتسهيل عودة اللاجئين على مسار التنفيذ، ولفت إلى أن المسار الموازي المتمثل في الإصلاح الدستوري سيكون الرافعة الأساسية لأي تسوية سياسية، مشيراً إلى أن «الحاجة سوف تظهر لاحقاً للعودة إلى جنيف بعد انتهاء اللجنة الدستورية من العمل، بهدف وضع آلية لتطبيق قراراتها وإدارة عملية انتخابية وفقاً للدستور الذي سيتم وضعه».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.